عودة إلى الجذور الفنية لظاهرة «السيلفي»

الفكرة تعود لأواخر القرن الـ16 مع ظهور الرسم الذاتي

الرسم الذاتي ظهر على يد كبار الفنانين في أواخر القرن الـ16  -  يفتتح متحف «أوفيزي» 14 قاعة جديدة مطلع العام المقبل (متحف «أوفيزي»)
الرسم الذاتي ظهر على يد كبار الفنانين في أواخر القرن الـ16 - يفتتح متحف «أوفيزي» 14 قاعة جديدة مطلع العام المقبل (متحف «أوفيزي»)
TT

عودة إلى الجذور الفنية لظاهرة «السيلفي»

الرسم الذاتي ظهر على يد كبار الفنانين في أواخر القرن الـ16  -  يفتتح متحف «أوفيزي» 14 قاعة جديدة مطلع العام المقبل (متحف «أوفيزي»)
الرسم الذاتي ظهر على يد كبار الفنانين في أواخر القرن الـ16 - يفتتح متحف «أوفيزي» 14 قاعة جديدة مطلع العام المقبل (متحف «أوفيزي»)

قد يكون «السيلفي» من أبرز مظاهر تكنولوجيا الاتصالات الحديثة عبر الهواتف الذكية المجهزة بآلات التصوير المتطورة، لكن فكرة التقاط الصورة الذاتية تعود في الواقع إلى مئات السنين مع ظهور الرسم الذاتي على يد كبار الفنانين في أواخر القرن السادس عشر.
يقول المؤرخون إن الفضل في ظهور الرسم الذاتي يعود للإيطالي فيليبو بالدينوتشي، الذي كان يؤرخ لسيرة عدد من الفنانين عندما خطر له أن السيرة لا بد أن تُرفَق برسم ذاتي للفنان يكون بمثابة الرابط النهائي بين حياته وأعماله.
تلك كانت بداية قصة أكبر مجموعة للرسوم الذاتية في العالم جمعها ليوبولدو دي ميديتشي ابن دوق فلورانس الأكبر كوزيمو، الذي باشر أواسط القرن السابع عشر باقتناء تلك اللوحات لكبار الرسامين، إلى أن زاد عددها على الألفين، وتوجد اليوم محفوظة في أحد مخازن متحف «Uffizi» الشهير، الذي قرر أن يفتتح 14 قاعة جديدة مطلع العام المقبل يخصصها لعرض هذه المجموعة النادرة بشكل دائم.
وتجدر الإشارة أن ظهور الرسم الذاتي مع بداية عصر النهضة في توسكانة، التي كانت مهده الأول، تزامن مع ارتقاء الرسامين إلى مرتبة أعلى في سلم الفنون، الذي سرعان ما بلغوا ذروته وأصبحوا القطب الرئيسي للحياة الفنية والثقافية في أوروبا. ومع مرور الوقت أصبح الرسم الذاتي بطاقة تعريف لازمة لكل رسام مرموق وأداة تسويقية لأعماله.
صاحب فكرة هذا المعرض الأول من نوعه هو آيكي شميدت الذي منذ عام 2015 يدير متحف «أوفيزي» الذي، إضافةً إلى قاعاته المكتظة بمئات الروائع الفنية لكبار الرسامين العالميين، يضم في مخازنه الضخمة آلاف اللوحات والأعمال الفنية النفيسة التي لم يُعرض معظمها على الجمهور حتى الآن لعدم توفر المساحة والشروط اللازمة لعرضها.
ومن روائع هذه المجموعة التي ستُعرض بشكل دائم اعتباراً من مطلع السنة المقبلة، رسم ذاتي للسويسري جان إيتيان لوتار من القرن الثامن عشر، يقول عنها شميدت إن «درجة إتقانها المذهلة تجعل الناظر إليها يشعر برطوبة القلنسوة التي يعتمرها الرسام، وبنعومة ملمسها، وهي في تفاصيلها غير المنجزة تبدو إيذاناً بولادة المدرسة الانطباعية قبل مائة عام على ظهورها».
ومن غرائب هذه المجموعة رسوم ذاتية لفنانات مثل البريطانية ماريا كوزواي (1760 - 1838)، التي نجت من مذبحة تعرضت لها شقيقاتها الأربع على يد المربية، وكانت عشيقة الرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون، أو ابنة «تينتوريتو» أشهر رسامي البندقية التي يعد رسمها الذاتي من روائع الفن الإيطالي في أواخر القرن السادس عشر.
ويقول مدير متحف «أوفيزي»، الذي يضم أكبر مجموعة من اللوحات الفنية التي رسمتها نساء، إن الاعتقاد السائد هو أنه لم تكن هناك فنانات في القرون الماضية، «لكنّ هذا ليس صحيحاً، فبعد فترة كان الرسم النسائي مقصوراً على الراهبات حتى أواخر القرن السادس عشر، انضم عدد من النساء إلى هذا الفن، وكن في معظمهن زوجات أو بنات لرسامين مشهورين، إلى أن اتسعت دائرة الرسامات بشكل حر مع بداية القرن الثامن عشر، حيث برزت البريطانية آنجيليكا كوفمان التي كانت عضواً أصيلاً في الأكاديمية الملكية للفنون، ويتصدر رسمها الذاتي إحدى القاعات المخصصة لهذه المجموعة التي تضم رسوماً ذاتية لعمالقة الفن العالمي مثل فيلازكيز ورامبراندت وفان ديك وشاغال».
وتجدر الإشارة إلى أن شميدت، الذي يعد من أبرز الإخصائيين العالميين في الفنون الكلاسيكية وإدارة المتاحف، كان على وشك الانتقال إلى النمسا لإدارة متحف تاريخ الفنون الشهير في العاصمة فيينا، بعد أن قررت الحكومة الإيطالية السابقة، ذات التوجه الشعبوي وبتأثير من الزعيم اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، إلغاء قرار حكومي سابق يسمح للأجانب بإدارة متاحف رسمية في إيطاليا. ومع تشكيل الحكومة الجديدة أواخر الصيف الماضي، وعودة الحزب الديمقراطي اليساري إليها، تقرر إبطال الإلغاء ومعه بقاء شميدت في فلورنسا.
وكانت الحكومة الشعبوية السابقة تعتزم الحد من استقلالية المتاحف والمشرفين على إدارتها، وتطبيق المركزية على برمجة الأنشطة الثقافية بحيث يصبح مديرو المتاحف تحت التوجيه المباشر للسلطة، على غرار ما كان معمولاً به على العهد الفاشي.


