العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل

يتسبب في آثار سلبية نفسية وعضوية

العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل
TT

العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل

العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل

كشفت أحدث دراسة نفسية نُشرت في الثلث الأول من شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة «Nature Human Behaviour»، المتخصصة بدراسات السلوك البشري، عن الآثار السلبية الكبيرة الناتجة من معاقبة الأطفال جسدياً على المدى القريب، ولاحقاً في البلوغ، سواء على المستوى العضوي أو النفسي والعاطفي، خصوصاً في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تفتقر للرعاية النفسية والاجتماعية للأطفال والمراهقين.

العقاب البدني

أوضح الباحثون من كلية «شتاينهارت للثقافة والتعليم والتنمية البشرية» بجامعة نيويورك (Steinhardt School of Culture, Education, and Human Development) بالولايات المتحدة، أن هذه الآثار على الرغم من عدم ارتباطها بمجتمع أو بمكان معين فإن الأطفال في الدول النامية والفقيرة يعانون أكثر من أقرانهم في الدول الغنية بسب الموروثات الثقافية والاجتماعية في بعض المجتمعات التي تتعامل مع العقاب البدني وسيلةً للتقويم والتربية بجانب عدم وجود مراكز كافية للتعامل مع العنف الأسري في هذه الدول.

من المعروف أن معظم دول العالم تقريباً شرعت قوانين تحظر ممارسة العقاب البدني للأطفال، وتحاسب مقترفيه، سواء في المدارس أو على المستوى الأسري بعد الدراسات التي أثبتت أضراره. الجدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى منع استخدام القوة البدنية لإلحاق الألم بالطفل كوسيلة للتعليم أو للعقاب، وفي عام 2006 تم تعريف العقاب البدني على أنه أي طريقة يتم بها الحاق الألم بشكل متعمد، سواء كان هذا الضرب عن طريق استخدام أداه معينة مثل العصا، أو كان هذا الضرب مبرحاً أو غير مبرح، بما في ذلك الصفع وحتى مجرد هز الجسد (shaking) بعنف. ونتيجة لهذا التعريف قامت 65 دولة في مختلف قارات العالم بحظر هذه الممارسات بشكل كامل، خصوصاً في الدول ذات الدخل المرتفع.

في الدراسة الحالية قام الباحثون بتحليل بيانات 195 دراسة سابقة تناولت جميعها العقاب البدني على الأطفال. ونُشرت هذه الدراسات في الفترة بين عامي 2002 و2004 وقامت برصد كل الآثار المتعلقة بالعقاب البدني على الأطفال في 92 دولة من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وكذلك تم رصد الدوافع التي تؤدي إلى ممارسته في المدارس والمنازل.

في الدراسة تم تقييم طبيعة العلاقات بين الوالدين والأطفال، وكذلك تقييم الصحة البدنية للأطفال وسلامتهم الجسدية والنفسية ومهارتهم الحركية والإبداعية. وتم البحث عن الظواهر المحيطة بالعقاب البدني مثل وجود مشاكل في النوم من عدمه؟ وهل يقوم الطفل الذي يعاني من العقاب البدني بإيذاء الأطفال الآخرين؟ أو يتعامل بعنف مع الأقران؟ وهل يقوم الطفل بأي عمل آخر بجانب الدراسة؟ وفي حالة عمل الطفل ما هي طبيعة هذا العمل؟ وأيضاً تم رصد طبيعة البيئة المحيطة بالأطفال في المنازل والمدارس وأماكن العمل في حالة عمالة الأطفال.

وتم جمع معلومات تفصيلية عن الأسر لمعرفة الأسباب التي يمكن أن تشجع الآباء على ممارسات سلوكيات عنيفة تجاه أبنائهم، ومعرفة طبيعة وظائفهم ومستواهم المادي والتعليمي والاجتماعي، وكذلك التاريخ المرضي لوجود أمراض نفسية أو تعاطي المخدرات أو شرب الكحوليات. وتم مراعاة البعد الثقافي والاجتماعي لكل مجتمع وطبيعة تقبله للعنف بشكل عام وتقبله للعنف تجاه الأطفال بشكل خاص تدهور العلاقة الوجدانية وجدت الدراسة أن العقاب البدني ارتبط بشكل كبير بعواقب سلبية كبيرة في معظم الدراسات على الأطفال وحدث تراجع وتدهور للعلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل، ما دفع الأطفال إلى التعامل مع العنف باعتباره مكوناً أساسياً في الحياة، وقام معظمهم بممارسة العنف مع الآخرين، سواء بشكل مباشر ضد الأقران في المدرسة أو المحيطين، أو بشكل غير مباشر عن طريق تعمد الإيذاء والتسامح مع السلوكيات العنيفة. وشمل ذلك التعامل العنيف مع الفتيات في مرحلة المراهقة والبلوغ.

