مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

كورونا... بين تعامل السعودية وإيران

لا شماتة في المرض، كل الناس في صف واحد حين تكون المصيبة عامة، لا تفرق بين بني البشر على أي أساس ديني أو عرقي أو ثقافي.
مرض كورونا الذي أثار الخوف في العالم، صار الخبر الأول، تجاوز حروب تركيا وسوريا وليبيا واليمن والعراق، تجاوز «كيديات» الديمقراطيين الأوباميين ضد ترمب والجمهوريين، اليومية. بكلمة، صار هو الخبر الأهم عالمياً.
هنا يتم امتحان قدرات الدول الحقيقية، وكيف تتعامل مع هذه المصيبة بعقلانية وحزم ومسؤولية، لأن صحة المواطنين والمقيمين والزائرين لأراضي الدولة هي مسؤولية الدولة، في المبتدأ والمنتهى. هنا، قارن تعامل الدولة الإيرانية مع هذا الخطر، بتعامل الدولة السعودية، والغرض هنا ليس توظيف المرض - معاذ الله - في الحرب السياسية القائمة بين البلدين.
لا... الغرض تقديم مشهد مقارن، وحقيقي، وغير مزيّف، يكشف كثيراً عن نهج هنا ونهج هناك. لنضرب مثلاً أكثر حساسية ودقّة، وهو صون صحة الإنسان وحياته، قبل أي شيء آخر، حتى قبل الالتزامات الدينية.
السعودية هي الراعية للحرمين الشريفين، وهي المسؤولة عنهما، ضمن أراضي الدولة السيادية، وحسب تحذيرات الأطباء ومنظمة الصحة العالمية، فإن تجنب التجمعات البشرية الكثيفة، يستحسن هذه الأيام للسيطرة على انتشار مرض كورونا. من هنا كان إعلان وزارة الخارجية السعودية، تعليق الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف «مؤقتاً»، وكذلك إيقاف الوزارة الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس كورونا الجديد منها خطراً.
الخارجية السعودية نوّهت إلى أن إجراءاتها الأخيرة هي لتوفير أقصى درجات الحماية لسلامة المواطنين والمقيمين وكل من ينوي أن يفد إلى أراضي المملكة لأداء مناسك العمرة أو زيارة المسجد النبوي أو لغرض السياحة.
نتحدث هنا عن مكة، قبلة المسلمين، ومحجّ المؤمنين، ومكان «الفريضة» الدينية، فريضة الحج، كما هي مقصد الملايين من المسلمين ممن يؤدون العمرة، خاصة بشهر رمضان. وكذا الأمر عن زوّار المسجد النبوي وغيره من المعالم النبوية بالمدينة.
يعني هو أمر يخص كل المسلمين بكل طوائفهم، ومع ذلك بارك العقلاء هذا الإجراء السعودي. قارن ذلك باستهتار السلطات الإيرانية بصحة الزوار من المسلمين الشيعة لمقام الإمام الرضا في مشهد، أو مقام فاطمة المعصومة في قمّ؛ حيث مركز التعليم الديني الشيعي.
قمّ كما نعلم، صارت مشكلة صحية كبرى بسبب كورونا، ليس لإيران وشعبها وزوارها فقط، بل لمنطقة الشرق الأوسط كلها.
لماذا لم توقف سلطات إيران الزيارة الدينية إلى قمّ ومشهدّ؟! ولماذا يتحدث حسن روحاني عن مؤامرة على الشعب الإيراني؟! من المسؤول عن صحة الإيرانيين وزوّار إيران؟! إدارة ترمب أم حكومة روحاني!