طرق طهي الطعام... تأثيرات صحية وغذائية متفاوتة

عنصر رئيسي في التغذية السليمة ولا تقل أهمية عن المكونات

طرق طهي الطعام... تأثيرات صحية وغذائية متفاوتة
TT

طرق طهي الطعام... تأثيرات صحية وغذائية متفاوتة

طرق طهي الطعام... تأثيرات صحية وغذائية متفاوتة

تفيد مصادر علم التغذية الإكلينيكية بأن أحد العناصر الرئيسية في التغذية الصحية هو طريقة طهي الطعام بالحرارة. وإذا كان بإمكان المرء أن ينتقي منتجات غذائية صحية للتناول، فإنها قد تصبح غير صحية نتيجة الطريقة التي استخدمها للطهي. ويقول الأطباء من «مايو كلينيك»: «تعمل طرق الطهي الصحية على إكساب الطعام ألذ النكهات والاحتفاظ بالعناصر الغذائية في الأطعمة دون إضافة أي مقادير مفرطة من الدهون أو الملح. ولا يعني الطبخ الصحي أنه يتعين عليك أن تصبح طباخاً ماهراً أو تقوم بالطبخ في أواني طبخ باهظة الثمن. يمكنك استخدام أساليب الطهي الأساسية لإعداد الطعام بطرق صحية».
- أسباب الطهي
وأساس ذلك التحول من غذاء صحي إلى غير صحي بالطهي، هو نوعية التفاعلات الكيميائية التي حصلت خلال تلك العملية. ذلك أن خلال عملية الطهي تحصل أنواع كثيرة من التفاعلات الكيميائية، التي تختلف وفق نوعية ومكونات المنتج الغذائي ووفق طريقة الطهي. وأحدها تفاعل ميلارد (Maillard Reaction) الذي يقول عنه الدكتور جان ماري لين، الحائز على جائزة نوبل للكيمياء عام 1987: «يعد تفاعل ميلارد (تفاعل بروتينات وسكريات الطعام بفعل الحرارة) التفاعل الكيميائي الأكثر انتشاراً في العالم، لأنه تفاعل يحدث يومياً في المنازل والمطاعم والمخابز حول العالم كلما تم طهي الطعام».
ويقول المجمع الملكي البريطاني للكيمياء: «هناك العديد من الأسباب للطهي، بما في ذلك قتل الميكروبات في الطعام لجعله آمناً للأكل، وعدد من الأسباب الأخرى المتعلقة بزيادة مقبولية الطعام. وهو ما يشمل: تحسين الملمس (كتليين اللحوم الصلبة)، وتحسين اللون (للحم أو الخبز المحمص) وتحسين النكهة والرائحة (كتطوير نكهة ورائحة اللحوم المطبوخة). ومن المهم استخدام ظروف الطهي المناسبة، مثل درجة الحرارة ومدة الطهي». كما أنه نتيجة لعملية الطهي يصبح الطعام ملائماً أكثر للجهاز الهضمي كي يُجري عمليات الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، خصوصاً المكونات الرئيسية كالبروتينات والكربوهيدرات والدهون والمعادن والفيتامينات والمركبات الكيميائية الأخرى كالمواد المضادة للأكسدة والمواد ذات الروائح والنكهات العطرية والمميزة.
- تفاعلان رئيسيان
ونظراً لوجود كربوهيدرات السكريات والبروتينات في غالبية المنتجات الغذائية، هناك نوعان رئيسيان من التفاعلات الكيميائية خلال عملية الطهي الحراري. وهما: تفاعلات الكرميل (Caramelization Reaction) فيما بين أنواع السكريات، وتفاعلات ميلارد (Maillard Reaction) فيما بين البروتينات والسكريات. وكلاهما يعتمد على الحرارة (وليس الأنزيمات) وتنتج عنهما مركبات كيميائية عديدة ومواد كيميائية متطايرة تعطي الشكل واللون والرائحة المميزة.
وتفاعلات الكرميل، هي العملية الأساسية في طهي العديد من المواد الغذائية النباتية، كالخضار المطبوخة على نار عالية والمخبوزات بأنواعها وتحميص القهوة أو المكسرات، أو القلي أو غيرها كثير. وعند تسخين السكريات، يتغير اللون إلى اللون البني بفعل عمليات البلمرة في اتحاد عدة مركبات بعضها مع بعض، ثم تتحول إلى سائل، ثم تظهر الفقاعات. وتحدث الفقاعة بسبب انكسار الهيدروجين والأكسجين في السكريات، وتشكيل جزيئات الماء وتبخرها. وخلال هذا تظهر رائحة الكراميل الفريدة من خلال المواد المتطايرة التي يتم إطلاقها أثناء الانحلال الحراري، مثل ثنائي أسيتيل.
