حققت المرأة السعودية حضوراً مميزاً في معرض الرياض الدولي للكتاب، سواء في المشاركة في الفعاليات التنظيمية والثقافية والفنية، أو بالحضور الواسع جداً في أروقة المعرض وبين أجنحته، واقتناء آخر مستجدات كتب الفكر والرواية والفلسفة والعلوم الإنسانية.
ومثل حضور المرأة مشهداً لافتاً يتشكل بالانفتاح واحترام التنوع وإشاعة التسامح ودحر حصون التشدد. فقد واصل معرض الرياض تسجيل تقدم المرأة السعودية في المشاركة في الحياة العامة، بعد أن كرست لها السياسات الحكومية حقوقاً في التمكين، أنهت السجالات السابقة التي كانت تشهدها أروقة معرض الكتاب، والتي تتعلق خصوصاً بحضور المرأة ومشاركتها، حيث سجالات تتعلق بالمرأة تصنع جزءا من صورة معرض الكتاب، وفاكهته، ومذاقه، وصوته.
ويمكن اعتبار يوم 27 سبتمبر (أيلول) 2017 يوماً فارقاً في الحياة الاجتماعية والثقافية في السعودية، فقد شهد هذا اليوم صدور قرار تاريخي يسمح للنساء في المملكة بقيادة السيارة. وأصبح قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة تغييراً مس بنيّة ثقافة المجتمع وصورته وهويته، كما أصبح مؤشراً على الحاجة إلى خروج المرأة من الصندوق لكي تتحمل المسؤولية على قدم المساواة. بالتوازي مع ذلك، سجّلت المرأة منذ ذلك العام حضوراً أكبر في المشهد الثقافي، وعبّرت النساء عن حضورهن في الحياة العامة في مختلف أنحاء المملكة.
ومنذ عام 2017 سجلت المرأة السعودية حضورا مذهلا في المعرض، وهذه علامة قوة وحيوية للمجتمع بأسره الذي تنشغل فيه السيدات والفتيات بهذا العدد باقتناء كتب الثقافة والرواية والفن، واليوم شاهد الناس كيف أصبح حضور المرأة ضرورة وحاجة إلى ترسيخ قيم المعرفة لدى المجتمع… وهكذا يبقى الأثر الإيجابي للمحافل الثقافية، ويطوي النسيان كُل الثارات والمعارك والغزوات التي تستهدف الكتاب، وتنال من المعرفة. لقد أعطت المرأة لمعرض الكتاب قوته وحضوره وحيويته وأعطت مؤشرا على أن الثقافة ترسخ نفسها في مجتمع متحرك، نابض بالعنفوان والحيوية.
إلى جانب حضور المرأة اللافت، كان حضور الجمهور السعودي الذين توافدوا من مختلف أرجاء البلاد وبعضهم نظموا رحلات جماعية عبر الحافلات تنقلهم من شرق السعودية وغربها لحضور المعرض واقتناء الكتب، متوجين الرياض وجهة للثقافة حيث حرّك المعرض الرغبة الجامحة لدى الآلاف من النساء والرجال لاقتناء الكتب وقراءتها، وهذا مؤشر حيوي يكشف انفتاح هذا المجتمع وحبه للاطلاع، حيث الكتاب هو سفير لثقافات متعددة، ونافذة لمفاهيم مختلفة.
وفي هذا المعرض الذي يختتم فعالياته الأحد، شارك أكثر من 100 مثقف وناقد من مختلف الجنسيات في «لقاءات ثقافية» للحديث عن قضايا أدبية وثقافية مُلحّة من خلال 36 ندوة ومحاضرة تقام على مدى أيام المعرض العشرة. كما نظم المعرض أكثر من 60 ورشة عمل متعددة المشارب والاتجاهات الثقافية، قدمها أكثر من 100 خبير ومتخصص في مجالات إبداعية متنوعة، من بينها ورش عن الكتابة والتأليف، وصناعة الأفلام والمسرح وفنون الطبخ وغيرها من المجالات.
واحتفى المعرض بتجارب رواد الأدب والنقد والفنّ؛ أمثال محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب وعلي جواد الطاهر وواسيني الأعرج، والأمير خالد الفيصل، كما يشارك في فعالياته الدكتور عبد الله الغذامي، والمؤلف الأميركي جوردان بيلفورت، ومواطنه كريس غاردنر، وأقام أمسيات شعرية لشعراء من السعودية والعراق، كما احتفى المعرض بالفنون الإبداعية في «جادة الثقافة» التي احتضنت تفعيلات ثقافية متنوعة في 16 منصة على امتداد «واجهة الرياض». ولأول مرة، تمزج الفعاليات الثقافية مع الفنون والموسيقى، حيث قدّم مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن أربع أمسيات غنائية وموسيقية ذات قيمة فنية رفيعة، شملت أمسية غنائية للفنان عبد الرحمن محمد، وأمسية موسيقية للموسيقار المصري عمر خيرت، وأمسية جمعت الموسيقي العراقي نصير شمة بمواطنه المطرب القدير سعدون جابر، والأمسية الرابعة تتناول الأغاني الشهيرة التي كتبها الشاعر الراحل الأمير عبد الله الفيصل لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما من نجوم الأغنية العربية.
كما يحتضن مسرح جامعة الأميرة نورة عرضاً موسيقياً بعنوان «عالم هانز زيمر»، ومسرحية للأطفال بعنوان «جزيرة الكنز»، ومسرحية الأطفال أميرات ديزني التي ستقام في مسرح مركز الملك فهد الثقافي.
المرأة سيدة الحضور في معرض الرياض للكتاب
المرأة سيدة الحضور في معرض الرياض للكتاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة