غوردن لـ «الشرق الأوسط»: الرياض تملك أوراقًا كثيرة ودعم بوتين للأسد أحرج موسكو مع السعودية

مساعد أوباما السابق ومنسق سياسة البيت الأبيض قال إن واشنطن لم تدر ظهرها للشرق الأوسط ولا تريد مواجهة عسكرية مع روسيا

غوردن لـ «الشرق الأوسط»: الرياض تملك أوراقًا كثيرة ودعم بوتين للأسد أحرج موسكو مع السعودية
TT

غوردن لـ «الشرق الأوسط»: الرياض تملك أوراقًا كثيرة ودعم بوتين للأسد أحرج موسكو مع السعودية

غوردن لـ «الشرق الأوسط»: الرياض تملك أوراقًا كثيرة ودعم بوتين للأسد أحرج موسكو مع السعودية

أكد الدكتور فيليب غوردن مساعد الرئيس الأميركي أوباما السابق ومنسق سياسة البيت الأبيض، أن السعودية تستطيع أن تلعب دورًا مهمًا جدًا، لما تملكه من أوراق كثيرة تجعلها تلفت روسيا إلى أهمية السياسة السعودية لا سيما فيما يتعلق بالإنتاج النفطي، وقال «إن هذا سينعكس سلبًا على روسيا إذا لم تعمل مع السعودية وآخرين على انتقال سياسي في سوريا من دون الأسد».
واعترف غوردن في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» بأنه لا سجل جيدًا لأميركا، يربط النجاح في تدريب أي معارضة بالوصول إلى حكومة استقرار. وأعطى مثلاً تجربتي أفغانستان والعراق. وأضاف أن الصعوبة كانت في إيجاد معارضة سورية معتدلة وقوية لتحل مكان نظام بشار الأسد. لكنه اعترف أيضا، بأن برنامج وزارة الدفاع كان حسب تفويض الكونغرس محصورًا بتدريب من سيقاتل «داعش» وليس من يقاتل نظام الأسد.
ورأى أن احتمال أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفكر في استراتيجية خروج، احتمال يستحق البحث، لتكون هنالك استراتيجية لتجنب بوتين توتير علاقاته مع السعودية وتركيا ودول أخرى، «لأن عليه العمل مع هذه الدول لإيجاد طريقة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا وإبعاد الأسد».
وقال غوردن إن الرئيس الأميركي باراك أوباما غير مستعد لمواجهة عسكرية مع روسيا: «إدارة أوباما لا تريد أن تجد نفسها غارقة في حرب إقليمية جديدة معقدة»، وأضاف بقوله «لم يتوقع أحد أن تصبح إيران بعد الاتفاق شريكًا متعاونًا وليس من أحد ساذجًا والاتفاق النووي لم يكن موافقة أميركية على ما تقوم به إيران في سوريا والعراق واليمن».
وقال غوردن إن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق أراد خروج الأميركيين من العراق، في حين أن الحكومة الأفغانية طالبت ببقائها، «لكن الولايات المتحدة لن تترك الشرق الأوسط، فهي باقية»، فإلى نص الحوار:
* ما الذي حدث وجعل الإدارة الأميركية ترتكب هذا الخطأ الكبير بالنسبة إلى تقييم الأزمة السورية إلى درجة أن استراتيجيتكم فشلت تمامًا؟
- صحيح أن الاستراتيجية لم تنجح. لن أربطها بمسألة أننا في البيت الأبيض أخطأنا. ربما الناس لم تقدر صعوبة إيجاد واختيار المعارضة المعتدلة التي تكون قوية إلى درجة الحلول مكان نظام الأسد وإعادة الاستقرار إلى سوريا.
* لكن برنامجكم حول ذلك، كلفكم 500 مليون دولار وأنتج حفنة قليلة من المقاتلين؟
- هذا صحيح، إننا ولفترة نحاول دعم المعارضة، لكن، كما قلت، لم نقدر صعوبة فعل ذلك في وجه نظام تدعمه قوى كبرى مثل روسيا وإيران. الحدث الأقرب لذلك هو أفغانستان عام 1980، كانت الولايات المتحدة ودول أخرى مصرة على الإطاحة بحكومة أفغانستان المدعومة من الاتحاد السوفياتي، وقد فعلنا هذا إنما بتكلفة باهظة عبر المجاهدين وصواريخ «ستينغر»، صحيح أدى ذلك إلى تغيير النظام إنما إلى الوضع المروع في أفغانستان الذي أوصل إلى طالبان و«القاعدة» وتفجيرات سبتمبر (أيلول) 2001، ليس هناك سجل جيد يربط النجاح في تدريب أي معارضة بالوصول إلى حكومة استقرار.
* تجربتكم في أفغانستان، مع استعمالكم استراتيجية مختلفة انتهت كما انتهت إليه استراتيجيتكم في سوريا، إذ هناك «النصرة» وهي تفريع لـ«القاعدة» و«داعش». لجأتم إلى الجهود والقوة في أفغانستان، ولم تلجأوا إلى أي منهما في سوريا، إنما النتيجة كانت واحدة.
- صحيح أن النتيجة مروعة. لكن من الخطأ الاعتقاد أنه مع بعض البدائل في الاستراتيجية كنا تجنبنا العنف ومآسي اللاجئين في سوريا. تذكري العراق. كان الوضع سيئًا مع الديكتاتور صدام حسين الذي كان يسيء معاملة شعبه ويشكل تهديدًا لجيرانه. هناك حاولنا المقاطعة، وإضافة مناطق آمنة، والعزلة، لكن لم تنجح أي من هذه الإجراءات في التخلص من النظام. عندها رأت الولايات المتحدة أن الطريقة الوحيدة تكون باستعمال القوة الهائلة - كما يطالب الكثيرون باستعمال القوة الهائلة في سوريا اليوم - لجأنا إليها وأطحنا بصدام حسين، لنقع في فوضى أكبر. كلفت تريليون دولار، انتشر العنف، قويت إيران. أنا أشك في أنه لو استعملنا القوة الهائلة في سوريا لكنا حصلنا على نتيجة أفضل.
* هل صحيح أن الكونغرس فوض البنتاغون بتدريب الثوار السوريين من أجل مقاتلة تنظيم داعش فقط وليس مقاتلة الأسد؟
- نعم، برنامج وزارة الدفاع وضع لتدريب الثوار لمقاتلة «داعش»، ولهذا السبب لم ينجح إلا في تجنيد عدد قليل من المعارضة السورية التي كانت تريد مقاتلة الأسد.
* لكن لماذا اخترتم مقاتلة «داعش» فقط وليس «داعش» والأسد معًا؟
- أعتقد، لأنه اخترنا مقاتلة الأشد خطرًا. على الصعيد الإقليمي كان «داعش» المناوئ الأول ومن الضروري أن نعيد التوازن إلى المعارضة بحيث إذا سقط الأسد، تكون هناك معارضة معتدلة في السلطة. وبقدر ما نود التخلص من الأسد، لكن إذا سقط، فإن «داعش» كان سيحل مكانه وليس هذا ما نأمله أو نتطلع إليه.
* هل تعتقد أن الروس هم في الطريق لبناء فقاعة فوق سوريا وتحدي التفوق الجوي الغربي؟
- لا أعتقد أن روسيا تستطيع تحدي التفوق الجوي الغربي عبر الغارات الجوية. لكن من دون شك، فإن الوجود الروسي يعقد الوضع أمام أميركا، ويقلص الخيارات بالنسبة إلى إقامة مناطق لا يسمح بالتحليق فوقها. الحقيقة الآن أن الروس يقومون بالغارات ولديهم دفاعهم الجوي الذي يجعل الأمور أكثر صعوبة أمام الولايات المتحدة.
* قلت إن العرب يمكنهم العمل مع الأسد في أمر واحد هو خروجه. هل يمكن أن تشرح هذه الخطة؟ وهل تعتقد أن الأسد يريد فعلاً تخفيف الصراع أو وقفه؟
- لا أعتقد أنه يريد ذلك. وأظن أن الطريقة الوحيدة لفرض ذلك عليه تكون بضغط من روسيا. فلأكن واضحًا، بالنسبة إلى خروج الأسد. من المؤكد أن النتيجة الأفضل، والوحيدة القابلة للتطبيق على المدى البعيد تكون بخروج الأسد، فهو نفر أغلبية شعبه، ولا يمكن إرضاء الشعب ما دام في السلطة، المشكلة مستمرة طالما الأسد هناك، وبالتالي لا يمكن حل الصراع. لذلك فإن من أولياتنا العمل مع كل الأطراف، بما فيها توجيه رسالة إلى الروس: إذا كنتم تريدون إنقاذ نظام الأسد، فحظًا سعيدًا، لأن العنف سيستمر وستكون هناك عمليات موجهة ضد الروس، وهذه مغامرة معقدة جدًا.
لذلك يجب أن يفهم الروس، أن عليهم تهميش الأسد ومن الممكن تجنب تأزيم الوضع أكثر، لأن هذه الحرب ستبدأ تكلفهم كثيرًا ومباشرة. وأعتقد أنه يجب أن نركز على أن ينضم الروس إلى عملية انتقال السلطة التي يجب العمل عليها.
* هل تعتقد بما يقوله الآن بعض المراقبين الروس من أن الرئيس فلاديمير بوتين قد يكون بصدد البحث عن استراتيجية للخروج بعد ثلاثة أسابيع من الغارات الجوية، لأنه لا يريد أن تتحول لمكاسب إلى مسؤولية يتحملها؟
- نعم، لكن لا أعتقد بوجود أي ضمانات.
* ضمانات لاستراتيجية الخروج أو بأن الأميركيين على استعداد للعمل معه؟
- لا أعتقد أننا يمكن التأكد من أن الروس يريدون مثل هذه الخطة. لكن هذه الخطة تستحق البحث. الآن مع الوجود الروسي في سوريا، من الناحية الأمنية تستطيع روسيا أن تساعد على منع الانهيار الحقيقي للنظام وهذا ما تخاف عليه، يمكنها أن تحيد الأسد، وتبقي النظام مكانه، إنما تدريجيًا تنهي العنف. وأعتقد أنه عندما تبدأ التكاليف بالارتفاع قد تدرك روسيا التكلفة المالية والانعكاسات على الاقتصاد الروسي الذي يعاني، والتكاليف الدبلوماسية من حيث زعزعة العلاقات الروسية مع العالم العربي، وعندما يبدأ سقوط الضحايا، يمكن عندها لروسيا أن تدرك أنه من مصلحتها العمل على فترة انتقالية لا تشمل الأسد.
