مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هل سيلغي «كورونا» الاختلافات... ولماذا؟

ليس من غرض هذه الكلمات الخوض في النقاش المتفشّي في كل منابر الرأي بالعالم، الرسمية وشبه الرسمية والشعبية وشبه الشعبية حول: هل ستغيّر جائحة «كورونا» المستجدة، وما جلبته معها من زلازل سياسية اقتصادية اجتماعية نفسية، وارتدادات هذه الزلازل التي رأينا منها وما لم نر.
الحديث عن قيادة العالم بعد «كورونا»، والقيم التي ستصعد للأعلى والقيم التي ستتراجع للخلف، والصين وما أدراك ما الصين، بين مشته لقيادتها نكاية بأميركا وراغب في معاقبتها ثأراً من الفيروس الصيني، وتائه بينهما، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. لا ريب جائحة دكّت السكينة دكاً في أنفس الناس، كل الناس، من كل لون ودين ونحلة، ستخّلف في أذيالها رهج الغبار وتثير نقع الوقائع الكبار، لكنّي أظن، بل أجزم، أن أصول الخلافات السياسية الثقافية الاقتصادية الموجودة قبل «كورونا» ستبقى بعد «كورونا»، إن لم تحاول بعض الأطراف التغذّي من سلّة «كورونا» وتقوية عضلات الخلاف من عصيرها.
مثلاً، لماذا سيختفي غض الشباب العراقيين والشابات، وكل شيخ وصبي في البصرة والناصرية وكربلاء والنجف وبغداد ضد فساد الطبقة السياسية العراقية الرهيب، بعشرات المليارات، وتسليم القرار السيادي للنظام الإيراني المتخلف فكرياً وسياسياً واجتماعياً؟
لماذا سيكون على صبايا وشباب وشيب لبنان النظر بعيون أخرى إلى هشاشة الدولة اللبنانية وفساد النظام الطائفي السياسي المحاصصي، وابتلاع حزب طائفي تابع هو الآخر للنظام الإيراني العقائدي؟
لماذا سيكون الحال في اليمن مختلفاً بسبب «كورونا».. هل سيجعل «كورونا» من العقل الحوثي المتخيمن عقلاً يمنياً نقيّاً خالصاً لا شائبة به؟
بأي معنى ستجعل «كورونا» من مسيّري تنظيم «القاعدة» أو «داعش» أو «أنصار بيت المقدس» وأخواتهم من التنظيمات، نصراء للسلام والوئام والرأي الرشيد في الإسلام، وترك الخوض في أوحال التكفير والتفجير ضد أهلهم وأوطانهم وشعوبهم وعشيرتهم؟
لماذا سيختفي الاختلاف بين الدول العربية خاصة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من جهة، ضد النظامين القطري والتركي؟ بالحديث عن قطر، يجهد هذه الأيام، حمد بن جاسم بن جبر، مهندس الحيل القطرية ولسانها الذلق، رئيس وزراء قطر بعهد الأمير حمد بن بن خليفة آل ثاني، مشيّد السياسات القطرية الشاذّة، في جعل الأجواء الكورونية، مدخلاً لإعادة العلاقات وتطبيع الأمور داخل الخيمة الخليجية، بدون أن يقدم النظام القطري على أي تراجع أو تغيير ولو جزئي في مساندة أعداء السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بالمال والإعلام والسياسة؟
صفوة القول، مهما كان من تغييرات أو تحولات بسبب «كورونا» بعد نهاية العاصفة، لا منطق ولا معنى ولاحجة في القول بأن «كورونا» سيجعل الجانحين والضاليّن يهتدون أو يرعوون.. وإن كان كل عاقل يتمنّى ذلك قبل جائحة «كورونا» وبعدها.