وإضافة إلى تسبب تفاعل الكراميل في ظهور اللون الذهبي البني عند الخبز في الفرن، تكتسب المخبوزات ذلك اللون أيضاً ونكهة أخرى مميزة، نتيجة حصول تفاعلات ميلارد بين بروتينات ونشويات عجين الدقيق. وتفاعلات ميلارد تبدأ في الحصول عند درجات منخفضة، أي ما بين 140 و160 درجة مئوية، بينما تتطلب تفاعلات الكراميل درجات حرارة عالية لبدء حصولها. وحصول هذه التفاعلات في الخبز مثلاً، يحرر مزيداً من المواد المضادة للأكسدة، ويسهّل على الأمعاء امتصاصها ويرفع استفادة الجسم منها.
- ألوان الأغذية
> تحول لون الخضار. وفي الخضار الخام، هناك كمية من الغازات المحصورة في المساحات الصغيرة بين الخلايا، ما يُمكننا من رؤية مركبات الكلوروفيل (Chlorophyll) الخضراء في الخلية النباتية. وفي بداية عملية الطهي، تتسبب الحرارة في تحطيم أغشية الخلايا، ما يؤدي إلى تسرب الغاز، وإلى تدفق السوائل من الخلية النباتية إلى هذه المساحات، ما يتيح لنا رؤية أكثر وضوحاً للكلوروفيل اللامع في الخضروات.
ولكن مع استمرار عملية الطهي، تؤدي الحرارة الزائدة إلى حصول فصل ذرة المغنيسيوم من مركز جزيء الكلوروفيل، واستبدال ذرات الهيدروجين بها. ما يغير لون الخضار من الأخضر الفاتح إلى أخضر رمادي باهت.
كما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تكسير معظم الفيتامينات ومضادات الأكسدة في الخضار، وإخراجها منها إلى سائل الغلي، ما يُضعف قيمتها الغذائية.
ولكن بالمقابل، يُمكن للحرارة أن تجعل بعض المكونات الغذائية الأخرى قابلة للامتصاص بسهولة أكبر، خصوصاً النشويات والبروتينات النباتية ذات الجزيئات الصعبة التي لا يستطيع جهازنا الهضمي تحطيمها نيئة لكي يمكن امتصاصها.
> اللون الوردي للروبيان واللوبيستر. عند طهي الروبيان والقشريات البحرية الأخرى، تحصل ثلاث عمليات كيميائية، وهي: ظهور اللون الوردي، وتغير لون اللحم من نصف شفاف إلى الأبيض، وتجعيد شكل الروبيان.
والروبيان والقشريات الأخرى تحتوي على صبغة وردية اللون تسمى أستازانتين (Astaxanthin)، وهي من فئة صبغات الكاروتينويد (Carotenoid) المضادة للأكسدة. وفي الجمبري النيئ، ترتبط صبغة أستازانتين ببروتين المواد القشرية ذات اللون الرمادي الأزرق. ولا يظهر اللون الوردي. وعند الطهي بالحرارة، يتحرر مركب أستازانتين عن البروتينات القشرية، ويظهر بلونه الطبيعي، ما يجعل الروبيان المطبوخ وردياً.
ويعلق الباحث السويسري في جامعة بازل، الدكتور توماس شولوميك بالقول: «كان هذا التغير في اللون لغزاً لفترة طويلة». ولحم الروبيان النيئ شبه شفاف. وبالطهي، يتغير لونه إلى الأبيض، كما الحال بالنسبة لكثير من الأسماك (البيضاء) الأخرى وبياض البيض. وهذا يحصل بتفاعلات «التمسخ البروتيني» (Protein Denaturation)، لأن البروتينات حساسة للحرارة، وهي بالأصل تأخذ أشكالاً معقدة ثلاثية الأبعاد، كالانثناء واللولبة والتجعيد. ولكن عندما يتم تسخينها إلى درجات حرارة عالية بما فيه الكفاية، تحصل التفاعلات التي بها تمتد وتتحلل تلك التعقيدات، ويتغير اللون إلى اللون الأبيض. وتغير شكل الروبيان نحو الالتفاف ككرات صغيرة، ناجم عن تقلص العضلات داخل الروبيان بفعل الحرارة وزوال محتواها من الماء.
