بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟

الفضاء الإقليمي خائف من طموحات الكرملين... و«الأطلسي» يتمدد على الحدود

بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
TT

بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟

بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟

مع انقضاء عام كامل على انطلاق العمليات العسكرية في أوكرانيا، تبدو التساؤلات المطروحة حول حجم إنجازات، أو خسائر الكرملين، على الصعيدين الإقليمي والدولي الأكثر صعوبة وحساسية. المواجهة الكبرى التي اشتعلت نيرانها منذ لحظة توغل الدبابات الروسية في أراضي البلد الجار قبل عام، حملت عنواناً بارزاً وعريضاً حول «اضطرار موسكو إلى الدفاع عن مصالحها وأمنها الاستراتيجي» في مواجهة التحديات التي طرحها تمدد حلف شمال الأطلسي على مقربة من أراضي روسيا، مع تفاقم «المخاوف» من تحول أوكرانيا إلى رأس حربة لتطويق روسيا عسكرياً وأمنياً.
هذا العنوان سيطر على تبريرات قرار الحرب، مع رزمة من الأهداف المباشرة، بينها الدفاع عن «أراضي روسيا التاريخية» و«إنقاذ» سكان دونباس من سيطرة «النازيين الجدد». لكن، مع مرور عام على المواجهة التي سرعان ما تحولت بحسب التعبير الروسي إلى «حرب عالمية تستهدف وجود روسيا»، يبدو المشهد أكثر غموضاً والتباساً على صعيد الوضع الإقليمي، وفي إطار البحث الدائم عن حلول لمتطلبات روسيا على صعيد ضمان الأمن الاستراتيجي.
بعبارة أخرى، يطرح السؤال: هل غدت روسيا أكثر أمناً بعد عام على المواجهة الكبرى؟
لقد اتضح من مجريات القتال حجم التعثر الميداني، وفشل خطط «الحرب الخاطفة»، ما دفع محللين غربيين إلى تأكيد أن حرب أوكرانيا أظهرت أن «روسيا أقل خطراً مما كان يعتقد الغرب».
زاد الأمر وضوحاً بعد اضطرار موسكو إلى التراجع في مناطق مهمة مثل خيرسون الاستراتيجية، الملاصقة لشبه جزيرة القرم، واتضاح أن القوات الروسية التي ذهبت إلى أوكرانيا لـ«تحرير دونباس» وتمتلك جيشاً مهماً من الانفصاليين الموالين لها في المنطقة، ما زالت بعيدة عن إخضاع إقليم دونيتسك، وفشلت في إخضاع زابوريجيا، وتواجه هجمات مضادة قوية منذ أشهر في لوغانسك، وهذه هي المناطق الأربع التي قامت روسيا بضمها رسمياً؛ ما يعني أنها انتقلت من موقع الهجوم إلى الدفاع عن «جزء من أراضيها»، وفقاً لتوصيف الرئيس فلاديمير بوتين.

تمدد الأطلسي
مع هذا التعثر، عكس تركيز الجهد العسكري لحلف شمال الأطلسي على مقربة من حدود روسيا، ونشر قوات بشكل غير مسبوق في أوروبا الشرقية، فضلاً عن مسار انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف ما يعني تحويل بحر البلطيق إلى «بحيرة أطلسية» لجهة السيطرة والانتشار، وتطويق الحضور الروسي الذي يغدو أكثر ضعفاً فيها. هنا برزت دلالات أخرى مهمة دفعت إلى زيادة التساؤلات عن مدى نجاح موسكو في تحقيق أهدافها، وخصوصاً في الشق المتعلق بـ«حماية» الجبهة الغربية من تقدم «الأطلسي».
لا يخفى أن انضمام فنلندا والسويد المحتمل للناتو يشكل إضافة مهمة للغاية للناتو؛ فكل منهما تملك قوات عسكرية محترفة، والقدرة على حشد أكثر من مليون جندي احتياط خلال أيام قليلة؛ إذ يفرض البلدان نظام الخدمة العسكرية الإلزامية، ويمتلكان صناعات عسكرية متقدمة، ويوفران قدرات دفاعية قيمة، بالإضافة لموقعهما الاستراتيجي. وتملك فنلندا حدوداً برية مع روسيا في الشمال الغربي على امتداد نحو 1300 كلم. كما أنهما تزيدان من مساحة سيطرة الناتو البحرية في بحر البلطيق.