* هل تعتقد أن وجود استراتيجية خروج قد يساعد بوتين على تجنب توتير علاقاته مع السعودية وتركيا ودول أخرى جعلت الإطاحة بالأسد من أبرز أولوياتها؟
- نعم، هذا احتمال، وكما قلت فإن دعم بوتين لنظام الأسد سيكلفه ماليًا واقتصاديا وأيضا سيحرج علاقات روسيا مع السعودية وتركيا ودول أخرى. أمامه الآن فرصة لتغيير كل تلك الاحتمالات، بأن يعمل مع هذه الدول لإيجاد طريق لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا وإبعاد الأسد، لا أعتقد أن بوتين سيفعل هذا فورًا، إنما مع الوقت سيصبح أكثر اهتمامًا بإيجاد استراتيجية خروج.
* هل تعتقد أن واشنطن مستعدة لمحادثات مفتوحة مع روسيا حول هذا الأمر، أم أن الإدارة الأميركية الحالية لا تريد أن تظهر أنها على مساواة مع روسيا؟
- أولاً بالنسبة إلى محادثات على مستوى عال مع روسيا حول هذه المسألة، فإن البنتاغون نشط، بالنسبة إلى الإدارة فما زال أمامها أكثر من سنة في السلطة، ولا أعتقد أن الشعب السوري يمكنه أن ينتظر. وكان الرئيس باراك أوباما واضحًا في الأمم المتحدة عندما قال إن إدارته على استعداد للحديث مع أي دولة بما فيها روسيا أو إيران من أجل محاولة إنهاء الصراع. أظن أن هذا من أولويات الإدارة والمسألة لا تتعلق بالمساواة، إنما المسألة تتعلق بتحقيق أهدافنا.
* لكن الرئيس أوباما رفض اقتراحًا تقدم به الرئيس الروسي لإرسال وفد برئاسة رئيس الوزراء الروسي دمتري ميدفيديف إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات موسعة حول سوريا؟
- أعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على أن تتحدث مع روسيا بجدية إذا كانت الأخيرة على استعداد أن تتحدث هي الأخرى بجدية، وأن يجد الطرفان الآلية المناسبة لذلك، إنما الأولوية تكون بوضع نهاية للصراع.
* أيضا، تلوم واشنطن موسكو بأنها تقصف المعارضة السورية المعتدلة. لكن تقول روسيا إنها عندما سألت عن الأهداف التي يجب على طائراتها ألا تقصفها، رفضت واشنطن تسمية تلك الأهداف؟
- أولاً ليس صحيحًا أن روسيا تتجنب استهداف المعارضة المعتدلة، هي تعتبر كل معارضة للنظام السوري إرهابًا. هي لا تستهدف في قصفها «داعش» كثيرًا، بل تقصف كل المجموعات الأخرى المعارضة للنظام. وصار واضحًا للجميع أن روسيا تدخلت لإنقاذ النظام والأسد وليس لقتال «داعش».
* نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني قوله إن الآلاف من الجنود الإيرانيين صاروا في سوريا للمشاركة في معركة حلب. والآن (الجمعة بعد الظهر) جاء نبأ أن اللواء قاسم سليماني (قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني) صار في حلب. لم نسمع أي اعتراض أو قلق من الولايات المتحدة؟
- أظن أن الولايات المتحدة كانت واضحة جدًا في معارضتها لكل الأطراف التي تقاتل في سوريا من أجل دعم النظام بما فيها إيران وحزب الله. أنا متأكد من أن الولايات المتحدة واعية للخطر الإيراني.
* لكن ماذا تفعل الإدارة الأميركية لمنع هذا الخطر؟
- ما تفعله هو الاستمرار في دعم المعارضة، وأن كل من يقف إلى جانب الأسد يدفع الثمن. الواقع أن النظام السوري يتلقى مساعدة كبيرة عبر دعم روسيا وإيران، ونجد أنه من الصعب أن ندرب ونسلح معارضة قادرة ليس فقط لقلب نظام ما زال يتلقى بعضًا من الدعم المحلي بل أيضا دعم إيران وروسيا.
ما لن تفعله الولايات المتحدة الأميركية في ظل إدارة الرئيس أوباما هو أن تتدخل مباشرة في الحرب هناك حيث قوات إيرانية وروسية، وتجد نفسها غارقة في حرب إقليمية معقدة جديدة.
* لكن مستشار الأمن القومي السابق زبينغيو بريجنسكي كتب أخيرًا في صحيفة «الفايننشال تايمز» اللندنية مقالاً يحث على «استراتيجية جريئة»، وكأنه يدعو إلى مواجهة روسيا في سوريا. وأنت تقول الآن إن الرئيس أوباما لن يفكر بهذه الطريقة؟
- أعتقد أن هذا صحيح. لا أظن أن الرئيس أوباما مستعد لمواجهة عسكرية مع روسيا في سوريا، إذا كان هذا ما يتحدث عنه بريجنسكي. إذا كان الأمر محصورًا في مواجهة عسكرية مع روسيا، لا أعتقد أننا يجب أن نتجنب ذلك، لكن، لا أظن أن مواجهة روسيا ستؤدي إلى نتيجة أفضل. يمكننا أن نسقط طائرة روسية ونستهدف البحرية الروسية، لكن ماذا ستكون النتيجة؟ إذا أدى ذلك إلى سقوط النظام ولا توجد خطة متماسكة لتخلفه، سنصل إلى فوضى أكبر، وتشرد أبعد، ومآس أكثر.
* هل كان يستحق استرضاء إيران للتوقيع على اتفاقية غير أكيدة، التخلي عن سوريا والحلفاء الآخرين في الشرق الأوسط؟
- لا أتفق مع تهمة التخلي عن سوريا والحلفاء الآخرين في الشرق الأوسط. الاتفاق النووي لم يكن لتحسين العلاقات مع إيران، ولم يكن موافقة أميركية على كل ما تقوم به إيران في سوريا، والعراق واليمن وأي مكان آخر، أو اعترافًا بذلك. الطريقة الوحيدة التي كانت أمامنا كانت فرض عقوبات دولية على إيران، وهي العقوبات الوحيدة التي أثرت. العقوبات الدولية دفعت الإيرانيين إلى الموافقة. لقد جلبنا معنا حول الطاولة روسيا والصين، ومجلس الأمن لحمل النظام الإيراني على تقديم تنازلات في برنامجه النووي.
أدخلنا في سياستنا، أننا أردنا العقوبات على إيران ليس فقط بسبب برنامجها النووي، إنما للتوقف عن التدخل في سوريا، والبحرين واليمن.
أفهم، لماذا الناس كانوا يريدون أن يشمل الاتفاق النووي المسألة السورية. لكن كان ضروريًا أن نصل إلى الاتفاق النووي من دون أن نمزجه بأهداف أخرى فننتهي إلى لا شيء.
* لكن كيف تقرأ تجربة إيران لصاروخ باليستي جديد بعد التوقيع على الاتفاق؟
- إيران منذ سنوات تطور برامجها الصاروخية. إنما لم نكن نريد لهذا البرنامج أن يقف في وجه الاتفاق النووي.
* لكن ما رد فعل الإدارة الأميركية على المدينة الإيرانية تحت الأرض بكل أنفاقها التي تحوي صواريخ باليستية وبطاريات صواريخ متحركة. هل تعتقد أن إيران تتحول إلى كوريا الشمالية للشرق الأوسط؟
- آمل ألا يكون هذا، لكن هذا ما يجب أن نبقيه في عقولنا بالنسبة للاتفاق النووي مع إيران. بعض منتقدي الإدارة بالنسبة لهذا الاتفاق دعوا إلى التعامل مع إيران مثل التعامل مع كوريا الشمالية. الإبقاء على العقوبات، عدم التوصل إلى حل وسط، عزلها وعدم إقامة علاقات دبلوماسية.
لكن، هذا النوع من التعامل مع كوريا الشمالية أدى إلى امتلاكها الأسلحة النووية. هي الآن دولة معزولة لكن خطيرة.
نحن نشارك كل مخاوف المنتقدين للاتفاق مع إيران. لا أحد على سذاجة في نظرته إلى إيران، لكن لا تصدقي أن الإبقاء على المقاطعة والعزلة يمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة سوى إيران بأسلحة نووية.
* لكن هذا الاتفاق لم يوقف إيران عن الاستمرار بتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما ذكرت الآن؟
- لم يتوقع أحد أن تصبح إيران بعد الاتفاق شريكًا متعاونًا. الولايات المتحدة تحاول أن تضمن دفاعًا وردعًا قويين لحلفائنا في المنطقة. مع مظلة صواريخ حامية وتدريبات وتسليح للحماية من أي خطر تهدد به إيران.
* بعد الاتفاق قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إنه لن تكون هناك إسرائيل بعد 20 عامًا. هل يطلق هذا جرس إنذار بالخطر؟
- بالطبع. سياسة إيران تجاه إسرائيل كانت دائمًا مشكلة للولايات المتحدة. ولأن إيران تشكل تهديدًا لإسرائيل كان هدف عدم تمكينها من الحصول على السلاح النووي. ولهذا العلاقات مع إسرائيل قوية والشراكة العسكرية أيضا. ليس من أحد ساذجا بالنسبة لخطر إيران على إسرائيل. ومن هنا كانت أهمية منع إيران من الحصول على النووي.
* لكن الصواريخ تشكل خطرًا؟
