مارك هويل
TT

السبيل للحفاظ على حيادية الإنترنت

ناقش كتاب الرأي لدى «واشنطن بوست»، مولي روبرتس وكريستين إمبا ودانا ميلبانك، مسألة عجز الكونغرس عن تحديد اتجاه محدد لجهوده الرامية لتنظيم موقع «فيسبوك».
وعلى رأس الحقائق التي كشفتها قضية الخصوصية عبر «فيسبوك»، أن شركات التكنولوجيا أصبحت على درجة هائلة من القوة ولا تخضع للمساءلة من جانب أي جهة. وكان من شأن الإجراءات الفيدرالية الأخيرة التي قلصت حيادية شبكة الإنترنت ومستوى حماية الخصوصية، وضع الأميركيين في موقف أضعف لدى التعامل مع شركات توفير خدمة الإنترنت.
ومع هذا، يبقى ثمة سبيل يمكن للمواطنين الضغط من خلاله: عبر خدمة الإنترنت التي توفرها الحكومات المحلية والتي تخضع للمساءلة بصورة مباشرة.
وباعتباري المسؤول الأول في مجال المعلومات في مدينة كونكورد بماساتشوستس، توليت الإشراف على إنشاء نظام «برود باند» محلي ناجح من خلال التعامل مع خدمة الإنترنت تماماً كما هي. ونعمل على إمداد سكان المدينة بخدمة الـ«برود باند» إنترنت غير مكلفة، وتحترم في الوقت ذاته مبادئ الحيادية والخصوصية.
منذ أكثر عن عقد مضى، بدأنا الاستماع لشكاوى تشير إلى أن خيارات الـ«برود باند» المتاحة -«كيبل» و«دي إس إل» - لا تلبي احتياجات القائمين بالمدينة، وقررت شركة «فيريزون» عدم بناء «فيوس» داخل مدينتنا. في الواقع، يعاني الكثير من المجتمعات المحلية داخل الولايات المتحدة بالفعل، من نقص حاد في خدمة الإنترنت من جانب شركات الاتصالات الكبرى لاعتقاد مثل تلك الشركات أن توفيرها مستوى جيداً من الخدمة لن يعود عليها بأرباح كافية.
من ناحيتها، تحظى كونكورد بخدمة كهرباء بلدية منذ مطلع القرن العشرين. وفي أثناء اجتماع لمجلس المدينة عام 2009، وافق المواطنون على خطة لبناء خدمة إنترنت تعتمد على شبكة من الألياف البصرية لحاجة المدينة إلى تحديث خدمات الإنترنت بها. عام 2013، وافق اجتماع المدينة على خطة لاستخدام هذه الشبكة في توفير خدمة الإنترنت.
ورغم أننا أنفقنا أموالاً للاستثمار في هذا العنصر الجديد بالبنية التحتية، فإنه بمجرد أن شرعنا في تشغيل النظام، وجدنا أن بمقدورنا ادّخار بعض المال.
منذ 4 سنوات، قمنا بربط أول مجموعة من المنازل داخل كونكورد بخدمة الإنترنت العامة. وأبدى أكثر عن 300 شخص اهتمامهم بالأمر خلال اليوم الأول لإعلاننا إطلاق هذه الخدمة، واستغرق الأمر منا بعض الوقت كي نتمكن من تلبية كل هذا الطلب. وسعياً للسيطرة على التكاليف، وضعنا خططاً لضمان نمو طويل وسلس عبر إضافة 25 عميلاً جديداً كل شهر. ومن حيث الأسعار، نعتمد على معدل ثابت وبسيط، من دون أيٍّ من الحزم المعقدة التي يتعين على عملاء الشركات الخاصة التعامل معها. في واقع الأمر، أقدمنا على رفع سرعة الإنترنت مرتين في غضون 4 سنوات دون إقرار أي زيادة في الأسعار.
ومع أن البعض يعترض على خدمات الـ«برود باند» البلدية بسبب قلقهم إزاء إمكانية أن ينتهي الأمر بتكبيد الحكومة أموالاً، فإنه رغم إمكانية حدوث ذلك بالفعل، تبقى الحقيقة أن ثمة سبلاً كثيرة للاضطلاع بتوفير مثل هذه الخدمة على نحو مسؤول وغير مكلف اقتصادياً. ويعد «كيبل» الألياف البصرية نمطاً من الاستثمار في البنية التحتية قادراً على الاستمرار لعقود، وتملّك المجالس البلدية بوجه عام قدرة جيدة على إدارته، تماماً مثلما الحال مع منظومتي الصرف الصحي والطرق.
وحتى هذه اللحظة، نجحت عائدات خدمة الـ«برود باند» في تغطية تكاليف التشغيل. ونعتمد على الاقتراض في تمويل تكلفة إضافة نحو 300 عميل سنوياً، ونتوقع أنه بحلول عام 2020 ستغطي العائدات تكاليف هذه الخطوات التوسعية أيضاً.
أما الدرس المستفاد من تجربتنا فواضح: واشنطن وشركات الاتصالات الكبرى خذلتنا، لكن القيادات المحلية بإمكانها حماية حقوق الأفراد وتوسيع نطاق خدمة الإنترنت عبر الاعتماد على خدمة الـ«برود باند» على مستوى البلديات.

- خدمة «واشنطن بوست»