مقالات ذات صلة

عدد وفيات صور «السيلفي» تضاعف 3 مرات بعد رفع قيود «كورونا»

يوميات الشرق عدد وفيات صور «السيلفي» تضاعف 3 مرات بعد رفع قيود «كورونا»

عدد وفيات صور «السيلفي» تضاعف 3 مرات بعد رفع قيود «كورونا»

مع خروج العالم من العزلة المرتبطة بكورونا، ارتفعت الوفيات المرتبطة بالتقاط صور «السيلفي» بشكل كبير. وبحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، فقد أظهرت بيانات جمعتها شركة راينو سيفتي البريطانية لتقييم المخاطر والسلامة، أنه تم الإبلاغ عن 24 حالة وفاة مرتبطة بالتقاط هذه الصور هذا العام، مقارنة بـ7 حالات فقط في عام 2020. وأشارت البيانات إلى أن السقوط هو السبب الأكثر شيوعاً لوفيات صور السيلفي، وهو المسؤول عن ثلث الوفيات، وبعده الغرق، المسؤول عن حوالي 1 من كل 5 حالات وفاة. كما أكدت البيانات أيضاً أن الرجال أكثر عرضة للوفاة أثناء سعيهم للحصول على صورة «سيلفي» جيدة، مقارنة بالنساء، حيث إن نسبة الوفيات بلغت

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نظام غذائي غير متوقع للقرش «كوكي كاتر»

نظام غذائي غير متوقع للقرش «كوكي كاتر»

أسماك القرش من نوع «كوكي كاتر»، هي أسماك تتواجد في أعماق البحار، ويبدو أنها لا تظهر على السطح إلا في الليل، ونتيجة لذلك، لا نعرف الكثير عنها، ومع ذلك فإن هناك شيئا واحدا يمكننا قوله على وجه اليقين، وهو أنهم يحبون العض، حيث وجد العلماء على مر السنين في أمعائها قطعا دائرية صغيرة من أجسام الدلافين وسمك أبو سيف والسلاحف البحرية والحيتان وأسماك القرش البيضاء والغواصات العسكرية، وحتى البشر أنفسهم، ويوحي شكلها وكأنها قطعت بقالب الكعك، وهو ما جعلهم يطلقون عليها اسم «كوكي كاتر». وأدى عدد كبير من الأدلة إلى افتراض العلماء أن هذه الحيوانات المفترسة الصغيرة، التي لا يزيد نموها عادة عن 50 سم تفضل تناول فري

حازم بدر (القاهرة)
الأخيرة سمكة متوحشة على شواطئ كاليفورنيا

سمكة متوحشة على شواطئ كاليفورنيا

عثر المارة بأحد شواطئ كاليفورنيا على كائن بحري ذي مظهر غير مألوف بأسنان حادة مثل الزجاج وجسم على شكل كرة قدم جرفتها الأمواج الأسبوع الماضي. حسبما ذكر موقع «سي إن إن». لم يكن ذلك الكائن ذو اللون الأسود بفمه المفتوح الملقى على رمال شاطئ المنطقة البحرية المحمية في منطقة «كريستال كوف ستيت بارك» بشاطئ «لاونج بيتش» الجمعة الماضي سوى «سمكة كرة قدم المحيط الهادي»، المعروفة أيضاً باسم «سمكة أبو الشص».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
الأخيرة صورة سيلفي كادت تودي بحياة رجل داخل كاتدرائية

صورة سيلفي كادت تودي بحياة رجل داخل كاتدرائية

سقط رجل من فوق سقالة كان تسلقها داخل كاتدرائية القديس بطرس في مدينة ريجنسبورغ بجنوب ألمانيا لالتقاط صورة ذاتية (سيلفي). وقال متحدث باسم الشرطة السبت إن الرجل (28 عاماً) تمكن من الاتصال لطلب المساعدة، كما أبلغ بعض المارة خدمة الطوارئ. وعثرت قوة الإطفاء على الرجل على ارتفاع نحو 50 متراً فوق منصة على السقالة بالقرب من حافة حاجز الأمان، ووفقاً للشرطة، فإن الرجل الذي كان يبدو أنه ثمل قد سقط من ارتفاع بلغ خمسة أمتار. وأُصِيْبَ الرجل بجروح متوسطة جراء سقوطه وتم نقله إلى المستشفى، وقال ضباط شرطة إنه تم العثور على صور ذاتية في هاتفه. وقال متحدث باسم الشرطة إن الكاتدرائية في مدينة ريجنسبورغ غالباً ما تح

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
يوميات الشرق «بيتي»... أول نبتة تلتقط «سيلفي» بالعالم

«بيتي»... أول نبتة تلتقط «سيلفي» بالعالم

تمكنت نبتة من التقاط صورة «سيلفي» للمرة الأولى بالعالم باستخدام الطاقة التي تنتجها، كجزء من الأبحاث التي يمكن أن تؤدي إلى تقدم كبير في جمع البيانات ضمن جهود الحفاظ على النباتات. والنبتة، المعروفة باسم «بيتي ذا فيرن» هي جزء من تجربة تبحث في استخدام خلايا الوقود الميكروبية في حديقة حيوان «زي إس إل» في لندن، وفقاً لتقرير نشره موقع شبكة «سي إن إن». وتسمح هذه الخلايا للنبتة بإنشاء طاقة تعمل على تشغيل الكاميرا والتقاط صورة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.