مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

فالك بنعالك

عدة أمور أستهجنها وأسخر ممن يعتقدون بها، منها مثلاً من يدمنون على قراءة الأبراج، أو يعلقون على مرايات سياراتهم خرزات زرقاء لدفع شرّ الحسد عنهم، أو من يبحثون عمن يقرأون فناجيل قهوتهم ليخبروهم عما سوف يواجهونه في أيامهم المقبلة.
وكذلك أستهزئ جداً بمن يصدق بالألعاب السحرية، التي هي مجرد خداع لأصحاب العقول الضعيفة.
وأكثر من ذلك كله، لست من عشاق نظريات المؤامرات. فالفاشلون هم الذين يعلقون على شمّاعاتها دائماً هزائمهم وجهلهم وعدم حيلتهم، تلك النظريات التي هي من بنات خيالاتهم «التعبانة».
وهذا هو ما لجأت له بعض الجهات الحكومية الأميركية، بعد تخبطها في حلّ جائحة «كورونا»، واتخذت من الملياردير بيل غيتس شماعة يعلقون عليه فشلهم، مرددين خطاباً له عام 2015، حذّر فيه من أن مرضاً خطيراً قد يهدد البشرية أكثر من الحرب النووية، متناسين أعماله الخيريّة في الدول الفقيرة.
وأخذوا يعزفون على موضوع الشرائح الرقمية التي ينادي بها لتزرع في الأجساد، وتوجد بها سجلات لحالة كل من يتعافى، ومن أخذ اللقاح، ومن بات يمتلك الأجسام المضادة في دمه، ممن أصيبوا بفيروس «كوفيد - 19». إذ إن هذا الأمر سيساعد في التعرف على من سيسمح لهم بالعودة للعمل، من دون أن يشكلوا خطراً على الآخرين، لمنع احتمالية التعرض لموجة ثانية من الوباء.
والواقع أن بيل غيتس ليس هو الوحيد الذي ذكر ذلك، ولكن هناك تنبؤات، أو بمعنى أصح توقعات، سبقته، مبنية على افتراضات علمية أو منطقية، عن أحداث من الممكن أن تقع ويحصل ذلك بالفعل.
منها مثلاً؛ ما توقع به عالم الفيزياء والكونيات البريطاني (مارتن ريس)، وهو الذي رأس الجمعية الملكية في بريطانيا لمدة 5 سنوات، وقد توقع ذلك قبل الملياردير الأميركي.
وورد هذا في كتابه (الساعات الأخيرة) الذي خرج للأسواق عام 2003، أي قبل 17 سنة، محذراً فيه من انتشار وباء عام 2020 تحديداً، وأنه سوف يودي بحياة ما لا يقل عن مليون إنسان، أي في سنتنا هذه!
والذي جعلني أتحرول من شدّة الرعب، أن مؤشر عدد الموتى أمامي قد وصل حتى الآن إلى أكثر من «350» ألف ضحية، ومعنى ذلك أنه ما زال هناك ما يقارب «650» ألف ضحية تنتظر!
داعياً الله - تعالى - أن يخيب توقعات ذلك العالم البريطاني، ولا أملك إلا أن «أكش» بأصابع يدي الخمس في وجهه قائلاً له؛ فالك بنعالك، والباقي عشا لعيالك!