زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الرسوم الصخرية تؤكد الدور الحضاري للجزيرة العربية

أرسل لي د. جاسر الحربش رئيس هيئة التراث مجموعة من الكتب المهمة التي كتبها كثير من العلماء السعوديين. ومن أهم تلك الكتب كتاب بعنوان «الأوضاع الحضارية في شمال وشمال غربي الجزيرة العربية من خلال الرسوم الصخرية من الألف الرابع إلى الألف الثاني ق.م»، من إعداد د. نايف بن علي القنور، فقد عثر على الرسوم الصخرية في كثير من مناطق الجوف وتبوك وحائل والمدينة المنورة. وقد اختار د. القنور نحو 73 لوحة من الرسوم الصخرية؛ منها 17 لوحة تنشر لأول مرة وتعطينا عدة معلومات تاريخية مهمة عن أوضاع الجزيرة العربية خلال تلك الفترة المهمة. واستطاع في ضوء تلك الدراسة من خلال تلك اللوحات أن يصل إلى نتائج مهمة.
حدد لنا د. القنور ثلاثة موضوعات مهمة تناولتها تلك الرسوم التي تحدثنا عنها؛ ألا وهي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والدينية، فهذه الرسوم تلقي الضوء ولأول مرة على حياة تلك المجتمعات القديمة، وتسجل لنا الفكر الديني الذي كان سائداً في ذلك الوقت من خلال الرسومات التي تمثل المعبودات المختلفة، وكذلك حال هذه المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية. كما دلت الرسومات أيضاً على وجود اتصالات خارجية بين المجتمعات التي عاشت هناك والعالم الخارجي، وأنواع البضائع التي كان يتم استيرادها، بالإضافة إلى المواد التي كانت تصدر عن طريق الجزيرة العربية؛ خصوصاً في فترة مهمة ألا وهي فترة ما قبل الإسلام.
تلك الرسوم تعطينا عدة معلومات تاريخية عن النشاط الذي كان سائداً في ذلك الوقت، حيث أثبتت دراسة هذه الرسوم أن هناك ثراء فنياً وحضارياً للجزيرة العربية. وهذه الرسوم عبارة عن بقايا حضارية تركها الأهالي الذين كانوا يعيشون في الجزيرة العربية بوجه خاص، وهي تشير إلى الفترات الزمنية الطويلة خلال الألف الرابع وحتى الألف الثاني ق.م. وهذا الإرث الحضاري يشكل أهمية كبيرة لدى الباحثين، لأن هذا المخزون الحضاري ينشر لأول مرة في كتاب مهم، كما أن هذا البحث يظهر لنا التطور الذي حدث خلال تلك الفترة المجهولة عنا.
وقد وجدت أن هناك ضرورة لإلقاء الضوء على هذا المجهود الضخم، كما وجدت أنه من واجبي أن أقدمه ليس للدارسين فقط، بل لكل المهتمين بالتراث الحضاري للمملكة العربية السعودية. وبلا شك فإن د. نايف بن علي القنور استطاع أن يقدم لنا وبأسلوب بسيط سهل معلومات مهمة تنشر للعامة لأول مرة.