ريال مدريد... «كثير من الضجيج لكن بلا مكاسب»

بعض الجماهير رددت اسم ناديها «ملك أوروبا» ربما من باب العادة لا القناعة

أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً (رويترز)
أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً (رويترز)
TT

ريال مدريد... «كثير من الضجيج لكن بلا مكاسب»

أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً (رويترز)
أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً (رويترز)

عشية مواجهة الإياب أمام آرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، كان مشجعو ريال مدريد يعلمون جيداً أن فريقهم لم يُقدّم شيئاً يُذكر في مباراة الذهاب التي انتهت بثلاثية نظيفة لصالح الفريق اللندني. ومع ذلك، كان هناك أملٌ دائم يسكن قلوب أنصار النادي الملكي، أملٌ اسمه الـ«ريمونتادا»... فقد رأوا من قبل معجزات كروية تحققت على عشب الـ«برنابيو»، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

ليس من السهل تجاهل تشكيلة مدريد المرصّعة بالنجوم: كيليان مبابي، وجود بيلينغهام، وفينيسيوس جونيور ورودريغو؛ أسماء تلمع على الورق وتبهر الخصوم. وهي أسماء لا يمتلك أي نادٍ آخر في البطولة مثلها. وعلى مرّ السنوات الأخيرة، شهد الـ«برنابيو» انتفاضات درامية لا تُنسى على حساب عمالقة مثل مانشستر سيتي، وتشيلسي، وباريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ.

مع انطلاق صافرة البداية، دخل لاعبو أنشيلوتي المواجهة بنيات هجومية واضحة، وكأنهم يعِدون جماهيرهم بعرض تاريخي جديد. لم تمر سوى دقيقتين حتى وجد مبابي الكرة في الشباك بعد تمريرة من فينيسيوس، لكن فرحة الهدف أُلغيت بسرعة براية التسلل.

كان ذلك كافياً لتأجيج المشاعر في المدرجات، خاصةً بعد تصدٍّ رائع من كورتوا لركلة جزاء سددها ساكا. بدا كأن الـ«ريمونتادا» ممكنة...

لكن كما يقول الإسبان: «Mucho ruido y pocas nueces» – «كثير من الضجيج، لكن بلا مكاسب». ريال مدريد تحدَّث كثيراً عن عظمة لاعبيه وتاريخه البطولي في أوروبا، لكنه على أرض الملعب لم يظهر شيئاً من هذا.

أنشيلوتي ولاعبوه حاولوا الحفاظ على إيقاع سريع، فكان كورتوا يعيد اللعب بسرعة، ومبابي وفينيسيوس ينطلقان كالسهم كلما امتلكا الكرة. لكن مع مرور الوقت، ثبّت آرسنال أقدامه. وعندها، انكشفت الحقيقة: لا خطة واضحة، لا تنظيم، لا أفكار، ولا حتى أمل.

حتى عندما نال مبابي ركلة جزاء مشكوكاً فيها بعد تدخل خفيف -بل وهمي- من ديكلان رايس، تدخل الـ«VAR» ليُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ومعها تراجعت احتمالات العودة شيئاً فشيئاً.

في الشوط الثاني، أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً. بيلينغهام تسلّل داخل منطقة الجزاء لكنه انتظر التلامس بدلاً من التسديد. فينيسيوس أضاع فرصة ثمينة بانفراده دون تمرير، ومبابي أدار وجهه بخيبة واضحة.

عجز الفريق عن خلق فرص حقيقية (إ.ب.أ)

إنها المشكلة نفسها التي لاحقت الفريق هذا الموسم: نجوم كبار يلعبون بشكل فردي، لا ضمن منظومة جماعية. أنشيلوتي بدا فاقداً للسيطرة، فأجرى تغييراً ثلاثياً عند الدقيقة 60، وأدخل الواعد إندريك، لكن شيئاً لم يتغير.

مع تمريرة عرضية عشوائية من بيلينغهام خرجت دون عنوان، دوّت صافرات الاستهجان في الـ«برنابيو». بدا الأمر كأن الفريق استسلم، وفعلاً حدث ذلك عندما مرّر ميرينو كرة ساحرة لساكا الذي أسكنها الشباك ببراعة، ليُظهر الفرق الشاسع بين ما يمكن أن تفعله «الفِرَق» وما تعجز عنه «الأسماء».

