«الأخلاقيات والمسؤولية الطبية».. تعزز البعد الإنساني بين الطبيب ومرضاه

المؤتمر العربي الثالث يناقش أسباب حدوث الأخطاء الطبية

«الأخلاقيات والمسؤولية الطبية».. تعزز البعد الإنساني بين الطبيب ومرضاه
TT

«الأخلاقيات والمسؤولية الطبية».. تعزز البعد الإنساني بين الطبيب ومرضاه

«الأخلاقيات والمسؤولية الطبية».. تعزز البعد الإنساني بين الطبيب ومرضاه

اختتمت نهاية الأسبوع الماضي أعمال المؤتمر العربي الثالث عن «المسؤولية الطبية»، والتي بدأت في الثاني عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تحت رعاية الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وزير المالية، رئيس هيئة الصحة بدبي، وتناولت الأصول الطبية والقانونية والأخلاقية لممارسة المهن الطبية وذلك في مجمع محمد بن راشد الأكاديمي الطبي بدبي.
نظم المؤتمر هيئة الصحة بدبي بالتعاون مع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي والجامعة الأميركية في الإمارات ومعهد صبرة للتدريب القانوني.
وصرح المهندس عيسى الحاج الميدور، مدير هيئة الصحة بدبي بأن دول العالم، ومنها دولة الإمارات وبشكل خاص دبي، تشهد نموا هائلا في القطاع الصحي وتحظى باهتمام كبير في الخطط الاستراتيجية، تهدف لتقديم خدمات رعاية صحية ذات جودة عالية وكفاءة فائقة إلى جميع السكان.
وتحدث إلى «صحتك» الأستاذ الدكتور توفيق بن أحمد خوجة، مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن الاهتمام الكبير الذي يوليه مجلس التعاون ومكتبه التنفيذي للعمل الصحي الخليجي المشترك.

* الأخطاء الطبية

* كانت هناك جلسة خاصة للأخطاء الطبية ترأسها د. أمين الأميري، وكيل وزارة الصحة المساعد بالإمارات، وتم الإجماع على أن الأخطاء الطبية تحدث على الرغم من أن المهنيين الصحيين يتمتعون بالذكاء وحسن الثقافة والمهارة والتدريب الجيد وحسن النيات، لأن العمل في المجال الطبي عمل صعب وشديد التعقيد.
ويرجع الخطأ الطبي إلى الجهل بأمور فنية يفترض في كل من يمارس المهنة الإلمام بها أو ما ينتج عن الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة، وتكمن هنا أهمية دور المؤسسات الطبية في تبني الكثير من البرامج والاستراتيجيات الملائمة التي من شأنها الحد من عدد الأخطاء الطبية سعيا لمنع حدوثها.
ومن أمثلة الأخطاء المتعلقة بالرعاية الطبية:
* الأدوية والعلاج غير الآمن
* الإصابات بسبب الأجهزة الطبية
* إصابات الجراحة والتخدير
* أخطاء العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية
* الحقن الطبية غير الآمنة
* منتجات الدم غير المأمونة
* إصابات سقوط المرضى
* ضعف الرعاية بالمسنين
وتندرج الأخطاء الطبية في عمومها تحت عدة تسميات، وقد يحصل الالتباس في تحديد ماهية الأخطاء الطبية وما ينتج عنها كالوفاة أو حدوث أذى جسيم سواء كان نفسيا أو عضويا. وفي الأغلب يحدث الخطأ الطبي نتيجة عوامل كثيرة وأسباب متشعبة وغالبا ما يتعلق الأمر بالمجموعة العاملة بأكملها وليس بفرد واحد من المجموعة ولذلك تعمل المؤسسات الصحية على وضع أسس وأنظمة تساعد على تجنب وإنقاص حدوث الخطأ الطبي، لذا يجب علينا أن نلاحظ أن مقدمي الرعاية الصحية، وعلى الرغم من ذكائهم وثقافتهم الجيدة ومهاراتهم وحسن نياتهم، قد يرتكبون الأخطاء.

* أخلاقيات المهنة

* أوضح البروفسور توفيق خوجة، أن قضية «أخلاقيات المهن الصحية» كانت ولا تزال من أهم القضايا ذات الأولوية، خاصة بعد أن طرأت عليها تغييرات أساسية خلال العقود الماضية ناجمة عن التقدم التكنولوجي والتحولات الوبائية والاجتماعية والديموغرافية، كما أن الترويج إلى حماية المستهلكين أدى إلى نشوء كثير من المعضلات الأخلاقية. ومن القضايا الرئيسية في أخلاقيات المهن الطبية والصحية: الممارسة الطبية الأخلاقية والسلوك المهني السليم، وأخلاقيات البحوث (خاصة التي تجري على الإنسان والصحة الإنجابية، والدراسات الوراثية والتكاثر البشري، وزراعة ونقل الأعضاء من الأحياء ومن الأموات، والترويج المتحيز غير العادل للأدوية، والطب الشرعي).

