احتياطات صحية عند السفر إلى مناطق مرتفعة

لدرء أخطار حدوث أمراض حادة

احتياطات صحية عند السفر إلى مناطق مرتفعة
TT

احتياطات صحية عند السفر إلى مناطق مرتفعة

احتياطات صحية عند السفر إلى مناطق مرتفعة

ضمن عدد 27 يناير (كانون الثاني) الماضي من مجلة نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسن الطبية، عرض باحثون من جامعة واشنطن في سياتل وجامعة كولورادو، مراجعة علمية متقدمة لما تستقر عليه الأوساط الطبية اليوم في التعامل مع الحالات الطبية عند السفر إلى أماكن ذات ارتفاعات عالية. وراجع الباحثون أكثر من 70 بحثاً ودراسة طبية سابقة حول هذا الأمر.
هذا وتفيد المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC أن البيئات المرتفعة فوق مستوى سطح البحر تعرض المسافرين إلى البرودة، والرطوبة المنخفضة، وزيادة الأشعة فوق البنفسجية، وانخفاض ضغط الهواء. وكل ذلك يمكن أن يسبب مشاكل صحية. ومع ذلك فإن أكبر مصدر للقلق الطبي هو نقص الأكسجة Hypoxia، ما يتسبب في الإجهاد البدني واضطرابات عدة في الدماغ والرئتين. ويعتمد حجم الإجهاد الناجم عن نقص الأكسجين على مقدار الارتفاع، وسرعة الصعود، ومدة التعرض.

- ارتفاعات عالية
وأفاد الباحثون في مقدمة مراجعتهم الطبية بالقول: «مع تزايد الاهتمام بسفر المغامرات وتوسع شبكات النقل، يسافر المزيد من الأشخاص إلى ارتفاعات أرضية عالية للقيام بمهام نشطة ومستقرة، بما في ذلك المشي لمسافات طويلة والتزلج ومشاهدة المعالم السياحية والعمل. وقد يشرع المرضى إما في السفر مع مواجهة مخاطر غير معروفة، أو يتوخون الحذر المفرط ويتخلون عن السفر عندما يكون ذلك ممكناً بالفعل. وتهدف هذه المراجعة إلى مساعدة الأطباء من خلال توفير إطار عمل لتقديم المشورة للأشخاص الذين يعانون من حالات طبية والذين يفكرون في السفر على ارتفاعات عالية». وأضافوا أن: «التركيز الأساسي هو على الوقاية والعلاج من أمراض المرتفعات الحادة، بما في ذلك صداع الأماكن المرتفعة High - Altitude Headache، ومرض الجبال الحاد Acute Mountain Sickness، والوذمة الدماغية في المرتفعات High - Altitude Cerebral Edema، والوذمة الرئوية في المرتفعات High - Altitude Pulmonary Edema». والوذمة بالتعريف الطبي هي تراكم الماء داخل أنسجة عضو ما.
وقام الباحثون بمراجعة مدى انتشار الأمراض الشائعة بين المسافرين لمناطق ذات ارتفاعات عالية، والاستجابات الفسيولوجية لديهم. ولاحظوا زيادة أعداد سكان الأراضي المنخفضة الذين يسافرون إلى ارتفاعات عالية. وخاصةً العدد المتزايد لكبار السن الذين يسافرون إليها.
وعلى سبيل المثال، أفادت الإحصائيات الطبية القديمة حول السائحين في المناطق الجبلية بنيبال (تم إجراؤها في عام 1992)، أن حوالي 10 في المائة منهم فقط هم ممن تجاوزوا الخمسين من العمر. بينما ا تفيد الإحصائيات الحديثة أن من تجاوزوا الخمسين من العمر يمثلون 47 في المائة، ومن تجاوزوا الستين يمثلون 10 في المائة، وأفاد 33 في المائة منهم بوجود مشاكل طبية سابقة لديهم. كما أفاد 24 في المائة من بين سياح كولورادو الذين يزورون مناطق على ارتفاعات أقصاها 3000 قدم، أن لديهم أمراضاً مزمنة ويستخدمون الأدوية. وأفادت إحصائية أخرى بانخفاض نسبة أمراض القلب والأوعية الدموية (عدم انتظام ضربات القلب ومرض الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم) بين متسلقي جبال الألب مقارنة مع المتنزهين والمتزلجين فيها، ما قد يكون سببه اعتقادهم أن ذلك غير ملائم صحياً لهم.