- أنواع القلي
وخلال عملية القلي تحصل ثلاثة أنواع رئيسية من التفاعلات، وهي: تفاعلات ميلارد، وتفاعلات «التمسخ البروتيني» للنضج، وتكسر جدران الخلايا. إضافة إلي تفاعلات كيميائية أخرى، كالأكسدة (Oxidation) والبلمرة (Polymerization)، التي تحصل في كل من: القطع المقلية والزيت المُستخدم للقلي. ويعتمد القلي على استخدام الدهون إما من مصادر حيوانية (السمن) أو نباتية (الزيت)، لطبخ الأطعمة بأنواعها، لأن الزيت يصل إلى درجات حرارة أعلى بكثير من الماء المغلي، ما يسمح بسرعة حصول عدد من التفاعلات التي تتسبب في نضج الأطعمة. ونتيجة تفاعلات الكراميل وتفاعلات ميلارد تتكون الطبقة المقرمشة، كما يؤدي تغلغل الحرارة إلى نضح طهي البروتينات.
وفي القلي العميق (Deep Frying) باستخدام كمية كبيرة من الزيت الحار وغمر الأطعمة فيها، يحصل تغلغل سريع وكبير للدهون إلى داخل قطع الطعام المقلية قبل تكوّن التفاعلات الكيميائية التي تصنع طبقة واقية مقرمشة كغلاف لها. وهذا يؤدي إلى أمرين؛ تدني العناصر الغذائية كالفيتامينات والمعادن نتيجة تسربها إلى الزيت، وارتفاع كمية الدهون في القطع المقلية بنحو خمسة أضعاف عما هو فيها بالأصل من دهون. وفي القلي السطحي (Shallow Frying) تُستخدم كمية قليلة من الزيت، ما يُقلل من احتمال تغلغلها. ومع التقليب السريع، يُحافظ الطعام على كثير من مكوناته الغذائية، خصوصاً مع استخدام زيت الزيتون.
- التصاق الأطعمة
إضافة إلى أصوات أزيز (Sizzling Sounds) القلي، نتيجة تبخر الماء بسرعة على سطح الزيت، يفيد المجمع البريطاني الملكي للكيمياء بأن الأطعمة التي تحتوي على البروتين عرضة بشكل خاص للالتصاق بالمقالي المعدنية، نتيجة تكوّن روابط كيميائية بين بروتينات الطعام والمواد في المقلاة، خصوصاً روابط قوى فان دير والز (van der Waals Forces) أو الروابط التساهمية (Covalent Bonds). وقوى فان دير والز والروابط التساهمية كلاهما أساسي في تكوين البروتينات وترابط أجزائها الأحماض الأمينية (Amino Acids) والروابط الببتدية (Peptide Bonds) فيما بينها مع بعضها كي تتمكن من الحفاظ على شكلها ووظيفتها، وتنشأ عن التأثيرات المتبادلة فيما بين تلك الأجزاء نتيجة تفاعلات القوى الكهربائية فيها.
وبوجود الحرارة والمعدن المختلف، كالحديد، تزداد فرصة الاستقطاب الكهربائي اللحظي، ما يتسبب في الالتصاق. ويتبع هذا الالتصاق تخلخل التركيب البروتيني والكولاجيني وسرعة حصول تفاعلات ميللارد بزيادة تأثير الحرارة على البروتينات، ما يُؤدي إلى تكوين طبقة من البروتينات المقرمشة وبنية اللون والصلبة نسبياً. ومع استمرار الالتصاق وزيادة تفاعلات ميللارد، تتكون الطبقة المحترقة في المقلاة. وتختلف هذه الطبقة البروتينية المقرمشة عن طبقة زنجار المقلاة (Patina)؛ (الطبقة التي تلتصق وتلون المقلاة في داخلها أو خارجها باللون الأسود) التي تحصل نتيجة تفاعلات الدهون مع معدن المقلاة الحار جداً، وتكسير سلاسل الهيدروكربونات في الأحماض الدهنية الطويلة السلسة (Long Chain Fatty Acids)، وحصول عملية البلمرة (Polymerisation) لتكوين مادة جديدة صلبة وملتصقة ومقاومة للحرارة، نتيجة تكوين سلسلة أطول من المركبات مقارنة بما في الزيت الأصلي.
