الشعور بالوحدة يزيد احتمالات فقدان السمع

خصوصاً لدى النساء

فقدان السمع من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في العالم (جامعة كوينزلاند)
فقدان السمع من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في العالم (جامعة كوينزلاند)
TT

الشعور بالوحدة يزيد احتمالات فقدان السمع

فقدان السمع من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في العالم (جامعة كوينزلاند)
فقدان السمع من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في العالم (جامعة كوينزلاند)

كشفت دراسة صينية عن أدلة قوية تشير إلى أنَّ الشعور بالوحدة قد يزيد من خطر الإصابة بفقدان السمع بشكل مستقل عن العوامل الأخرى.

وأوضح الباحثون، بقيادة جامعة تيانجين، أنّ هذه الدراسة تضيء على الوحدة بوصفها عامل خطر نفسياً - اجتماعياً مستقلاً قد يُسهم في فقدان السمع؛ ونُشرت النتائج، يوم الخميس، في دورية «Health Data Science».

ويُعدّ فقدان السمع من أكثر الحالات الصحية شيوعاً على مستوى العالم، إذ يؤثّر في أكثر من 1.5 مليار شخص. ورغم أنّ العوامل الفسيولوجية والسلوكية المرتبطة بهذه الحالة موثَّقة جيداً، فإنّ دور العوامل النفسية والاجتماعية، مثل الشعور بالوحدة، لم يحظَ بالاهتمام الكافي. وهدفت الدراسة إلى التحقق مما إذا كانت الوحدة مجرّد نتيجة لفقدان السمع، أم أنها أيضاً عامل يُسهم في تطوره.

واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات نحو 491 ألف مشارك، وتابعوهم على مدى زمني متوسط بلغ 12.3 عاماً. وقيس شعور الأفراد بالوحدة في بداية الدراسة من خلال سؤال واحد قائم على التقييم الذاتي، في حين حُدّدت حالات فقدان السمع الجديدة عبر السجلات الصحية الإلكترونية.

وأظهرت النتائج أنّ الأفراد الذين أفادوا بشعورهم بالوحدة كانوا أكثر عرضة للإصابة بفقدان السمع بنسبة 24 في المائة مقارنة بغيرهم، حتى بعد ضبط التحليلات وفق عوامل متعدّدة؛ مثل: العمر، والجنس، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والسلوكيات الصحية، والأمراض المصاحبة، واستخدام الأدوية التي تؤثّر في الأذن، والعزلة الاجتماعية، والاكتئاب، والاستعداد الوراثي.

وكانت العلاقة بين الوحدة وفقدان السمع أكثر وضوحاً في حالات فقدان السمع الحسّي العصبي، وهو النوع المرتبط بتلف القوقعة أو الأعصاب السمعية. كما بدت هذه العلاقة أقوى لدى النساء مقارنة بالرجال.

وأشار الباحثون إلى أنّ الاستعداد الوراثي لفقدان السمع يزيد من خطر الإصابة، لكنه لم يُضعف تأثير الوحدة، مما يدلّ على أنّ للوحدة تأثيراً مستقلاً يعمل عبر مسارات مختلفة.

ويرجّح الفريق البحثي أنّ عدة آليات قد تفسّر هذه العلاقة، منها الالتهابات الناتجة عن الوحدة، وارتفاع ضغط الدم، والاستجابات الهرمونية المرتبطة بالتوتر، بالإضافة إلى الأمراض المزمنة والسلوكيات غير الصحية المرتبطة بالوحدة؛ مثل: التدخين، وقلّة النشاط البدني، وسوء التغذية، واضطرابات النوم.

وتؤكد النتائج وجود علاقة وثيقة بين المشاعر الاجتماعية، مثل الوحدة، وبين مشكلات صحية جسدية، مما يدعو إلى التعامل مع الوحدة بكونها قضية صحية عامة، وليست مجرّد حالة عاطفية.

وأضاف الفريق أنّ هذه النتائج تفتح المجال لتضمين البرامج الاجتماعية والنفسية ضمن استراتيجيات الوقاية من فقدان السمع، إلى جانب التركيز على الرعاية السمعية التقليدية. وإذا أثبتت الدراسات المستقبلية أنّ تقليل الشعور بالوحدة يمكن أن يحدّ من خطر فقدان السمع، فقد يُمهّد ذلك لتدخلات وقائية جديدة تستهدف الصحة النفسية والاجتماعية للحفاظ على حاسة السمع.