- تغيرات بيئية
صحيح أن انخفاض الرطوبة، وبرودة درجة حرارة الهواء، وزيادة التعرض للأشعة فوق البنفسجية، هي من السمات الجديرة بالملاحظة في البيئة الجبلية، إلا أن المتغير البيئي الأكثر أهمية صحية هو انخفاض الضغط الجوي Barometric Pressure. ومعلوم أن الانخفاض في الضغط الجوي يقلل من ضغط الأكسجين على طول سلسلة نقل الأكسجين من الهواء إلى خلايا الجسم. أي بدءا من الهواء المستنشق، ودخول الدم، واستقراره في مراكب الهيموغلوبين، ووصولاً إلى الأعضاء والأنسجة. وهذا ما يؤدي إلى تحريك سلسلة من الاستجابات الفسيولوجية التي تهدف بالدرجة الرئيسة إلى مساعدة الجسم في استعادة تركيز الأكسجين في الدم (محتوى الأكسجين)، ورفع تزويد الأنسجة بالأكسجين الكافي لتوفير احتياجاتها منه. وهي الاستجابات، التي يشار إليها مجتمعة باسم «التأقلم».
وتلك الاستجابات الفسيولوجية للتأقلم، تتبع علاقة متناسبة بين «الجرعة» و«الاستجابة»، أي مع زيادة نقص الأكسجة تحصل استجابات أقوى. كما يختلف توقيت ظهور تلك الاستجابات أيضاً. وعلى سبيل المثال، يزداد تدفق الدم إلى الدماغ ويزيد معدل ضربات القلب ووتيرة التنفس، في غضون دقائق بعد الصعود، بينما يتغير حجم سائل البلازما وتركيزات هرمون إرثروبويتين في الدم خلال فترة من يوم إلى يومين. وهرمون إرثروبويتين ينشط نخاع العظم لإنتاج خلايا دم حمراء جديدة. ثم تحدث الزيادات الكاملة في التهوية Ventilation وفي تركيز الهيموغلوبين، على مدى أسابيع بعد الصعود.
وتعتبر الاستجابات الفسيولوجية لنقص الأكسجة استجابات «وقائية» بشكل عام، ولكن في بعض الحالات تحدث استجابات غير قادرة على التكيف، مما يؤدي إلى شكل من أشكال «مرض الارتفاع الحاد». وجميع المسافرين إلى ارتفاعات عالية، بغض النظر عن صحتهم الأساسية، معرضون لخطر هذه المشاكل، اعتماداً على الارتفاع الذي تم بلوغه ومعدل وطريقة الصعود، ويجب أن يتلقوا المشورة فيما يتعلق بالوقاية والعلاج.

- توصيات طبية
ورغم أن نمط وتوقيت الاستجابات يتشابه بين عموم الناس، ولكن حجمها يختلف بشكل ملحوظ فيما بينهم وفق متغيرات عدة، كمقدار العمر والحالة الصحية ومقدار الوزن وغيرها. ولذا يعد تأثير الحالات الطبية على هذه الاستجابات الفسيولوجية، أمرا بالغ الأهمية عند النظر في مخاطر السفر إلى ارتفاعات عالية. وخاصةً تغير تدفق الدم إلى الدماغ، وانقباض الأوعية الدموية في الدماغ، وانقباض الأوعية الدموية في الرئتين، وارتفاع ضغط الدم الرئوي.
وتحديداً، تفيد المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنه يجب على المسافرين الذين يعانون من حالات طبية مثل قصور ضعف القلب، ونقص تروية عضلة القلب نتيجة مرض الشرايين التاجية (الذبحة الصدرية)، ومرض فقر الدم المنجلي، وأي شكل من أشكال القصور الرئوي أو نقص الأكسجة الموجود مسبقاً، أو انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، استشارة طبيب مطلع على المشكلات الطبية في المرتفعات قبل القيام بمثل هذا السفر. وتضيف: «لا يبدو أن السفر إلى ارتفاعات عالية يزيد من مخاطر الأحداث الجديدة بسبب مرض شرايين القلب لدى الأشخاص الأصحاء سابقاً، وكذلك المرضى الذين يعانون من الربو الذي يتم التحكم فيه بشكل جيد، وكذلك ضبط ارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب الأذيني، يكون أداؤهم جيداً بشكل عام في الارتفاعات العالية. ويمكن للأشخاص المصابين بداء السكري السفر بأمان إلى ارتفاعات عالية، ولكن يجب أن يعتادوا على ممارسة الرياضة ومراقبة غلوكوز الدم لديهم بعناية.