- تفاعلات كيميائية في طهي مكونات اللحوم
> يتم طهي اللحوم بطرق متعددة؛ منها الشواء في الفرن أو على الجمر، والغلي إما بالماء الحار مباشرة أو على بخار الماء، والقلي. والأساس في إدراك تفاعلات طهي اللحوم وحصول التغيرات الفيزيائية والكيميائية، هو معرفة التركيبات الأساسية للحم.
إذ إن اللحوم عضلات، والعضلات مكونة من خلايا عضلية وأنسجة ضامة ودهون وماء.
وتحتوي الخلايا العضلية على البروتينات، التي منها بروتين الميوغلوبين (Myoglobin) وردي اللون الذي يُعطي اللحوم الحمراء لونها. وكلما زادت حركة العضلة، زاد غُمق لونها نتيجة تراكم مزيد من الميوغلوبين فيها.
والنسيج الضام (Connective Tissue)، منه نوع قوي كما في الأوتار والغلاف اللامع الرقيق الذي بين ثنايا اللحوم. ويتكون من بروتين الإيلايستين (Elastin) الذي ينكمش بسرعة عند التسخين السريع، وتصبح غير قابلة للمضغ. وهناك نوع ناعم من النسيج الضام المتغلغل في تراكيب اللحوم، يُسمى كولاجين (Collagen). وعند الطهي يتحول إلى جيلاتين ويتخلخل تركيب قطع اللحم. وكلما تم الطهي ببطء ولفترة طويلة لأجزاء اللحوم الغنية بالألياف والكولاجين، أصبحت تلك الألياف واللحوم أكثر ليونة وأكثر استرخاءً، وبالتالي أكثر سهولةً للمضغ والبلع.
وتوفر الدهون كثيراً من النكهة في اللحوم الحمراء، لأنها تمتص وتختزن كثيراً من المركبات العطرية الموجودة في طعام الحيوان، خصوصاً عند تغذية براري المرعى. ومع تقدم الحيوانات في العمر، تصبح ألياف العضلات والأنسجة الضامة أكثر صلابة، وتتراكم في الدهون نكهة قوية غير لذيذة الطعم.
ومعظم السائل في اللحوم هو الماء، واللون الأحمر في اللحم وعصائره ليس بسبب الدم، بل هو بروتين ميوغلوبين الذائب في الماء، لأن غالب الدم يتم تصريفه إلى حد كبير في المسلخ. وإذا كان ثمة دم باق فسيكون بلون غامق وهيئة متجلطة.
وأثناء طهي اللحوم تحصل عدة تفاعلات كيميائية، لبروتينات العضلات نفسها وللأنسجة الضامة. ومع بلوغ درجة حرارة 140 درجة مئوية عند الشواء، تنتج تفاعلات ميلارد بين البروتينات والسكريات، وتنتج المئات من المركبات الكيميائية الجديدة التي تُكسب اللحم اللون البني وتعطيه النكهة والطعم المميزين. والمهم عدم الوصول إلى حالة الاحتراق الكربوني. كما تحصل تفاعلات «التمسخ البروتيني» لإنضاج البروتينات.
وفي اللحوم المُدخنة، يظهر اللون الوردي تحت السطح مباشرة، وينجم عن تأثيرات الغازات في الدخان التي تحافظ على لون الميوغلوبين. وهذا اللون الوردي يختلف عن اللون الوردي في داخل ومنتصف قطع اللحم المشوي نتيجة لعدم اكتمال نضج طهيها.
وتجدر ملاحظة أن اللحم موصّل ضعيف للحرارة، ولذا يُمكن أن ينضج غلاف قطعة اللحم، بينما داخلها أو الأجزاء الملتصقة بالعظم تظل نيئة. ولذا فإن أفضل طريقة لطهي اللحوم هو بالحرارة المنخفضة وببطء لمدة طويلة. وهذا يُقلل كثيراً من تكوين المواد الكيميائية الضارة، ومنها المواد المسببة للسرطان.
وتختلف لحوم عضلات الأسماك لأنها تعيش في بيئة لا وزن لها عملياً. وتحديداً، تحتوي عضلات الأسماك على أنسجة ضامة قليلة جداً، كما لا يوجد فيها كثير من الكولاجين لترطيب ألياف العضلات، وكمية الميوغلوبين منخفضة. ولذا لون لحوم الأسماك في الغالب هو الأبيض، بينما لون لحوم الأسماك التي تسبح لمسافات طويلة أغمق وأحياناً أحمر.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

