حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

دردشة فوق السحاب

جمعتني الصدفة مع اقتصادي ورجل أعمال فلسطيني مرموق يعيش في كندا، وبادرته بالسؤال عن رأيه في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. تنهد حسرة وقال: على ما يبدو فإن الإسرائيليين حسموا أمرهم بالإبقاء على نتنياهو، بغض النظر عن اتهامات بالفساد في حقه، والانهيار الكامل لقوى اليسار التقليدية في الساحة السياسية الإسرائيلية. وقاطعته وقلت له: لكن عرب إسرائيل حققوا نجاحاً قياسياً، وفازوا بعدد من المقاعد غير مسبوق؛ بل إنهم تمكنوا من الحصول على أصوات من اليهود، بعد أن كانت أصوات المرشحين العرب حصرياً من الناخبين العرب، بمعنى آخر «عرب إسرائيل»، وأخيراً قرروا المشاركة في اللعبة السياسية، وأصبحوا كتلة ورقماً صعباً في الكنيست الإسرائيلي، وباتوا اليوم يتعاملون بالدستور والقانون والواقع الديموغرافي الذي سيفرض الأمر الواقع المنطقي، باللجوء إلى قرارات الأمم المتحدة لحل الدولتين، أو القبول بعواقب التغيير الديموغرافي على أرض الواقع في الأراضي الإسرائيلية مع مرور الوقت.
أيدني الرجل بتحفظ، وقال لي إن أخطر تحدٍّ أمامنا في الوقت الحالي هو الصراع الفلسطيني الفلسطيني، وهذه مسألة مجهولة العواقب، ومحفوفة بالمخاطر الشديدة والبالغة التعقيد. قلت له: عرب إسرائيل على اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم اتفقوا على قائمة موحدة لخوض الانتخابات تحت مظلتها، ألا يمكن أن يتفق فرقاء «حماس» و«فتح»؟ فقال لي بحسرة: لا أعتقد.
غيرت معه الموضوع، وسألته: كيف ترى بوصلة الاقتصاد في ضوء تبعات «كورونا» المتجدد؟ رد عليَّ بقوله: لا توجد بارقة أمل على المدى القصير. العالم سيدخل في ركود اقتصادي عنيف يفوق الذي حدث في الأزمة المالية الكبرى لعام 2008، بل وفي أزمة أهم من تلك التي حصلت عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). حجم الخوف والقلق غير مسبوق، ومساحة المجهول والغموض في هوية المرض وأسبابه تساعد على تنامي المخاوف والقلاقل، مع عدم إغفال تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على نشر المعلومات الخاطئة والأخبار الكاذبة والإشاعات المضللة، والتي باتت اليوم في مكانة خطر عظيم، لا تقل عن خطر الوباء نفسه. وهنا وضح صديقي أن أول ضحايا الوضع الاقتصادي الجديد، كان اتفاق «أوبك+» مع روسيا، الذي تعطل وأصبح خارج دائرة التنفيذ، لرؤية روسيا البعيدة تماماً عن تبعات الفيروس وشدة ضرره المتوقع على الاقتصاد العالمي، والتي كانت لدول «أوبك» نظرة مختلفة عن الروس. ولكن الأهم هو أن هناك نمط حياة سيتغير، وهو الإحساس بالأمان. سيتغير نمط العمل والتعليم والسفر، وسيتم إرساء «مسافات آمنة» بين الناس، كإجراء وقائي وصحي، كل ذلك ستكون له أبعاد نفسية واجتماعية وثقافية واقتصادية جديدة تماماً.
«كورونا» أكثر من فيروس عابر.