- خطوات لتسهيل تكيف الجسم مع صعود المرتفعات
> عامل الخطر الأساسي لمرض المرتفعات الحاد هو «الصعود السريع»، والذي يقاس بـ«معدل ارتفاع منطقة المبيت التالية»Sleeping Elevation. ولهذا السبب، يجب مراجعة معدل الصعود المخطط له كجزء من تقييم ما قبل السفر. وبشكل عام، كلما كان الصعود أبطأ، كلما زاد وقت التأقلم وقل خطر الإصابة بأمراض المرتفعات. وبشكل أكثر تحديداً، يجب ألا يزيد المسافرون ارتفاع منطقة مبيتهم بأكثر من 500 متر في الليلة. وبمجرد ارتفاعهم أعلى من 3000 متر، ويجب أن يكون ثمة «أيام راحة» كل 3إلى 4 أيام. وخلال أيام الراحة هذه، يجب أن يناموا على نفس الارتفاع لمدة ليلتين متتاليتين على الأقل.
وتفيد المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن جسم الإنسان بمقدوره أن يتكيف جيداً مع نقص الأكسجة المعتدل، ولكنه يتطلب وقتاً للقيام بذلك. وتستغرق عملية التأقلم Acclimatization الحاد مع المرتفعات من 3 إلى 5 أيام. لذلك، يعد التأقلم لبضعة أيام على ارتفاع 2600 متر قبل الانتقال إلى ارتفاع أعلى، أمراً مثالياً. ويمنع هذا التأقلم حصول مرض المرتفعات، ويحسن النوم والإدراك، ويزيد من الراحة والرفاهية. وزيادة التهوية هي أهم عامل في التأقلم الحاد، لذلك يجب تجنب مثبطات الجهاز التنفسي.
وقد يؤدي التأقلم غير الكافي إلى مرض المرتفعات لدى أي مسافر يرتفع إلى 2500 متر أو أعلى. وتذكر عدد من النصائح للتأقلم، وهي:
- اصعد تدريجياً إن أمكن. تجنب الانتقال مباشرة من ارتفاع منخفض إلى ارتفاع يزيد عن 2750 متراً /النوم/ يوم واحد.
- ما أن تصل إلى هذا الارتفاع، حرك ارتفاع مكان المبيت بما لا يزيد عن 500 متر في اليوم، وخطط ليوم إضافي للتأقلم كل 1000 متر ارتفاع إضافية.
- ضع في اعتبارك استخدام الأسيتازولاميد Acetazolamide (دواء إدرار البول) لتسريع التأقلم إذا كان الصعود المفاجئ أمراً لا مفر منه.
- تجنب الكحول لمدة 48 ساعة الأولى.
- يمكنك الاستمرار في تناول الكافيين إذا كنت تستخدمه بانتظام.
- شارك في تمارين خفيفة فقط لأول 48 ساعة.

- 3 حالات مرضية مؤثرة عند الارتفاعات الشاهقة
> تنقسم أمراض المرتفعات إلى 3 حالات:
> مرض الجبال الحاد AMS. هو الشكل الأكثر شيوعاً من أمراض المرتفعات، حيث يصيب حوالي 25 في المائة ممن ينتقلون ثم يبيتون فوق 2500 متر. والصداع هو أحد الأعراض الأساسية، ويصاحبه التعب وفقدان الشهية والغثيان والقيء أحياناً. ويبدأ الصداع عادة بعد ما بين 2 إلى 12 ساعة من الوصول إلى ارتفاع عال، وغالباً أثناء أو بعد الليلة الأولى. ويزول خلال 12 إلى 48 ساعة بعد تأقلم الجسم.
> الوذمة الدماغية في المرتفعات. HACE هو تطور حاد «مرض الجبال الحاد»، وهو نادر. وحينها يصبح الخمول عميقاً، مع النعاس والارتباك والترنح في اختبار المشي الترادفي. وإذا فشل الشخص في النزول من ذلك المكان المرتفع، يمكن أن تحدث الوفاة في غضون 24ساعة من الإصابة بالترنح.
> الوذمة الرئوية في المرتفعات HAPE. يمكن أن تحدث من تلقاء نفسها أو بالاشتراك مع الحالتين السابقتين. وتصيب 1 في المائة من بين كل من يصل إلى ارتفاع يفوق 4 آلاف متر. وتتمثل الأعراض الأولية في زيادة ضيق التنفس مع المجهود، وفي نهاية المطاف زيادة ضيق التنفس أثناء الراحة، المصحوب بالضعف والسعال. وهي حالة طارئة تتطلب معالجة سريعة.


مقالات ذات صلة

صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».