8 جوانب طبية حول حصوات المرارة وعلاجها الجراحي

8 جوانب طبية حول حصوات المرارة وعلاجها الجراحي
TT

8 جوانب طبية حول حصوات المرارة وعلاجها الجراحي

8 جوانب طبية حول حصوات المرارة وعلاجها الجراحي

المرارة عبارة عن عضو صغير على شكل ثمرة الكمثرى، وتوجد على الجانب الأيمن من البطن (أسفل الكبد مباشرة).

حصوات المرارة

تحتوي المرارة Gallbladder على سائل هضمي يُسمى سائل الصفراء Bile، يُنتج في الكبد ويُخَزّن في المرارة. ومهمة هذا السائل أمران رئيسان، أولهما تسهيل هضم دهون الأطعمة وتسهيل امتصاصها في الأمعاء. ولذا عندما يتناول أحدنا الطعام الدهني، تنقبض المرارة لتفرّغ سائل الصفراء وتدفعه إلى منطقة الاثناعشر في الأمعاء الدقيقة، كي يقوم (سائل الصفراء) بدوره في هضم الدهون وتسهيل امتصاصها. والمهمة الأخرى لسائل الصفراء هو احتواء الكولسترول الفائض الذي يريد الكبد أن يتخلص منه إلى خارج الجسم. أي أن سائل الصفراء هو «مخرج» الكولسترول من الجسم، عبر البراز.

وحصوات المرارة Gallstones هي ترسّبات صلبة، تتكون من مكونات سائل المرارة. ولأن كيس المرارة هو المكان الذي يُمضي فيه سائل الصفراء غالبية وقته، فإن الحصوات في الغالب تتكون في كيس المرارة. وتظهر آلام حصوات المرارة غالباً بعد تناول الأطعمة الدهنية، حينما تنقبض المرارة لتدفع سائل الصفراء إلى الأمعاء.

وتتراوح أحجام حصوات المرارة من صغيرة الحجم (مثل حبة الرمل) إلى كبيرة الحجم (مثل كرة الغولف). ولدى بعض الأشخاص تتكون حصوة واحدة فقط، بينما قد تتكون لدى البعض الآخر العديد من الحصوات في الوقت نفسه.

ولا تحتاج الحصوات المرارية التي لا تسبب أي علامات أو أعراض في العادة إلى علاج. ولكن يحتاج عادةً الأشخاص الذين لديهم أعراض مرضية من حصوات المرارة إلى الاستئصال الجراحي للمرارة والحصوات التي تكونت فيها.

الأنواع والأسباب وعوامل الخطر

ما هو موجز ما يتعلق بحصوات المرارة. وإليك التفاصيل التالية حول التعامل الطبي معها:

01- > أنواع وأسباب. ثمة عدة أنواع من الحصوات المرارية التي قد تتكون في المرارة نفسها أو قنوات الصفراء، ومن أهمها:

- حصوات الكولسترول المرارية. وهي النوع الأكثر شيوعاً من بين حصوات المرارة. وهي صفراء اللون، وتحتوي بشكل أساسي على الكولسترول غير المُذاب.

