سعد المهدي
TT

رعاية الشباب.. المشكلة في فخ الاسم

إحدى مشكلات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، في اسمها الذي يتجاوز مسؤولياتها وأيضًا قدراتها، أن ترعى الشباب قبل أكثر من أربعة عقود، ذلك كان يعني تنظيم أنشطتهم الرياضية المحدودة ورعايتها، وعلى هامشها بعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية والكشفية، لا أكثر، لكن فهم ذلك أصبح اليوم صعبًا ومتعذرًا، ولذلك أسبابه.
حاولت هذه المؤسسة الحكومية القيام بأكثر من دورها الحقيقي، نجحت وفشلت لكنها في كلتا الحالين كانت تقع في فخ الاسم، «رعاية الشباب»، دون تحديد، ولأن الشباب حين ترعاهم تتنوع احتياجاتهم وتطول، بحيث تدخل في اختصاصات وزارات وهيئات أخرى، أدى ذلك إلى تحميلها وزر قصور مدخلات تنموية وثقافية لغيرها من خلال مطالبتها هي بمخرجات إيجابية وهذا بالضرورة غير ممكن.
رعاية الشباب هيئة ترعى الشباب في مجال النشاط الرياضي والترويجي هذه الحقيقة، وهكذا يجب أن تكون، ويمكن تقييم أدائها بما توفره للشباب في هذين المجالين، وكل ما زاد من أنشطة وفعاليات اجتماعية أو ثقافية إنما هو مساهمة في ربط الشباب الرياضي الذي يقع تحت مظلتها بما يفترض أنه مهيأ ومتوفر لدى جهات الاختصاص الأخرى في الثقافة والتعليم والشأن الاجتماعي، الحكومي والأهلي على حد سواء.
عند نشأة الأندية الرياضية في الخمسينات الميلادية، كان ينظر على أنها المكان المناسب لشباب الحي أو البلدة والقرية الذين يمكنهم خلالها ممارسة كل أنشطتهم، ونصت اللائحة التنظيمية على أنها أندية رياضية ثقافية اجتماعية، لكن ذلك الآن لم يعد مقبولا، ولا ممكنا، بعد عقود تغير فيها كل شيء، وصار التخصص والاحتراف عنوانًا للجودة، علاوة على أن لكل مجال من هذه الأنشطة وزارة يرتبط بها عدد من المؤسسات المدنية، والجمعيات المهتمة والمعنية بكل نشاط.
الرئاسة العامة لرعاية الشباب يجب أن تظل الضمانة للنشاط الرياضي التنافسي والترويجي، بفضل امتلاكها المنشآت والمدن والمرافق التي تحتضن هذا النشاط، ولا بد أن لا نتجاهل أن البنية التحتية صُرفت عليها أموال طائلة، وفي حاجة مستمرة لميزانيات لصيانتها من أجل المحافظة عليها، كما ستُصرف أموال على مشاريع أخرى، وأن إدارة هذه المرافق المنتشرة في أنحاء البلاد تعني عملا إداريا وإشرافيا يستنفذ من رصيد رعاية الشباب في الجهد والمال، وليس كما ينظر له البعض وكأنه تحصيل حاصل، مما يعني أن ذلك يمكن أن يُقاس عليه حجم الدور الذي ما زالت تلعبه بنجاح، ويبقى ناتج الرياضة محصلة اللجنة الأولمبية، وهذا له وزن مختلف عند التقييم.
مقارنة التفاحة بالطائرة عبث، لذلك ليس من المقبول أن نطالب بأن يتم تشغيل المنشآت الرياضية، كما في بلد مثل بريطانيا أو الصين أو حتى مصر على الأقل إلى أن تحصل الأندية على ملكية مقراتها، وقبلها اللجنة الأولمبية واتحاداتها، فضلا عن أن تبني استادات وقاعات رياضية خاصة بها كذلك من الظلم أن نطلب من جهة واحدة القيام بالعمل نيابة عن خمس جهات، من الأسلم أن تظل رعاية الشباب (لا مشاحة في التسميات) مشغولة برعاية الأندية ومنسوبيها رياضيًا، وترويحيًا، وهذا كافٍ، وقد يقصر عنه جهدها، وعلى بقية الجهات مراعاة ما يتبقى للشباب من حقوق رعاية كل في ما يخصه.