لهذا السبب... باحثون يحذرون من اتباع الحميات منخفضة الكربوهيدرات

كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى سرطان القولون والمستقيم
كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى سرطان القولون والمستقيم
TT
20

لهذا السبب... باحثون يحذرون من اتباع الحميات منخفضة الكربوهيدرات

كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى سرطان القولون والمستقيم
كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى سرطان القولون والمستقيم

ازدادت شعبية الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، مثل حمية «الكيتو»، في السنوات الأخيرة، ولكن كثيراً من الخبراء يتساءلون عما إذا كانت الآثار الصحية لاتباع نظام غذائي أكثر تقييداً قد تكون لها عواقب سلبية.

ووفق موقع «ميديكال نيوز توداي»، أجرى باحثون من جامعة تورونتو في كندا، مؤخراً، دراسة لاستكشاف كيفية تأثير الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على البكتيريا المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم.

واستخدم الباحثون في دراستهم فئراناً، ودرسوها على أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات، وأخرى عادية، وأخرى غربية، وسلالات مختلفة من البكتيريا.

ركزوا على ما إذا كانت هذه الأنظمة الغذائية تؤثر على بكتيريا معينة، وكيف يمكن أن يساهم ذلك في تطور سرطان القولون والمستقيم.

وأظهرت نتائج دراستهم أن نوعاً من بكتيريا الإشريكية القولونية يتأثر سلباً بالأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات. ووجد العلماء أنها تزيد من تطور الزوائد اللحمية. بعض الزوائد اللحمية لديها القدرة على التطور إلى سرطان القولون والمستقيم.

كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى السرطان؟

يُعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً حول العالم. وفي عام 2022، شُخِّصت أكثر من 1.9 مليون حالة. وهو ثاني أكثر أسباب الوفاة شيوعاً.

وأظهرت البيانات الحديثة أن حالات سرطان القولون والمستقيم لدى البالغين الذين تتراوح سنهم بين 30 و34 عاماً شهدت زيادة بنسبة 71 في المائة، وبين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و39 عاماً، بنسبة 58 في المائة بين عامي 1999 و2020.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات لمرضى سرطان القولون والمستقيم 64.4 في المائة.

في حين أنه لا توجد طريقة تضمن الوقاية من سرطان القولون والمستقيم، فإن هناك بعض الطرق التي يمكن للناس من خلالها تقليل خطر الإصابة به، من خلال:

- الإقلاع عن التدخين.

- الحد من تناول الكحول.

- اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة.

- التقليل من تناول الأطعمة المصنَّعة واللحوم الحمراء.

ونظراً لاشتباه الباحثين في ارتباط الخيارات الغذائية بتطور سرطان القولون والمستقيم، هدفت الدراسة الجديدة إلى تحديد ما إذا كانت هناك صلة بين أنواع معينة من الأنظمة الغذائية وأنواع معينة من البكتيريا.

ركز الباحثون على 3 أنواع من البكتيريا: العصوانية الهشة، والملوية الكبدية، والإشريكية القولونية التي استخدموها مع الفئران.

وقال الباحثون في ورقة الدراسة: «تُسبب هذه الكائنات الدقيقة تلفاً في الحمض النووي بالخلايا الظهارية المعوية، إما بشكل مباشر من خلال إنتاج السموم الجينية، وإما بشكل غير مباشر من خلال تحفيز وسطاء التهابيين يُلحقون الضرر بالحمض النووي».

وركَّزت الدراسة على الفئران التي خضعت لنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات والألياف، ونظام غذائي عادي، ونظام غذائي غربي غني بالدهون والسكر.

الإشريكية القولونية والأنظمة منخفضة الكربوهيدرات

بعد إطعام الفئران أنواعها الغذائية المحددة لمدة 9 أسابيع، فحص العلماء نمو الزوائد اللحمية، ثم قاموا بقياس أي نمو للزوائد اللحمية مرة أخرى بعد 16 أسبوعاً.

من بين البكتيريا والأنظمة الغذائية التي خضعت للاختبار، أظهر الجمع بين النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات والإشريكية القولونية فقط إمكانية زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. وهذا أمر بالغ الأهمية، إذ وفقاً لمؤلفي الدراسة، توجد الإشريكية القولونية في 60 في المائة من حالات سرطان القولون والمستقيم.