* المسؤولية والأخلاقيات الطبية

* أوضح لـ«صحتك» أ.د خالد بن عبد الغفار آل عبد الرحمن، أستاذ طب الأسرة والتعليم الطبي بكلية الطب وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للتخطيط والتطوير والجودة، أن علم الطب قد شهد في العقدين السابقين تقدما مذهلا بحيث يمكن القول إن الطب تقدم اليوم 20 سنة أكثر مما تقدم في 20 قرنا، وأن الأطباء يعدون في مقدمة المهنيين الذين يجب عليهم أن يتحلوا بأحسن الأخلاق إذ هم أمناء على أبدان الناس وعلى صحة أجسادهم وعقولهم.
إن العلاقة التي تنشأ بين المريض والطبيب علاقة توجب طبيعتها التزام الطبيب ببذل أقصى جهده في تقديم الخدمة الطبية للمريض أيا كان نوعها ومستواها. كما توجب على المريض التزاما بقبول عمل الطبيب وعلاجه ودفع أجره إن كان عمله بأجر، ولهذا جاءت الشريعة بالتأكيد على أهمية المسؤولية الطبية.
ويشترط لانتفاء مسؤولية الطبيب عن خطئه أن يكون ماهرا في عمله. وللمهارة أوصاف وشروط مشددة لا تتوفر إلا في من أتي من علم الطب الشيء الكثير وتحقق له من التدريب والخبرة القدر الوفير. كما يشترط لانتفاء المسؤولية ألا تتعدى يد الطبيب إلى عضو صحيح فيتلفه وأن يكون علاجه للمريض بإذنه أو إذن وليه أو وصيه وأن يكون هذا الإذن صريحا ودون قسر أو إكراه، وأن يكون الخطأ الذي حدث من الطبيب غير فاحش عند من يرى ذلك.
وتؤكد التجارب والبراهين العالمية في التعليم الطبي الحديث على أهمية، بل ضرورة، تضمين أخلاقيات الممارسة الطبية والمسؤولية الطبية في المناهج الطبية لجميع المراحل التعليمية في كليات الطب والكليات الصحية، وكذا برامج الزمالات الطبية التخصصية وبرامج الدراسات العليا للتخصصات الصحية.

* الممارسة الطبية الحديثة

* وأفضل أنواع الممارسة الطبية الحديثة هي عندما تدمج الأوجه العلمية والفنية للرعاية الطبية في سياق العلاقة الشخصية والمهنية التي يتطلع من خلالها الطبيب لنيل ثقة المريض ودعمه. وفي هذا الإطار تكون القيم الأخلاقية والمهنية هي القاعدة الأساسية للرعاية الطبية الجيدة. وعلى الرغم من عدم الاتفاق بين خبراء الطب على تحديد أوجه الأخلاقيات المهنية ذات العلاقة بالممارسة الطبية، غير أن هناك اتفاقا واسعا بل إجماعا على ضرورة تدريس مبادئ وأخلاقيات الممارسة الطبية لطلاب الطب وأطباء الزمالات الطبية المختلفة.
وعلى الرغم من أن الكثير من كليات الطب في العالم تدرس الأخلاقيات والمسؤولية الطبية منذ أكثر من 40 عاما غير أن الأدلة والبراهين على أثر هذا المقرر في تحسين جودة المخرجات قليل وغير موثق، ففي الولايات المتحدة الأميركية لا تزال الحالات القضائية والقانونية مرتفعة بسبب قضايا ذات بعد أخلاقي ومهني. ومع ذلك فإننا نشدد على أهمية، بل ضرورة تدريس هذا الجانب الحيوي من حياة الممارس الطبي لكونه لا ينفك عن البعد الإنساني في العلاقة بين الطبيب ومرضاه.

* حقائق عن الأخطاء الطبية

* وضع مواصفات «مستوى الرعاية الصحية في الساعة الأولى بعد الإصابة» (Trauma Advanced) عام بعد أخطاء في عدم تلقي الرعاية الكافية لمصابين بجروح خطيرة.
* بعد أن توفيت امرأة على طاولة العمليات، كشف تشريح جثتها عن أن طبيب التخدير قد وضع الأنبوب الرغامي في المريء بدلا من القصبة الهوائية. بعد هذا الخطأ الطبي تم وضع دليل للممارسات القياسية التي تستخدم في تخدير المرضى، وانخفضت بشكل ملحوظ وتيرة إصابات الدماغ نتيجة نقص الأكسجين والمضاعفات الرئيسية الأخرى.
* عام 1980 أضاف الطبيب حقنة «أوكسيتوسين» من دون مراقبة تقلصات الرحم ومتابعة دقات قلب الجنين، فأصيب المولود بشلل دماغي طوال حياته. ومنذ ذلك الحين بدأ استخدام مراقبة الجنين إلكترونيا، مما أدى إلى انخفاض كبير في نسبة إصابات الدماغ الحادة والشلل الدماغي والموت.
* بسبب خطأ طبي جسيم من لفني في الأشعة خلط بين صور الأشعة السينية لعظام الساقين لرجل سحقت إحدى رجليه وتضررت الأخرى، بترت الساق اليمنى بدلا من اليسرى وعاش المريض مبتور الساقين. وأصبح منع الجراحة في الموقع الخاطئ واحدا من أهم الأهداف الرئيسية للجنة الدولية المشتركة (JCI)، حيث تشترط إجراء العملية الجراحية الصحيحة على المريض الصحيح في العضو الصحيح.
* بعد حادثة نسيان أداة طبية في جسم مريض عند استئصال الزائدة الدودية المنفجرة، أصبح العد الروتيني للأدوات الجراحية المستخدمة بعد العمليات الجراحية إجراء أساسيا.
* تدقيق الأطباء في التحقق من توافق الأنسجة قبل بدء جراحة زرع الأعضاء، أصبح بروتوكولا معتمدا.



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».