رغم أن الشتاء يعد الفصل الأكثر نشاطاً بالنسبة للأطفال، حيث تتزامن بدايته في الأغلب مع دخول المدارس في معظم دول العالم، إلا أن الطقس البارد يمكن أن يؤثر سلباً على صحة الأطفال.
الأطفال يفقدون الحرارة أسرع من البالغين، كما أن الجهاز المناعي لديهم ليس بنفس درجة النضج والكفاءة التي تجعله يقاوم البرد القارس، فضلاً عن احتمالية الإصابة بنزلات البرد نتيجة لانتشار العطس والسعال بين الأطفال، خصوصاً مرضى حساسية الأنف.
وخلافاً لاعتقاد معظم الآباء، فإن الطقس البارد في حد ذاته لا يؤدي إلى الإصابة بنزلة البرد (common cold)، أو الإنفلونزا، لأن الإصابة فيروسية في الأساس. ولذلك يجب حمايتهم من التعرض لموجات الصقيع، خصوصاً في الدول شديدة البرودة.
تدفئة الأطفال
يجب أن يحرص الآباء على ارتداء أطفالهم ملابس كافية توفر لهم الحماية من البرد، وهناك قاعدة عامة فيما يتعلق بملابس الأطفال، وهي أن يرتدي الطفل دائماً طبقة إضافية من الملابس أكثر من ملابس البالغين بالأسرة في الظروف نفسها، على أن تكون طبقة الملابس الملامسة للجلد مباشرة دائماً قطنية، لتجنب حساسية الجلد. ثم يمكن أن تليها الأنسجة الصوفية أو ذات الألياف الصناعية، ويفضل أن يرتدي الأطفال قفازات يجب أن تكون جافة دائماً، وكذلك أوشحة حول الرقبة، وأن تكون المعاطف طويلة بحيث تغطي أكبر مساحة من الجسم، ويفضل أن تكون ضد الماء تحسباً لهطول الأمطار، وأيضاً قبعات تغطى الأذن. وحتى داخل المنزل يجب أن يرتدي الأطفال ملابس كافية، حتى لا يتعرضوا لما يسمى لسعة الصقيع (Frostbite).
يجب أن يتم إبلاغ الأطفال أن يقوموا بغسل أيديهم باستمرار بالماء والصابون، لأن المياه الجارية والصابون أفضل من المطهرات المعروفة، ومجرد اعتياد غسل الأيدي يعد عادة صحية جداً، وأيضاً وسيلة للحماية من ميكروبات وأمراض كثيرة، في فصل الشتاء، حيث تنتقل أمراض الجهاز التنفسي المنتشرة في ذلك الفصل عبر الرذاذ الموجود في أيدي أقرانهم أو ملابسهم، أو على الأسطح المشتركة التي يتقاسمها الأطفال. ويجب على الطفل في حالة قيامه بالعطس أو السعال أن يكون في الكوع، وليس الكف، حتى لا يتم نشر العدوى.
الشراب والطعام
يجب تشجيع الأطفال على شرب كميات كبيرة من الماء (hydration)، حتى لا يتعرضوا للجفاف، في زجاجات خاصة بهم تجنباً للعدوى في حالة الشرب من الأكواب الموجودة في المدرسة، حتى لو لم يتعرض الطفل للعرق وفقدان السوائل، خصوصاً أن الطفل لا يشعر بالعطش. والماء ضروري للحفاظ على الجلد من التشققات نتيجة للجفاف وضروري للجسم كله وللكليتين بشكل خاص، خصوصاً أن تناول بعض السوائل الدافئة مثل الشاي يكون مدراً للبول، ولذلك يجب تعويض كميات السوائل التي يتم فقدانها وفي حالة اللعب يجب شرب الماء قبل اللعب وبعده.
يجب الحرص على أن يأكل الطفل طعاماً صحياً لتقوية المناعة يحتوي على الفيتامينات والمعادن، ومنها الأطعمة الغنية بفيتامين سي مثل البرتقال والطماطم والخضراوات ذات الأوراق الخضراء والأطعمة الغنية بالمياه مثل البصل والبروكلي والقرنبيط والنعناع والزنجبيل، خصوصاً في وجبة الإفطار، وأيضاً يتم تناول الفواكه مثل التفاح والرومان، ويفضل تناول المكسرات مثل اللوز والكاجو لاحتوائها على مضادات الأكسدة، ويفضل تناول معلقة عسل نحل يومياً لإعطاء سعرات حرارية إضافية للجسم للتدفئة، بجانب قيمتها في رفع مناعة الجسم بشكل عام.
أما ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فهي من أفضل الطرق لتقوية جهاز مناعة الطفل وحمايته من الأمراض بجانب الشعور بنشاط أكبر، ولا يشترط أن تكون الرياضة عنيفة، أو لمدد طويلة، المهم هو الحركة الجسدية، سواء الركض أو ركوب الدراجات أو القفز على الحبل، ويمكن في حالة إصابة الطفل بالتشققات الجلدية من الجفاف أن يتم استخدام كريم مرطب للجلد يحتوي على الغلسرين في البداية، وفي معظم الحالات يكون كافياً للعلاج.
لقاحات وأدوية
يجب الحرص على تناول الجرعات المنشطة من اللقاحات المختلفة التي سبق للطفل تناولها بشكل إجباري، حسب كل دولة، وأيضاً يفضل أن يتناول الطفل اللقاح الخاص بالوقاية من الإنفلونزا الموسمية، حيث إنها توفر حماية جيدة من نزلات البرد، ولا يجب الاستماع إلى الشائعات الخاصة بإصابة الأطفال بالتوحد، بسبب اللقاح، حيث إن هذا الادعاء غير صحيح على الإطلاق.
الطقس البارد يعمل كمحفز لحساسية الصدر، لذلك الأطفال الذين يعانون من مرض الربو يفضل أن يتناولوا بعض الأدوية بشكل وقائي، خصوصاً البخاخات التي تحتوي على مزيج من الكورتيزون كمضاد للالتهاب ومماثلات مستقبلات «بيتا» طويلة المفعول (long - acting beta - 2 adrenergic agonist)، حتى يمكن لهؤلاء الأطفال الحفاظ على جهازهم التنفسي الحساس بالفعل، خصوصاً أن المخاط يزداد تكوينه في الشعب الهوائية، ما يؤدى إلى ضيقها وحدوث الأزمة، وفي الموجات شديدة البرودة أو العواصف الثلجية يفضل أن يرتاح هؤلاء الأطفال في المنازل كلما أمكن ذلك.
أما الأطفال الذين يعانون من الإكزيما (Eczema)، ففي الأغلب تزداد معاناتهم أثناء البرد، ويكون هناك احمرار وحكة في الوجه والكفين، خصوصاً مع غسل اليدين المتكرر، وبالنسبة لهؤلاء الأطفال يمكن علاجهم بالكريمات التي تحتوي على الكورتيزون بنسبة بسيطة، وتفضل استشارة طبيب جلدية في نوعية الكريمات الخاصة بالبشرة حتى لا يحدث تلف لطبقات الجلد العليا من استخدام نوعيات معينة من الكورتيزون. وبالنسبة لحالات نزيف الأنف التي تحدث بسبب الهواء الجاف يمكن استخدام سائل ملحي (nasal saline) يتم وضعه في الأنف على أن يحني الطفل رأسه للأمام، وليس للخلف حتى لا يتم بلع الدم.
* استشاري طب الأطفال