- بالطبع أنها كذلك. لكن من خلال الشراكة مع إسرائيل، واتفاقيات الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. لا أحد يعتقد أن إيران لا تشكل مشكلة، من هنا كان الإصرار على الاتفاق، هناك تعبير في الإنجليزية: يجب على المثالي ألا يلغي الجيد. وهذه نظرتنا إلى الاتفاق.
* العام الماضي وبعد الحرب في غزة والإحباط الذي كانت تشعر به الإدارة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قلت أنت: كيف لإسرائيل أن تحقق السلام إذا كانت غير راغبة في ترسيم الحدود، وتنهي الاحتلال وتسمح للفلسطينيين بالسيادة، والأمن والكرامة. هل ما زلت على هذا الموقف بعد المشاكل الأخيرة، وهل سيحمل وزير الخارجية جون كيري هذا الموقف خلال لقائه مع نتنياهو الأسبوع المقبل في برلين، كوصفة للسلام؟
- لا أعتقد أن الإدارة تغير موقفها. إن الدعم الأميركي لإسرائيل لم يتراجع، والولايات المتحدة تؤمن بشدة بحق إسرائيل في الأمن والسلام. والسؤال الذي سألته لا يزال باقيا: غياب عملية سلام تؤخر لإسرائيل السلام والديمقراطية، لهذا فإن الولايات المتحدة من أشد الداعمين لدولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. من دون ذلك، فإن النتيجة ستبقى عنفًا يتفجر باستمرار.
* هل ما زال هناك أمل في حل إقامة الدولتين؟
- ذلك الأمل يتلاشى. لهذا بُذلت الجهود العام الماضي لإنقاذه. الوزير كيري قام بمحاولات حثيثة لشعوره بأن الوقت يضيق بسبب الوضع الديموغرافي. الفلسطينيون يفقدون الأمل بسبب المستوطنات الإسرائيلية التي تعقد الوضع. الرئيس الفلسطيني محمود عباس على استعداد أن يعترف بإسرائيل، وأقام علاقات أمنية للسيطرة على العنف، ويحترم الاتفاقيات الموقعة سابقًا. هو لن يبقى إلى الأبد. الآن الأوضاع تزداد صعوبة، وصار الإسرائيليون يتساءلون علنًا عن النتائج المتوقعة.
الولايات المتحدة لا ترى بديلاً عن حل الدولتين. البديل الوحيد هو دولة واحدة، لكن هل ستضمن إسرائيل أنها ستبقى ديمقراطية في ظل دولة واحدة؟
* ألا ترى أن العمليات الروسية كشفت أكثر وأكثر التقسيم الواقعي لسوريا الذي بدأه الأسد شخصيًا؟
- كلما طال وقت الحرب سيصعب أكثر رؤية سوريا موحدة. وأتخوف من أن الحد الأدنى المطلوب الآن هو تداول السلطة، لم يعد ممكنا تركيز السلطات في دمشق، المطلوب الآن سلطات محلية، أو مناطقية، قبل الوصول إلى سلطة موحدة في سوريا.
* وهل ترى، ولو على المدى الطويل، سوريا موحدة مرة أخرى؟
- من الصعب جدًا ترميمها وإعادة وحدتها. الأفضلية الآن لتوفير السلام وإنهاء العنف، أما الوحدة السياسية السورية فقد تبقى للمدى البعيد. أما للمدى القصير فالمطلوب سلطات محلية.
* هل تستطيع أن تشرح ما قصده المبعوث الأميركي الخاص لسوريا مايكل راتني عندما قال إن الروس ما كانوا ليساعدوا الأسد لو لم نضعفه، وإن التدخل الروسي هو دليل على نجاح السياسة الأميركية في سوريا؟
- أظن أن ما قصده أن التدخل الروسي يكشف أنه ليس كل شيء على ما يرام في دمشق، وأن جهودنا لتقوية المعارضة لها تأثير، وأن هذا دفع روسيا لتدرك أن عليها إضعاف المعارضة. لا أحد يمكنه أن يتوقع النتيجة في سوريا. حتى روسيا تعترف أن الوضع الراهن للنظام لن يدوم. آمل أن يدركوا ذلك قريبًا وألا يتورطوا أكثر.
* هل تعتقد أنه إذا جرت اتصالات ناجحة ما بين الكرملين والرياض، قد تساعد على إعادة المحادثات المتوقفة حول سوريا؟
- أعتقد أن السعودية تستطيع أن تلعب دورًا مهمًا جدًا بالنسبة إلى روسيا. لديها أوراق كثيرة تجعلها تلفت روسيا إلى أهمية السياسة السعودية فيما يتعلق بالإنتاج النفطي، وأن هذا سينعكس سلبًا على روسيا إذا لم تعمل مع السعودية وآخرين حول الانتقال السياسي في سوريا.
وتستطيع السعودية أن توضح للكرملين، أن هذا لا يعني أن النفوذ الروسي سيلغى في سوريا، وأن هذا لا يعني فكفكة كل النظام السوري، بل يعني أن انتقالاً سياسيا في سوريا من دون الأسد ستكون له مفاعيل إيجابية على الجميع.
* هل ترى مصالح واقعية ومنطقية لإيران في سوريا. ما مصالحها في سوريا التي يستطيع العرب أن يقبلوا بها؟
- الإيرانيون يعتقدون أن لهم مصالح رئيسية في سوريا، لكن هذا لا يعني أنها مصالح شرعية بنظر العرب، أو حتى بنظر الولايات المتحدة، الكل يفضل ألا تكون إيران متورطة إطلاقًا في سوريا. هي تدعي أنها تحمي العلويين المرتبطين بالنظام، لكن يجب حماية كل الأقليات أينما كانوا. إيران هدفها في سوريا هو الاستمرار بدعم حزب الله كذراع شرعي لها على الحدود مع إسرائيل.
* كنت أيضا مسؤولاً عن الأمن في العراق. كم تحقق من ذلك الأمن، وكيف يمكن للحكومة العراقية «الصديقة» أن تسمح للطائرات والصواريخ الروسية بعبور أجوائها؟
- الحقيقة القائمة في العراق هي النفوذ الإيراني هناك. الحكومة هناك تعمل مع إيران. بالنسبة إلى الأمن الذي حققناه في العراق فالصورة مختلطة. حققنا بعض التقدم مع مجيء رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي، لأن نوري المالكي أبعد سنة العراق، لذلك انضم قسم كبير منهم إلى تنظيمات إسلامية متطرفة تحديًا لسلطة بغداد. وبعض المحليين السنة كانوا مصرين على إيذاء الحكومة العراقية لسياستها ضدهم. ورأينا كيف سيطر «داعش» على المناطق العراقية.
الأمر الجيد أن العراقيين اختاروا السيد عبادي الذي وعد بجعل السنة والأكراد جزءًا أساسيا من العراق، نظريًا هو يحاول العمل على ذلك، لكن للأسف لن تتحسن الأمور في العراق إلا إذا نجحت الحكومة العراقية في إعادة لم شمل ما فرقه المالكي.
* هل أنت قلق على تركيا؟
- نعم. كنت هناك قبل أسبوعين والبلاد صارت أكثر انقسامًا عما كانت عليه. كانت تركيا تشهد استقرارًا اقتصاديا، وكانت هناك مشاركة للأحزاب السياسية وكانت شريكة قوية للولايات المتحدة.
الوضع الآن يشهد انقساما بشكل خطير. وهي مقبلة على انتخابات جديدة. بعد عدم فوزه المطلق في الانتخابات السابقة، يريد الرئيس رجب طيب إردوغان المحاولة مرة جديدة.
* هل تعتقد أن الرئيس إردوغان يتحول إلى نوري المالكي التركي؟
- لا أريد أن أجري تشبيهًا. لكن الشعور لدى كثير من الأتراك أنه تحول إلى رئيس متسلط، خصوصًا بعد خسارته الجولة الأولى من الانتخابات. وأظن أن الأتراك من ناحيتهم يريدون أن يمنعوا إردوغان من الوصول إلى السلطة المطلقة، يريدون تنوعًا وتعددية. لا يريدون حاكمًا يتمتع بهكذا صلاحيات.
* هل تعتقد أن الرئيس أوباما تعلم الدرس العراقي، فأصدر أمرا للقوات الأميركية بالبقاء في أفغانستان؟
- أنا متأكد أن الحكومة الأفغانية لن تكون بمفردها قادرة على الوقوف في وجه طالبان. الفرق الأساسي أن الحكومة الأفغانية هي من طلب من الولايات المتحدة البقاء في أفغانستان، بينما في العراق فإن الحكومة العراقية هي من أصرت على مغادرة القوات الأميركية. للأسف، فإن حكومة نوري المالكي أرادت خروج الأميركيين.
* هل هذه طريقة أخرى للإثبات أن الرئيس أوباما يدير ظهره للشرق الأوسط، إذ أعلن مسؤولون أميركيون أنه خلال أيام، سيقوم الجيش الأميركي بدوريات بحرية في بحر جنوب الصين ضمن عملية «حرية الملاحة» لتحدي ادعاءات الصين بسيطرتها هناك، ثم ماذا إذا ردت الصين؟
- أولاً، لا أعتقد أن الرئيس أوباما يدير ظهره للشرق الأوسط، هناك شراكة كاملة مع المنطقة، هناك مصالح أميركية كثيرة عسكرية واقتصادية، إضافة إلى محاربة الإرهاب. لا يمكننا أن نترك الشرق الأوسط ولن نتركه. ما هو صحيح، أن الرئيس أوباما غير مقتنع بأن تدخل الولايات المتحدة يمكن أن يرسم النتائج في الشرق الأوسط، خصوصًا إذا استعمل القوة العسكرية الأميركية، هو يشكك في أن يكون لهذا النوع من التدخل نتائج إيجابية.
بالنسبة إلى المسألة الصينية، فإن الصين تتحدى العالم وما تريده أميركا هو إظهار أن هناك قوة ردع لهذا التحدي.
* هل تريد إضافة شيء؟
- نعم، إن رسالتي هي أن الولايات المتحدة لن تترك الشرق الأوسط وستبذل أقصى جهدها للدفاع عن ذلك، لكن الأمر يعود إلى شعوب المنطقة لمواجهة التحديات واتخاذ القرارات.



ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

خلال الشهر السادس من الهجمات الحوثية البحرية والضربات الغربية الدفاعية والاستباقية للحد من الهجمات، أقرّت الجماعة بتلقي خمس غارات في مطار الحديدة جنوب المدينة، الخميس، في حين تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشنّ هجماتها نصرةً للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

إعلام الحوثيين أقرّ بخمس غارات قال إنها استهدفت مطار الحديدة وهو مطار خارج عن الخدمة، من دون إيراد تفاصيل حول نتائج الضربات التي وصفها بأنها «أميركية وبريطانية».

ولم يتبنّ الجيش الأميركي الغارات فوراً، لكنه أفاد بتدمير زورق حوثي مسيّر، وهي الضربة التي اعترفت الجماعة الحوثية بحدوثها في منطقة «رأس عيسى» شمال الحديدة على البحر الأحمر.

ومع حديث الجماعة عن تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء محافظة الحديدة التي تتخذها منطلقاً لشنّ الهجمات في البحر الأحمر، تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن في أحدث خطبة له الخميس.

وزعم الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة بأن هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها على حد وصفه.

وتبنى زعيم الجماعة إطلاق 111 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، و606 صواريخ باليستية، ومجنحة وطائرات مسيّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. كما ادعى تنفيذ ثماني عمليات خلال أسبوع واحد ضد السفن، استخدمت خلالها 33 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف لمهاجمة السفن (رويترز)

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي تعرضت 107 سفن للهجمات وأصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من عناصرها خلال الضربات الغربية التي تقودها أميركا.

مصالح 55 دولة

أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في مأرب قرب خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وفي أحدث تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التي أطلقها من مدينة مأرب هاجم الجماعة وتوعد بفرض السلام، كما ظهر على خطوط التماس في إحدى الجبهات المحيطة بالمدينة.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة؛ وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وخلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب خاطب العليمي الحاضرين بالقول: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)

تتطلع مصر وتركيا إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة؛ وهو ما عدّه مصدر مصري «خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها» بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة.

وأنهى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة رسمية إلى أنقرة، استمرت أياماً عدة، بدعوة من الجنرال متين غوراق، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

ووفق بيان للمتحدث العسكري المصري، الخميس، عقد الفريق عسكر جلسة مباحثات موسّعة مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية تناولت «علاقات التعاون العسكرية والأزمات الإقليمية والدولية المؤثرة على الأمن القومي لكلا البلدين، وتوافق الرؤى ووجهات النظر تجاهها»، وأكد الجانبان «تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين في الكثير من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

التقى رئيس الأركان المصري، خلال الزيارة، يشار غولر، وزير الدفاع التركي، ونقل البيان المصري عن الوزير التركي «إشادته بتوافق الرؤى بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون العسكري المصري - التركي، وثمّن الدور المصري المؤثر والفاعل بمنطقة الشرق الأوسط». كما التقى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، واستمع إلى عرض تقديمي لمجموعة من الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وقام بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات، منها شركة «بايكار» للطائرات، وكذا زيارة مقرّ القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية.

وأنهت مصر وتركيا التوتر الدبلوماسي، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، في حين صدرت تصريحات إيجابية مشتركة حول ملفات عدة كانت مثار خلاف بين البلدين.

وتعد زيارة رئيس الأركان المصري، التي بدأت الاثنين الماضي، أرفع زيارة لمسؤول عسكري مصري إلى تركيا منذ ما يزيد على عقد.

وبينما تحدثت تقارير إعلامية عن تحركات لتعزيز مسارات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة. قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون العسكري بين البلدين ليس نقلة استراتيجية كبيرة، وإنما مجرد خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها».

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الموافقة على «تزويد مصر بالطائرات التركية المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتبط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».

وتستبق المباحثاتُ العسكرية الأخيرة، زيارةً مرتقبةً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، الشهر الحالي، وفق مصادر تركية؛ تلبيةً لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي زار مصر في فبراير الماضي.

وكانت من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي لمصر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين بعد توقف دام لنحو 11 عاماً.


ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

يتجمع مئات من العمال عند تقاطعات شوارع في صنعاء صباح كل يوم تقريباً، أملاً في الحصول على ساعات من العمل تمكّنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى؛ إذ فقد مئات الآلاف أعمالهم وارتفعت البطالة إلى ثلاثة أضعاف ما قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014.

يقول عبد الله ناجي، وهو عامل بالأجر اليومي، إنه وغيره يدورون على تقاطعات الشوارع كل يوم على أمل الحصول على فرصة عمل، لكنهم في الغالب لا يجدون.

