جوناثان برنستين
TT

الكونغرس وحل المشكلات الصعبة

ما هي المشكلة التي تفوق قدرة الكونغرس الأميركي على التصدي لها والتعامل معها؟
يعيد هذا التساؤل طرح نفسه مجدداً مع عودة الكونغرس لدور الانعقاد العادي بعد مرور العطلة الصيفية، إثر مقالة على منتدى «مانكي كيج» من تأليف كريغ فولدن وآلان وايزمان ظهرت على صفحات «واشنطن بوست» تدور حول تداعي لجان مجلس النواب منذ عام 1995 وحتى الآن. وكما أوضح الزميل جوش هودر من جامعة جورج تاون، كان صعود قيادة الكونغرس من الأمور الحاسمة في سن وتمرير التشريعات الرئيسية من شاكلة قانون الرعاية الصحية الميسرة. وكان مجلس النواب أضعف بصورة واضحة قبيل الإصلاحات التي سُنت ثم أدخلت في أعقاب انتخابات عام 1958.
ولقد صار أضعف بكثير الآن عما كانت عليه الأوضاع وقتذاك، سيما بعد جهود السيناتور الأسبق نيوت غينغريتش لتركيز كافة الصلاحيات لدى مكتب رئيس مجلس النواب على حساب كافة الاعتبارات الأخرى.
كما يتساءل الزميل جوش هودر عما إذا كانت إجراءات الكونغرس تتعلق في نهاية المطاف بإيجاد الحلول لمشاكل السياسات العامة، غير أن الكثيرين أحلوا الأمل في غير موضعه عند اعتبارهم لنظام اللجان المختارة المعمول به، على اعتقاد منهم أنه سيخلق تغييرات جديدة وحاسمة ومؤثرة في سبيل صناعة السياسات. ويلقي هذا الاعتقاد باللوم على الكونغرس بسبب خطايا البيئة السياسية برمتها.
وإنني أتفق مع هذه الرؤية، على نحو جزئي، حيث إن المشكلة الكبرى في عملية صناعة القرارات السياسية راهناً لا تتعلق بالكونغرس أو بمؤسسة الرئاسة، وإنما متعلقة بالحزب الجمهوري ذاته، الذي تخلى راضياً، عن محاولة حل المشاكل. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قضية الرعاية الصحية، يعتقد رجال الحزب الجمهوري أن قانون الرعاية الصحية الميسرة من السياسات السيئة للغاية، لكن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على سن القانون ودخوله حيز التنفيذ لم يخرج علينا الحزب الجمهوري ببديل صالح.
بيد أن الأمور كانت على العكس من ذلك تماماً في ثمانينات القرن الماضي، عندما بذل الحزب الجمهوري جُل طاقاته في تمرير التشريعات الكثيرة. ولكن منذ سنوات غينغريتش، ولا سيما عبر السنوات العشر الماضية، تحول الحزب الجمهوري من سن وتمرير التشريعات إلى معارضة وربما إعاقة سن التشريعات الجديدة. ولا علاقة لذلك الموقف بهيكل مجلسي الشيوخ والنواب من قريب أو بعيد، كما أعتقد أن الأمر أكثر في أهميته من ذلك، إذ إنه كان السبب الرئيسي وراء تراجع أداء الحكومة الموحدة بين عامي 2017 و2018.
ولكنني لا أتفق أيضاً مع الزميل جوش هودر على نحو جزئي. وذلك أنه إذا كان مجلس النواب أفضل تنظيماً، وإن كان أفضل قوةً وتأثيراً، فإن ذلك يعني ارتفاعاً ملحوظاً في أداء الأمة بأسرها. كما أن نظام الحكم الصادر عن المؤسسات المنفصلة التي لا تشترك في الصلاحيات ذات الصلة قلّما يخرج بنتائج ذات مغزى، بل على العكس من ذلك، كلما ازدادت قوة كل غرفة برلمانية وكل مؤسسة حكومية، ارتفع أداء وقوة الأمة بأسرها، وكان حل المشكلات العسيرة أكثر سهولة ويسر.
ومن وجهة نظري، ذلك هو وعد الجمهورية الذي كان يجول في خواطر واضعي الدستور الأميركي الأول. وهذا هو معيار توحد آراء جيمس ماديسون وألكسندر هاميلتون، لفترة وجيزة من الزمن على أدنى تقدير. أجل، يمكن لكافة السلطات والصلاحيات المتداخلة، والضوابط والتوازنات، أن تعقد من القيام بأي مهام. غير أن نقاط الفيتو المتعددة هي أيضاً نقاط البدء المتعددة، مما يجلب معه إمكانات العمل الهائلة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»