- حصوات المرارة الصبغية. وهذه النوعية من الحصوات ذات لون بني غامق أو أسود. وتتكون نتيجة احتواء سائل الصفراء على الكثير من صبغات البيليروبين.

ولا يزال من غير الواضح على وجه الدقة أسباب تكوُّن حصوات المرارة. ولكن الأطباء يطرحون عدة تفسيرات، تشمل:

- احتواء عصارة سائل الصفراء على كميات عالية من الكولسترول يتطلب أن يحتوي سائل الصفراء كذلك على مواد كيميائية بكميات كافية لاستمرار إذابة الكولسترول الذي يفرزه الكبد، حتى يصل إلى الأمعاء. وإذا كان الكبد يفرز كمية من الكولسترول أكبر مما قد تذيبه تلك المواد الكيميائية في العصارة الصفراء، فربما يتحول الكولسترول الزائد إلى بلورات، وتتحول في النهاية إلى حصوات.

- تحتوي العصارة الصفراء على الكثير من مادة البيليروبين. والبيليروبين مادة كيميائية ينتجها الجسم عندما يقوم بتكسير خلايا الدم الحمراء. وارتفاع نسبة البيليروبين في سائل الصفراء عامل مهم في ارتفاع احتمالات تكوين حصوات المرارة. وبعض الحالات المرضية قد تتسبب في ارتفاع نسبة البيليروبين في سائل الصفراء، مثل تشمع الكبد، والتهابات القناة الصفراوية، وبعض حالات اضطرابات وأمراض الدم.

- عدم إفراغ المرارة لمحتوياتها بشكل صحيح تام أو بمعدل كافٍ يُؤدي إلى أن تُصبِح العصارة الصفراء شديدة التركيز. وهذا ما يُسهم في تكوُّن حصوات المرارة.

02- > عوامل الخطر. هناك عوامل ترفع من احتمال تكوين حصوات المرارة لدى الشخص، ومن أهمها:

- كون الشخص أنثى.

- بلوغ الأربعين سنة من العمر وما فوق ذلك.

- وجود زيادة في الوزن.

- الفقدان السريع للوزن، إذا كنتَ تحتاج إلى إنقاص وزنكَ، فقم بتنفيذ ذلك ببطء (نحو 0.5 إلى 1 كلغم في الأسبوع).

- تقلبات مقدار الوزن بين الزيادة والنقصان.

- تَخَطِّي الوجبات يُمكن أن يَزيد من خطر التعرُّض لحصوات المرارة (الالتزام بمواعيد الوجبات المعتادة كل يوم).

- الكسل البدني وقلة الحركة والنشاط.

- تناول أطعمة عالية المحتوى بالدهون والكولسترول.

- تدني تناول الألياف الغذائية (الفاكهة، والخضراوات، والحبوب الكاملة).

- وجود مرض السكري.

- وجود أمراض مزمنة بالكبد.

- وجود تاريخ عائلي للإصابة بحصوات المرارة.

- وجود أمراض في الدم تتسبب في تكسير خلايا الدم الحمراء.

- تناول الأدوية التي تحتوي على الإستروجين، مثل وسائل منع الحمل عن طريق الفم أو أدوية العلاج بالهرمونات.

الأعراض والمضاعفات

03- > أعراض وعلامات. لا تتسبَّب حصوات المرارة في ظهور أي علامات أو أعراض. ولكن في حالة انحشار إحدى حصوات المرارة داخل ممر مسبِّبة انسداداً، فإن العلامات والأعراض الناتجة قد تتضمَّن:

- ألماً مفاجئاً ومتصاعداً بسرعة في الجانب الأيمن العلوي من البطن.

- ألماً مفاجئاً ومتصاعداً بسرعة في منتصف البطن، أسفل عظام الصدر مباشرة.

- ألماً في الظهر بين لوحَيِ الكتف.

- ألماً في الكتف اليمنى.

- الغثيان أو القيء.

وقد يستمرُّ ألم الحصوة المرارية من عِدَّة دقائق إلى بضع ساعات، ولكن يجدر البحث عن الرعاية الطبية العاجلة في حالة حصول علامات وأعراض مضاعفات خطيرة لحصوة المرارة، مثل:

- ألم قوي في البطن يجعل المريض غير قادر على الجلوس ساكناً ولا يستطيع أن يجد وضعاً مريحاً.