الجبايات الحوثية تلاحق أصحاب كل المهن بمن فيهم الحرفيون (إعلام محلي)

«الناس تبحث عن لقمة العيش، ومجموعة بسيطة من المشرفين الحوثيين هم من يبنون عمارات شاهقة»، يذكر عبد الله ناجي أنه يجد فرصة عمل ليوم واحد ويظل ثلاثة أيام أخرى ينتظر فرصة مماثلة، وينفق ما كسبه في ذلك اليوم على متطلبات معيشته.

ومع انقضاء تسعة أعوام على الحرب التي فجرها الحوثيون، يتذكر العمال في اليمن المأساة التي يعيشونها جراء تلك المغامرة، حيث إن مئات الآلاف من الموظفين دون مرتبات، فيما فقد العاملون في القطاع الخاص وعمال اليومية مصادر أرزاقهم بسبب إيقاف كل المشاريع والتدمير الذي تعرض له القطاع التجاري.

وبحسب أحمد يحيى، وهو موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنه وغيره من العمال والموظفين لم يهتموا بعيد العمال لأنهم يعملون دون رواتب ويُهدَّدون من الحوثيين بالفصل من وظائفهم إذا انقطعوا عن العمل. وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في إحدى ورش الزجاج في فترة المساء لتوفير الاحتياجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص.

غير أن ناصر محمود، وهو عامل في أحد المطاعم، يرد ساخراً عند سؤاله عما يمثله عيد العمال له، ويقول إنه وزملاءه يعملون كل يوم حتى في هذا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عن هذا العيد إلا في وسائل الإعلام، ويرى أنهم في وضع أفضل من الموظف الحكومي؛ لأنهم يحصلون على راتب نهاية كل شهر إلى جانب وجبات الطعام المجانية.

تقلص الفرص

بينت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الحرب خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن مضاعفة الجماعة الجبايات على التجار والباعة اضطر الكثيرين إلى خفض عدد العمال، كما خفض الكثيرون منهم مبالغ المساعدات التي كانت توزع على الأسر الفقيرة؛ لأن عائداتهم أصبحت متدنية جداً، وبعضهم أعلن إفلاسه.

وذكرت المصادر أن قرار الحوثيين السيطرة على أرباح البنوك التجارية والديون المحلية بحجة مكافحة الربا ومنع الأنشطة المصرفية أدى إلى إصابة القطاع المصرفي بالشلل، وتوقف أي أنشطة للقطاع التجاري الذي كان يحصل على تسهيلات بنكية يعكسها في مشاريع تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة، وتوفر أيضاً أرباحاً للمودعين.

ملايين اليمنيين يفتقدون للخدمات ويعيشون تحت طائلة الفقر ونقص الغذاء (إ.ب.أ)

هذه الأوضاع تأتي متزامنة مع تأكيد تقارير رسمية حديثة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الحرب، تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

كما توضح هذه البيانات أن الفقر ازداد إلى نحو 78 في المائة ليجد الشبان الذين يشكلون 70 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

أرقام مأساوية

بحسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، فإن نسبة الفقر في البلاد، ارتفعت إلى 80 في المائة، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات.

وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60 في المائة بين السكان، وهناك 80 في المائة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن المديونية الخارجية ارتفعت، وانكمش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، وتراجعت الإيرادات العامة، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة.

وزاد من تفاقم الوضع المالي للحكومة استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط بالطيران المسير، ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.


رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
TT

رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)

يبدي أحمد، وهو اسم رمزي لطالب ثانوية عامة، استياءً من مظاهر الغش التي تشهدها معظم المراكز الامتحانية لطلبة المرحلتين الثانوية والأساسية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى، وذلك تحت إشراف مباشر من رؤساء لجان ومراقبين تابعين لجماعة الحوثي الانقلابية.

ويتهم طلبة يمنيون الجماعة بإدخال أتباعها في سير العملية الامتحانية، من خلال سماحهم منذ أول يوم امتحاني، بالغش مقابل مبالغ مالية، وإدخالهم قيادات ومشرفين حوثيين مع جوالاتهم وأوراق غش لمساعدة ذويهم في حل أسئلة الامتحان.

طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)

يخشى أحمد ومعه الطلبة المجتهدون في صنعاء ممن راجعوا دروسهم جيداً في الأشهر الماضية للحصول على درجات مرتفعة، من أن تلقي الفوضى في الامتحانات بتبعاتها الكارثية على مستقبلهم.

خالد طالب مرحلة أساسية في صنعاء، تعرّض للتهديد بالطرد على يد مراقب حوثي من إحدى قاعات الاختبار في مديرية معين، بسبب عدم دفعه مبلغاً مالياً، واشتكى لـ«الشرق الأوسط» من تعسف المراقب الذي كاد أن يحرمه من تأدية امتحان مادة التربية الإسلامية لولا تدخل أحد زملائه في القاعة وقيامه بدفع المبلغ بدلاً منه.

وأعلن قادة الجماعة الحوثية المسيطرون على قطاع التعليم مطلع الأسبوع توجه نحو نصف مليون طالب وطالبة في المحافظات الخاضعة لهم إلى أكثر من 4 آلاف مركز امتحاني لنيل الشهادتين الأساسية والثانوية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، باستبعاد الجماعة الانقلابية قبيل تدشين الامتحانات بنحو أسبوعين لأكثر من 43 ألف معلم من أصل 70 ألفاً من كشوفات أسماء رؤساء اللجان الامتحانية والمراقبين، وأتت بآخرين مؤهلهم الوحيد الانتماء إلى صفوفها.

وأرجعت المصادر سبب الاستبعاد الحوثي إلى رفض عدد كبير من المعلمين الأساسيين المشاركة بامتحانات العام الماضي بسبب سرقة الجماعة لمستحقاتهم المالية الزهيدة المخصصة لهم لرئاسة اللجان والمراقبة، وتوقف رواتبهم منذ سنوات عدة، إلى جانب تمكين الأتباع من العبث بسير العملية الامتحانية عبر سماحهم بالغش مقابل دفع الطلبة مبالغ مالية.

تجهيل المجتمع

أنتج الانقلاب الحوثي والحرب المستمرة منذ تسع سنوات، ظروفاً مادية ومعيشية حرجة، جعلت عشرات الآلاف من الطلبة في مناطق سيطرة الجماعة يعجزون عن دفع ما يُفرض عليهم من جبايات غير قانونية، فيما تتيح الجماعة عملية الغش مقابل الأموال بغرض تجهيل المجتمع.

تلاميذ في فصل دراسي بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)

ويؤكد ناصر، وهو معلم في صنعاء، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التعليم فقد كامل قدسيته، ولم يعد كما كان سابقاً، بسبب استمرار سيطرة الجماعة الحوثية عليه. لافتاً إلى سعي الجماعة بكل وسائلها لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم، وإضعاف دوره في نهضة وتنمية المجتمع اليمني.

وكانت تقارير يمنية كشفت عن توسع ظاهرة الغش، التي تتم وفق طرق وأساليب مختلفة، في الامتحانات الأساسية والثانوية والجامعية، وذلك في ظل استمرار سيطرة الجماعة على جميع المفاصل التعليمية، مؤكدة أن تلك الإجراءات رافقها أيضاً عمليات تسريب حوثية منظمة لنماذج الامتحانات لطلبة موالين لها.

وسبق للحكومة اليمنية أن سحبت في منتصف العام الماضي الاعتراف بشهادة الثانوية العامة الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة شيوع الغش وتسريب الأسئلة وتغيير المناهج وغيرها من الممارسات الحوثية الرامية إلى تدمير قطاع التعليم.

وأكدت مصادر في وزارة التربية والتعليم اليمنية أن القرار جاء بعد التلاعب الكبير من قبل الحوثيين بالمناهج الدراسية، وتضمينها دروساً طائفية إلى جانب شيوع ظاهرة الغش، وإجراءات اختبارات خاصة لأبناء قادتهم وأبناء المتنفذين من أتباعهم. وإغراء طلاب المدارس العامة بمنحهم درجات عالية نظير إلحاقهم بجبهات القتال.


الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا، وهي تمثل مهمة مكلفة وخطيرة بشكل كبير في القطاع الفلسطيني الضيق بالنظر إلى وجود قنابل غير منفجرة فيها عدا عن مادة الأسبستوس.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن مسؤول عمليات نزع الألغام في الأمم المتحدة عن قطاع غزة الذي يتعرض لقصف متواصل تشنه إسرائيل في حربها مع «حماس» اليوم (الأربعاء) أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا.

