تاريخ العلاقات السعودية الصينية... وإسهام زيارة الرئيس الصيني في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
TT

تاريخ العلاقات السعودية الصينية... وإسهام زيارة الرئيس الصيني في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ في قصر اليمامة بالرياض

شهدت العلاقات السعودية الصينية تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وجاءت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض لتؤكد متانة علاقات تمتد منذ قرابة 8 عقود بين البلدين، وقد اتسمت العلاقات السعودية الصينية بتسارع الوتيرة مع مرور الزمن وتصاعد التحديات في العالم وتطور التقنيات، ليجد البلدان نفسيهما في نهاية المطاف أمام شراكة استراتيجية عميقة لا بد منها في مختلف المجالات.
تعد الصين إحدى أكبر الدول الصناعية المُصدرة للسلع الاستهلاكية، وتعد السعودية مستورداً مهماً لمثل هذه السلع، كما أن الصين تحتاج لكميات استثنائية من النفط الخام، والسعودية تلبي جزءاً كبيراً من هذه الاحتياجات المتنامية، ومن ثم لعبت هذه المعادلة دوراً في جعل العلاقات التجارية بين البلدين منطلقاً أساسياً لما بعدها.

ثلاث قمم في الرياض خلال زيارة الرئيس الصيني

وشهدت زيارة الرئيس الصيني التي استمرت ما بين السابع والتاسع من ديسمبر (كانون الأول) عقد ثلاث قمم (قمة سعودية - صينية)، وأخرى (خليجية - صينية)، وثالثة (عربية - صينية).
ووقّع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني شي جينبينغ على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال استقبال الأخير في قصر اليمامة بالرياض في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.


وأكد البلدان في بيان ختامي مشترك عقب نهاية القمة السعودية - الصينية على أهمية الشراكة الاستراتيجية وتعميق العلاقات بينهما، كما أشاد البيان بتوقيع «خطة المواءمة» بين «رؤية السعودية 2030»، و«مبادرة الحزام والطريق» الصينية.

إقرأ أهم بنود البيان الختامي المشترك بين السعودية والصين وأهم الاتفاقيات في مجال الأمن والطاقة والتعاون الدفاعي

الرئيس الصيني في صورة تذكارية خلال القمة الخليجية-الصينية

الرئيس الصيني في صورة تذكارية خلال القمة الخليجية-الصينية

القمة الخليجية الصينية وإعلان الرياض

وتوجت زيارة الرئيس الصيني أيضاً بالاتفاق مع قادة الدول الخليجية والعربية على تعميق وتعزيز التعاون الشامل ودفعه نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات، والتباحث مع القادة بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على أهمية تضافر الجهود كافة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم.

وأكد «إعلان الرياض» الذي صدر في ختام أعمال قمة الرياض العربية - الصينية على إعادة التأكيد على التزام جميع الدول الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادتها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، واحترام مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. والعمل على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي، وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط، وهي التي تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أكد الإعلان على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ «الصين الواحدة»، ودعمها لجهود بكين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجدداً على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض «استقلال تايوان» بجميع أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونغ كونغ، ودعم جهود الصين لصيانة الأمن القومي وتنمية الديمقراطية واستكمالها في هونغ كونغ في إطار دولة واحدة ونظامين.

إقرأ المزيد عن إعلان الرياض وأهم ما  صدر في البيان الختامي المشترك بين الدول العربية والصين

تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والصين

واستناداً لتاريخ العلاقات السعودية الصينية، فرغم قصر عمر وعدم اكتمال شكل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى وقت قريب، فإن التعاون التجاري لعب دوراً مهماً في تأسيس العلاقات الشعبية بينهما، قبل أن يأتي الدور على الجانبين الاقتصادي والثقافي اللذين سارا باطراد بين البلدين ليتوج ذلك بعلاقات دبلوماسية كاملة بين الرياض وبكين في صيف عام 1990.

أول لقاء رسمي

ووفقاً لمصادر تاريخية صينية، فقد عقد أول لقاء رسمي بين مسؤولين رفيعين من البلدين، في أبريل (نيسان) من عام 1955 خلال مؤتمر دول عدم الانحياز في باندونغ، وجمع ولي العهد السعودي آنذاك – الملك لاحقاً – الأمير فيصل بن عبد العزيز، ورئيس مجلس الدولة الصيني شو إين لاي، بطلبٍ من الأخير، وبحسب مطلعين على تاريخ العلاقات السعودية الصينية فقد أسهم ذلك اللقاء في فتح الباب أمام الصين الجديدة للتفاعل مع دول الشرق الأوسط.