- اصفرار الجلد واصفرار بياض العين (اليرقان).

- حُمى شديدة وقشعريرة.

04- > مضاعفات محتملة. يلخص أطباء مايوكلينك قائلين: «قد تتضمن مضاعفات الحصوات المرارية ما يلي:

- التهاب المرارة. قد تتسبب الحصاة التي استقرت في عنق المرارة في التهاب المرارة. ويمكن لالتهاب المرارة التسبب في ألم شديد وحمى.

- انسداد القناة المشتركة للصفراء. قد تسد حصوات المرارة الأنابيب (القنوات) التي تتدفق من خلالها الصفراء من المرارة أو الكبد إلى الأمعاء الدقيقة. وقد ينتُج عن ذلك ألم شديد ويرقان وعدوى القناة المرارية.

- انسداد قناة البنكرياس. قناة البنكرياس هي أنبوب يمر من البنكرياس ويتصل بالقناة المشتركة للصفراء قبل دخول الاثناعشر مباشرة. تتدفق عصارة البنكرياس التي تساعد على الهضم من خلال قناة البنكرياس.

- قد تسبب حصاة المرارة انسداد قناة البنكرياس؛ ما قد يؤدي إلى التهاب البنكرياس. يسبب التهاب البنكرياس ألماً شديداً ومستمرّاً في البطن ويتطلب عادةً الإقامة في المستشفى».

التشخيص

05- > خطوات التشخيص. عند اشتباه الطبيب بوجود حصوات المرارة، وفق المعطيات من شكوى المريض والأسئلة التي يُجيب عليها، يُجرى تصوير البطن بالموجات فوق الصوتية US. وهي الخطوة الحاسمة في غالب الحالات للكشف عن مؤشِّرات الإصابة بحصوات المرارة، وغالباً توضح وجود الحصوات.

ولكن الحصوات الصغيرة التي يمكن ألا يُظهرها تصوير الأشعة الصوتية عبر جدار البطن، قد تتطلب نوعاً أدق باستخدام التنظير الداخلي بالتصوير فوق الصوتي EUS. حيث يُستخدم المنظار عبر الفم، للوصول إلى الاثناعشر لتصوير المرارة والقنوات الصفراء الخارجة منها إلى الأمعاء أو قنوات الصفراء المقبلة من الكبد إلى المرارة.

وقد يلجأ الطبيب في حالات محددة إلى التصوير الكبدي الصفراوي باستخدام حمض الأمينوديكتيك، أو التصوير المقطعي، أو تصوير القناة الصفراوية والبنكرياس بالرنين المغناطيسي. كما قد تكشف اختبارات الدم عن وجود عدوى، أو يرقان، أو التهاب البنكرياس، أو غيرها من المضاعفات التي تسبِّبها حصوات المرارة.

وفي تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياس بالتنظير الداخلي بالطريق الراجع ERCP، تُستخدم صبغة لتمييز قنوات المرارة وقناة البنكرياس في صور الأشعة السينية. ويُجرى تمرير أنبوب رفيع ومرن (منظار داخلي) ومزود بكاميرا في نهايته عبر الحلق ثم إلى الأمعاء الدقيقة. وتدخل الصبغة إلى القنوات من خلال أنبوب مجوّف صغير (القسطرة) يُمرر عبر المنظار الداخلي. ويمكن إزالة حصوات المرارة المكتشَفة باستخدام تصوير القنوات الصفراوية والبنكرياس بالمنظار بالطريق الراجع أثناء الإجراء.

خيارات العلاج الجراحي

06- > دواعي الاستئصال الجراحي. لن يحتاج معظم الأشخاص المصابين بحصوات المرارة التي لا تُسبِّب أعراضاً إلى علاج. ولذا عادةً ما تُجرى عملية استئصال المرارة لعلاج حصوات المرارة المزعجة والمضاعفات التي تسببها.

وقد يوصي الطبيب باستئصال المرارة إذا كان الشخص مصاباً بأحد الأمور الآتية:

- حصوات في المرارة تسبب أعراضاً، يُطلق عليها التحصي الصفراوي Cholelithiasis.