وأوضح مونغو بيرتش، المسؤول عن دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في غزة، خلال مؤتمر صحافي في جنيف أنه «لفهم مدى ضخامة الأمر؛ جبهة القتال في أوكرانيا تبلغ 600 ميل (نحو 1000 كيلومتر) في حين أن غزة لا يزيد طولها على 25 ميلاً» وهي كلها جبهة قتال.

ولكن المشكلة لا تقتصر على حجم الأنقاض البالغ 37 مليون طن، أو 300 كيلوغرام لكل متر مربع، وفقاً لتقدير أجرته الأمم المتحدة في منتصف أبريل (نيسان).

وأضاف بيرتش: «يُعتقد أن هذه الأنقاض تحتوي على عدد كبير من القنابل غير المنفجرة، وسيكون تنظيفها أكثر تعقيداً بسبب المخاطر الأخرى الموجودة في الركام».

وقال: «نقدر أن هناك أكثر من 800 ألف طن من الأسبستوس، فقط في حطام غزة»، وهذه المادة الخطرة للصحة تتطلب احتياطات خاصة.

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 10 إلى 15% من الذخائر التي يتم إطلاقها في النزاع لا تنفجر، وتشكل بالتالي تهديداً دائماً للسكان المدنيين.

40 مليون دولار

وعبّر بيرتش عن أمله في أن تكون دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في نهاية المطاف «قادرة على أن تكون هيئة تنسيق لإزالة الألغام في غزة وتأسيس فرقنا الخاصة لتفكيك الألغام والقنابل».

وبخصوص التمويل، حصلت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام على خمسة ملايين دولار ولكن «لمواصلة عملنا خلال الـ12 شهراً المقبلة، نحتاج إلى 40 مليون دولار إضافية»، بحسب المسؤول الأممي.

لكن «سيحتاج القطاع إلى مئات الملايين من الدولارات على مدى سنوات عدة لجعل غزة آمنة للسكان».

أنقاض غير مسبوقة

وقبل أسبوعين، عقدت الأطراف الرئيسية في هذه العمليات المستقبلية اجتماعاً في عمان، بإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

ويتولى البرنامج مسؤولية الإشراف على خطة التنظيف وقد بحث المشاركون في الوسائل والأساليب التي يجب وضعها عندما يحين الوقت.

وأكد بيرتش أن «المشكلة تتمثل في حجم الأنقاض غير المسبوق. وعلينا أن نتوصل إلى أفكار جديدة حول كيفية إزالة الألغام».

وكان بير لودهامار، المسؤول في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، قد أكد أن «65% من المباني المدمرة سكنية». كما أشار خلال تصريح صحافي إلى أن إزالة الألغام ستستغرق 14 عاماً على افتراض استخدام نحو مائة شاحنة.

وأقر بيرتش: «نحن لا نزال في مرحلة التخطيط»، نظراً لأن عمليات إزالة الألغام تتطلب عدداً كبيراً من المعدات الثقيلة والشاحنات.

ولفت أيضا إلى أن «المنهجية الخاصة بكيفية القيام بذلك لا تزال قيد المناقشة بسبب حجمها».

ويمكن لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن تعتمد بشكل خاص على تجربتها في العراق فقد سبق وتولى لودهامار المهمة نفسها في الموصل حيث كان يتعين إزالة 7 ملايين طن من الركام والأنقاض.

المجهول في الشمال

لا يزال تقدير الوضع بدقة في غزة مستحيلاً في ظل استمرار القتال والقصف العنيف وتعذر الوصول.

وبالتالي ما دام لا يمكن الوصول إلى الشمال لإجراء تقييم، لن نتمكن من تقدير حجم التلوث بالقنابل غير المنفجرة، بحسب بيرتش.

وأشار إلى أن «المعلومات التي تصلنا تقول إن التلوث شديد بشكل غير مسبوق في شمال غزة»، مضيفاً: «نعتقد أن ذلك سيمثل مشكلة كبيرة في المستقبل».


واشنطن تدّمر زورقاً حوثياً مسيراً في «رأس عيسى»

طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدّمر زورقاً حوثياً مسيراً في «رأس عيسى»

طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

أعلنت هيئة بريطانية بحرية تعرض سفينة شحن لهجوم جوي في المحيط الهندي دون أضرار، فيما تبنّى الجيش الأميركي تدمير زورق حوثي مسيّر، وأقرت الجماعة - من جهتها - بتلقي غارة جوية في منطقة رأس عيسى شمال الحديدة على البحر الأحمر، الأربعاء، وذلك في أحدث تطورات الهجمات ضد السفن في الشهر السادس والضربات الغربية الوقائية المقابلة.

وتزعم الجماعة الحوثية الموالية لإيران أنها تشن هجماتها نصرة للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أنه في نحو الساعة 1:52 بعد الظهر (بتوقيت صنعاء) في 30 أبريل (نيسان)، نجحت قواتها في الاشتباك مع زورق مسير وتدميره في المناطق التي يسيطر عليها من وصفتهم بـ«الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران».

وأضاف البيان الأميركي أنه تقرر أن الزورق المسير كان يمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

من جهتها، أقرت وسائل الجماعة الحوثية بتلقي غارة جوية وصفتها بالأميركية البريطانية استهدفت موقعاً في منطقة رأس عيسى على البحر الأحمر شمال الحديدة، دون أن تورد تفاصيل أخرى، إلا أن البيان الأميركي أشار إلى أن الغارة كان هدفها تدمير الزورق المسيّر.

هذا التصعيد جاء مع تأكيد هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أنها تلقت تقريراً عن تعرض سفينة تجارية لحادثة على بعد 170 ميلاً بحرياً جنوب شرقي جزيرة سقطرى اليمنية قبل أيام، حيث المحيط الهندي.

وأوضحت الهيئة في بيان على منصة «إكس» أن السفينة تعرضت للهجوم أثناء إبحارها في المحيط الهندي على بعد نحو 300 - 400 ميل بحري جنوب شرقي القرن الأفريقي ليلة 26 أبريل، مما وصفته بـ«نظام جوي» دون أن يلحق السفينة وطاقمها أي أذى.

109 هجمات

كان زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي هدد بتطوير الهجمات في المحيط الهندي، إضافة إلى الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، وتبنى قبل أسبوع مهاجمة 102 سفينة خلال 200 يوم منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الثلاثاء تبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، تنفيذ جماعته 4 هجمات على سفينتي شحن ومدمرتين أميركيتين، زاعماً أن الإصابة كانت دقيقة.

كما زعم أن جماعته قصفت سفينة «إم في سيكلايدس» بالصواريخ والطائرات المسيرة بعد توجهها إلى ميناء إيلات في 21 أبريل بأسلوب الخداع والتمويه بادعاء توجهها إلى ميناء آخر، وأنها انتهكت قرار المنع للسفن المتجهة إلى إسرائيل، فأصبحت في قائمة السفن المستهدفة.

وتبنى المتحدث الحوثي استهداف جماعته سفينة «إم إس سي أوريون» بعدد من الطائرات المسيرة في المحيط الهندي، زاعماً أنها سفينة إسرائيلية، إلى جانب تبنيه مهاجمة مدمرتين أميركيتين.

ووصل عدد السفن التي تعرضت للهجمات الحوثية إلى نحو 109 سفن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، حيث أصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها.

مجسمات لطائرات من دون طيار وصواريخ يعرضها الحوثيون في صنعاء (إ.ب.أ)

وطبقاً للجيش الأميركي، أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
TT

عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)

لم يكن يتخيل عبد القوي أن يأتي يوم يطوف فيه أغلب تجمعات حراج العمال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء؛ بحثاً عن فرصة عمل ثم يعود للمنزل نهاية كل يوم خالي الوفاض دون حتى قيمة خبز يشبع أطفاله.

بهذه العبارة يلخص عبد القوي الذي يعمل سباكاً بعض المعاناة والمتاعب التي يواجهها جراء ندرة الأعمال والركود غير المسبوق في أغلب القطاعات الحيوية، بما فيها قطاع البناء والتشييد في صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الانقلابيين.

يمنيون يصطفون على رصيف شارع بصنعاء بحثاً عن عمل (الشرق الأوسط)

ويتحدث عبد القوي (39 عاماً) وهو أب لثلاثة أولاد لـ«الشرق الأوسط»، عن عجزه التام منذ فترة في الحصول على فرصة عمل بالأجر اليومي، تمكِّنه من توفير ولو حتى الحد البسيط من المتطلبات الضرورية لأسرته.

كان عبد القوي قبل الانقلاب الحوثي ينشغل طوال يومه في العمل بتركيب أنابيب المياه النظيفة والصرف الصحي في المباني طور الإنشاء في مناطق متفرقة بصنعاء وضواحيها، لدرجة أنه لم يكن يحظى حينها بفرصة للراحة أو الجلوس مع عائلته، لتتحول معيشته بعد ذلك إلى واقع مؤلم.