زيارات رفيعة المستوى

ومنذ نهاية التسعينات الميلادية وحتى الوقت الحاضر، تسارعت وتيرة تحسن العلاقات السعودية الصينية ثم تم تطويرها لتشمل جميع الجوانب الحيوية بينهما، كما ازدادت على الصعيد ذاته الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين، لتتوج برحلة تاريخية للملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى الصين حين كان ولياً للعهد، في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1998.
وفي الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) في العام التالي، قام الرئيس الصيني بزيارة رسمية إلى السعودية التقى خلالها بولي العهد - الملك لاحقاً - الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ونوه بكون السعودية أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، وأشار خلال محاضرة ألقاها في مكتبة الملك عبد العزيز العامة إلى أن «التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية يتمتع بصفة تكاملية قوية وإمكانات كامنة وهائلة ويبشر بمستقبل مشرق».
وكرر الملك عبد الله بن عبد العزيز زيارته إلى الصين، عندما اختار العاصمة بكين لافتتاح جولاته الخارجية كملكٍ على البلاد في 22 يناير (كانون الثاني) عام 2006.
: العاهل  السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الصيني السابق هو جينتاو يلتقيان طلابا صينيين في الرياض عام 2009

العاهل  السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الصيني السابق هو جينتاو يلتقيان طلابا صينيين في الرياض عام 2009

واكتسبت هذه الزيارة علامة فارقة كونها أول زيارة يقوم بها الملك عبد الله خارج الشرق الأوسط إثر توليه العرش في أغسطس (آب) عام 2005، وأول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وخلال الزيارة وقَّع الجانبان عدداً من الاتفاقيات التاريخية كان أبرزها «التعاون في مجال النفط والغاز والمعادن».

حوار سياسي منتظم

وأضافت العلاقات السياسية زخماً مهماً لمسارها في سبتمبر (أيلول) من عام 2004، حين زار وزير الخارجية الصيني لي زاو زنج محافظة جدة غرب السعودية، والتقى بالمسؤولين السعوديين، وخلال الزيارة اتفق الجانبان على بدء حوار سياسي منتظم، وتشكيل لجنة سعودية - صينية مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
 الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل الملك سلمان بن عبد العزيز في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين عام 2017

 الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل الملك سلمان بن عبد العزيز في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين عام 2017

الملك سلمان يزور الصين

ويحتفظ التاريخ بمحطات صينية لافتة في حياة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث زار الملك سلمان الصين في 3 مناسبات سابقة بمسؤوليات مختلفة، كان أولها في عام 1999 إبان توليه إمارة العاصمة الرياض، وفي عام 2014 عندما كان ولياً للعهد، والثالثة في مارس (آذار) من عام 2017 حيث استقبله الرئيس الصيني شي جينبينغ في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة الصينية بكين.

استقبال الرئيس الصيني في السعودية

وقام الرئيس الصيني شي جينبينغ، بأكثر من زيارة رسمية إلى السعودية، بدأها في يونيو (حزيران) من عام 2008، حينما كان نائباً للرئيس، وأجرى شي خلال الزيارة مباحثات رسمية مع القيادة السعودية، وأكد على إثرها أن الجانب الصيني يولي اهتماماً بالغاً بالعلاقات السعودية الصينية، وأن بلاده تعتبر السعودية «صديقاً وشريكاً وثيقاً».

من هو الرئيس الصيني شي جينبينغ؟

كما أجرى الرئيس الصيني زيارة رسمية إلى السعودية في يناير من عام 2016، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، واتفق الزعيمان على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة وتكثيف التعاون في مجالات متنوعة.

للمزيد عن الرئيس الصيني ورؤيته الاقتصادية

النفط السعودي والصين

وفي عام 2020 كشفت بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية، أن شحنات النفط السعودية السنوية إلى الصين بلغت 84.92 مليون طن أو نحو 1.69 مليون برميل يومياً بزيادة 1.9 في المائة سنوياً، ما جعل الصين أكبر مستورد للنفط من السعودية.

للمزيد عن واردات الصين من النفط السعودي

زيارة ولي العهد السعودي إلى الصين

وانتقلت العلاقات السعودية الصينية إلى آفاق أرحب بعد زيارتين تاريخيتين أجراهما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى العاصمة بكين في عام 2016 وفي عام 2019 وقّع خلالها الجانبان عدداً من اتفاقيات التفاهم والتعاون الاقتصادي في عدد من المجالات، ولفت حينها ولي العهد السعودي إلى أن «مبادرة طريق الحرير وتوجهات الصين الاستراتيجية تتلاقى بشكل كبير جداً مع رؤية السعودية 2030»، مشدداً في الوقت نفسه على تحقيق كل المكاسب ومجابهة كل التحديات التي تواجه البلدين.

بالصور زيارة ولي العهد السعودي إلى الصين عام 2016
 


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».