مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الرجل الذي تحول إلى دجاجة

الفنانون معروفون بغرابة الأطوار - خصوصاً الرسامين منهم - ولكن لم يكذب من قال إن بعض الجنون فنون، وسوف أضرب لكم المثل بواحد منهم فقط لا غير، لأن (تياسته) لا جنونه قد تعدت الحدود.
وهو فنان فرنسي اسمه (أبراهام بوانشوفال)، له إنجازات فنية تستحق الإشادة، وفي الوقت نفسه له (هبقات) وهوايات وحركات لا يقدم عليها إلاّ من ركبته العفاريت، منها على سبيل المثال:
في عام 2012 بقي مسيو بوانشوفال مدفوناً تحت الأرض لمدة أسبوع في حفرة ضيقة. وفي عام 2014 أمضى أسبوعين داخل دب محنط في متحف الصيد والطبيعة في باريس. وفي عام 2015 قطع نهر الرون في زجاجة ضخمة طولها ستة أمتار. كل هذا يهون ومهضوم نوعاً، ولكن إلى درجة أن يحول نفسه إلى دجاجة فهذه هي التي (لا تنزل لي أنا شخصياً من زور)، وإليكم ما فعله:
فقد قام بمحاكاة دجاجة ورقد على عشر بيضات، حيث دخل حاوية زجاجية مستخدماً حرارة جسده لمدة ثلاثة أسابيع داخل متحف للفن المعاصر بباريس.
وقد استطاع أول (صوص) الخروج من بيضة لتعلن عنه المتحدثة باسم المتحف، وبعد ربع ساعة أعلنت تبشر الجميع أن التسع بيضات قد فقست بحمد الله بكل سلاسة ومن دون مضاعفات، وأخذت الصيصان تحور وتدور حوله وهو يرمقها بعاطفة الأمومة الجياشة.
وصرح الفنان - لا فض فوه - قائلاً: إنني سعيد بالمساهمة بقدرتي على التفقيس.
وطوال ذلك جلس على مقعدته متدثراً بغطاء مصنوع من مواد عازلة، في حين وضع البيض في حاوية مثبتة تحت المقعد، وكان يغادر مكانه فوق البيض لما لا يزيد على 30 دقيقة في اليوم لتناول وجباته وقضاء حاجته - ومن أراد منكم أن يخوض هذه التجربة الرائعة ويفقس، فالباب مفتوح على مصراعيه، ولكن عليه أن يتعلم كيف (يكاكي)، وكيف يرعى فلذات كبده (الصيصان).
***
في مقال للمستشار (أسامة يماني) قال باختصار: يستطيع الإنسان أن يعيش سعيداً، إذا عمل على الاهتمام بالجوانب التالية:
1 - اشتغل بنفسك. 2 - احذر التأطير. 3 - احذر المشاعر السلبية. 4 - أكثر من المشاعر الإيجابية. 5 - كن أخلاقياً. 6 - افعل خيراً - انتهى.
وهو ذكرني بـ(البوصيري) عندما بسط ذلك ببيت الشعر هذا:
والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
وما أكثر الذين شبّوا على الرضاع، وما زالوا يرضعون حتى بعد أن وصلوا إلى أرذل العمر.