تكلفة باهظة
أيضاً، يؤدي قبول الناتو انضمام الدولتين الإسكندنافيتين إلى تطويق عسكري على روسيا من جهة الشمال الغربي. وسيزيد بشكل ملموس القدرات العسكرية للناتو في المنطقة، خاصة في مجالي جمع المعلومات الاستخباراتية والاستطلاعية، ويعزز مواقع القوات الجوية وكذلك البحرية للناتو.
وفي مواجهة هذا التطور، بدأت روسيا تطبيق خطط لنشر قواتها المسلحة مع نقل مجموعات كبيرة منها إلى الجناح الشمالي الغربي. ومن المتوقع في هذا السياق أن تنشر القيادة الروسية في شمال غربي البلاد مجموعات إضافية من القوات البرية والقوات الجوية الفضائية ونظام الدفاع الجوي والأسلحة الصاروخية، إضافة إلى تعزيز أسطول البلطيق. وفي هذا الصدد، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في مايو (أيار) الماضي، عن اتخاذ إجراءات عسكرية روسية جديدة على الحدود الغربية؛ رداً على التحديات الأمنية الجديدة. بينها تحسين تشكيلات القوات المسلحة في المنطقة وإنشاء 12 وحدة عسكرية جديدة فيها. يعني هذا التوجه زيادة تكلفة المواجهة عسكرياً واقتصادياً على روسيا.
أيضاً، يعزز قرار ضم فنلندا والسويد التوجه العام نحو تآكل مجموعة الدول المحايدة في أوروبا، وحصرها في 3 بلدان هي النمسا وسويسرا وآيرلندا، وفي حال استمرار الوتيرة الحالية لتغيرات الأوضاع الأمنية في المنطقة، لا يستبعد أن تتخلى هذه الدول عن وضعها المحايد.
العنصر الآخر اللافت في الحصيلة الروسية خلال حرب أوكرانيا، يكمن في الوضع المستجد في الفضاء السوفياتي السابق. وقد أظهرت الحرب هشاشة التحالفات التي أقامتها موسكو في محيطها الإقليمي، على المستويات العسكرية والسياسية والأمنية، بل الأسوأ من ذلك، أنها أظهرت تراجع مواقع موسكو ونفوذها الإقليمي على خلفية تعاظم المخاوف في المنطقة من طموحات الكرملين السياسية والعسكرية.

الفضاء الإقليمي خائف
خلال عام 2022، تم عقد قمتين لرابطة الدول المستقلة، وقمتين لمنظمة الأمن الجماعي، واجتماعين للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقمة واحدة لمجموعة «منظمة شانغهاي للتعاون»، برز خلال كل تلك اللقاءات الجهد الروسي المكثف والموجه إلى حشد التأييد لسياسات موسكو أو في حالات أخرى لتجاوز ملفات خلافية برزت بقوة بسبب حرب أوكرانيا، مع بلدان ظلت حليفة لروسيا على مدى العقود الثلاث السابقة مثل كازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان. لكن المحصلة كانت محدودة للغاية، وباستثناء بعض الإجراءات الاقتصادية والتجارية المشتركة، وبعض الاتفاقيات على مواجهة مخاطر مشتركة مثل التهديد الإرهابي المحتمل من أفغانستان، أو التحول في حالات محدودة للتعامل بالعملات الوطنية، فقد فشلت هذه القمم في تبني مواقف واضحة تدعم المواقف الروسية.
لقد سعت غالبية بلدان الفضاء السوفياتي السابق إلى النأي بنفسها عن تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا، وتبنت كلها (باستثناء بيلاروسيا) مواقف تتحفظ على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وإن كان بعض هذه البلدان لم يذهب بعيداً لتوجيه إدانة علنية واضحة لكن مواقفها اشتركت في عدم دعم موسكو، كما ظهر أكثر من مرة في تصويتات الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرارات أدانت موسكو.
وبدا أن النخب الحاكمة في المنطقة واجهت صعوبات في تحديد المخاطر والفرص، والموازنة بينها. فجميع هذه البلدان خرجت من العباءة السوفياتية في ذات الفترة التي استقلت فيها أوكرانيا، ولدى بعضها مشكلات مع الأقليات الروسية التي تحمل جنسيتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ومعظمها مرتبط بعلاقات شراكة اقتصادية وتجارية مع روسيا، وجزء منها عضو في تحالفات اقتصادية وعسكرية مع موسكو. وإضافة إلى مخاوف من تكرار سيناريو دونباس أو القرم، فإن الأوضاع الاقتصادية تشكل أحد أخطر التحديات المباشرة، إضافة إلى تحديات المحافظة على تماسك المجتمعات الهشة في معظم هذه البلدان. لقد راقبت البلدان «الحليفة» الأساسية لموسكو كيف بدت موسكو معزولة دولياً من دون أن تسعى إلى إبداء أي قدر من الدعم السياسي لها.
والأكثر من ذلك، أن بعضها، مثل كازاخستان التي كانت دائماً الحليف الأقرب للكرملين، ذهب إلى اتخاذ مواقف علنية صريحة ضد ضم المناطق الأوكرانية وضد العملية العسكرية الروسية، ما أسفر عن توتر في العلاقات سعت موسكو إلى التغلب عليه لاحقاً وكسر الجمود من بوابة التعاون الاقتصادي التجاري، وهو الملف الملحّ بالنسبة إلى آستانة.

