مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ست الحسن والدلال «خزامة»

لست ضد من يؤمنون (بالعين والحسد)، ولكنني أستهجن المبالغة في ذلك عندما يردون كل حدث أو مصادفة إلى تلك العين التي لا تخطئ – والعياذ بالله - وهذا هو أحد الإخوة من مصر، أراد أن يحصن سيارته الجديدة، فماذا فعل؟
ما كان منه – حسب ما شاهدته في المواقع - إلا أن يأتي (بتيس) ويقيده وينحره فوق غمارة السيارة (الميتسوبيشي)، ثم يلطخ السيارة من كل جوانبها بالدماء، ويكتب عليها من الأمام والخلف بالخط العريض: (عين الحسود فيها عود)، وفوق ذلك علق (خرزة زرقاء) على مرآة السائق الأمامية.
ولم يمضِ على ذلك غير أربعة أيام، حتى حصل له حادث تصادم شنيع، تهرشمت فيها سيارته بالكامل، ونقلوه هو سريعاً إلى المستشفى والحمد لله أنه لم يتوفَّ، ولكن تكسرت قدماه وبعض أضلاعه فقط.
كما أن أهل البادية في الجزيرة العربية، عندما يريدون أن يحصنوا فرساً أو ناقة، يأتي شيخ صالح يدعو أمامها قائلاً: (عرقص مرقص، عين تناظرك تقرص).
وهذا الدعاء هو ما حصنوا به أغلى ناقة في الخليج، التي اسمها (خزامة)، وهي التي فازت عدة مرات في مسابقات مهرجانات مزايين الإبل في الخليج العربي.
وللمعلومية فمالكها قد تلقى عدة عروض لشرائها، وصل آخر عرض إلى (30) مليون ريال – أي أن ثمنها يعادل ثمن (30) سيارة رولز رويس، وما لا يقل عن (500) سيارة ميتسوبيشي.
غير أن مالكها العتيد رفض ذلك العرض حتى لو تضاعف عدة مرات.
ولكن لم يمض شهر واحد على فوز (ست الحسن والدلال) خزامة، حتى نفقت – أي ماتت مع حوارها التي ولدته، وتركت مالكها (يأكل هوا ويقشر فصفص)، وأصيبت الجماهير بصدمة مدوية، إلى درجة أن البعض منهم قال:
إن موت خزامة بالنسبة لعشاق الإبل، لا تقل عن وفاة أي نجم من نجوم الكرة العالميين مثل رونالدو أو ميسي. ورثوها بالكثير من القصائد الشعبية، أقتطع لكم منها بعض الأبيات:
الحزن فالمشهد ما يحتاج تعليق/ ما للبدو من حزنها اليوم طاقة
خزامة اللي بموتها سببت ضيق/ تقول موتة شيخ ما هي بناقة
وقال آخر:
يا ليت خزامة على الأرض حية/ والموت مأخذ غيرها بعض الأنذال
وحنطوها ووضعوها واقفة أمام مدخل الخيمة الكبيرة للمهرجان الرسمي السنوي لـ(مزايين الإبل)، وعندما شاهدت صورتها المحنطة ببراطمها التي لا يقل طولها عن ثلاثة أشبار، لم تتداعَ على خيالي، غير براطم بعض البنات المنفوخة (بالفِلر والبوتكس).