على مدار مباراتي الذهاب والإياب، لم يقدّم ريال مدريد أي لمحة من لعب جماعي منظم. هذا النوع من الانسجام والتفاهم هو مفتاح النجاح في دوري أبطال أوروبا الحديث. صحيح أن الفريق فاز بالبطولة 6 مرات في آخر 11 موسماً، لكن ذلك كان دائماً بفضل توليفة من الموهبة والقيادة والعقلية الجماعية، يقودها بنزيمة، وكروس، ومودريتش.

أما الآن، فلا أثر يُذكر لتلك الروح. حتى هدف فينيسيوس الوحيد جاء من خطأ فردي في التمرير من ساليبا، لا من هجمة مدروسة أو تعاون جماعي. كان ذلك الهدف كافياً فقط لكسر صيام الفريق التهديفي الأوروبي الذي تجاوز 300 دقيقة، لكنه لم يكن مؤشراً على عودة حقيقية.

وفي ظل عجز الفريق عن خلق فرص حقيقية، كان الحل الوحيد هو إرسال عشرات العرضيات العشوائية إلى منطقة جزاء آرسنال، حيث كانت دفاعات أرتيتا بانتظارها مثل الجدران.

كل تبديلات أنشيلوتي، وكل محاولاته لإعادة ترتيب الأوراق، لم تُخفِ حقيقة واحدة: الرجل لم يعد يعرف كيف يُشكّل فريقاً من هذه المجموعة. وصول مبابي، ورحيل كروس، وتعدد الإصابات الدفاعية، كل ذلك أثّر على التوازن، لكن المدرب الإيطالي لم ينجح في تكوين منظومة فعّالة رغم كل أدواته.

اللقطة الرمزية الأبرز في المباراة جاءت قبل النهاية بـ15 دقيقة: مبابي يصاب أثناء تدخله على رايس، ويخرج وسط صافرات الاستهجان. الـ«ريمونتادا» كانت قد انتهت فعلياً، لكن بعض الجماهير ظلّت تردد الأهازيج عن كون مدريد «ملك أوروبا»... ربما من باب العادة، لا القناعة.

حتى قبل أن يسجّل مارتينيلي الهدف الخامس لآرسنال في مجموع اللقاءين، كانت المدرجات قد بدأت تتفرغ تدريجياً. كان مشهداً محرجاً للجميع، حتى لأولئك الذين لا يريدون الاعتراف بذلك. لاعبون، محللون، وجماهير انساقوا خلف حلم الـ«ريمونتادا»، لكن الواقع على أرض الملعب لم يحمل إلا الضياع والفوضى والعجز.

لم يقدّم ريال مدريد أي لمحة من لعب جماعي منظم (رويترز)

وهذه ليست أول مرة يحدث فيها ذلك. مدريد خسر ثلاثاً من أول خمس مباريات في دور المجموعات هذا الموسم، وربما لم يكن يستحق الوصول إلى ربع النهائي من الأساس. ما أوصله إلى هذه المرحلة كان هالته التاريخية، وخوف خصومه، لا قوته الفعلية.

مانشستر سيتي، على سبيل المثال، انهار في اللحظات الأخيرة رغم تفوقه، وأتلتيكو مدريد خسر صراعه الذهني قبل التكتيكي. لكن أمام آرسنال، لم تكن هناك فرصة للخداع، ففريق أرتيتا كان أفضل في كل شيء.

الآن، على أنشيلوتي ولاعبيه أن يعيدوا حساباتهم قبل نهائي كأس الملك أمام برشلونة بعد 10 أيام، خصوصاً أن «البارسا» سبق أن تفوق عليهم مرتين هذا الموسم. الخطر حقيقي، والإحراج وارد.

وفي المقابل، سيسرّع فلورنتينو بيريز وإدارته خطواتهم لترتيب الصيف المقبل، لأن الحقيقة التي أكّدها هذا الإقصاء واضحة: ريال مدريد يمتلك أسماء مذهلة، لكنه لا يمتلك «فريقاً».