بيلاروسيا... الحليف الوحيد للكرملين
وفي حالات أخرى، لم تنجح حتى محاولات موسكو لترتيب آليات تجارية مشتركة، مثل تنفيذ الاتفاقات الموقعة سابقاً على التعامل بالعملات الوطنية، أو إطلاق عمل بنظام بطاقات الدفع المباشر «مير» الروسي، الذي سرعان ما تراجعت عنه بعض البلدان مثل طاجكستان وأذربيجان. من بين جميع بلدان رابطة الدول المستقلة، فقط بيلاروسيا دعمت الموقف الروسي بشكل علني وواضح. والأكيد أن الظروف السياسية والاجتماعية ساهمت في تبلور هذا الموقف الذي كان يمكن أن يكون مغايراً، لولا مواجهة مينسك تطورات داخلية على خلفية الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد وكادت تطيح بحكم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو؛ إذ فقد الرئيس لوكاشينكو عملياً قدرته على المناورة بعد أن كاد يتم الإطاحة بنظامه في مرحلة الاحتجاجات الواسعة في خريف عام 2020، واتهمت مينسك الغرب بتأجيج محاولات «الثورة الملونة» في البلاد. في المقابل أظهر لوكاشينكو استعداداً حازماً للقتال من أجل الحفاظ على سلطته ولعب الدعم الروسي دوراً كبيراً في ذلك. كان هذا هو العامل الرئيسي الذي دفع لوكاشينكو المحاصر باتهامات غربية واسعة بانتهاكات لحقوق الإنسان، وبنية اجتماعية هشة بسبب القمع العنيف للاحتجاجات، إلى إبداء الدعم الواضح لروسيا، والذي وصل إلى درجة السماح بشن العملية العسكرية من أراضي بلاده، وتشكيل مجموعة مشتركة من القوات مع روسيا على طول الحدود الغربية وإنشاء مظلة دفاع جوي مشتركة شمال أوكرانيا.

احتمال اتساع جبهة الحرب
قد تكون مولدافيا أفقر بلدان أوروبا، أحد أكثر الأطراف المحيطة بروسيا ترجيحاً للانخراط المباشر في الحرب، خصوصاً مع تصاعد لهجة المطالبة أخيراً بانسحاب روسيا من هذا البلد. ظروف هذا البلد مطابقة تماماً لظروف أوكرانيا، لجهة التوجه نحو الغرب ومحاولات الاندماج مع أوروبا، والسعي إلى إنقاذ البلاد من تقسيم يبدو محتوماً إلى شطرين؛ أحدهما موالٍ لموسكو في إقليم بريدنوستروفيه الانفصالي الذي تحتفظ فيه روسيا بقوات حفظ سلام هي عملياً قوات للتثبت من عدم قدرة كيشينيوف على استعادة السيطرة عليه عبر استخدام القوة، فضلاً عن عناصر متطابقة في ملف منح الجنسية الروسية للمقيمين فيه لتبرير أي عملية محتملة لـ«الدفاع عن مواطنين روس».
والأهم من ذلك، أقدار الموقع الجغرافي لمولدافيا بالقرب من أوكرانيا، ومنذ بداية الحرب برزت مخاوف من التقدم الروسي نحو أوديسا في جنوب غربي أوكرانيا، والسيطرة على هذا الميناء المهم على البحر الأسود، ما يعني أن الهدف اللاحق للكرملين هو مد نفوذه وبسط سيطرة مطلقة على الإقليم المجاور وهو بريدنوستروفيه. تزايدت المخاوف المولدافية، بعد صدور تصريحات عن النخب العسكرية الروسية بأن مكسب السيطرة الروسية على الشواطئ الجنوبية لأوكرانيا على البحر الأسود لن يكتمل على الصعيد الاستراتيجي إلا بضم مناطق شرق مولدافيا؛ لإحكام النفوذ الروسي على المنطقة. وبالتأكيد فإن مولدافيا باتت تشعر أن مصيرها كدولة مستقلة يبدو معلقاً حالياً بمصير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن
الكرملين أمام انتصار بعيد... وهزيمة مستحيلة
بوتين «معزول» عالمياً وأمام «طريق مسدود» ... وروسيا خسرت أوكرانيا «إلى الأبد»
زيلينسكي... الممثل الهزلي لعب أدواراً كوميدية بحضور بوتين
هل أعادت الحرب الحياة إلى «الناتو» أم أيقظته «مرحلياً»؟


مقالات ذات صلة

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».