ناثان بولارد
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

«أوبك» ترى المستقبل بعدد أقل من السيارات

أصدرت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) مؤخرا تقرير «النظرة العالمية للنفط»، ومن بين ما كشف عنه التقرير، إلى جانب ما أوضحه الكاتب ليام دينينغ من صفحة «غادفلاي» بوكالة بلومبيرغ الإخبارية، أن الطلب طويل الأمد على النفط والصخر الزيتي، هو من التغيرات الجديرة بالذكر في افتراضات التكتل النفطي العالمي حيال سيارات الركاب. وتتوقع منظمة أوبك إنتاج 137 مليون سيارة أقل مما هو متوقع بحلول عام 2040 عما كانت عليه الأوضاع قبل عامين فقط.
ومن المسلم به، أن منظمة أوبك لا تزال تتوقع إنتاج الكثير من السيارات - أكثر من ملياري سيارة - ولكن هذا الرقم يشكل 6 في المائة فقط من التوقعات الصادرة عام 2015.
كما خفضت منظمة أوبك أيضا من توقعاتها بشأن أسطول السيارات الكهربائية العالمي في عام 2040 إلى 235 مليون سيارة من أصل 266 مليون سيارة - وهو انخفاض بنسبة 12 في المائة. مما يعني انخفاضا بنحو 300 مليون سيارة كهربائية عما توقعه زملائي في وحدة «تمويل الطاقة الجديدة» بوكالة بلومبيرغ الإخبارية عن العام نفسه.
وتتوقع منظمة أوبك النمو السلس والثابت للسيارات الكهربائية بواقع 2.7 نقطة مئوية في العام، وهو المعدل نفسه تقريبا الذي كانت تشهده الأسواق. وبطبيعة الحال، فإنه من اليسير نسبيا (ومن الآمن أيضاً) إنتاج الموديلات التي تبدو وكأنها امتداد للسلوكيات المعهودة في الأسواق، ولكن من الصعوبة بمكان (ومن المخاطرة كذلك) العمل على تغيير الموديلات بالكلية.
وهذا لا يعني أن المفكرين الأذكياء لا يمكنهم تصور المستقبل الغريب والمختلف؛ إذ لا يقدم مؤلفو تقرير منظمة أوبك أي تفسير لتوقعاتهم بإنتاج القليل من سيارات الركاب في المستقبل. ولكن تنبؤات وملاحظات الآخرين توضح الأمر بجلاء.
فلنتصور، على سبيل المثال، الدور الذي من المتوقع أن تلعبه السيارات ذاتية القيادة. تعمل شركة «وايمو» المتفرعة عن مؤسسة «ألفابيت» حاليا على اختبار السيارات ذاتية القيادة بالكامل في الشوارع العامة - أي السيارات من دون سائقين من البشر على الإطلاق. ومن شأن هذه المركبات أن تتعرض للحوادث على الطرق، برغم أن حوادثها نادرة للغاية. وقد تميل المجتمعات في وقت من الأوقات إلى انتظار استكمال الأبحاث والاختبارات قبل أن تسمح بانتشار هذه السيارات على نطاق واسع.
ولكن لا ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك. فإن السيارات ذاتية القيادة سوف تكتب فصل النهاية لعصر السيارات، وذلك نقلا عن المدير التنفيذي الأشهر في عالم صناعة السيارات السيد بوب لوتز. والحياة بعد قيادة السيارات سوف تُحدث تغييراً كبيراً في مناظر المدن والتجارب اليومية للناس كافة.
ومن شأن السيارات ذاتية القيادة أن تكون بمثابة النعمة العظيمة لمنظمة أوبك، أو لعلها تكون من المشكلات الخطيرة. فإذا كان انخفاض تكاليف القيادة يعني المزيد من الأميال المسجلة في السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي، فسوف تستفيد أوبك كثيراً وبصرف النظر عن عدد السيارات التي تسير على الطريق. أما إذا كانت السيارات ذاتية القيادة تعمل بالكهرباء، فإن الأميال المضافة سوف تترك الطلب على النفط كما هو أو ربما أقل مما عليه الأمور الآن.
وفي الأثناء ذاتها، فإنها تعمل بالفعل على تغيير تدفقات الحركة المرورية في المدن، حتى مع خيارات العملاء التي تحتم التغيير في الشركات الكبيرة الرائدة. ولم تسترد شركة أوبر حصتها المفقودة في أسواق سان فرنسيسكو ونيويورك منذ حملة «#deleteUber» على وسائل الإعلام الاجتماعية في وقت سابق من العام الحالي. ولكن في محاولات جديدة لتهدئة الأمور مع المدن والجهات الرقابية، يقول المدير التنفيذي الجديد للشركة: «إننا نقوم بالشيء الصحيح. انتهى». ولقد انفتحت شركة أوبر على المصادر المفتوحة فيما يتعلق بلغة الذكاء الصناعي لديها، على الرغم من وجود عنصر المصالحة الذاتية في تلك الخطوة.
وقد تلعب شركات خدمات توصيل الركاب دورا أكبر مع نظر الحكومات في إضفاء الشرعية على مخدر الماريغوانا. وبريتيش كولومبيا، على سبيل المثال، قد تلقت طلبات من 136 من أصحاب المصالح مع الاهتمامات أو التوجيهات المقترحة لتنظيم استخدام نبات القنب للأغراض الترفيهية، بما في ذلك اثنتان من الرابطات - «رابطة بريتيش كولومبيا للنقل البري» و«رابطة بريتيش كولومبيا للسيارات» - التي توصي بصياغة اللوائح لضمان القيادة الآمنة للسيارات.
وأخيراً، يبحث المشاة في المدن عن وسائل لاستعادة مساحات من التي تستغلها السيارات، وتحويل الشوارع الصاخبة والمليئة بالسيارات إلى ممرات للمشي وأروقة للتسوق. وتخطط العاصمة لندن، على سبيل المثال، لتحويل شارع أكسفورد إلى «أفضل تجارب العالم للتسوق في الهواء الطلق».
ولا يوجد ذكر في تقرير منظمة أوبك الأخير يشير إلى أو يتوقع متى ستقود السيارات ذاتية القيادة نفسها، ولكنها السيارات الذاتية، جنباً إلى جنب مع الاستخدام المتعاظم لخدمات تأجير سيارات الركاب الخاصة، والمساحات الموسعة المخصصة للمشاة في المدن، كلها عناصر تساعد في تفسير السبب الجيد وراء توقعات المستقبل مع عدد أقل من السيارات التي تسير على الطرق.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»