مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

مقتطفات السبت

عندما قرر سائقو الحافلات العامة في (أوكاياما) اليابانية، أن يحتجّوا على موقف الحكومة غير المنصف منهم، لم يعملوا إضراباً، ولم يمتنعوا عن العمل كما هو متبع عادة، ولكنهم اشتغلوا بنفس ساعات عملهم بشكل عادي جداً، لكن الاختلاف الوحيد كان أنهم قاموا بتغطية ماكينات تحصيل الأجرة بقطع قماش بيضاء، ورفضوا تحصيل الأجرة من الركاب، وجعلوا الرحلات مجانية، ليكون العقاب موجهاً للحكومة، وليس للمواطنين.
وما أبعد الفرق بينهم وبين من يحطمون الأماكن ويشعلون الإطارات، ويعيثون بالشوارع من دون أي وازع أخلاقي!
***
زار وفد من كبار العلماء العراقيين المغرب للوعظ والتدريس فلما أنهوا مهمتهم أقام لهم الملك الحسن الثاني - رحمه الله - مأدبة عشاء وتولى فيها إهداء كل عضو من أعضاء الوفد ساعة يد ثمينة، واستثنى الملك رئيس الوفد من هدية الساعات لأنه آنس فيه مهابة ووقاراً، فأهداه بدلاً عن الساعة مصحفاً شريفاً.
وفي النهاية وقف الشيخ رئيس الوفد يشكر الملك على حسن ضيافته، ثم قال: لقد فتحت كتاب الله الذي أهديتني إياه، فوجدت مكتوباً فيه (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا)!، هنا انفجر الملك ضاحكاً، وخلع ساعته الملكية من معصمه وأهداها إيّاها – انتهى.
تعجبني سرعة بديهة المشايخ، خصوصاً أنهم في الواقع لم يتركوا لنا حاجة، يا حسرة.
***
كنا مجموعة من (بياعين الحكي) نشاهد التلفزيون في أحد المجالس، وكان من ضمن الحضور أحد الإخوة من لبنان، الذي ظل صامتاً إلى أن تطرق الحديث إلى لبنان والخوف من اعتداءات إسرائيل عليه، وفجأة وإذا به يخرسنا عندما قال:
الحرب القادمة مع العدو الصهيوني حتكون أصعب حرب يخوضها العدو منذ تاريخ وجوده حتى اليوم، بدن يضربوا الكهربا؟ مش حيلاقوا كهرباء، بدن يضربوا البنى التحتية؟ مش حيلاقوا بنى تحتية، بدن يضربوا الاقتصاد؟ مش حيلاقوا اقتصاد، بدن يضربوا السياحة؟ مش حيلاقوا سياحة، كله مدروس يا جماعة بس إنتوا اللي ما بتفهموا بالتكتيكات العسكرية! ما عندكم غير (التجعير).
عندها تدخلت بالحديث قائلاً له: صدقت في كل ما ذكرته – خصوصاً بحكاية التجعير، (يا تقبرني).
وبالمناسبة وقع في يدي (كاريكاتير) مرسوم في إحدى الصحف، قبل 18 سنة، وكأنه يتنبأ بمستقبل لبنان، وفيه رجل (معتّر)، يخاطب الرئيس الراحل (رفيق الحريري) قائلاً له:
الله يلعن هالعيشه يا دولة الرئيس، قررت انتحر.
فيرد عليه الحريري قائلاً: طوِّل بالك يا زلمى، بكرا بتموت من الفقر والجوع.