- حصوات في القناة الصفراوية، يُطلق عليها تحصي قناة الصفراء Choledocholithiasis.

- التهاب الحويصلة الصفراوية، الذي يُطلق عليه التهاب المرارة Cholecystitis.

- سلائل المرارة Gallbladder Polyps الكبيرة التي يمكن أن تصبح سرطانية.

- الالتهابات التي تصيب البنكرياس، ويُطلق عليها التهاب البنكرياس بسبب حصوات المرارة.

- التخوف من الإصابة بسرطان المرارة.

07- > أنواع جراحات المرارة. مشكلة تكوين حصوات المرارة أن منشأها المرارة نفسها وتسببها اضطرابات ترسيب الكولسترول في سائل الصفراء. وقد تُساعد بعض الأدوية في تفتيت حصوات المرارة. ولكن الأمر يستغرق شهوراً أو سنوات لتفتيت حصوات المرارة بهذه الطريقة. والأهم أن من المحتمَل أن تتكوَّن الحصوات مرة أخرى إذا توقف المريض عن تناوُل العلاج. ولذا فإن استئصال المرارة هو الحل الجراحي الشائع. والإنسان بالأساس ليس بحاجة إلى المرارة ليتمكن من العيش، ولن تُؤثِّر إزالة المرارة على قدرة هضم الطعام، ولكن قد تُسبِّب الإسهال، الذي عادةً يكون مؤقَّتاً، وفي بعض الأحيان مزمناً ومتكرراً.

وخيارات العلاج الجراحي تشمل:

- جراحة استئصال المرارة بالمنظار Laparoscopic Cholecystectomy. حيث يتم إدخال الأدوات الجراحية الخاصة وكاميرا الفيديو الصغيرة من خلال شقوق صغيرة في جدار البطن، كي يتم استئصال المرارة بالمنظار.

- استئصال المرارة المفتوح Open Cholecystectomy، حيث يتم إجراء شق جراحي بطول 15 سم في جدار البطن، أسفل الأضلاع في الجانب الأيمن. وتُسحب العضلات والأنسجة إلى الوراء للكشف عن الكبد والمرارة. ويزيل الجرَّاح بعد ذلك المرارة. وهذا يتطلب فترة إقامة أطول في المستشفى ومدة تعافٍ أكبر. وتجدر ملاحظة أن استئصال المرارة بالتنظير البطني ليس مناسباً للجميع، إما بسبب نسيج ندبي داخلي بين أعضاء البطن تكون من جراحات سابقة، أو وجود مضاعفات لحصوات المرارة تُعقد سهولة إجراء العملية الجراحية بالمنظار.

08- > نتائج العملية. يفيد أطباء مايوكلينيك بالقول: «تساعد عملية استئصال المرارة على تخفيف الألم والانزعاج الذي تسببه حصوات المرارة. عادةً لا تتمكن العلاجات التقليدية، مثل تغيير النظام الغذائي، من منع حصوات المرارة من العودة. مع أغلب الأشخاص، ستمنع عملية استئصال المرارة حصوات المرارة من العودة مجدداً.

لن يواجه أغلب الأشخاص أي مشكلات هضمية بعد استئصال المرارة. فالمرارة ليست أساسية في عملية الهضم الصحي. وقد يكون لدى بعض الأشخاص براز رخو في بعض الأحيان بعد الإجراء. ويتغير هذا بشكل عام بمرور الوقت. لذا عليك مناقشة أي تغييرات في عادات التغوط أو الأعراض الجديدة التي تظهر بعد الجراحة مع فريق الرعاية الصحية.

تعتمد مدى سرعة قدرتك على العودة إلى ممارسة الأنشطة المعتادة بعد عملية استئصال المرارة على نوع الإجراء الذي يستخدمه الطبيب وصحتك العامة. يستطيع الأشخاص الذين خضعوا لعملية استئصال المرارة بالتنظير البطني العودة إلى العمل في غضون أسبوع إلى أسبوعين. بينما يحتاج من خضعوا لجراحة استئصال المرارة المفتوحة إلى بضعة أسابيع للتعافي وليصبحوا جاهزين للعودة إلى العمل».

• استشارية في الباطنية