مقالات ذات صلة

ريال مدريد يضم الشاب الأرجنتيني ماستانتوونو مقابل 52 مليون دولار

رياضة عالمية فرانكو ماستانتوونو (أ.ف.ب)

ريال مدريد يضم الشاب الأرجنتيني ماستانتوونو مقابل 52 مليون دولار

أعلن ريال مدريد الإسباني، الجمعة، توصله إلى اتفاق لضم صانع الألعاب الشاب فرانكو ماستانتوونو (17 عاما) من ريفربليت الأرجنتيني مقابل صفقة بلغت 52 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية فينيسيوس جونيور وكيليان مبابي (أ.ف.ب)

مونديال الأندية: فينيسيوس وهالاند ولاوتارو... نجوم يسعون للثأر

سيجد البرازيلي فينيسيوس جونيور والنرويجي إرلينغ هالاند والأرجنتيني لاوتارو مارتينيز دافعاً إضافياً في مونديال الأندية للعودة إلى سكة الانتصارات التي تاهوا عنها.

«الشرق الأوسط» (ميامي (الولايات المتحدة))
رياضة عالمية بيريز وترينت ألكسندر-أرنولد (نادي ريال مدريد)

بيريز لأرنولد: مرحباً بك في النادي الأكثر نجاحاً بالعالم

قدم نادي ريال مدريد الإسباني مدافعه الإنجليزي الدولي ترينت ألكسندر-أرنولد بوصفه لاعباً جديداً في صفوف الفريق، الخميس.

«الشرق الأوسط» (مدريد )
رياضة عالمية تشابي ألونسو (نادي ريال مدريد)

«مونديال الأندية»: ريال مدريد المتجدد مع ألونسو للعودة إلى منصة التتويج

بعد أن أنهى ريال مدريد الإسباني موسمه بطريقة مخيِّبة، باتت كأس العالم للأندية تكتسب أهميةً مضاعَفةً بالنسبة لعملاق الكرة الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة سعودية كانسيلو لاعب نادي الهلال (نادي الهلال)

كانسيلو: قوة الدوري السعودي ستدفعنا للتألق في المونديال

أكد البرتغالي جواو كانسيلو لاعب الهلال أن الفريق يهدف للتأهل من دور المجموعات ثم التفكير في كل مباراة على حدة للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في مونديال الأندية.

نواف العقيّل (الرياض )

«أوبتا» ترشح الهلال لعبور مجموعته «المونديالية» بنسبة 47.5 في المائة

لاعبو الهلال في الطائرة التي أقلتهم إلى العاصمة الأميركية (نادي الهلال)
لاعبو الهلال في الطائرة التي أقلتهم إلى العاصمة الأميركية (نادي الهلال)
TT

«أوبتا» ترشح الهلال لعبور مجموعته «المونديالية» بنسبة 47.5 في المائة

لاعبو الهلال في الطائرة التي أقلتهم إلى العاصمة الأميركية (نادي الهلال)
لاعبو الهلال في الطائرة التي أقلتهم إلى العاصمة الأميركية (نادي الهلال)

بينما تنطلق فجر الأحد، النسخة التاريخية الأولى من كأس العالم للأندية بنظامها الجديد (32 فريقاً) في الولايات المتحدة، تتجه الأنظار نحو ممثلي العرب الأربعة في البطولة، وفي مقدمتهم الهلال السعودي، الذي يدخل المنافسة بأسماء عالمية ومدرب إيطالي جديد، على أمل صنع مفاجأة تقلب التوقعات التي وضعتها خوارزميات «أوبتا».

وغادرت بعثة الهلال تجاه العاصمة الأميركية واشنطن، عبر طائرة خاصة، من أجل الانضمام لمعسكر الفريق تأهباً للمشاركة في كأس العالم للأندية.

وترأس بعثة الهلال المغادرة فهد المفرج المدير التنفيذي لكرة القدم بنادي الهلال، ووجِد جميع لاعبي الفريق، ما عدا مجموعة من اللاعبين الشبان المنضمين حديثاً للفريق، بسبب عدم استخراج تأشيرة الدخول لأميركا.

وسيقيم الفريق في فندق الريتز كارلتون بواشنطن، وسيتدرب في مركز دي سي يونايتد، ليسبورغ، على أن يغادر الفريق نحو مدينة ميامي قبل يوم من مواجهته أمام ريال مدريد الإسباني في 18 يونيو (حزيران) الحالي، لإجراء مرانه الأخير هناك.