وأظهرت الفئران التي اتبعت هذا الجمع عدداً أكبر من السلائل والأورام، مما قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت هذه الفئران أيضاً تلفاً في الحمض النووي وعلامات أخرى تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

وأدى النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات إلى ترقيق الطبقة المخاطية في القولون التي تحمي من الميكروبات. وفي الفئران التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات، سمح ذلك للكوليباكتين بالوصول إلى خلايا القولون. الكوليباكتين هو سم جيني -مصدر موثوق- يتلف الحمض النووي.

كما عانت هذه الفئران شيخوخة الخلايا، مما قد يسبب تطوراً السرطان. ووجد الباحثون انخفاضاً في مستويات تنظيم صحة الأمعاء لدى الفئران التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات والألياف مع الإشريكية القولونية، مما يساهم في الالتهاب.

بشكل عام، عانت الفئران التي اتبعت حمية غذائية منخفضة الكربوهيدرات مع بكتيريا الإشريكية القولونية من اضطراب وتلف كبيرين في ميكروبيوم أمعائها، مما جعل الباحثين يعدُّونها بيئة مُحفزة لسرطان القولون والمستقيم.

على الرغم من أهمية هذه النتائج، وجد الباحثون أن إضافة الألياف إلى حميات هذه الفئران قللت من تكوُّن الأورام، وساعدت في السيطرة على الالتهابات.

ويسعى الباحثون إلى مواصلة هذا المسار البحثي من خلال تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الألياف أكثر حماية، ودراسة آثارها على البشر.


مقالات ذات صلة

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

صحتك دماغ (أرشيفية - رويترز)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

رغم بدء استخدامه في ستينات القرن الماضي، فإن المصادر الطبية لا تزال تؤكد أن اختبار إجهاد القلب هو أحد أكثر الاختبارات شيوعاً وأهمية في الطب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

كشفت دراسة نفسية حديثة عن التأثير القوي للصداقة الحقيقية في الحفاظ على الصحة النفسية للمراهقين

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

يُعد استئصال أورام الدماغ أحد التحديات الكبرى في مجال الجراحة العصبية، حيث تؤمن الإزالة الدقيقة والكاملة للورم عاملاً حاسماً في نجاح العلاج

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)
TT
20

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، اعتمدت الدراسة على تجربة من أجل التوصل لهذا التفسير حيث فحصت 26 رضيعاً تتراوح أعمارهم بين 4.2 و24.9 شهراً، مُقسَمين إلى فئتين عمريتين: أقل من 12 شهراً، ومن 12 إلى 24 شهراً.

وخلال التجربة، وُضع الأطفال في جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي، وعُرضت عليهم سلسلة من الصور لمدة ثانيتين لكل صورة؛ حيث سعى الباحثون إلى تسجيل نشاط الحُصين وهو جزء من الدماغ مرتبط بالعواطف والذاكرة والجهاز العصبي اللاإرادي.

وبعد فترة عُرضت على الأطفال صورتان جنباً إلى جنب: إحداهما لصور مألوفة شاهدوها من قبل والأخرى جديدة.

وتتبع الباحثون حركات عيون الأطفال، ولاحظوا أي صورة ركزوا عليها لفترة أطول.

وإذا أمضى الرضيع وقتاً أطول في النظر إلى الصورة المألوفة، فهذا يدل على تعرّفه عليها، مما يدل على استرجاعه للذاكرة أما إذا لم يُبدِ أي تفضيل، فمن المرجح أن ذاكرته كانت أقل تطوراً، وفقاً للدراسة.

معظم البالغين لا يمكنهم استرجاع الذكريات التي عاشوها قبل سن الثانية أو الثالثة (أ.ف.ب)
معظم البالغين لا يمكنهم استرجاع الذكريات التي عاشوها قبل سن الثانية أو الثالثة (أ.ف.ب)

وقال الدكتور نيك تورك براون، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ في قسم علم النفس بجامعة ييل الأميركية، عبر البريد الإلكتروني، إن «الحُصين منطقة عميقة في الدماغ لا يمكن رؤيتها بالطرق التقليدية، لذلك اضطررنا إلى تطوير نهج جديد لإجراء تجارب الذاكرة على الأطفال داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي».

وأضاف: «أُجري هذا النوع من الأبحاث سابقاً في الغالب أثناء نوم الأطفال، نظراً لكثرة اهتزازهم، وعدم قدرتهم على اتباع التعليمات، وقصر فترة انتباههم».

