سعد المهدي
TT

في الرياضة.. من الأحق بالملايين: اللاعبون أم المنتفعون؟!

طبيعي أن تتحول القراءة الفنية لكرة القدم، إلى مهنة وبالتالي يكون هناك وظيفة محلل تطرحها وسائل الإعلام، ويتسابق على الحصول عليها من يفترض أن تنطبق عليهم الشروط اللازمة، وعادة تعود مرجعية من يقع عليهم الاختيار، إلى أنهم إما لاعبون أو مدربون، وأحيانا إعلاميون، وتحدد النجومية والعلاقات الخاصة دورًا في ترجيح شخص عن آخر، ويصدف أن يكون عامل القدرة والكفاءة، سببا للاختيار.
وعلى أن الرياضة وفي المقدمة كرة القدم ليست لعبة فقط، إذ إن ما يدور في فلكها أضخم بكثير، بعد أن تحولت إلى صناعة يمكن لها أن تدر أموالاً طائلة، ويعتاش من ورائها أفراد، وشركات، وربما حكومات، إلا أن الرياضي على الرغم مما يثار حول نجوميته، وثروته، ما زال الحلقة الأضعف في معادلة هذه الصناعة، لأنه يحاسب على المخرجات، ويتم التضييق عليه في المدخلات؟
هو مثلا لا يملك في الغالب روابط، أو نقابات، تفرض على عالمه أن يكون هو في مقدمة الاهتمام والتنمية والتطوير والضمان، كلها تذهب إلى الأدوات والمستلزمات الرياضية، والمباني والمنشآت، والمشاريع، التي يجني من ورائها المستثمرون والشركات والمصانع والمتنفذين الملايين، فيما هو يحاصر في دائرة ضيقة تلاحقه أعين الحسد، وسكاكين النميمة والشماتة، تتم محاسبته على إهدار ركلة جزاء، ويتم التغاضي عن من يتسبب في انهيار استاد، أو يضيع الرياضة في البلد!
في كرة القدم السعودية لا يوجد احتراف إلا من جانب اللاعب والمدرب، ورغم ذلك يتصدر المشهد هواة يسيرون شؤونها، ويتحكمون في مصير محترفيها، وبعض أصوات ترى أن ما يتقاضاه المحترف السعودي أقرب إلى الإسراف، ويبدأ بعقد المقارنات البليدة لإثبات أن هذا اللاعب يكفيه بضعة آلاف، دون إدراك منه أن ذلك بالضرورة سيؤدي إلى أن تتبعه في النزول قيمة نقل الدوري، ومنتجات الأندية، وأسعار تذاكر المباريات، وقيمة سوق الاستثمار الرياضي برمته.
أعود إلى وظيفة المحلل الفني الكروي، التي أيضًا سيتقاضى نجومها ملاليم إن تقاضى اللاعب بضعة آلاف، والمصيبة أن بعض المحللين من بين من يتبنون قصف كعكة اللاعب من جملة العوائد التي في الأصل له حق ملكية النصيب الأكبر منها، لأنه الركيزة الرئيسية التي بنيت عليه أطراف اللعبة، وأقول إن هذه المهنة وأقصد (التحليل) التي تم اختراعها لاستكمال مستلزمات النقل التلفزيوني وما يتبعه من جلب إعلاني وغيره، يجب أن يتم التعامل معها على أنها مادة تلفزيونية لتزجية الوقت، والتسلية لا أكثر.
أما لماذا وصفها بذلك؟ فلأن الألعاب الرياضية التي تنظمها قوانين وقواعد، وضعت كإطار لتنافس رياضيين، يفترض أنهم مؤهلون، ومدربون، ومعدون، للقيام بهذه المهمة، كل ما سيفعلونه بعد ذلك هو التحرر من كل القيود والاندفاع كالماء في الأرض، لا تحكمهم فرضيات مسبقة، ولا شروط على ما سيفعلونه لاحقا، ومن هنا فإن المحلل الكروي يقول ويستفيض ويتخيل ويتوقع ويفترض، وهو يعلم أن كل ذلك يحدث في كل مرة، لكنه في النهاية يسرق من الرياضي فضيلة الإبداع بما يستنتجه، أو ينجم به، بعد أن حصل الأمر أمام عينيه، كي يبدو أمام المشاهد من يسير الأمور، وأكثر نجاعة حتى من المدرب رغم أنه بالضبط مثل عرائس المسرح التي تتحرك بأصابع الفنان وتتحدث بصوته.
فضائل اللاعب على المجتمع الرياضي، كثيرة، فهو يمنح البسطاء المتعة والترفيه، ويملأ جيوب المستثمرين، والمنتفعين، بالمال، الغريب أن هناك من يناضل ليحرمه من حقه المشروع، ويشرع لمن يثري بسببه، إن حدث فهذا خرق للسفينة عندها لا أحد سينجو.