دفتر ملاحظات

مشهد من الفيلم النرويجي «أسوأ شخص في العالم»‬
مشهد من الفيلم النرويجي «أسوأ شخص في العالم»‬
TT

دفتر ملاحظات

مشهد من الفيلم النرويجي «أسوأ شخص في العالم»‬
مشهد من الفيلم النرويجي «أسوأ شخص في العالم»‬

مهرجان يتأرجح
> مع عودة المخاوف الناتجة عن الوباء الذي لا نهاية قريبة له، يقف مهرجان برلين على حافة اتخاذ واحد من قرارين: إقامته مهما كلّف الأمر وعلى نحو حضور فعلي كامل ومن دون تحويل الدورة المقبلة - من 10 إلى 20 فبراير (شباط) - إلى مناسبة إلكترونية كما حدث في مطلع هذا العام.
القرار الثاني هو تأجيله إلى شهر يونيو (حزيران) المقبل، وهو الموعد الذي كان عليه قبل نقله إلى الشهر الثاني من كل سنة، وذلك من 1979 وصاعداً.
لكل اختيار حسناته وسيئاته. القيام بإنجاز دورة فعلية في الشهر الثاني يحمل خطورة أن لا يشهد المهرجان، وسط الإجراءات الصحية الكثيفة التي تعيشها ألمانيا اليوم، النجاح المأمول. إلى جانب عروض المسابقة، وتلك الموزعة خارجها هناك تلك السوق السينمائية الشاسعة التي انطلقت فاعلياتها قبل أكثر من عقد وأثبتت ضرورتها لكل منتج وموزع وسينمائي حضر الدورات السابقة.
مخاطر الاحتمال الثاني هو أنه سيقع في شهر مزدحم. فقبله بقليل مهرجان كان، وبعده بقليل مهرجان فينيسيا (الوحيد بين الثلاثة الذي تحدّى مصاعب الوباء واستمر بلا انقطاع). في هذا الشأن، سيحمل قدراً من المنافسة الشديدة مع المهرجانين الآخرين ربما كان لمصلحته، لكن قد يجد نفسه بين القوّة الجاذبة لمهرجاني كان وفينيسيا بحيث يخسر وجوده بينهما.
مهرجان برلين ليس الوحيد الذي يضع يده على قلبه خشية عواقب التأجيل، بل يدور الهمس إلى أن مهرجان «كان» المفترض إقامته في مايو (أيار) قد يجد نفسه مضطراً لتأخير دورته إلى شهر يوليو (تموز) كما فعل في العام الماضي.
وكانت إدارة جائزة الفيلم الأوروبي السنوية أعلنت إلغاء حفلتها الفعلية المقررة في الحادي عشر من هذا الشهر، والذي كان من المفترض إقامتها في برلين كذلك، بسبب الوباء.

فلسطيني بفيلمين
> يعرض المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي في مهرجان القاهرة السينمائي المقام حتى الخامس من هذا الشهر فيلماً بعنوان «مفكرة شارع جبرائيل» ثم ينتقل بفيلم آخر إلى مهرجان «البحر الأحمر» في مدينة جدة بفيلمه الأحدث «الظهر إلى الجدار».
في «مفكرة شارع جبرائيل» يقدّم مشهراوي فيلماً صوّره خلال فترة فرض الحظر في باريس خلال سنة 2020 بسبب الوباء. وجد نفسه في الشارع الذي يعيش فيه ومعه الهاتف فبدأ استخدامه لتصوير عمل لم يكن يعرف ما سيحتويه ولا كيف سينهيه. لكنه في النهاية فيلم موقوت في ظرف صعب تلتقي فيه الذكريات الفلسطينية وتلك الفرنسية في موقع من العزلة.
الفيلم الآخر، «إستعادة» عمل تسجيلي رائع يستند فيه إلى مقابلة والعديد من الوثائقيات. والمحور هو مدينة يافا قبل الاحتلال والثراء الاجتماعي والثقافي والفني الذي كان لها إلى أن داهمتها القوّات الإسرائيلية واحتلتها قبيل حرب 1948.

احتمالات نقدية
> بدءاً من الأسبوع المقبل تنطلق في الولايات المتحدة جوائز الجمعيات النقدية المختلفة في عموم البلاد. ففي كل عاصمة لولاية أميركية هناك جمعية مستقلة بذاتها. لكن الاهتمام منصب على جوائز The National Board of Review.
الأفلام الخمسة الأكثر احتمالاً لنيل إحدى الجوائز الممنوحة للأفلام الأميركية والعالمية هي:
The Power of the Dog و«بيتزا عرق السوس» في إطار الأفلام الأميركية.
في السينما التسجيلية يبدو أن التوجه صوب «الموجة الديدة» و«فال» وكلاهما من إنتاج منصّات العروض المباشرة على النت.
أما على صعيد الأفلام الأجنبية فالمتقدم منها أكثر من سواه فيلم بدرو ألمودوفار «أمهات متوازيات» (إسبانيا) و«أسوأ شخص في العالم» للمخرج يواكيم تراير (نرويج).



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.