دروس الطهي... تحسن صحة الأطفال

دروس الطهي... تحسن صحة الأطفال
TT

دروس الطهي... تحسن صحة الأطفال

دروس الطهي... تحسن صحة الأطفال

على الرغم من الفوائد الاجتماعية والنفسية المؤكدة للحصص المدرسية التي تهتم بشكل أساسي بتعليم المهارات التي تتعلق بالأمور المنزلية، مثل فنون الطهي وأعمال البستنة، فإن أحدث دراسة تناولت جدوى هذه الحصص أشارت إلى احتمالية أن تسهم هذه الحصص في الحفاظ على الصحة العضوية للطلاب على المدى البعيد.
وأُجريت الدراسة على طلاب المدارس الابتدائية في الولايات المتحدة، ونشرت في النسخة الإلكترونية من مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open» في مطلع شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي.

التعليم والصحة

وجد الباحثون، بعد تتبع مبادرة تعليمية في ولاية تكساس الأميركية، أن تسجيل الأطفال الذين ينتمون إلى المجتمعات الأكثر فقراً والأقل مكانة من الناحية الاجتماعية، في حصص تعليمية خاصة بالعناية بالحدائق والنباتات في الهواء الطلق والطهي والمعلومات الغذائية المختلفة، قد يسهم في تحسين صحتهم على المدى الطويل، وكان القائمون على هذه المبادرة قد أطلقوا اسم «براعم تكساس» (Texas Sprouts) على البرنامج الذي استمر عاماً دراسياً كاملاً لأطفال المدارس الابتدائية ووالديهم في 16 مدرسة من المدارس منخفضة التكاليف التي يلتحق بها في الأغلب الطلاب من الأسر الفقيرة.
وبعد نهاية البرنامج التعليمي وجد الباحثون أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في خطر الإصابة بمرض السكري، وأيضاً قلَّت احتمالات الوصول إلى مرحلة ما قبل السكري (pre-diabetic).
ومرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكري هي المرحلة التي يرتفع فيها مستوى الغلوكوز بالدم أكثر من المستويات الطبيعية، ولكنها ليست المستويات التي تسبب المرض، وفي الوقت الحالي يتم علاج هؤلاء المرضى حتى لا تتم إصابتهم بالمرض.
وأسهم البرنامج أيضاً في خفض مستوى الغلوكوز في الدم بشكل عام، وكذلك حدث انخفاض في مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، أي الكوليسترول الضار.
وأوضح الباحثون أنهم رغبوا في تعليم الأطفال الحقائق الغذائية في بيئة مدرسية ركزت بشكل أساسي على السمنة وعوامل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، من خلال تعليم الأطفال من أين يأتي طعامهم، وكيف يتم طهيه، وبالتالي قد يحدث تغيّر للنظام الغذائي المعتاد لهم بشكل غير مباشر، ومن ثم يكون التأثير ممتداً وفعالاً، وخصوصاً مع الوجود في البيئة الطبيعية لنمو النباتات والفاكهة، ويتم استبدال السكريات الطبيعية بالسكريات الصناعية في المشروبات والأطعمة المختلفة في طعامهم، بعد ذلك عند البلوغ.
تم إجراء التجربة في الفترة بين عام 2016 وعام 2019 وتراوحت أعمار الأطفال جميعهم بين 9 و13 عاماً، وتم اختيار المدارس بشكل عشوائي.
وكان البرنامج مقسماً إلى 18 فصلاً دراسياً، مدة كل منها ساعة واحدة طوال العام الدراسي خلال ساعات الدراسة العادية، بمتوسط فصلين شهرياً. وفي المقابل تلقى الآباء فصلاً واحداً فقط في الشهر لمدة تسعة أشهر.
واهتمت الدراسة بالموضوعات المتعلقة بقواعد البستنة والزراعة في مساحات مفتوحة في الهواء الطلق، وأيضاً الفرق بين الأطعمة المصنعة والأطعمة الطبيعية، ومعلومات عن صناعة المشروبات السكرية، وكذلك الألياف الغذائية، والفرق بين أنواع الغذاء المختلفة من البروتينات والكربوهيدرات والخضراوات والفواكه، وأيضاً أهمية شرب المياه بشكل كافٍ، وكيفية تناول الطعام الصحي خلال الوجود في المدرسة، وقواعد سلامة الطبخ والغذاء.

تحسين العلامات الحيوية

في نهاية البرنامج قام فريق الدراسة بتحليل عينات الدم المأخوذة من نحو 700 طفل، وكان منهم نحو 500 من أصول لاتينية أو من الأسر ذات الدخل المنخفض بغض النظر عن العرق، وقد وجد الباحثون أنه بالمقارنة مع الطلاب الذين لم يشاركوا بعد في البرنامج فإن أولئك الذين أكملوا بالفعل برنامج «براعم تكساس» حدث لديهم انخفاض في مستوى السكر التراكمي (HbA1c) بنسبة 0.02 في المائة.
والسكر التراكمي هو الذي يحدد مستوى الغلوكوز في كريات الدم لمدة ثلاثة أشهر، ويعتبر مؤشراً جيداً لمستوى الغلوكوز لفترة طويلة بعيداً عن قياس الغلوكوز بعد ساعات الصيام لفترة بسيطة.
وبجانب الانخفاض في الغلوكوز، حدث انخفاض قدره 6.4 mg/dl في مستويات الكوليسترول الضار.
ويسمى الكوليسترول منخفض الكثافة بـ«الضار»؛ لأن صغر حجم الدهون يمكِّنها من التسلل عبر الفتحات الموجودة في جدار الشرايين والترسب على جدارها؛ مما يؤدي إلى تصلبها لاحقاً.
قال الباحثون إنهم لم يستخدموا أي إجراء آخر في الدراسة لتحسين العلامات الحيوية في الدم سواء الرياضة أو الالتزام بنظام غذائي معين، وإن التحسن الذي حدث كان لمجرد تعليم الأطفال زراعة وتحضير الخضراوات والفواكه الخاصة بهم، مما قد تكون له آثار على تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض في المستقبل، وإذا وضعنا في الاعتبار أن مدة التجربة كانت عاماً واحداً فقط يمكن أن نتوقع النتائج الجيدة إذا استمر الأطفال على هذا النظام الصحي لفترات أطول. وهذا الأمر سوف يغير عاداتهم الغذائية بالضرورة، وخصوصاً أن الدراسة ركزت على كيفية تحضير الطعام... ولماذا هو مفيد غذائياً؟
نصحت الدراسة بضرورة القيام بمثل هذه التجربة في مزيد من المدارس، وأوضحت أن تفضيلات الطعام ليست بيولوجية فقط، ولكن يمكن تعلمها أيضاً، وفكرة السماح للأطفال بتجربة الأطعمة التي لا يتناولونها في منازلهم، مع أقرانهم في المدرسة، تعتبر فرصة جيدة لتغيير النظم الغذائية المعتادة، وخصوصاً أن هذا التغيّر لا يحدث بشكل مفاجئ وإنما يحتاج إلى وقت تدريجي وبمشاركة الآخرين، مما يسهل على الأطفال التخلي عن العادات الغذائية التي ارتبطوا بها لفترة طويلة وبعضها يمثل ثقافة غذائية معينة.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.