طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

الدفاتر القديمة

يقولون إن التاجر المُفلس يفتش عادة في دفاتره القديمة، ربما يعثر على صفقة تنقذه من إشهار إفلاسه، إلا أن العكس أيضا ممكن، التاجر الغني قد يفتش في دفاتره القديمة، ليجد ما يضاعف من أرباحه.
في عام 1985 وفي عز تألق شادية وكمال الشناوي، وبعد أن قدما معا «36» فيلماً وصارا أشهر ثنائي عرفتهما شاشات السينما العربية، جاءت فكرة لكمال الشناوي فقرر أن يُقدم الفيلم رقم «37» الذي يجمعهما معاً.
في مرحلة الخمسينات حتى مطلع الستينات كانا يقدمان دورَي شاب وشابة في مقتبل العمر يجمع بينهما الحب، ويقرران الزواج، دائماً هناك عائق ما، إما أن شادية ثرية ويرفض أهلها زواجها من الفقير كمال الشناوي، وإما العكس، وفي السينما التي تفضل النهايات السعيدة، كان ينبغي في معظم تلك الأفلام أن يتزوجا، ويردد الجمهور في نهاية العرض «العروسة للعريس والجري للمتاعيس».
قرر كمال الشناوي أن يبدأ الأحداث من آخر لقطة «أبيض وأسود»، وهما في طريقهما للمأذون، ثم يكتب على الشاشة «وبعد مرور 30 عاماً»، وفي اللقطة الثانية للفيلم نشاهدهما أيضاً عند المأذون، ولكن هذه المرة ويا للهول «علي رأي يوسف بك وهبي» الزوجة تريد الطلاق!
أراد كمال الشناوي أن يُقدم مشكلات ما بعد الزواج، وتتخلل الأحداث الجديدة حكايات الأبناء وكيف أن الزوج يقع في نزوة عاطفية عابرة، يعاني منها البعض بعد الخمسين من العمر، إلا أن كمال الشناوي كما روى لي لن يتخلي أيضاً عن النهاية السعيدة، فيعود الحبيبان لاستئناف حياتهما، بعد أن يعلن الزوج ندمه، ويشهد أبناؤهما على عقد الزواج الجديد. قبل بداية التصوير بشهر واحد فوجئ كمال الشناوي بأن شادية ارتدت الحجاب واعتزلت الفن، ولم يشأ كمال أن يمنح البطولة لأي فنانة أخرى، وعلى حد قوله «لا توجد في السينما سوى شادية واحدة فقط».
تنويعة أخرى من الدفاتر القديمة، حيث كان المخرج السينمائي عاطف سالم قد التقطها، من الفيلم القديم «إحنا التلامذة» وأطلق على الفيلم الجديد «إحنا الأساتذة»، وتحمس لها عمر الشريف. في «إحنا التلامذة» يرتكب الأبطال عمر الشريف، وشكري سرحان، ويوسف فخر الدين، جريمة قتل غير مقصودة تودي بهم للسجن، وتبدأ الأحداث للجزء الثاني، مع انتهاء فترة العقوبة، أي بعد 20 عاماً، إلا أن عمر الشريف فوجئ برحيل يوسف فخر الدين ثم شكري سرحان فعدل تماماً عن الفكرة.
هذه الأيام يستعد محمد هنيدي لتقديم جزءٍ ثانٍ لفيلمه «صعيدي في الجامعة الأميركية» الذي حقق عند عرضه قبل 20 عاماً واحداً من أعلى إيرادات السينما المصرية، كان هنيدي في تلك السنوات هو النجم الأكثر شهرة، والذي من أجله يقطع الجمهور التذكرة، ووقف تحت مظلته الجماهيرية في بداياتهم كل من أحمد السقا ومنى زكي وغادة عادل وطارق لطفي وهاني رمزي وفتحي عبد الوهاب.
في أفلام هنيدي الأخيرة تضاءلت إيراداته، فقرر كرد فعل أن يُقدم الجزء الثاني من أكثر أفلامه تحقيقاً للإيرادات. هل من الممكن أن يقبل كل هؤلاء النجوم التواجد في فيلم البطولة المطلقة يؤديها هنيدي بعد أن صارت أسماء بعضهم تحقق في شباك التذاكر أرقاماً أعلى؟ المشكلة الأصعب هل من الممكن العثور على فكرة تستوعب كل هؤلاء الأبطال؟ وهل سيجدون حقاً في الدفاتر القديمة ما يُشفي غليل الجمهور؟!