أظهرت الانتخابات التمهيدية، التي جرت يوم أول من أمس، في بعض الولايات الأميركية، نتائج إشكالية، قد تضفي مزيداً من الغموض والصعوبات، سواء في ما يتعلق بخارطة الانتخابات النصفية التي ستجري الخريف المقبل، أو الانتخابات الرئاسية عام 2024، وخصوصا لناحية حظوظ الرئيس السابق دونالد ترمب في خوضها.
وبدلاً من أن يتمكن ترمب من «معاقبة» خصومه الجمهوريين وأعدائه الذين عارضوا ادعاءاته عن خسارته انتخابات 2020، عاقبه ناخبو ولاية جورجيا لتدخله فيها، الأمر الذي رأى العديد من المراقبين والمحللين مقياسا لمدى قدرته الفعلية على «صناعة» السياسيين في حزبه الجمهوري.
وعلى الرغم من النصائح وحتى الانتقادات «الإيجابية» من حلفائه، اختار ترمب دعم مرشحيه في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، على قواعد اعتبرها البعض «انتقامية» أو لمجرد نزوة، من دون تقدير صحيح، في ظل تمسكه بادعاءاته عن تزوير الانتخابات، وعودته لاستخدام تغريداته المكثفة، عبر منصته الاجتماعية الخاصة «تروث سوشال». وهو ما أثار شكوكا بقوة قبضته على الحزب الجمهوري. وفشل ترمب في استبعاد مرشحي الحزب في جورجيا، لمناصب الحاكم ووزير الدولة والمدعي العام، حيث فاز الحاكم الحالي بريان كيمب، ووزير الدولة براد رافينسبيرغر، والمدعي العام كريس كار. وحقق الرجال الثلاثة نصرا كبيرا على مرشحيه، الأمر الذي عدّ توبيخا لاذعا له في ولاية، أصبحت واحدة من أهم ساحات المعارك الرئاسية في البلاد. ووصف جمهوريون خيارات ترمب بأنها كانت «مدفوعة بمن يكره ومن يرشحهم ضدهم»، ما يعني أن نجاحه في بعض الأحيان ليس أمرا ثابتا، كما أثبتت جورجيا. وخسر مرشحو ترمب لمناصب الحكام في العديد من عواصم الولايات، ما كشف عن أداء ضعيف، قد يعرض حملته الرئاسية للعام 2024 إلى أخطاء جسيمة.
وحتى الآن، كان لترمب سجل مختلط في الانتخابات التمهيدية المتنازع عليها. فقد فاز جي دي فانس، وهو مؤلف ومستثمر مغامر بدعم من ترمب، بترشيح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ في ولاية أوهايو. لكن محمد أوز، الذي اختاره في ولاية بنسلفانيا، يخوض سباقاً غير محسوم ضد مرشح أكثر تقليدية بعد أسبوع من الانتخابات التمهيدية، والتي من المحتمل أن تتجه إلى إعادة فرز الأصوات. كما واجه ترامب معارضة أقوى في سباقات حكام الولايات، حيث خسر مرشحوه المعتمدون في جورجيا ونبراسكا وأيداهو.
وكانت الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء جزءاً من مجموعة أكبر من السباقات داخل الحزب في ولايات، بما في ذلك ألاباما وتكساس وأركنساس ومينيسوتا التي كان الاستراتيجيون يراقبونها بحثاً عن مؤشرات للاتجاه الذي سيسلكه الديمقراطيون والجمهوريون في الفترة التي تسبق الانتخابات النصفية الخريف المقبل. لكن خسارته جورجيا، أثارت قلق الجمهوريين بشأن الضرر السياسي «غير الضروري» الذي ألحقه ترمب بالحاكم كيمب. فهو سيواجه في نوفمبر (تشرين الثاني) ستايسي أبرامز، المرشحة الديمقراطية السوداء، التي خسرت السباق عام 2018 بفارق أقل من 55 ألف صوت، أي ما يعادل نصف نقطة مئوية. ومن المعروف أن السيطرة السياسية على مكتب الحاكم تؤثر بشكل كبير على قوانين وأنظمة الانتخابات قبل انتخابات 2024. كما شكلت هذه الخسارة ضربة كبيرة لترمب، الذي عمل جاهدا لهزيمة الجمهوريين الذين لم يعملوا على قلب خسارته في انتخابات عام 2020. وفيما احتفل بتقاعد بعض الجمهوريين في مجلس النواب الذين صوتوا لعزله بعد تمرد 6 يناير 2021 في مبنى الكابيتول من قبل حشد مؤيد له، سيقوم بحملة في نهاية هذا الأسبوع في وايومنغ لدعم هارييت هاغمان، الناشطة الجمهورية التي تتحدى النائبة ليز تشيني، أبنة نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني، المعارضة الكبيرة لترمب. في المقابل حقق ترمب نجاحا ضئيلا ليلة الثلاثاء، حيث فازت المتحدثة السابقة للبيت الأبيض، سارة هوكابي ساندرز، التي يعتقد أن فوزها يكاد يكون مضمونا لتصبح حاكمة ولاية أركنساس المحافظة، في الانتخابات النصفية. وفاز هيرشل ووكر، نجم كرة القدم السابق الذي حثه ترمب على الترشح لمجلس الشيوخ، ليخوض المنافسة مع السيناتور الديمقراطي رافائيل وارنوك في الانتخابات النصفية في جورجيا. وعلى الرغم من تلك النتائج، فقد تجاهل تيلور بودويتش، المتحدث باسم ترمب، وصفها بالهزيمة، وقال في بيان إنها «ليلة ضخمة أخرى من الانتصارات لمرشحيه المعتمدين».
خسارة جورجيا تهدد فرص الجمهوريين في الانتخابات النصفية والرئاسية
خسارة جورجيا تهدد فرص الجمهوريين في الانتخابات النصفية والرئاسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة