عزرا كلاين
TT

ماذا لو لم يتم إقناع غير الملقحين؟

من المستحيل تقريباً إقناع الناس بما لا يريدون تصديقه. وتشهد عقود من العمل في علم النفس على هذه الحقيقة، كما يشهد على ذلك كل شيء في سياساتنا ومعظم خبرات حياتنا اليومية. فكر في محادثاتك مع عائلتك أو زملائك. كم مرة أقنعت شخصاً ما بأن يتخلى عن عقيدة أو أمر مفضل له؟ والإقناع ليس مستحيلاً أو غير مهم بأي حال من الأحوال، ولكنه يشكل ظاهرة هامشية في الموضوعات الساخنة للغاية.
وهذا يقودني إلى الخيار الصعب الذي نواجهه بشأن لقاحات فيروس «كورونا». الحكمة التقليدية هي أن هناك بعض الجدل، غير معروف وربما غير مكتشف، سوف يغير تفكير حوالي 30% من البالغين الأميركيين الذين لم يحصلوا على جرعة واحدة على الأقل من اللقاح. ربما لا يوجد. فغير الملقحين كثيراً ما يملكون وجهات نظر قوية، وكثيرون منهم يُجرون حسابات التكاليف والفوائد، نظراً للكيفية التي يقدّرون بها مخاطر الفيروس، ومصادر المعلومات التي يثقون بها لإطلاعهم على هذه المخاطر.
وإذا كان صناع القرار السياسي راغبين في تغيير رأيهم، فيتعين عليهم أن يغيروا حساباتهم من خلال زيادة تكاليف البقاء من دون لقاح، أو الفوائد المترتبة على الحصول على اللقاحات، أو كليهما. إذا لم يستطيعوا فعل ذلك، أو لم يفلحوا فيه، فإن جهود التطعيم ستبقى على الأرجح عالقة، على الأقل حتى يقوم متحور فيروسي آخر بالتسبب في الوفيات الكافية لتغيير الحسابات.
يمكنك أن ترى ضعف الإقناع في الاستقرار المخيف لأفضليات التطعيم. وفي ذلك تقوم مؤسسة «كايزر فاميلي» باستطلاع آراء الأميركيين حول نواياهم في التطعيم منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وفي ذلك الوقت، قال ما نسبتهم 15% إنهم سوف يرفضون تماماً التطعيم، وقال 9% إنهم سوف يحصلون على الجرعة «إذا لزم الأمر»، ونسبة 39% منهم يريدون «الانتظار والمراقبة».
وبعد ستة أشهر طرحت المؤسسة السؤال نفسه. وبحلول ذلك الوقت، كان معظم جمهور الانتظار والمراقبة قد رأوا ما يكفي من الأحداث للحصول على اللقاح. وتراجعت نسبة القائلين «إذا لزم الأمر»، ولكن بهامش قليل. ولكن الرافضين تماماً لم يتزحزحوا إلا بالكاد.
لا أريد المبالغة في طرح قضيتي. فقد كانت هناك حركة بين المجموعات. بعض الناس الذين قالوا أنهم بالتأكيد سيرفضون تناول اللقاح في ديسمبر حصلوا عليه بحلول يونيو (حزيران). ونحو ربع الذين كانوا ينوون الانتظار والمراقبة قد قرروا بحزم عدم الحصول على اللقاح. لكن المفاجأة في بيانات مؤسسة «كايزر» هي تناسق آراء الناس؛ إذ قالت نسبة 73% من البالغين الأميركيين في ديسمبر إنهم حريصون على التطعيم، أو على الأقل كانوا منفتحين على إمكانية التطعيم. واليوم، حصل 69% من الأميركيين فوق ال‍ 18 عاماً على جرعة واحدة على الأقل.
وفي ظل الانتشار المحموم للمتحور «دلتا» بين جموع غير الحاصلين على اللقاح، فإن المناقشة الآن تدور حول كيفية إقناعهم بالحصول على جرعة واحدة (أو اثنتين). إنني متعاطف مع معظم الأفكار التي طرحها الناس. وعلى هيئة الأغذية والأدوية الأميركية أن تمنح اللقاحات الموافقة الكاملة، وليس فقط التصريح الطارئ، لأن العملية السخيفة للهيئة قد خلقت إرباكاً جماعياً وغذت انعدام الثقة بين المواطنين.
ولكنني أشك في أن كل هذا من شأنه أن يغير عدداً متواضعاً من التفكير إلى حد باعث على الإحباط. لا توجد خطابات أقوى من الخوف من المرض والحزن لفقدان الناس. هذا واضح في بيانات التطعيم الآن. يبدو أن المتحور «دلتا» يقود طفرة من التطعيمات. ولكن هل هذه هي استراتيجيتنا حقا؟ هل يؤدي المزيد من حالات الوفاة إلى المزيد من جرعات اللقاح؟

* خدمة «نيويورك تايمز»

https://www.nytimes.com/by/ezra-klein