صفع الوالدين للطفل... الجدل يتجدد بين المنع والإباحة

تعرض الطفل للضرب قد يؤثر مستقبلاً في قدرته على صنع القرار ومعالجة المواقف (ديلي ميل)
تعرض الطفل للضرب قد يؤثر مستقبلاً في قدرته على صنع القرار ومعالجة المواقف (ديلي ميل)
TT

صفع الوالدين للطفل... الجدل يتجدد بين المنع والإباحة

تعرض الطفل للضرب قد يؤثر مستقبلاً في قدرته على صنع القرار ومعالجة المواقف (ديلي ميل)
تعرض الطفل للضرب قد يؤثر مستقبلاً في قدرته على صنع القرار ومعالجة المواقف (ديلي ميل)

تشكل مسألة القبول المجتمعي لصفع الوالدين للطفل قضية جدلية داخل العديد من الدول، وسط انقسام بين من يعتقد أن الآباء أحرار في ضرب أطفالهم، وآخرين يجرمون المسألة باعتبارها مسألة «قانونية».
وجدد هذا الجدل، مؤخراً، وزير التعليم البريطاني نديم الزهاوي، حين قال: «تأديب الأطفال يجب أن يترك للوالدين، وأن الدولة لا يجب أن (تربي) الآباء حول كيفية تربية أبنائهم».
ويُعد صفع الأطفال قضية «غير قانونية» حالياً في 63 دولة، بما في ذلك ويلز وأسكوتلندا. لكن في إنجلترا وآيرلندا الشمالية، يظل الآباء أحراراً في ضرب أطفالهم.
وتستند الحجة الرئيسية لمنع عدد من الدول للآباء من صفع أطفالهم إلى احترام حقوق الوالدين.
في المقابل، تجادل مجموعات حماية الطفل وعلماء النفس بأن قرار حظر الصفع يجب أن يعتمد على ما هو الأفضل للطفل بدلاً من الوالد. يشيرون إلى البحث النفسي كمصدر للمعلومات حول ما البحث عن الصفع
وتوصلت الأبحاث إلى أن العقاب البدني مثل الضرب غير فعال وسيئ لنمو الأطفال، حيث أشارت هذه الأبحاث التي حللت مجموعة من الدراسات حول العقوبة الجسدية مثل الضرب، أن هذه العقوبة في الواقع جعلت سلوك الطفل أسوأ.
على سبيل المثال، لا يزال الأطفال لا يطيعون أوامر الوالدين بعد تأديبهم، في كثير من الأحيان، وعندما يستجيبون لذلك، فإن العقوبة مثل الضرب لا تساعد الطفل على فهم سبب خطأ أفعالهم.
مبرر آخر رصدته الأبحاث هو أن الطفل قد يكون منغمساً في عواطفه الخاصة، بحيث لا يتمكن من فهم سبب خطأ أفعاله، بينما قد يتبع الطفل أوامر والديهم، في المستقبل، بسبب الخوف من التعرض للعقاب الجسدي مرة أخرى، وليس لأنهم يفهمون أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.
وتشير الأبحاث إلى كيفية تأثير الصفع على نمو الطفل، حيث تربط بين العقاب البدني بمشاكل الصحة السلوكية والاجتماعية والعقلية طوال فترة الطفولة والمراهقة.
وتؤكد أنه من المرجح أن يعاني الأطفال من مشكلات نفسية، مثل القلق والاكتئاب، ويصبح لديهم أيضاً فرصة أكبر لتطوير العدوانية والانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر، قد يترتب عليها ضرر في العلاقة بين الوالد والطفل وبين الطفل وأقرانه.
استجابة الإجهاد
يلعب الضغط الأبوي دوراً مهماً في الاضطرار لاستخدام العقاب البدني، حيث يشكل توتر الوالدين سبباً رئيسياً للميل لاستخدام التأديب الأكثر صرامة، في ضوء أنهم أقل حساسية تجاه احتياجات أطفالهم.
وقد ينتهي الأمر بالوالد الذي يضرب طفله أحياناً بضرب طفله في كثير من الأحيان أو استخدام أشكال أشد من التأديب الجسدي عندما يصبحون متوترين. فالضرب هو رد فعل عاطفي، يحدث غالباً عندما لا يعرف الآباء كيفية التحكم في أطفالهم.
وتشير نتائج دراسة لجامعة وينشستر البريطانية، تم إجراؤها خلال أول إغلاق لـ«كورونا» في المملكة المتحدة، بأن الآباء الذين تعرضوا للتوتر الشديد أنهم قاموا بتأديب أطفالهم بشكل متكرر وكانوا أكثر قسوة معهم.
وتتوافق النتائج إليها مع تقارير متعددة تزعم أن خطر العنف ضد الأطفال ازداد في جميع أنحاء العالم خلال عمليات الإغلاق بسبب «كوفيد - 19».
ومع ذلك، جادل بعض علماء النفس بالتأكيد على أنه لا يمكن الجزم بأن الضرب أمر سلبي للأطفال.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».