وبحسب ما نشرته «لاغازيتا»، يحضر الهلال إلى البطولة بقيادة المدرب سيموني إنزاغي، وبكتيبة مليئة بالنجوم، لكنه رغم ذلك لا يحظى إلا بـ0.3 في المائة فقط من فرص التتويج باللقب، بحسب توقعات «سوبر كمبيوتر» (أوبتا). ومع ذلك، فإن الفريق الأزرق يملك فرصة شبه متكافئة لتجاوز دور المجموعات بنسبة 47.5 في المائة، وفرصة للوصول إلى ربع النهائي بنسبة 12.4 في المائة. ووفق التصنيف، فإن الهلال قد يصطدم في الأدوار الإقصائية مبكراً بفرق بحجم مانشستر سيتي أو يوفنتوس، ما قد يحد من آماله.

انزاغي يشير إلى الكاميرا قبل المغادرة إلى واشنطن (نادي الهلال)

أما الأهلي المصري، زعيم أفريقيا، فتمنحه الخوارزميات فرصة قدرها 45.1 في المائة لتجاوز المجموعات، و9.6 في المائة للوصول إلى ربع النهائي، وتقل تدريجياً لتصل إلى 0.2 في المائة فقط للفوز باللقب.

وعلى الرغم من هذه التوقعات المتواضعة، فإن خبرة الأهلي الكبيرة في المسابقات العالمية والقارية، تجعله دوماً مرشحاً لكسر الأرقام والتسلل إلى الأدوار المتقدمة.

وتبدو الحال أكثر تعقيداً لدى الوداد البيضاوي المغربي، الذي وُضع في فئة الفرق الأضعف حظاً، مع نسبة 19 في المائة فقط لتجاوز مرحلة المجموعات، وصفر في المائة للفوز باللقب. الوداد سيدخل البطولة باحثاً عن استعادة توازنه القاري، ولكن المهمة تبدو صعبة في ظل مستوى الخصوم وسيناريوهات المواجهات المحتملة.

والمفاجأة أن العين الإماراتي، بطل آسيا 2024، لم يظهر في قائمة «أوبتا» لأفضل 25 فريقاً من حيث فرص التتويج، ما يُرجح إدراجه ضمن الفرق ذات «فرص 0 في المائة»، بحسب ما ورد في القائمة التحليلية.

ورغم ذلك، فإن الأداء الذي قدّمه الفريق الإماراتي في دوري أبطال آسيا، يُوحي أنه قادر على تخطي التوقعات الأولية.

وبعد استعراض الواقع العربي، لا بد من التوقف عند الصورة الأشمل التي رسمها «سوبر كمبيوتر» (أوبتا) للبطولة، والتي ضمّت 32 فريقاً من مختلف القارات.

ففي المقدمة، يتصدر باريس سان جيرمان قائمة المرشحين بنسبة 18.5 في المائة للفوز بالبطولة، يليه مانشستر سيتي (17.8 في المائة)، ثم بايرن ميونيخ (15.9 في المائة)، بينما يحتل إنتر ميلان المرتبة الرابعة بـ12.3 في المائة. ويأتي ريال مدريد في المركز الخامس بنسبة 9.2 في المائة، ثم تشيلسي، ودورتموند، وأتلتيكو مدريد، ويوفنتوس (3.6 في المائة).

في المقابل، هناك 9 أندية حصلت على 0 في المائة من التوقعات للفوز، وعلى رأسها أوكلاند سيتي النيوزيلندي، الذي منحه التحليل 0.1 في المائة فقط لتجاوز دور المجموعات، أي أنه في نظر الخوارزميات لا يملك فرصة حقيقية حتى للوصول إلى دور الـ16.

ورغم أن التوقعات الرقمية لا تُنصف الأندية العربية، فإن تاريخ الكرة لا يُكتب بالأرقام فقط. فالهلال يملك كل عناصر المفاجأة، والأهلي اعتاد قلب الموازين، والعين والوداد قادران على الارتقاء إن أحسنا التعامل مع البدايات. وفي بطولة مثل كأس العالم للأندية، فإن من اعتاد الحلم... لا يعرف المستحيل.

ويوجد الهلال في المجموعة الثامنة، بجوار فرق ريال مدريد الإسباني، وسالزبورغ النمساوي، وباتشركا المكسيكي.