كما عانى معظم الأطفال الذين تعرضوا للعنف عانوا من مشكلات تتعلق بالصحة الجسدية مثل الآلام المزمنة والإرهاق المستمر والصداع وانخفاض في جودة النوم، وكذلك من اضطرابات نفسية مختلفة، سواء على مستوى السلوكيات الداخلية مثل الاكتئاب والحزن والانسحاب، أو مستوى السلوكيات الخارجية مثل العدوان والتدمير.

وتعرض هؤلاء الأطفال إلى مشكلات حياتية كبيرة شملت تعاطي الكحوليات والمواد المخدرة والتراجع الأكاديمي، وضعف المهارات اللغوية، وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين نتيجة لضعف المهارات الاجتماعية والعاطفية. جدير بالذكر أن الدراسة أكدت أنه لا توجد أي نتائج إيجابية مرتبطة بالعقاب البدني ضد الأطفال.

وأوضحت أن حدة الآثار الناتجة عن العقاب البدني يمكن أن تختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً للموروثات الاجتماعية والثقافية ما يجعلها أخف أو أكثر وطأة على الطفل لأنها لا تكون علامة على العنف والعدوان من الآباء على الأبناء. وعلى سبيل المثال في المجتمعات التي تتسامح مع ضرب الأطفال في مرحلة عمرية معينة يكون ذلك بمثابة قانون عام يخضع له جميع الأطفال في حالة ارتكاب خطأ معين. وذلك يكون الطفل أكثر تقبلاً من الناحية النفسية لتلقي العقاب بعكس المجتمعات التي تجرم هذه التصرفات، حيث يُعد ذلك نوعاً من الإهانة ما يسبب الألم النفسي للطفل.

نصحت الدراسة بضرورة الحد من هذه الظاهرة المنتشرة في البلدان منخفضة الدخل، حيث تشير التقارير إلى تعرض طفلين على الأقل من كل ثلاثة للعقاب البدني دون سن الخامسة، وهو الأمر الذي يهدد صحة الأطفال العضوية والنفسية بشكل عالمي، خصوصاً حين نعرف أن نسبة تبلغ 90 في المائة من أطفال العالم يعيشون في هذه البلدان.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

6 فوائد صحية مذهلة للقرفة

صحتك هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)

6 فوائد صحية مذهلة للقرفة

نقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن عدد من خبراء الصحة قولهم إن هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عدد من عبوات مشروبات الطاقة (أرشيفية - رويترز)

ما مخاطر مشروبات الطاقة على صحتك؟

مبيعات هائلة ورواج بين فئات متنوعة... ما فوائد وأضرار مشروبات الطاقة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الماء هو من دون شك أفضل السوائل للشرب (رويترز)

للحفاظ على رطوبة جسمك... مشروبات وأطعمة احرص عليها وأخرى تجنبها

عندما يتعرق الجسم يفقد الماء والأملاح والمعادن الأخرى وعندها يحتاج إلى كمية كبيرة من السوائل لتعويض هذه المياه المفقودة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نادلة تقوم بصنع كوب من القهوة في البرازيل (رويترز)

احذر تناول هذه الأدوية مع القهوة

على الرغم من أن مشروبك الصباحي، خاصة القهوة قد تبدو آمنًة، إلا أنه قد تتفاعل مع بعض الأدوية مما يقلل من فعاليتها أو يزيد من آثارها الجانبية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قد يلعب فيروس التهاب الكبد الوبائي سي دوراً في اضطرابات الصحة النفسية (رويترز)

اضطرابات الصحة النفسية قد تنتج عن الإصابة بفيروس شهير

قد يلعب فيروس التهاب الكبد الوبائي سي (HCV) دوراً في اضطرابات الصحة النفسية، مثل الفصام، والاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الشديد، وفقًا لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

6 فوائد صحية مذهلة للقرفة

هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)
هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)
TT

6 فوائد صحية مذهلة للقرفة

هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)
هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)

تعد القرفة من التوابل المحببة إلى الكثير من الأشخاص، والتي تستخدم في مختلف أنواع الأطعمة، سواء من الأكلات العادية أو الحلويات.

ما أهم الفوائد الصحية للقرفة؟

ونقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن عدد من خبراء الصحة قولهم إن هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة، أهمها:

1-تنظيم سكر الدم

تُعدّ من أكثر الفوائد الموثقة علمياً للقرفة هي قدرتها على دعم التحكم في سكر الدم. وقد وجدت دراسة أجريت عام 2023 أن تناول القرفة بانتظام ارتبط بتحسين سكر الدم أثناء الصيام ومؤشرات الغلوكوز على المدى الطويل.