وذكرت الدكتورة سيمونا غيتي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا، التي تركز أبحاثها على تطور الذاكرة في مرحلة الطفولة، أنه في حين أثبتت العديد من الدراسات قدرة الأطفال على ترميز الذكريات، فإن هذا البحث الأخير فريد من نوعه لأنه يربط ترميز الذاكرة بتنشيط الحُصين.

وأضاف غيتي: «استخدمت حركات العين في مئات الدراسات حول ذاكرة الرضع وتصنيفهم»، وتابعت: «ينظر الرضع إلى ما يجدونه مثيراً للاهتمام، وقد استفاد الباحثون منذ فترة طويلة من هذا السلوك العفوي لاستخلاص معلومات حول وظائف الذاكرة».

تحليل نشاط الحُصين

وبمجرد جمع البيانات الأولية، حلل الفريق فحوصات الرنين المغناطيسي للأطفال الذين نظروا إلى الصورة المألوفة لفترة أطول، وقارنوها بمن لم يكن لديهم أي تفضيل.

واستبعدت التجارب التي لم يكن فيها الطفل مُركّزاً على الشاشة أو كان يتحرك أو يرمش بشكل مفرط.

وكشفت النتائج أن الحُصين كان أكثر نشاطاً لدى الرضع الأكبر سناً عند تشفير الذكريات، وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الرضع الأكبر سناً فقط نشاطاً في القشرة الجبهية الحجاجية، التي تلعب دوراً رئيسياً في اتخاذ القرارات والتعرّف على الأشياء المتعلقة بالذاكرة.

وقالت الدكتورة ليلى دافاشي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كولومبيا: «من الأمور التي تعلمناها عن الذاكرة لدى البالغين أن المعلومات التي نميل إلى التقاطها وترميزها في الذاكرة هي أمور وثيقة الصلة بتجربتنا».

وأضافت: «الأمر المذهل في هذه الدراسة هو إظهارها بشكل مقنع عمليات ترميز الحُصين لدى الأطفال لمحفزات غير مهمة لهم إلى حد ما».

ورغم أنه لا يزال من غير الواضح سبب قوة ترميز الذاكرة لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 شهراً، فإنه من المرجح أن يكون ذلك نتيجة لتغيرات كبيرة تحدث في الجسم.

وقال براون: «يخضع دماغ الرضيع للعديد من التغيرات الإدراكية واللغوية والحركية والبيولوجية وغيرها في هذه المرحلة، بما في ذلك النمو التشريحي السريع للحُصين».

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)

ووفقاً للشبكة، يعمل براون وفريقه بنشاط لمعرفة سبب عدم قدرة الدماغ على استرجاع هذه الذكريات المبكرة في الحياة، لكنه يتكهن بأن معالجة الدماغ لدى الرضع قد تشير إلى أن الحُصين لا يستقبل «مصطلحات البحث» الدقيقة للعثور على الذاكرة كما خُزنت بناءً على تجارب الطفل في ذلك الوقت.

ماذا تعني هذه المرحلة للآباء؟

تشجع غيتي الآباء على التفكير في تأثير الطفولة المبكرة على أطفالهم، حتى لو لم يتمكنوا من استرجاع الذكريات التي عاشوها في هذه السن المبكرة.

وأوضحت غيتي أن الرضع يتعلمون قدراً هائلاً في هذا العمر، وهكذا يبدأون في استيعاب لغة كاملة من خلال ربط الأصوات بالمعاني. وأضافت أن الرضع يُكوّنون أيضاً توقعات حول أفراد أسرهم ويدرسون خصائص الأشياء والعالم من حولهم.

وغالباً ما يلاحظ الآباء هذا السلوك المكتسب عندما يغنون نفس الأغنية أو يقرأون نفس الكتاب، وهو ما أشارت دافاتشي إلى أنه يُنتج استجابة مألوفة لدى الأطفال الأكبر سناً، وقالت إن «استخدام التكرار مع الأطفال سيُعزز التواصل بين الوالد والطفل».

وقالت غيتي إن هذه التجارب قد تُعزز الشعور بالانتماء، وأضافت: «هذا يُذكر الآباء بأن الطفولة ليست وقتاً فراغاً، وأن الأطفال يتعلمون الكثير وقد يكون توفير فرص للاستكشاف البصري أمراً مهماً لتنمية مهارات التعلُّم».