اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء

يحدث نتيجة عوامل هرمونية وجينية وضغوط نفسية

اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء
TT

اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء

اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء

على الرغم من أن اكتئاب ما بعد الولادة Postpartum Depression من المشكلات النفسية المهمة التي تواجه الأمهات، فإن التعامل معها في الأغلب لا يكون بالدرجة نفسها من الاهتمام أو حتى الجدية الكافية.
ومؤخراً، بدأ الاهتمام والبحث عن الأسباب المؤدية لهذه الحالة وطرق العلاج منها يتزايد بشكل ملحوظ بعد حدوث مأساة شهدها الرأي العام في مصر لأم شابة قامت بقتل طفلها الرضيع وحاولت الانتحار بعدها. وأظهرت التحقيقات، أن الأم كانت مصابة بما يعرف بـ«كرب ما بعد الولادة»، وهي حالة تصيب نسبة من النساء تبلغ نحو 10 في المائة، وفي الأغلب تستمر لفترة قصيرة لأيام عدة حتى أسابيع قليلة.

- اعراض الاكتئاب
يجب أن نعرف أن أعراض الاكتئاب تختلف بشكل كبير، وتبدأ من مجرد تقلّب المزاج بعد الولادة وتعاني منه نسبة كبيرة جداً من الأمهات ربما تصل إلى 50 في المائة؛ إذ تحدث لهن تقلبات مزاجية mood swings مفاجئة تتراوح بين النشوة الكبيرة والحزن الشديد. ويمكن أن يستمر هذا الإحساس لبضع ساعات فقط أو لمدة أسبوع إلى أسبوعين بعد الولادة على الأكثر، ولا يحتاج إلى عناية طبية خاصة. وبالنسبة للأمهات اللاتي سبق تعرضهن لمشكلات نفسية أو لديهن ظروف نفسية سيئة بالفعل فإنهن معرضات إلى خطر متزايد للإصابة بالاكتئاب الحقيقي.
وتتميز الحالة بمزيد من مشاعر الحزن واليأس والقلق، وتستمر الأعراض لفترة أطول يمكن أن تصل إلى أشهر، وقد تحدث في أي وقت خلال السنة الأولى للولادة، وغالباً ما يؤثر ذلك على قدرة المرأة على العمل وتحتاج إلى رعاية نفسية متخصصة. أخطر ما قد يحدث هو إصابة الأم بذهان ما بعد الولادة Postpartum psychosis وهو حالة نادرة تصيب امرأة من كل 1000 أم، ويتسبب في فقدان الأم الصلة بالواقع تماماً. وفي الأغلب تعاني الأم من أفكار لإيذاء نفسها أو لإيذاء طفلها، وتحدث هذه الحالة في السيدات اللاتي سبق إصابتهن بالإمراض النفسية العقلية، مثل الاضطراب ثنائي القطب bipolar disorder أو الفصام، وهؤلاء المريضات يحتجن إلى علاج نفسي كامل من خلال الجلسات والأدوية؛ حتى لا يحدث أذى لهن أو لأطفالهن وفي الأغلب يحدث لهن شفاء تام.

- عوامل الإصابة
يوجد العديد من الأسباب لحدوث هذا العرض أهمهم بالطبع العوامل النفسية ولأي مدى تكون السيدة مؤهلة لحدوث الولادة من عدمه بجانب الدعم النفسي من الزوج والبيئة المحيطة وهناك بعض العوامل الأخرى مثل الهرمونات وهرمونات الأنوثة مثل الإستروجين والبروجيسترون estrogen and progesterone تكون نسبتها عالية جداً أثناء الحمل (تقريباً عشرة أضعاف النسبة العادية) وتقل بشكل كبير بعد الولادة بنحو 3 أيام فقط. وهذا التذبذب الكبير في مستوى الهرمون يلعب دوراً مهماً، وأيضاً هناك بعض العوامل الجينية، حيث تكون بعض الأسر معرّضة أكثر للإصابة بالاكتئاب، وأيضاً يمكن أن تعاني أي امرأة أنجبت طفلاً أو حتى عانت من الإجهاض من اكتئاب ما بعد الولادة بغض النظر عن عدد حالات الحمل السابق والتي يمكن أن تكون مرّت من دون مشاكل نفسية وعدد الأطفال الذين أنجبتهم بجانب إمكانية حدوث هذه الأعراض في أي مرحلة عمرية بغض النظر عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة. هناك العديد من الأعراض التي تشير إلى حدوث الحالة، خاصة إذا استمرت لوقت طويل بعد الولادة مثل القلق أو الغضب أو الانفعال والرغبة غير المبررة في البكاء والشعور بالذنب، وكذاك الخوف من إيذاء الرضيع أو الطفل والتفكير في الانتحار بشكل دائم، وأيضاً تضارب المشاعر فيما يتعلق بصحة الطفل من القلق المفرط أو عدم الاهتمام بشأنه على الإطلاق.
كما تحدث أعراض عضوية تتمثل في انعدام الطاقة والصداع وآلام في الصدر وسرعة ضربات القلب وسرعة التنفس بجانب الإحساس بتنميل أو وخز في اليدين والقدمين مع حدوث اضطراب في نمط النوم وتغير العادات الغذائية، سواء الإفراط في تناول الطعام أو عدم الرغبة في الأكل بشكل كامل مع صعوبة في التركيز والانتباه وقلة أو انعدام الاهتمام بالأشياء التي كانت الأم تستمتع بها في المعتاد.
اكتئاب ما بعد الولادة لا يؤثر على الأم فقط، ولكن يؤثر على طفلها بشكل غير مباشر إذا لم يتم علاج الأم. وعلى سبيل المثال، فإن الأم المصابة يكون لديها مشكلة حقيقية في الارتباط بطفلها ولا تستطيع بناء صلة وجدانية معه، وبالتالي يمكن أن يعاني الطفل من مشاكل في السلوك أو التعلم، خاصة في سنوات التكوين الأولى وافتقاده للمهارات الاجتماعية الأساسية، فضلاً عن معاناة الطفل من مشاكل في الرضاعة والتغذية وعدم انتظام مواعيد النوم؛ وهو الأمر الذي يؤدي إلى حدوث اضطرابات في النمو، سواء سوء التغذية أو الإصابة بالبدانة بجانب أن عدم الاهتمام العضوي والنفسي بالطفل يؤديان إلى إصابته بالأمراض والعدوى المختلفة لضعف المناعة.
لا يوجد اختبار محدد لتشخيص اكتئاب ما بعد الولادة، ولكن يتم تقييم الحالة النفسية والعضوية للأم من خلال طرح بعض الأسئلة تتعلق بمشاعرها بعد الولادة وإلى أي مدى تعاني من مخاوف فيما يتعلق بتربية الطفل. أما المخاوف العادية، فهي شعور طبيعي، خاصة في الأمهات حديثات العهد بالأمومة. وتبعاً لإجابات الأم يحدد الطبيب إذا كانت في احتياج إلى استشارة طبية متخصصة من عدمه، ويمكن في بعض الأحيان أن يطلب الطبيب تحليل للغدة الدرقية، حيث تتشابه الأعراض مع الاكتئاب وفي حالة تشخيص الاكتئاب يكون العلاج من خلال عرض الأم على طبيب نفسي وتخضع للعلاج في الأغلب بالجلسات ويمكن في الأحيان الشديدة اللجوء للأدوية.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».