مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

وداعاً للكاشير و(المكشّرة)!

تذكرت اليوم ما قاله لي صاحب (سوبرماركت) كبير قبل عدة سنوات، من أنهم في ميزانيتهم السنوية يحسبون (10%) تقريباً بدل مفقود –على حد تعبيره- وعندما طلبت منه التفسير أوضح لي أنهم يتعرضون على مدار السنة لبعض السرقات الصغيرة التي قد لا تكتشفها (كاميرات) المراقبة، ومن الصعب تفتيش كل حقيبة أو كل جيب.
عندها خطر على بالي تجارب بعض المحلات في أوروبا وأميركا.
ففي (السويد)، وهي إحدى أكثر دول العالم ابتكاراً، افتُتح في بلدة (فيكن) محل لبيع السلع اليومية من دون (بائع)، وبات بإمكان الزبائن شراء الحليب والخبز والخضراوات واللحوم والأساسيات اليومية باستخدام هواتفهم المحمولة.
ويقول صاحب المتجر إن الدكان الذي يعمل على مدار الساعة يؤمّن احتياجات الناس الصغيرة، لا سيما حين تغلق المحلات الكبرى أبوابها.
وهو يأمل أن تنتشر مثل هذه المتاجر على هذا النحو في بلاد كثيرة –انتهى.
وقد بدأت فعلاً تنتشر، فها هي شركة (شيافيكس) قامت بتطوير نظام الدفع النقدي، الذي يمكّن المتسوقين في محلات الشركة من تمرير بطاقات الائتمان الخاصة بهم أو بطاقات دفع خاصة بالشركة على مدخل المحل فيتيسر لهم الدخول والشراء من دون وجود بائع يشرف على العملية.
وفي نفس العام، قام مقهى صغير في ولاية (نورث داكوتا) الأميركية بتطوير فكرة (التعامل بالثقة)، فيقوم من اشتروا مشروباتهم من المقهى بوضع المبلغ المطلوب على الطاولة، أو يدفعون المبلغ المطلوب من خلال ماكينة صراف خاصة تعتمد على السحب من بطاقات التأمين قبل مغادرتهم المكان.
كما أن هناك متجراً آخر قرر صاحبه وضع 6 كاميرات مراقبة ترصد الدخول والخروج والحركة في المتجر، ولو حصلت أي سرقة، سوف تصل إليه رسالة نصية على تليفونه.
ويقول: إنه مضت عدة أشهر على هذه التجربة ولم تحصل أي مخالفة أو محاولة سرقة واحدة –ومن حسن حظه أنني لم أكن أحد زبائنه.
المهم يبقى الجزء الأصعب الذي يواجهه صاحب المتجر وهو التعامل مع الزبائن كبار السن، الذين لا يتكيفون بسهولة مع التطورات التقنية الرقمية المتسارعة، لكن حتى هؤلاء يمكنهم أن يدفعوا عن طريق بطاقات الائتمان الخاصة بهم ولن يعودوا بحاجة إلى إتقان تقنيات جديدة، وهو ما يعدّه كثيرون منهم تحدياً حقيقياً -انتهى.
هل نقول وداعاً (للكاشير والكاشيرة)؟! ولكن قبل ذلك هل تعتقدون أن مثل هذه الفكرة والتجربة تنجح في بلادنا العربية الإسلامية؟! ليه لأ؟، فديننا نهانا عن السرقة، وحثّنا على الأمانة.