إيلي ليك
TT

التحالف بين أميركا وبريطانيا قد يصبح أكثر هشاشة

عندما أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون في يناير (كانون الثاني) أنه سيسمح لأكبر شركة اتصالات في الصين بأن يكون لها دور محدود في إنشاء شبكة جيل خامس لاسلكية «5G» لبلاده، حذرت الولايات المتحدة من عواقب وخيمة حال حدث ذلك.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين، فقد أمر الرئيس دونالد ترمب إدارته مؤخراً بتحديد طبيعة تلك العواقب، وأطلق «مجلس الأمن القومي» مراجعة مشتركة بين الهيئات المعنية لتحديد الأصول العسكرية والاستخبارية التي يتعيَّن إزالتها من المملكة المتحدة حال شاركت شركة «هواوي» في بناء شبكة «5G».
ويتعلق الخلاف بين الحليفين بتحديد ما إذا كان بإمكان أي منهما تقليص حدة التهديد الاستخباراتي، الذي يمثله وجود شركة صينية لديها القدرة على إرسال البيانات من شبكتها اللاسلكية إلى الحكومة الصينية. وقال جونسون إنَّ المملكة المتحدة تستطيع فعل ذلك من خلال حظر معدات «هواوي» من المحطات الأساسية القريبة من المواقع العسكرية والاستخبارية الحساسة، وتحديد سقف المشاركة الإجمالية للشركة في شبكة «5G»..
لكن المسؤولين الأميركيين لا يصدقون هذه التأكيدات، فبحسب إفادة وزير الدفاع مارك إسبير أمام الكونغرس مؤخراً: «إذا كان حلفاؤنا في حلف ناتو يستخدمون تقنية هواوي، فقد يكون لذلك تأثير كبير على قدرتنا على تبادل المعلومات، خاصة الاستخباراتية، وتبادل المعلومات بخصوص خطط العمليات وإدارة شؤونه كتحالف».
وقد أخبرني أحد كبار المسؤولين الأميركيين الذين يعملون على متابعة سياسة «هواوي» أن أغراض المراجعة بين الوكالات تتضمن إجراء جرد للمعدات والقواعد الأميركية في المملكة المتحدة وتقييم مخاطر الاحتفاظ بها هناك. ووفق إفادة ذلك المسؤول، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى تقييم تأثير «تثبيت هوائيات ذكية وأجهزة كومبيوتر يديرها الحزب الشيوعي الصيني لدى أقرب حلفائنا». وقد أخبرني مصدر مطلع آخر أن نية الولايات المتحدة ليست معاقبة المملكة المتحدة على السماح لشركة «هواوي» بإنشاء شبكة 5G لاسلكية، بل اتخاذ الاحتياطات اللازمة التي تضمن عدم السماح للصين بالوصول إلى التكنولوجيا والأسرار الأكثر حساسية في أميركا.
وبغض النظر عن النية، فإن لدى المملكة المتحدة الكثير لتخسره حال فقدت الولايات المتحدة الثقة في أن أكثر برامجها الاستخباراتية والعسكرية حساسية يمكن حمايتها من أعين الصين الرقمية المتأهبة. على سبيل المثال، تستضيف المملكة المتحدة أكبر قاعدة خارجية لوكالة الأمن القومي الأميركي في «مينويث هيل»، والتي كانت ضرورية لعمليات التمشيط من خلال البيانات الإلكترونية التي يستخدمها الجيش الأميركي، ووكالة الاستخبارات المركزية لاستهداف مواقع الإرهابيين الأجانب.
وفقاً لرواية نشرها موقع «Intercept» عام 2016، فإن تلك القاعدة تضم هوائيات قوية يمكنها اعتراض الإشارات بين الأقمار الصناعية الأجنبية، ويمكن أيضاً استخدام الأقمار الصناعية الأميركية التي تحوم فوق الدول الأجنبية لمراقبة حركة المرور اللاسلكية. وتسبب قرار شركة «هواوي» بالفعل في تعطيل بعض الخطط الخاصة بتثبيت معدات أميركية في المملكة المتحدة. ومن المقرر أن ترسل الولايات المتحدة طائرات مراقبة من طراز RC - 135 الحساسة إلى قاعدة سلاح الجو الملكي «فيرفورد» بحلول عام 2024، لكن أحد موظفي مجلس الشيوخ أخبرني أن هذه الشحنات قد تكون معلقة في الوقت الحالي.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»