روث ماركوس
صحافية اميركيّة
TT

أميركا: مرشحو الانتخابات يخفقون في الاختبارات

دعنا نتحدث عن عملية الإجابة عن الأسئلة الافتراضية، والأسئلة المفخخة أو عدم الإجابة عن أي أسئلة على الإطلاق، دعنا نتحدث هنا عن جيب بوش، ومايك هاكابي، وهيلاري كلينتون.
أخطأ بوش في إجابته عن سؤال طرحته مذيعة «فوكس نيوز» ميغين كيلي، يوم الاثنين عن الحرب في العراق، حيث سألته كيلي: «في ضوء ما نعرفه الآن، هل كنت ستسمح بالغزو؟» أجاب بوش: «كنت سأسمح وكذلك كانت ستسمح هيلاري كلينتون بذلك، وهذا فقط للتذكرة. هذا ما كان سيفعله أي أحد وصلته تلك المعلومات الاستخباراتية». ويتمثل الخطأ الأول في كون بوش قد أخطأ في سماع السؤال، فباستشهاده بكلينتون، وبالمعلومات المتاحة حينها في سياق الإجابة بدا وكأن كيلي سألت عما إذا كان قرار الغزو صحيحا حينها.
ويعد الوقوف وحيدًا خطأ ثانويًا يسهل تصحيحه، إلا أن زلته الثانية يوم الثلاثاء كانت أكبر، والثالثة يوم الأربعاء كانت أكبر وأكبر.
ففي يوم الثلاثاء، صرح للبرنامج الإذاعي «سين هانيتي» قائلا: «لا أدري كيف سوف يكون قراري وقتها، فهذا سؤال افتراضي، إلا أن الحقيقة هي أن هناك أخطاء قد ارتكبت بالفعل؛ فما يحدث أحيانا في الحياة قد يحدث كذلك في السياسة الخارجية. نحن في حاجة إلى أن نتعلم من الماضي كي نكون على يقين من قوتنا ومن أننا نسير للأمام بخطى ثابتة».
هروب، نسبة الأمر إلى المبني للمجهول، توجه متوقع نحو الامتناع عن الإجابة.
كان الأربعاء يومًا أسوأ بالنسبة إلى بوش، حيث لم يكتف بقوله إن الأسئلة الافتراضية لا تستحق الإجابة، بل راوغ من باب الحذر عند الحديث عن الضحايا من الجنود.
في مجلس البلدية بولاية نيفادا، قال بوش: «إن إعادة كتابة التاريخ أمر افتراضي؛ فإذا كنا سنعود للفرضيات فإن ذلك يعني الإساءة للكثيرين ممن قدموا الكثير من التضحيات. وما ينبغي فعله الآن هو التركيز على الدروس المستفادة».
وما يجب التركيز عليه الآن هو حكمنا على الشخص، الذي يسعى لقيادة الدولة، وسيؤتمن على سلطة قد تورطنا في حروب وصراعات؛ فهل هناك سؤال أوقع وأوضح من السؤال عما إذا كان هناك داعٍ للحرب في العراق؟ فالإجابة بـ«لا» لم تكن لتقلل من تضحيات الجنود، لكنها بالقطع تظهر مدى إدراكه لخطورة قرار الزج بالبلاد في أتون حرب.
يعني الترشح للرئاسة ببساطة تمرينًا على تخيل الفرضيات؛ ماذا كنت ستفعل في كذا وكذا في حال ما إذا كنت رئيسًا للبلاد؟ إذا لم تكن تريد طرح فرضيات فلا تتقدم للترشح من الأساس.
وأحسن بوش الرد أخيرًا يوم الخميس عندما قال: «بعد كل ما عرفناه الآن، لم أكن لأتورط هناك، ولم أكن لأذهب إلى العراق».
لماذا كان الأمر صعبًا إلى هذا الحد بالنسبة لبوش؟ لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت لكي يصحح من مساره؟ لا يوجد سبب مقنع.
بالنسبة لهاكابي، في برنامج «فيس ذا نيشن» المذاع على محطة «سي بي إس»، سأل مقدم البرنامج بوب شيفر، المحافظ السابق لولاية أركنسو، عن بيعه لدواء لم يتم التأكد من فعاليته في علاج مرض السكري.
أجاب هاكابي: «كما تعلم، أنا لست مطالبًا بالدفاع عن كل شيء فعلته في السابق. فأنا هنا الآن كمرشح للرئاسة، وليس لتقديم مثل هذه الإعلانات».
في الحقيقة يعني الترشح للرئاسة القدرة على التفسير والدفاع عن كل ما فعلته في السابق؛ فإذا لم يعجبك ذلك فلا تسعى للترشح من البداية.
وأخيرًا هناك فئة من المرشحين لا تكلف نفسها عناء الرد على الأسئلة، وبالتأكيد لا أقصد هنا الأسئلة التي يطرحها مقدمو البرامج المزعجون.
من منظور المرشح، كما هو الحال بالنسبة لبوش وهاكابي، يمكنك أن ترى لماذا يفضلون مثل هذا المنحى؛ أما بالنسبة للمشاهدين، فهم لا يفضلون ذلك كثيرا.
أفادت شبكة إذاعات «إن بي آر» أن هيلاري كلينتون لم تعقد أي مؤتمرات صحافية، أو حوارات وتفضلت فقط بالإجابة عن 13 سؤالاً منذ إعلانها للترشح، إلا أن القائمين على حملتها نوهوا إلى أنها ما زالت في مرحلة الحشد الشعبي، وأنها منشغلة باللقاءات مع المواطنين، لا مع الصحافيين العاديين.
سوف يحين وقت الأسئلة، ووقت يهدأ فيه القائمون على الحملة؛ لماذا إذن عليها الإسراع في تجاوز موضوعاتها الخاصة بالعدالة الجنائية والهجرة بالإسراع نحو تلقي الأسئلة بشأنها؟
لأن هذا جزء من العملية؛ فلن تستطيع كتابة تغريدات على «تويتر»، بينما تترشح للرئاسة؛ وكذلك نظرًا لأن للصحافيين أحيانًا أسئلة مختلفة، أحيانا تكون أفضل وأكثر تحديدًا من أسئلة الناخبين، ولأن هناك مساحة مشروعة للأسئلة فيما يخص مثلاً موقف كلينتون من التجارة، وهي أسئلة تستحق الإجابة عنها. ضربت آمي تشوزيك، الصحافية بجريدة «نيويورك تايمز»، مثالا رائعًا على ذلك فيما يخص قضية الهجرة بسؤالها: «كيف ستجعلين قانون الهجرة أكثر مرونة مما فعل الرئيس نفسه؟».
هذا لأن ما يفعله المرشح في الطريق ينبئ بما سوف يفعله عندما يصل لمقعد الرئاسة بما في ذلك الاستعداد للحوار والنقاش، إلا أنني أتوقع مقالات في المستقبل تنعى يومًا مرًا في حياة هيلاري كلينتون من دون مؤتمر صحافي.

* خدمة «واشنطن بوست»