ويؤكد عبد القوي أن التدهور الحاد والمستمر للأوضاع المعيشية دفعه وغيره من عمال الأجر اليومي للتردد في صباح كل يوم على أكثر من 12 تجمعاً لحراج العمال باتت تنتشر في أغلب تقاطعات وشوارع صنعاء؛ بحثاً عن عمل لكن دون جدوى.

ويعد حراج العمال في تقاطع جسر منطقة دار سلم جنوب صنعاء، وجسر الدوار الرابط بين شارعي الستين والرباط والمحاذي لمنطقة السنينة، وجسر شارع الزبيري من أكثر الأماكن التي تضم تجمعات الباحثين عن العمل بالأجر اليومي.

غياب الفرص

إلى جانب عبد القوي، يشكو عشرات الآلاف من اليمنيين من عُمال المهن اليومية المختلفة في المناطق تحت سيطرة الحوثيين من معاناة معيشية بالغة القسوة بسبب استمرار غياب فرص العمل، وركود غير مسبوق في قطاع الأعمال.

ويتحدث عمال الأجر اليومي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار تفاقم أوضاعهم وأسرهم المادية والمعيشية منذ الانقلاب واشتعال نيران الحرب، بسبب ما قالوا إنه ندرة العمل، وارتفاع تكلفة المعيشة.

الأسواق اليمنية بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية تشهد مزيداً من الركود (أ.ف.ب)

ويشير نبيل الذي يعمل في مجال البناء إلى أن انعدام فرص العمل ناجم عن استمرار الركود الاقتصادي والعقاري غير المسبوق في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة الحوثية بفعل سياسات التدمير المنظم الذي قاد إلى توقف شبه كامل للحياة العامة، وأثر سلباً على حياة ومعيشة ملايين العمال.

وكانت تقارير نقابية يمنية تحدثت عن معاناة مستمرة يكابدها ما يزيد على 8 ملايين عامل يمني بالأجر اليومي وذويهم، جراء ندرة العمل، وانقطاع الرواتب، وتفشي البطالة، واتساع رقعة الفقر والجوع.

ويخسر سنوياً عشرات آلاف اليمنيين أعمالهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة الجبايات؛ في حين دفع انقطاع الرواتب، طبقاً لتقارير محلية، نحو مليون و200 ألف موظف حكومي في السنوات الماضية إلى العمل بالأجر اليومي.

وفي تقرير لها، توقعت منظمة العمل الدولية أن تظل معدلات البطالة في المنطقة العربية (تشمل اليمن) مرتفعة عند 9.8 في المائة خلال العام الحالي. وأرجعت ذلك إلى التحديات الجيوسياسية التي تواجه البلدان العربية، منها اليمن منذ عقود، والتي خلفت تبعات واسعة النطاق على التنمية الاقتصادية وسوق العمل.

ولفت التقرير إلى أن اليمن وسوريا والعراق والأراضي الفلسطينية المُحتلة واجهت أزمات نزوح داخلي كبيرة، الأمر الذي فرض ضغوطاً هائلة على مواردها، واشتدت المنافسة على الوظائف والسكن.


الصراع على الأموال يقسّم صنعاء إلى مناطق نفوذ

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
TT

الصراع على الأموال يقسّم صنعاء إلى مناطق نفوذ

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)

مع دخول الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن عامها الثالث يتزايد الصراع على المكاسب في أوساط الأجنحة المكونة لجماعة الحوثيين، ومعه أصبحت العاصمة المختطفة صنعاء تتوزع إلى مناطق نفوذ متعددة، ويقتصر دور زعيم الجماعة على التوفيق بين مصالح الأجنحة لمنع الصدام المباشر.

فإلى جانب النفوذ الذي يتمتع به مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد في المؤسسات الحكومية المختطفة والأجهزة الأمنية التابعة للجماعة والقطاع التجاري يبرز القيادي يحيى عبد الله الرزامي كصاحب نفوذ في مناطق جنوب صنعاء، حيث تنتشر القوات الموالية له منذ استقدامها من صعدة لحسم الانتفاضة التي قادها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وقتل خلالها.

الرزامي (يسار) يستند في نفوذه على مشاركته في ضرب الانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الأسبق (إعلام حوثي)

ووفق مصادر وثيقة الاطلاع في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط» فإنه ومع تراجع دور محمد علي الحوثي الذي كان يسعى لتقديم نفسه كزعيم لجناح الاعتدال في الجماعة، برز محمد الغماري رئيس ما تسمى هيئة الأركان ومعه تاجر الأسلحة صالح الشاعر الذي عين مسؤول الدعم اللوجيستي وأصبحا طرفاً فاعلاً في السيطرة على الأراضي والمرتفعات الجبلية في صنعاء ومحيطها، وامتدت إلى محافظات أخرى، وظهر أن كل طرف لا يتجاوز مناطق نفوذ الطرف الآخر.

اختطاف تاجر

تظهر شكوى قدمها محامي التاجر اليمني ماهر السدعي أنه اختطف منذ 25 أبريل (نيسان) الماضي من قبل جماعة تتبع مكتب يحيى الرزامي الذي يتمركز في جنوب صنعاء في المنطقة الممتدة من حي بيت بوس، مروراً بمنطقة بيت زبطان وحتى قرية حدة والمناطق المجاورة لها.

وتم اختطاف التاجر السدعي - وفق الشكوى - بسبب رفضه تحكيم مكتب الرزامي في نزاعه على مساحة من الأرض مع آخرين، وذهابه إلى القضاء للفصل في هذا النزاع.

وأكدت الشكوى أن التاجر معتقل في إحدى الشقق في عمارة تقع في حي عطان، ويديرها مكتب الرزامي، وتستخدم كمعتقل لمن يرفض الأحكام التي يصدرها في حق المتنازعين، أو لمن يرفض تحكيمه في أي قضية.

وذكرت المصادر أن الرزامي يمتلك نفوذاً غير مسبوق، حتى أن جميع الجهات بما فيها القضاء تتجنب التدخل لإنصاف من يشتكي إليها، كما تتجنب منع سحب القضايا من المحاكم، ونقلها إلى مكتبه.

شكوى بشأن اختطاف تاجر في صنعاء على يد قيادي حوثي (نشطاء)

وبحسب أسرة السدعي، فإن مكتب الرزامي اختطف الرجل مع سيارته بغرض إجباره على تحكيمه، وناشدت الأسرة زعيم الجماعة ووزير داخليته ومجلس الحكم الانقلابي من أجل التدخل وإطلاق سراحه، لأن اعتقاله مخالفة قانونية، حيث لا يمتلك الرزامي ومكتبه أي سلطة قانونية تعطيه حق اعتقال التاجر ومصادرة سيارته لإرغامه على تحكيمه في نزاع مع آخر على ملكية مساحة من الأرض.

أراضٍ ومبيدات

في اتجاه آخر، أفادت المصادر بأن القياديين الحوثيين محمد الغماري وصالح الشاعر، ويتحدران من محافظة صعدة، يتحكمان بمساحة كبيرة من الأراضي والمرتفعات في مختلف المحافظات، وأنهما في صنعاء وحدها بسطا نفوذهما على مساحات في أطراف مديرية سنحان جنوبا ومنطقة العشاش والصباحة وحتى حي مذبح وشارع الخمسين وحتى أطراف حي شملان مع وادي ظهر، ومساحة كبيرة من الأراضي في منطقة سعوان شرق المدينة، وفي محيط مطار صنعاء، حيث أصدرا قرارات بمصادرة هذه المساحات باعتبارها أراضي عسكرية.

ووفق ما أوردته المصادر فإن أبا حيدر جحاف رئيس ما تسمى هيئة الأراضي العسكرية والذي يوصف بأنه اليد الطولى للقياديين الغماري والشاعر في مصادرة أراضي وممتلكات السكان، نقل إلى الأردن والهند ثم إيران للعلاج بعد إصابته بمرض خبيث، لكن دون فائدة، وأن الرجل يصارع الموت حالياً، وأن الرجلين أحلا مكانه شخصاً آخر يدعى أبا الحسن الوزير.

وبررت المصادر عدم تدخل أي من هذه الأجنحة في قضية تجار المبيدات الزراعية المنتهية والمحرم استخدامها بسبب أن مدير مكتب مجلس حكم الحوثيين يتولى حماية هؤلاء التجار، ويتحدرون أيضاً من محافظة صعدة معقل الجماعة.

