بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

استعادة حركة المشلولين رباعياً
يحدث الشلل الرباعي عادة نتيجة ورم أو التهاب أو إصابة طارئة حادة في الحبل الشوكي العنقي أو في الدماغ أو في الأعصاب التي تحيط بالحبل الشوكي العنقي الذي يربط بين الدماغ ومعظم أعضاء الجسم بواسطة ألياف عصبية. وتكون النتيجة حدوث مضاعفات واضطرابات وظيفية وحسية قد تصل حد الموت، أو تترك المصاب في حالة عجز كلي بسبب شلل أطرافه الأربعة.
وفي هذا المجال، شهدت جراحة نقل الأعصاب (Nerve transfer surgery) في العقد الأخير تطورات تقنية كبيرة مكنتها من إنعاش الأطراف العليا من الجسم، واستعادة الحركة والأداء الوظيفي في المرفقين واليدين، وفقاً للموقع الطبي «يونيفاديس».
وحديثاً، قامت مجموعة من الجراحين المتخصصين في جراحة نقل الأعصاب (د. فان زيل Van Zyl، وهيل بي Hill B، وكووبر سي Cooper C، وهان جي Hahn J، وجاليا إم بي Galea MP) بإجراء عمليات نقل أعصاب لمجموعة من المصابين بالشلل الرباعي التام، الذي يتصف بفقدان الوظائف الحسية والحركية معاً. وقد سبق أن أحيل 16 شاباً من المصابين بالشلل الرباعي التام إلى مركز متخصص في إنعاش وإحياء الأطراف العلوية في أستراليا. وخضع هؤلاء المشاركون لنقل الأعصاب، فردية أو متعددة، في أحد الطرفين العلويين أو كليهما، مع عملية نقل الأوتار في بعض منها، وذلك لاستعادة الحركة في مفصل الكوع، وقبض وقفل وفتح اليد. وفي المجموع، تم نقل 59 عصباً للمرضى المشاركين في هذه الدراسة.
وفي خلال 24 شهراً، لاحظ الباحثون تحسناً كبيراً في حركة الأطراف العلوية للمرضى المشاركين واستقلاليتهم، حيث استطاعوا التقاط كثير من الأشياء بأيديهم ثم رميها في إطار زمني محدد. وخلصت الدراسة إلى أن عمليات نقل العصب استطاعت أن تعيد الحركة لليد بشكل أكثر طبيعية، وتحكماً أكثر دقة في ناحية واحدة، بينما أعادت عمليات نقل الأوتار في الناحية الأخرى القدرة على رفع أجسام ثقيلة، حيث منحتها قوة أكبر.
ومن جانب آخر، فقد سجلت الدراسة خضوع 3 مشاركين لإجراء 4 عمليات نقل عصب فاشلة، وتعرض 2 من المشاركين لانخفاض مؤقت في قوة الرسغ، تمت استعادتها بعد عام واحد من الجراحة، و2 من المشاركين كان لديهما انخفاض دائم في الإحساس.
وخلص الباحثون إلى أن «إجراء جراحة نقل العصب في وقت مبكر يشكل إضافة آمنة فعالة للتقنيات الجراحية لإنعاش الطرف العلوي عند المشلولين رباعياً». ونشرت هذه الدراسة مؤخراً، بتاريخ 4 يوليو (تموز) 2019، في مجلة «لانسيت» (Lancet).
مخاطر التدخين على القلب
تنتشر آفة التدخين بين البشر من الجنسين في جميع دول العالم، رغم التحذيرات الطبية المستمرة من أخطارها، وفرض الضرائب المرتفعة على بيعها. وحديثاً، أظهرت نتائج دراسة أسترالية مستقبلية جديدة واسعة النطاق أن التدخين مرتبط بأنواع فرعية أكثر من تلك المعروفة سابقاً من أمراض القلب والشرايين (CVD). ووفقاً للموقع الطبي «يونيفاديس»، فقد توصلت هذه الدراسة، للمرة الأولى، إلى وجود زيادة كبيرة في خطر الإصابة باضطراب عدم انتظام دقات القلب (paroxysmal tachycardia) التي تؤدي إلى التنويم في المستشفيات، أو إلى الوفاة، بما في ذلك عدم انتظام دقات القلب فوق البطيني (supraventricular tachycardia)، وعدم انتظام دقات القلب البطيني (ventricular tachycardia)، عند المدخنين، مقارنة بالذين لم يدخنوا أبداً.
وقد قامت مجموعة من الباحثين (بانكس إي Banks E وزملاؤه) بإجراء هذه الدراسة الموسعة. وتتبع الباحثون 188167 شخصاً من المصابين بالأمراض القلبية الوعائية، وكانوا خالين من السرطان، وكانت أعمارهم بين الـ45 سنة وما فوق، ابتداء من عام 2006، ولمدة 7 سنوات. وتم تقدير نسبة المخاطر Hazard ratios (HRs) لعلاج مرضى الأمراض القلبية الوعائية أو الوفيات بين المدخنين الحاليين والسابقين، مقارنة بغير المدخنين بتاتاً، وتم الأخذ في الاعتبار كثافة التدخين وحجمه، باستخدام النمذجة الإحصائية «انحدار كوكس» (Cox regression).
ووجد الباحثون، في نتائج هذه الدراسة، أن مخاطر الأمراض القلبية الوعائية كانت مرتفعة في جميع مستويات كثافة التدخين تقريباً، وأنها تزداد أكثر كلما زادت كثافة التدخين. فقد كانت هناك زيادة كبيرة في معدلات الإصابة بـ29 نوعاً من مجموع 36 نوعاً محدداً من أنواع الأمراض القلبية الوعائية، الأكثر شيوعاً، بين المدخنين الحاليين مقابل غير المدخنين أبداً. وكانت نسبة المخاطر (HRs) المعدلة عند المدخنين الحاليين مقابل غير المدخنين على التوالي: (2.45) لحالات احتشاء عضلة القلب الحاد (acute myocardial infarction)، و(2.16) لحالات مرض الأوعية الدموية الدماغية (cerebrovascular disease)، و(2.23) لحالات فشل القلب (heart failure)، و(5.06) لحالات مرض الشرايين المحيطية (peripheral arterial disease)، و(1.50) لحالات عدم انتظام دقات القلب الانتيابي (paroxysmal tachycardia)، و(2.75) لمجموع وفيات الأمراض القلبية الوعائية. كما وُجد أن تلك المخاطر كانت تتناقص مع الإقلاع عن التدخين، مع إمكانية تجنب حدوث كثير منها عن طريق الإقلاع عن التدخين قبل سن 45 عاماً.
وقد نشرت هذه الدراسة حديثاً، بتاريخ 3 يوليو (تموز) 2019، في المجلة الطبية لمركز الطب الحيوي «BioMed Central (BMC) Medicine»، ومقرها المملكة المتحدة.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».