مقالات ذات صلة

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

صحتك الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق باطن الكوكب يتحكّم في الأكسجين (ناسا)

باطن الأرض يتحكَّم في مستويات الأكسجين بالغلاف الجوّي

اكتشاف مثير يربط بين النشاط العميق في باطن الأرض والتغيّرات في تركيبة الغلاف الجوّي، وتحديداً مستويات الأكسجين، وذلك على مدى أكثر من 540 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا «غارتنر»: نجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار يعتمد على وجود حوكمة قوية وبُنية بيانات متماسكة (غيتي)

«غارتنر»: الذكاء الاصطناعي سيتخذ نصف قرارات الأعمال بحلول 2027

بحلول 2027، سيتولى الذكاء الاصطناعي نصف قرارات الأعمال، ما يعني أن نجاح المؤسسات سيتوقف على الحوكمة وجودة البيانات ووعي القادة بقدرات التقنية وحدودها.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)

برنامج صحي مبتكر للوقاية من السكري

كشفت دراسة بريطانية أن البرنامج الوقائي الذي أطلقته هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، نجح في تقليل معدلات الإصابة بالسكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
TT

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

وأوضح الباحثون أن فعالية الدواء ترجع إلى آلية غير تقليدية تتعلق بخفض ضغط سوائل الدماغ، وعُرضت النتائج، الجمعة، ضمن فعاليات مؤتمر الأكاديمية الأوروبية لعلم الأعصاب، الذي يُعقد بين 21 و24 يونيو (حزيران) 2025 في هلسنكي، بفنلندا.

ويُعد الصداع النصفي اضطراباً عصبياً شائعاً، يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس، وغالباً ما يتركز في جانب واحد. وتُصاحب النوبات أحياناً أعراض مثل الغثيان، والتقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء أو الصوت، وقد تستمر من ساعات لأيام.

وتختلف شدة وتكرار النوبات من شخص لآخر، ويُعد الصداع النصفي من أبرز أسباب الإعاقة المؤقتة عالمياً، لا سيما بين النساء. وعلى الرغم من توفر عدة أدوية للتخفيف من حدة النوبات أو الوقاية منها، فإن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، مما يدفع للبحث عن بدائل علاجية جديدة وفعالة.

وأُجريت الدراسة على 26 من البالغين المصابين بالسمنة والصداع النصفي المزمن، بهدف اختبار فعالية دواء «ليراجلوتيد» (liraglutide)، وهو من فئة أدوية (GLP-1) المعروفة بتأثيرها في خفض سكر الدم، وكبح الشهية، وتقليل الوزن، ويُستخدم على نطاق واسع لعلاج السكري.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد أيام الصداع، بمعدل 11 يوماً أقل شهرياً، بعد استخدام الدواء لمدة 12 أسبوعاً. كما انخفضت درجات الإعاقة على مقياس تقييم إعاقة الصداع النصفي بمقدار 35 نقطة، وهو تحسن كبير ذو دلالة سريرية، يعكس استعادة المرضى لقدرتهم على العمل، والدراسة، والنشاط الاجتماعي.

وأشار الباحثون إلى أن معظم المرضى شعروا بتحسن ملحوظ خلال أول أسبوعين من بدء العلاج، واستمر هذا التحسن طوال فترة الدراسة التي امتدت لثلاثة أشهر.

آثار جانبية طفيفة

ورغم أن «ليراجلوتيد» معروف بفعاليته في تقليل الوزن، فإن التغير في مؤشر كتلة الجسم للمشاركين لم يكن ذا دلالة إحصائية، ما يُعزز فرضية أن التحسن في الصداع ناجم عن خفض ضغط السائل الدماغي الشوكي، وليس عن خسارة الوزن.

ويعتقد الفريق أن تقليل ضغط هذا السائل يخفف من الضغط على الجيوب الوريدية داخل الجمجمة، مما يؤدي لتقليل إفراز أحد المحفزات الرئيسية لنوبات الصداع النصفي.

وسُجّلت آثار جانبية طفيفة لدى 38 في المائة من المشاركين، تمثلت غالباً في الغثيان والإمساك، لكنها لم تؤدِ إلى توقف أي من المرضى عن الاستمرار في العلاج.

ويُخطط الفريق حالياً لإجراء تجربة سريرية جديدة لاختبار أدوية أخرى تنتمي للفئة نفسها، قد تحقق التأثير العلاجي ذاته مع آثار جانبية أقل. وإذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد تُفتح آفاق جديدة لعلاج الصداع النصفي، خصوصاً أولئك الذين لم تنجح معهم العلاجات المتوفرة حالياً.