وقالت المصادر إن الحملة الشعبية المناهضة للمبيدات منتهية الصلاحية أرغمت مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي أحمد حامد على السماح باستجواب أحد التجار من مجموعة دغسان فيما بقية المتهمين الـ26 الذين مثلوا أمام نيابة الأموال العامة مجرد عمال لدى التجار، ولكن يراد لهم أن يكونوا كبش فداء لحفظ ماء الوجه أمام التفاعل الشعبي الرافض للتواطؤ مع تجار المبيدات.

رعاية المصالح

إلى ما قبل سريان الهدنة اليمنية في مطلع أبريل (نيسان) 2022 كان الصراع ينحصر بين مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد، ومحمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، والذي كان يتطلع لرئاسة مجلس الحكم، إلا أن ابن عمه عبد الملك الحوثي عارض ذلك بحجة أن هذا الموقع مخصص لأبناء القبائل، وليس لسلالة الحوثي.

مدير مكتب مجلس حكم الانقلاب الحوثي أحمد حامد يسيطر كل عائدات الدولة والقطاع التجاري (إعلام حوثي)

وطبقاً لما بينته المصادر، فإن القيادي صالح الشاعر الذي يشغل أيضاً موقع الحارس القضائي إلى جنب عمله في توفير الأسلحة والأغذية لمقاتلي الحوثيين كان يعمل ضمن منطقة نفوذ أحمد حامد، حيث تكفل بمهمة البسط على الشركات والممتلكات التي تخص المعارضين للجماعة، وتعيين مسؤولين لإدارتها، واستثمار قطع النقل العسكري من خلال تأجير الناقلات الضخمة والمخازن الكبيرة، إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح جزءاً من النفوذ الذي يقوده رئيس أركان الجماعة الغماري.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن مهمة زعيم الحوثيين هي التوفيق بين مصالح هذه الأطراف ومنع الصدام فقط، وقالت إن الرزامي ومنذ مصرع صديقه حسين الحوثي مؤسس الجماعة احتفظ لنفسه بتشكيل مسلح بعيداً عن الهيمنة المطلقة للجناح العسكري في مكتب عبد الملك الحوثي، وعندما طلب منه التدخل لإخماد الانتفاضة التي قادها الرئيس الأسبق احتفظ بهذه التشكيلات التي يقدر عددها بنحو عشرين ألف مسلح في جنوب صنعاء، وفي مسقط رأسه الرزامات.


إعلام حوثي: هجوم أميركي بريطاني على رأس عيسى بالحديدة

تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة (إ.ب.أ)
تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة (إ.ب.أ)
TT

إعلام حوثي: هجوم أميركي بريطاني على رأس عيسى بالحديدة

تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة (إ.ب.أ)
تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة (إ.ب.أ)

ذكرت قناة «المسيرة» التابعة لجماعة الحوثي باليمن، اليوم (الثلاثاء)، أن طائرات أميركية بريطانية قصفت منطقة رأس عيسى بمديرية الصليف في الحديدة. ولم تذكر القناة تفاصيل أخرى على الفور.

وحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، تشن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية متكررة على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.

وتستهدف جماعة الحوثي سفناً في البحر الأحمر تقول إنها تملكها أو تشغّلها شركات إسرائيلية، أو تنقل بضائع من إسرائيل أو إليها، تضامناً مع قطاع غزة الذي يتعرض لهجوم إسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


الحوثيون يتبنون مهاجمة 4 سفن... وواشنطن تدمر مسيّرة

العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
TT

الحوثيون يتبنون مهاجمة 4 سفن... وواشنطن تدمر مسيّرة

العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)

اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الجماعة الحوثية بـ«الخداع والتحضير لحروب جديدة»، في وقت واصلت فيه الجماعة المدعومة من إيران هجماتها البحرية حيث تبنّت قصف 4 سفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بالتوازي مع إعلان الجيش الأميركي تدمير طائرة من دون طيار.

وفي حين تزعم الجماعة أن هجماتها المستمرة للشهر السادس ضد السفن تأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا الأميركية والبريطانية، تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة بذريعة غزة.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، الثلاثاء، أنه بين الساعة 10:00 صباحاً و5:20 مساءً (بتوقيت صنعاء) في 29 أبريل (نيسان)، أطلق الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران 3 صواريخ باليستية مضادة للسفن و3 طائرات من دون طيار إلى البحر الأحمر باتجاه السفينة «إم في سيكلايدس»، وهي سفينة مملوكة لليونان وترفع علم مالطا. وأشارت التقارير الأولية إلى عدم وقوع إصابات، وأن السفينة واصلت طريقها.

وفي وقت سابق من اليوم نفسه، أفاد الجيش الأميركي بأنه في الساعة 7:49 صباحاً، نجحت قواته في الاشتباك مع طائرة من دون طيار، أطلقها الحوثيون باتجاه المدمرتين «يو إس إس بحر فيلبين سي» و«يو إس إس لابون» في البحر الأحمر، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وأضاف بيان القيادة المركزية الأميركية أنه تقرر أن الطائرة من دون طيار كانت تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

طائرات وهمية من دون طيار يعرضها الحوثيون في صنعاء (إ.ب.أ)

وكانت وزارة الدفاع الإيطالية أفادت بأن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية أسقطت طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في اليمن، الإثنين، واستهدفت سفينة شحن أوروبية، وأنه تسنى اعتراض الطائرة المسيرة «في وقت متأخر من الصباح» بالقرب من مضيق باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفق ما نقلته «رويترز».

وأوضح البيان الإيطالي أن المسيرة كانت تحلق باتجاه سفينة الشحن، قبل إسقاطها على بُعد 5 كيلومترات. وقال إنها كانت مماثلة لطائرات مسيّرة أخرى استخدمت في هجمات الحوثيين السابقة.

هجمات متصاعدة

وتبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، الثلاثاء، تنفيذ جماعته 4 هجمات على سفينتي شحن ومدمرتين أمريكيتين، زاعماً أن الإصابة كانت دقيقة.

كما زعم أن جماعته قصفت سفينة «إم في سيكلايدس» بالصواريخ والطائرات المسيرة بعد توجهها إلى ميناء إيلات في 21 أبريل (نيسان) بأسلوب الخداع والتمويه بادعاء توجهها إلى ميناء آخر، وأنها انتهكت قرار المنع للسفن المتجهة إلى إسرائيل، فأصبحت في قائمة السفن المستهدفة.

وتبنى المتحدث الحوثي استهداف جماعته سفينة «إم إس سي أوريون» بعدد من الطائرات المسيرة في المحيط الهندي، زاعماً أنها سفينة إسرائيلية، إلى جانب تبنيه مهاجمة مدمرتين أمريكيتين.

عنصر حوثي مشارك في حشد بصنعاء يرفع مجسماً لصاروخ (إ.ب.أ)

وفي الأسبوع الماضي، ادعى المتحدث الحوثي العسكري يحيى سريع أن قوات الدفاع الجوي التابعة لجماعته نجحت في إسقاط طائرة أميركية من نوع «MQ9» في أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية في أجواء محافظة صعدة.

ووصل عدد السفن التي تعرضت للهجمات الحوثية إلى نحو 109 سفن منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة. وفق ما ذكره الجيش الأميركي.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي، تنفيذ هجمات ضد 102 سفينة خلال 200 يوم، متوعداً بالاستمرار في الهجمات، مع دعوته أتباعه إلى مزيد من الحشد والتعبئة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

طائرة من دون طيار وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة بصنعاء (إ.ب.أ)

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وعيد رئاسي من مأرب

وعلى وقع جمود عملية السلام اليمنية، التي تقودها «الأمم المتحدة»، بسبب تصعيد الحوثيين وهجماتهم البحرية، أطلق رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تصريحات من مأرب هاجم فيها الجماعة وتوعد بفرض السلام.

وعقد العليمي، في مأرب، الثلاثاء، مع 3 من أعضاء المجلس الذي يقوده، اجتماعاً عسكرياً موسعاً، ضم رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز، ورؤساء هيئات، ودوائر وزارة الدفاع، وعدداً من قادة المناطق العسكرية والقيادات الأمنية في محافظة مأرب.

واستمع رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس، من رئيس هيئة الأركان العامة، إلى تقرير حول وضع القوات المسلحة، وما وصلت إليه في جوانب التدريب والتأهيل، وجاهزيتها القتالية العالية على المستويين التكتيكي والاستراتيجي.

جانب من اجتماع قادة الجيش اليمني مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في مأرب (سبأ)

وفيما أشاد العليمي بالانضباط العالي والجاهزية القتالية للقوات المسلحة والأمن، قال: «إن هذه القوة التي خاضت على مدى السنوات الماضية معركة مقدسة من أجل الجمهورية والدولة، هي صمام أمان الوطن، وستثمر تضحياتها نصراً مؤزراً». وفق تعبيره.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة، وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وقال خلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».