مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

مجرّد فحص دم

أبدأ بما ذكره الدكتور محمد الرميحي: لبنان وطن متخيّل، وطن حقيقي فقط في أغاني فيروز - انتهى.
ورحم الله الشاعر الذي قال:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا.
فقد صرح رئيس البرلمان اللبناني بعزمه إقرار قانون لتشريع زراعة الحشيش، مع أنه نسي أو تناسى أن زراعته تنامت منذ أيام ضجيج الحرب الأهلية اللبنانية، عندما أنشأ الحرس الثوري الإيراني ما لا يقل عن ألف معسكر تدريب في سهل البقاع، ولا تزال إيران تضخ مئات الملايين من الدولارات لـ«حزب الله» سنوياً لدفع مصاريفهم ورواتبهم، ومعروف أن منطقة البقاع هي أخصب أرض يسيطر عليها الحزب الذي يجني أرباحاً من وراء تلك الزراعة مئات من الملايين أخرى.
وكل دونم واحد (ألف متر) تتم زراعته بالحشيش ثمن محصوله ما لا يقل عن 20 ألف دولار – وعليكم الحساب - ويصدرونه إلى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والأميركتين.
ويقول أحد المزارعين، مشيراً إلى المنازل المطلة على سهول البقاع في اليمونة، إن كل هذه البيوت وقرميدها من حولنا بنيت بأموال زراعة الحشيش، ولبنان يعتبر حسب تقرير الأمم المتحدة ثاني دولة في العالم منتجة لعجينة الحشيش بعد أفغانستان.
وعلى فكرة، فلبنان أيضا يحتل المرتبة الثالثة على لائحة البلدان الأكثر مديونية في العالم، وشهد اقتصاده منذ 2011 تدهوراً تدريجياً بفعل الجمود السياسي والانقسام حول ملفات داخلية عدة، ويقول جمال شريف: تريدون تشريعها قولاً وعملاً، افعلوها وأنا أضمن لكم بعدها أن تجار المخدرات سيكونون قادرين في سنة واحدة على سد دين الدولة (!!).
والمفارقة المؤلمة أن لبنان يحتل المرتبة الـ143 بين الـ180 دولة الأكثر فساداً، حسب التقرير الأخير لمنظمة الشفافية الدولية.
ويرى مغردون أن مساعي تشريع الحشيش ستساهم في مزيد من الفوضى في لبنان الذي يشهد تصاعد سيطرة «حزب الله» على مفاصل الدولة – وهو المستفيد الأول من هذه الزراعة.
باختصار، إن ذلك الحزب ورئيسه أصبحوا خداماً طائعين لزعامة الولي الفقيه في إيران، وهم لا يخجلون من لثم يديه ومسح خفيه، ويرددون ذلك بكل فخر للقاصي والداني، كما أنهم يسعون بالدرجة الأولى وبشتى الوسائل لفصل لبنان عن حضنه العربي الطبيعي، وإنني أراهن رهاناً ساذجاً، لو أن فريق لبنان لكرة القدم يلعب مثلاً مباراة مع إيران، لسوف يستميت «حزب الله» ورئيسه في تشجيع إيران، ضاربين عرض الحائط بكل وطنية تمت للبنان بصلة.
إنه من قبلي مجرد فحص دم.