سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

البحرين والإرهاب... 40 عاماً دون توقف

في العاشر من محرم، نشر تنظيم «سرايا الأشتر» قائمة بأسماء بعض المسؤولين البحرينيين، وبعض الكتّاب، توعدهم بـ«القصاص»، وتشرفت بوضع اسمي ضمن قائمة الشرف التي ينوي التنظيم تصفيتها.
«سرايا الأشتر» مصنفة على قائمة التنظيمات الإرهابية، بموجب القسم 219 من قانون الهجرة والجنسية، وفق بيان الخارجية الأميركية، كما صنفت الجماعة تنظيماً إرهابياً عالمياً تحت القسم 1 من الأمر التنفيذي 1322، وقد صنفتْ اثنين من الأفراد المرتبطين بالتنظيم، هما أحمد حسن يوسف والسيد مرتضى مجيد رمضان علوي، المعروف بـ«مرتضى مجيد السندي»، على أنهما إرهابيان عالميان مصنفان بشكل خاص في شهر مارس (آذار) 2017.
وقال منسق مكافحة الإرهاب، ناثان سيلز، إن «إيران تستخدم وكلاء إرهابيين لتوسيع نفوذها الخبيث وتعكير السلام والاستقرار الدوليين. إن هذه التعيينات تقدم إخطاراً بأن الولايات المتحدة ترى بوضوح ما تحاول إيران فعله تجاه البحرين من خلال وكيلها، (سرايا الأشتر) الإرهابية».
وتم إنشاء المجموعة، بحسب الخارجية الأميركية، عام 2013، وقامت باغتيال ضباط شرطة في العديد من الهجمات باستخدام قنابل وأسلحة، لافتة إلى أن أعضاء المنظمة تلقوا أسلحة ومتفجرات من إيران.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تصلنا تهديدات بالتصفية من قبل وكلاء إيران في المنطقة، فقد سبق أن عُلقت صورتي على رافعة وضعت في دوار اللؤلؤة في فبراير (شباط) 2011 من قبل مجموعات إرهابية أخرى تدعمها إيران إبان «الربيع العربي»، تماماً كما تفعل إيران مع معارضيها بتعليقهم على رافعات في الشوارع العامة.
مملكة البحرين دولة مسالمة لم تعتدِ على أحد، ويعيش على أرضها مقيمون ومواطنون عرب وأجانب، ومن عدة أديان وأعراق، وطن عُرف بالتسامح وببيئته التعايشية المثالية، لدينا آلاف من الجالية الإيرانية ومجموعات فرت من إيران هرباً من الاضطهاد الديني لها، ومع ذلك عانت البحرين من الإرهاب الذي ارتكبته الميليشيات الممولة إيرانياً منذ عام 1979، تماماً كما قال مستشار الأمن القومى الأميركى جون بولتون يوم الخميس الماضي إن «إيران نظام مارق، كانت تهدد الشرق الأوسط، ليس فقط بأسلحتها النووية وصواريخها الباليستية، وإنما بتصرفها لعقود وكأنها البنك المركزي للإرهاب الدولي، كما أن تصرفاتها العسكرية العدائية في المنطقة تهدد الأمن والسلم الدوليين، لذا لا أتعامل مع ما يقولون بأي جدية».
منذ استيلاء هذا النظام على السلطة في إيران، في عام 1979، وَضع في دستوره بنداً ملزماً لكل الحكومات الإيرانية على التوالي، بتصدير الثورة، وبنص دستوره: الجيش الإيراني هو جيش المستضعفين، وإيران هي من يجب أن تحكم العالم الإسلامي وتعين ولاتها!!
ومنذ ذلك الحين، والبحرين تعاني من سلسلة من العمليات الإرهابية، لم تتوقف حتى اللحظة.
إذ تم القبض على أول خلية أسستها إيران في البحرين، وصُدّرَت أسلحتها عام 1982، وكانت تخطط لاغتيال الشيخ عيسى بن سلمان طيب الله ثراه.
ثم أعيدت الكَّرة عام 1995، إنما بعنف أكبر، تم فيها قتل رجال أمن وحرق ممتلكات عامة وتفجير محلات تجارية، وقاد تلك الموجة من العنف المدعو علي سلمان رئيس «جمعية الوفاق»، الحزب المنحل بحكم قانوني والذراع السياسية لرئيس حزب «الدعوة» البحريني، وزعيمه عيسى قاسم وكيل المرشد الإيراني علي خامنئي، والذي أسقطت عنه الجنسية البحرينية.
ثم تكرر العنف عام 2002، واستمر من دون توقف، وخلالها فككت البحرين عشرات الخلايا، وصادرت آلاف الأطنان من المتفجرات الخطيرة، إلى أن وصلنا إلى عام 2011 بموجة الفوضى والإضرابات التي عمت البلاد؛ قتل فيها العشرات من رجال الأمن وتفخيخ عدد من السيارات وتفجير ممتلكات عامة، ولم تكن «سرايا الأشتر» إلا واحداً من عدة تنظيمات مولتها ودربتها وصدرتها إيران لنا، آخرها القضية التي تنظر فيها المحاكم البحرينية، والمتهم فيها 169 شاباً شكلوا خلية إرهابية داخل مملكة البحرين؛ قامت قيادات النظام الإيراني بإصدار أوامرها لعناصر من «الحرس الثوري الإيراني» بضرورة العمل على توحيد صفوف عناصر التنظيمات والتيارات البحرينية الإرهابية المختلفة من خلالها، التي تتخذ من مملكة البحرين ساحة لمخططاتها وأعمالها الإجرامية، بغرض انخراطهم جميعاً في تنظيم إرهابي موحد، يجتمعون تحت رايته، أطلقوا عليه مسمى «حزب الله البحريني». هذه الجماعة كانت تخطط لإرسال بحرينيين إلى العراق ولبنان وإيران، للحصول على تدريب عسكري.
سلسلة هذه الحوادث المستمرة منذ عام 1979 إلى اليوم عبارة عن حلقة مستمرة أشاعت الفوضى، وخلفت وراءها العديد من الضحايا، ونجحت في زعزعة الأمن وخرق الصف الوطني، وأثرت في مملكة البحرين بشكل سلبي، انعكس حتى على الوضع الاقتصادي، الذي يكابد من أجل النهوض.
سلسلة تلك الحوادث لم يتخللها تهديد نووي أو تهديد صاروخ باليستي، أو حتى لغم بحري واحد صدرته لنا إيران، إنما كانت إيران، كما قال بولتون، «البنك المركزي للإرهاب في المنطقة».