تولى شي جينبينغ السلطة في 2012، في الوقت الذي توقع فيه مراقبون أن يكون زعيم الحزب الشيوعي الأكثر تقدمية في تاريخ الصين، بسبب تكتمه وتاريخه العائلي، وبعد عشر سنوات، أصبحت تلك التوقعات محل انقسام بين سياسيين وخبراء.
شي الذي أصبح بعد فوزه بولاية ثالثة تاريخية على رأس الحزب أقوى زعيم للصين منذ ماو تسي تونغ، أظهر طموحاً بلا حدود في الصين الحديثة تقريباً.
الحلم الصيني
لكن الرئيس الصيني لا يكافح «من أجل السلطة بسبب رغبته في السلطة وحدها»، وفق ما يعتقد ألفريد ل. تشان مؤلف كتاب عن حياة شي، بل يوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «يكافح من أجل السلطة (ويستخدمها) أداة... لتحقيق رؤيته» للمستقبل.
ويقول كاتب سيرة آخر هو أدريان غيغس للوكالة: «لديه فعلاً رؤية للصين ويريد أن يراها أقوى دولة في العالم»، معتبراً أن شي ليس مدفوعاً برغبة في الإثراء خلافاً لما قيل عن ثروته العائلية في وسائل الإعلام الدولية، إذ يقع الحزب الشيوعي في قلب هذه الرؤية التي يسميها شي «الحلم الصيني» أو «التجديد العظيم للأمة الصينية»
شي جينبينغ يلوح في قاعة الشعب الكبرى في بكين في 15 نوفمبر 2012 بعد الفوز بمنصب الأمين العام الجديد للحزب الشيوعي (أ.ب)
قصة صعود شي جينبينغ
لم تكن طفولته تدل على صعوده بهذا الشكل في الحزب الشيوعي الصيني، فقد كان والده شي تشونغ شون بطلاً ثورياً وأصبح نائباً لرئيس الوزراء، ثم هدفاً لماو تسي تونغ خلال الثورة الثقافية. وقال تشان إن «شي وعائلته ما زالا مصدومين».
فقد شي جينبينغ مكانته بين ليلة وضحاها ويبدو أن أختاً له من أبيه انتحرت بسبب الاضطهاد، وقال هو نفسه إنه أصبح منبوذاً من قبل زملائه في المدرسة وهي تجربة يقول عالم السياسة ديفيد شامبو إنها أسهمت في منحه «إحساساً بالانفصال العاطفي والنفسي والاعتماد على الذات منذ سن مبكرة».
في سن الخامسة عشرة فقط، أُرسل شي للعمل في ظروف قاسية في الريف، حيث كان ينقل الحبوب وينام في كهف، ويقول إنه «صُدم» خلال هذه الفترة، اليوم أصبح الكهف الذي كان ينام فيه موقعاً سياحياً لإظهار اهتمامه بالأكثر فقراً.رسم أحد السكان صورة لشخصية شبه أسطورية تقرأ كتباً في فترات الراحة، مؤكداً أنه «لم يكن رجلاً عادياً».
زعيم الحزب الشيوعي شي جينبينغ خلال العمل الزراعي في الريف في عام 1988 (شينخوا- أ.ب)
وروى لصحيفة «واشنطن بوست» في 1992 عن جلسات اضطر خلالها لإدانة والده. قال حينذاك: «حتى إذا كنت لا تفهم، أنت مجبر على الفهم». وأضاف أن «ذلك يجعلك تنضج قبل الأوان»، ويرى تشان أن شي «يميل منذ ذلك الحين إلى المجازفة»، لكنه «ينظر ببعض التقدير أيضاً إلى تعسف السلطة»، وبسبب إرث والده، رُفض طلبه بالانضمام إلى الحزب الشيوعي مرات عدة قبل أن يقبل.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1584106972923715584
في 1974 أصبح شي زعيماً للحزب في قريته. وقد بدأ على حد قول غيغس «عند مستوى منخفض جداً»، وتسلق سلم السلطة إلى أن أصبح حاكم مقاطعة فوجيان في 1999 ثم زعيم الحزب في تشيجيانغ في 2002، وأخيراً في شنغهاي في 2007، وفي نهاية سبعينات القرن الماضي بعد وفاة ماو، تم رد الاعتبار لوالده، ما عزز موقعه.
بعد طلاق زوجته الأولى، تزوج شي من مغنية الأوبرا بينغ ليوان في 1987 عندما كانت أكثر منه شهرة.
زعيم الحزب الشيوعي شي جين بينغ وزوجته بينغ ليوان في سبتمبر 1989 (شينخوا-أ.ب)
قال تشان إن شي اعتبر نفسه دائماً «وريثاً للثورة»، في 2007، عيّن في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب.
عندما حل محل هو جينتاو بعد خمس سنوات، لم تسمح حصيلة أدائه بالتكهن بأفعاله من قمع الحركات الاجتماعية ووسائل الإعلام المستقلة واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في شينجيانغ أو الترويج لسياسة خارجية قوية.
وكتب براون أن أهمية الحزب واضحة وكذلك مهمته، وهي «جعل الصين عظيمة من جديد»، لكن من الواضح أيضاً أنه يخشى أن تضعف قبضته على السلطة.
للمزيد عن القمة السعودية الصينية بحضور شي جينبينغ وإعلان الرياض الذي شدد على مركزية القضية الفلسطينية
وقال غيغس: «كان انهيار الاتحاد السوفياتي والاشتراكية في أوروبا الشرقية صدمة كبيرة»، موضحاً أن شي يعزو الانهيار إلى الانفتاح السياسي، وتابع: «لذلك قرر أن هذا لا ينبغي أن يحدث للصين (...) ولهذا السبب يريد قيادة قوية للحزب الشيوعي مع زعيم قوي».