أنطونيو دي روزا
لاعب و كاتب ايطالي
TT

المال لا يكفي لتحقيق البطولات

نستمع كل يوم إلى شكاوى المدربين والإداريين الذين يعزون ضعف نتائج الفرق الإيطالية في البطولات الأوروبية وغياب الألقاب المهمة، إلى قلة الاستثمارات والإنفاق على الكرة. وكأن المال قد أصبح هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق النتائج الجيدة داخل الملعب.
وتجنبا لأي سوء فهم، أؤكد أنني من دعاة الاقتصاد وأرى أن بلدا تعاني من أزمة اقتصادية مثل إيطاليا لا يمكنها الإنفاق بشكل مبالغ فيه على كرة القدم. وإذا دفع ناد إيطالي 100 مليون يورو لشراء بيل مثلما فعل ريال مدريد، فسأكون أول المنتقدين.
وتوضح الإحصاءات أن الإنفاق الكبير ليس هو السبيل لتحقيق البطولات المهمة.. ولعل ريال مدريد هو أفضل دليل على ذلك، فهو يمتلك فريقا عامرا بالنجوم وأنفق مئات الملايين خلال السنوات العشر الماضية، لكن نتائجه تؤكد فشل هذه السياسة. فلم يفز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا منذ موسم 2001 - 2002 عندما تغلب على بايرن ليفركوزن بهدف رائع لزيدان. ومنذ ذلك الحين تعاقب على النادي الملكي العديد من النجوم المميزين الذين يساوون وزنهم ذهبا، بدءا من كريستيانو رونالدو وحتى بيل، لكن دوري أبطال أوروبا غاب عن قلعة الريال طوال تلك السنوات.. وحتى أداء الفريق داخل الملعب ليس مميزا. ولم يتمكن ريال مدريد من تحقيق لقب الدوري الإسباني سوى مرة واحدة في آخر خمس سنوات (مع مورينهو)، بينما ذهب اللقب إلى غريمة التقليدي برشلونة أربع مرات.
وفي الدوري الإنجليزي توج مانشستر يونايتد باللقب مع مدربه الفذ السير أليكس فيرغسون خمس مرات في آخر سبعة مواسم، بينما لم يحقق جاره مانشستر سيتي، أكثر الأندية إنفاقا على شراء اللاعبين في السنوات الأخيرة، لقب الدوري الإنجليزي سوى مرة واحدة وبشق الأنفس في الثواني الأخيرة تحت قيادة مانشيني. وأخفق الفريق إخفاقا كبيرا في البطولات الأوروبية طوال تلك السنوات. وينطبق الشيء نفسه على تشيلسي ورئيسه أبراموفيتش الذي أنفق أموالا طائلة دون أن يحقق بطولات توازي المبالغ الكبيرة التي جرى إنفاقها.
وتوضح الأرقام إذن أن الأموال لا تضمن النجاح.. فالانتصارات والألقاب كانت من نصيب فرق مثل برشلونة وبايرن ميونيخ اللذين قاما خلال السنوات العشر الأخيرة ببناء «مستودع» للشباب الموهوبين القادرين في النهاية على صناعة الفارق والألقاب. وينبغي على الفرق الإيطالية أن تفكر بهذه الطريقة نفسها إذا كانت ترغب في العودة لقمة الكرة الأوروبية. وينبغي أن يكون التنازل عن وجود النجم الكبير الذي يرفع أجور جميع اللاعبين دون أن يضمن تحقيق البطولات مصدر فخر وانطلاق للكرة الإيطالية وليس العكس. وقد قررت أندية اليوفي وفيورينتينا وروما، والآن أيضا الميلان والإنتر، أخيرا أن تبحث عن الشباب الواعدين غير المكلفين (مثل بوغبا) وتدعيم قطاعات الناشئين بها. وينبغي إنفاق الأموال على تشجيع مراقبي اللاعبين البارعين الأذكياء من أجل بناء «مستودع» لنجوم المستقبل. فهذه هي الطريقة الوحيدة لاستعادة الصدارة والهيمنة على الصعيد الأوروبي رغم اعتراض البعض وتشكك البعض الآخر.