«ريتسا»... عودة للرومانسية في السينما المصرية

الفيلم يروي 3 حكايات يجمعها الحب

TT

«ريتسا»... عودة للرومانسية في السينما المصرية

يشير اسم «ريتسا» إلى نوع من الحيوانات البحرية التي تشبه «القنفذ» إلى حد بعيد بأشواكها وشكلها الكروي، وإن كانت أكثر جمالاً وكان يتم اصطيادها باعتبارها وجبة شهية في الإسكندرية قديماً، لا سيما في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
ولعل صناع فيلم «ريتسا» الذي يعرض حالياً بدور العرض المصرية أرادوا من خلاله استدعاء هذا الحيوان البحري، الذي لم يعد متوفراً بقوة حالياً نتيجة تلوث الشواطئ، إثارة حالة من الشجن والحنين إلى الزمن الجميل الذي أصبح خلفه وإحياء بعض رموزه خاصة الحب والغرام. يتناول السيناريو الذي كتبه معتز فتيحة ثلاث قصص منفصلة عبر قاسم مشترك بينها يتمثل في الوقوع في الحب. وحين تأتي النهاية سيتضح للمشاهد روابط أخرى خفية تربط بين أبطال تلك القصص عبر خدعة ما سيتم الكشف عنها ليصاب المتفرج بالدهشة والفهم وهو ما يطلق عليه بالتعبير النقدي «لحظة التنوير».
القصة الأولى بطلها كاتب روائي شهير يدعى مالك منصور، يجسد دوره الفنان أحمد الفيشاوي ينتمي إلى فئة عمرية تقف على الحدود بين الرجولة والشباب، يتمتع بوسامة لافتة وكاريزما خاصة يدعمها مظهر غير تقليدي لعل أبرز مفرداته ارتداء القبعة الأوروبية الشهيرة نهاراً وليلاً تقع في غرامه الشابة التي جسدت شخصيتها الفنانة كارولين خليل، تطارده بمشاعرها المتأججة.
أما القصة الثانية تمثل القلب النابض للحبكة، بطلها رجل أنيق وسيم يعمل قبطاناً بحرياً «يجسد دوره ببراعة وبساطة النجم محمود حميدة، حيث يستعيد ذكرياته في مدينته الإسكندرية وتحديداً أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، حين كانت ملتقى لطيف واسع من الجاليات الأجنبية.
كان شاباً صغيراً للغاية لم يلتحق حتى بالجامعة جسد دوره في تلك المرحلة الفنان يوسف عثمان حين وقع في غرام فتاة إيطالية، جسدت دورها الفنانة عائشة بن أحمد. وينتج عن هذه العلاقة ثمرة تتحرك في بطن الفتاة التي تدعى «ريتسا». ولأن حبيبها غير مستعد لتحمل مثل هذه المسؤولية، تنسحب الفتاة من تلك العلاقة وتقرر العودة إلى موطنها في إيطاليا لتضع حملها. وتتوالى السنوات ويكبر الفتي المصري لكنه لا ينسى حبيبته القديمة، بل تكبر معه قصة غرام متقدة انطفأت فجأة وعلى نحو عنيف.
ويكتمل القوس الزمني للأحداث، حين تأتي حفيدة «ريتسا» إلى القاهرة، والتي جسدت شخصيتها أيضاً عائشة بن أحمد لتلتقي بحبيب جدتها السري.
القصة الثالثة هي الأكثر نمطية وتكراراً، فهي تنطلق من المثلث الشائع للخيانة الزوجية سواء عبر الجسد أو المشاعر: الزوج، الزوجة، العشيقة. هنا أنت أمام نموذج الزوج الذي مهما بدا ناجحاً ومتحققاً، فهو بحاجة إلى فتيل يشعل نار الشغف بداخله، جسد دور الفنان أمير المصري.
يصبح احتياجه لقصة حب حتى لو خارج إطار جدران الزوجية أمراً ملحاً من وجهة نظره فيجد ضالته عبر فتاة رقيقة وإن كان يعذبها إحساس خفي بأنها تسرق شيئاً لا يحق لها جسدت دورها الفنانة الشابة مي الغيطي.
أغرق المخرج أحمد يسري الشريط السينمائي في بحر من الكادرات وزوايا التصوير المبهرة، حيث التلاعب بالإضاءة وأشكال البحر المدهشة واللعب على ثيمات الألوان المختلفة، لا سيما الأزرق والبرتقالي مع توظيف تقلبات المشاعر بنعومتها وغضبها، لا سيما في الإسكندرية قبل ما يناهز السبعين عاماً.
من جانبه، يؤكد الفنان الشاب يوسف عثمان سعادته البالغة بدوره في هذا العمل حيث يقف مرة أخرى أمام نجم بحجم محمود حميدة بعد أن وقف أمامه للمرة الأولى وهو طفل صغير يؤدي دور ابنه في فيلم «بحب السيما» عام 2004. ثم تعاون معه في فيلمي «من ضهر راجل» و«فوتو كوبي»، مشيراً إلى أن حميدة لا يزال يتعامل معه بروح الأب على المستوى الإنساني، أما على المستوى الفني فهو مصدر إلهام لجيل كامل من الفنانين الصاعدين بخبرته وقدراته وإخلاصه لفن السينما. ويضيف عثمان لـ«الشرق الأوسط»: «هذه هي المرة الأولى بالنسبة لي أن ألعب دوراً رومانسياً بحتاً ضمن حبكة شاملة محورها قصص الحب، حيث اعتدت على الكوميديا التي يأتي فيها الحب على نحو هامشي وتقليدي للغاية».
الفيلم يستعيد الوجه الرومانسي المفقود للسينما المصرية، فنحن هنا أمام شريط سينمائي مغرق في قصص الغرام على نحو شامل وجذري، بمعنى أن الرومانسية ليست مجرد خط متفرع عن حبكة أخرى من نوع الكوميديا الخفيفة أو الإثارة والتشويق أو حتى قضايا الهم السياسي أو الواقع الاجتماعي المأزوم وغيرها من أنواع الدراما التي اعتدنا أن نرى حكايات الهوى تأتى فيها كفرع هامشي أو مجرد ديكور لتزيين خط الصراع الدرامي الأساسي. هكذا يكتسب العمل أهميته كونه يغطي نقصاً فادحاً تعاني منه دور العرض المصرية منذ سنوات بعيدة، مما أوقع المواسم السينمائية المتوالية في لعنة النمطية والتكرار.


مقالات ذات صلة

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

يأتي فيلم «سعود وينه؟» بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.