وتقول الدكتورة ميغان روسي، مؤسسة موقع «طبيب صحة الأمعاء»: «يُعد دعم تنظيم سكر الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني من أهم فوائد القرفة الصحية المُثبتة علمياً».

ويُعتقد أن تأثيرات القرفة على سكر الدم تأتي من مركبات مثل سينامالدهيد، والبروسيانيدين، والكاتيكين، وبوليمر ميثيل هيدروكسي شالكون (MHCP)، والتي قد تُحاكي نشاط الإنسولين في الجسم.

2-دعم صحة القلب

تشير العديد من الدراسات إلى أن القرفة قد تدعم صحة القلب بشكل ملحوظ. وقد ثبت أن هذه التوابل تُساعد في تحسين مستوى الكوليسترول وخفض ضغط الدم، خاصةً لدى الأشخاص الذين يُعانون من مشكلات أيضية.

ووجدت دراسة أُجريت عام 2021 أن مُكملات القرفة (مكملات غذائية تحتوي على مستخلص القرفة) ساعدت في خفض مستوى الكوليسترول الضار (LDL)، والكوليسترول الكلي، والدهون الثلاثية.

كما تُشير دراسة أحدث أُجريت عام 2024 إلى أن القرفة قد تُساعد في خفض ضغط الدم عن طريق إرخاء الأوعية الدموية وتخفيف توتر الشرايين.

وتقول أخصائية التغذية جينا هوبي: «لقد ثَبُتَ أن القرفة تزيد من مستوى البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، وهو الكوليسترول الجيد. كما أنه من خلال تحسين مستويات السكر في الدم، ستقلل القرفة من مستويات الالتهابات بالجسم الأمر الذي يؤثر بدوره على القلب».

3-غنية بمضادات الأكسدة

تُقدم القرفة جرعةً وفيرةً من مضادات الأكسدة. وتساعد هذه المركبات على حماية الخلايا من التلف الناتج عن الإجهاد التأكسدي، وهي عملية مرتبطة بالشيخوخة والالتهابات والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان.

وتبدو هذه الفوائد الوقائية واعدة للغاية عند تناول القرفة بانتظام بكميات صغيرة، ليس كمُكمّل غذائي، بل ببساطة كجزء من روتينك المعتاد في الطبخ.

4-كبح الشهية ودعم التحكم في الوزن

مع أن القرفة ليست حلاً سحرياً لفقدان الوزن، غير أنها قد تلعب دوراً داعماً صغيراً في الصحة الأيضية عند استخدامها مع نظام غذائي ونمط حياة متوازنين.

وأُجريت تجربة مُحكمة عام 2023 على مُكمل غذائي يحتوي على القرفة الصينية لدى بالغين يعانون من زيادة الوزن والسمنة، ولاحظ الباحثون أن أولئك الذين تناولوا المُكمل مع اتباع نظام غذائي مُقيد السعرات الحرارية بشكل طفيف شهدوا انخفاضاً في وزن الجسم بنسبة 2.66 في المائة على مدى أربعة أسابيع، مُقارنةً بخسارة 1.28 في المائة في مجموعة الدواء الوهمي. ولم تُسجل أي آثار جانبية كبيرة للمكمل.

ووجدت دراسة أخرى أجريت في العام نفسه، أن القرفة تزيد من مستويات الببتيد الشبيه بالغلوكاجون-١، وهو هرمون يُساعد على تنظيم الشهية ويُشعرك بالشبع بعد الوجبات.

6-تعزيز صحة الدماغ

قد تُقدّم القرفة فوائد أكثر مما تتوقع للدماغ، وفقاً لبعض الأبحاث والدراسات.

ووجدت دراسة أجريت عام 2023 أن مستخلص القرفة يُحسّن الذاكرة لدى الفئران، ويبدو أنه يحمي خلايا الدماغ من التلف. وربط بحث آخر أُجري عام 2022 بين المواد الكيميائية النباتية في القرفة وتأثيراتها المضادة للاكتئاب والمُحسّنة للذاكرة لدى الفئران.

وتقول هوبي: «تشير بعض الأبحاث إلى أن القرفة - وتحديداً مُكوّناتها الحمضية، سينامالدهيد وحمض سيناميك - قد ارتبطت بتحسين الوظائف الإدراكية. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون للقدرات المضادة للأكسدة آثار وقائية على صحة الدماغ».

عاجل طائفة الدروز في سوريا تطالب بسحب جميع القوات التابعة لـ«حكومة دمشق»