أول دراسة عالمية للكشف عن سبب تغلب «الناجين الخارقين» على السرطان

مريضة بالسرطان في أحد المستشفيات البريطانية (أرشيفية - رويترز)
مريضة بالسرطان في أحد المستشفيات البريطانية (أرشيفية - رويترز)
TT

أول دراسة عالمية للكشف عن سبب تغلب «الناجين الخارقين» على السرطان

مريضة بالسرطان في أحد المستشفيات البريطانية (أرشيفية - رويترز)
مريضة بالسرطان في أحد المستشفيات البريطانية (أرشيفية - رويترز)

بدأ الأطباء أول دراسة عالمية حول سبب تغلب بعض الأشخاص المصابين بالسرطان على الصعاب، والبقاء على قيد الحياة لفترة أطول بكثير من المتوقع.

ولدى كثير من المتخصصين في علاج السرطان قصص غير رسمية عن مرضى تغلبوا حتى على أكثر أشكال المرض عدوانية، على الرغم من أنه كانت هناك توقعات بأن لديهم بضعة أشهر فقط للعيش.

وستجمع الدراسة الآن أعداداً كبيرة من «الناجين الخارقين»، مما يسمح للعلماء بالبحث عن أدلة حول سبب استجابتهم الجيدة للعلاج، بينما يموت آخرون، حسبما أوردت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وكان الأطباء يعزون الاختلافات الصارخة في البقاء على قيد الحياة إلى الحظ، لكن الدكتور ثانكاما أجيثكومار، الذي يقود فرع المملكة المتحدة من الدراسة في مستشفيات جامعة كمبردج، قال إن البحث جارٍ عن سبب أكثر علمية. وتابع لشبكة «سكاي نيوز»: «هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها أي شخص الإجابة عن هذا السؤال: لماذا توجد مجموعة مختارة من الأشخاص الذين يتحسَّنون بشكل استثنائي بعد هذه السرطانات المروعة». وتابع أجيثكومار: «سوف تكون لدينا قاعدة بيانات أكبر بكثير لنقول بثقة أكبر إن هذا هو ما يجعلك تعيش لفترة أطول».

وستركز الدراسة على بعض أكثر أشكال المرض عدوانية: سرطان الخلايا الصغيرة في الرئة في مرحلة متقدمة، وسرطان الدماغ ورم أرومي دبقي، وسرطان القناة البنكرياسية النقيلي. ولا يزال 3 في المائة إلى 5 في المائة فقط من المرضى على قيد الحياة بعد 5 سنوات من التشخيص.

وستنضم كاثرين ويبستر إلى الدراسة، وتم اكتشاف إصابتها بورم أرومي دبقي في مرحلته الرابعة بعد إصابتها بنوبة صرع في القطار. كشفت الفحوص عن أن الورم في دماغها كان يبلغ عرضه نحو 8 سنتيمترات. ومع ذلك، بعد الجراحة ودورة من العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي، اختفت علامات السرطان جميعها.

وأظهرت آخر فحوصات لها في ديسمبر (كانون الأول) أنها تعاني فقط من مساحة صغيرة مملوءة بالسوائل في الجانب الأيسر من دماغها. وأضافت ويبستر : «لم أكن أعتقد قط أنني سأموت. أتذكر فقط أنني خرجت من الجراحة وقلت لنفسي، (سأقاوم هذا). كان امتلاك هذا الموقف الذهني الإيجابي مهماً جداً بالنسبة لي».

وتمارس كاثرين التجديف بانتظام بالقرب من المكان الذي تعيش فيه في كمبردج. وبصرف النظر عن التعب بسهولة، والارتعاش العرضي في يدها، فهي بخير، تتابع : «الشيء الذي أذهلني حقاً هو نهج الدراسة. إنه يبحث في التأثيرات الإيجابية، ولماذا تبقى على قيد الحياة بدلاً من سبب إصابتك بالمرض، وهو الإعداد الافتراضي الطبيعي للدراسات هذه الأيام».

وسيشارك في الدراسة علماء من أكثر من 40 دولة، بما في ذلك 8 مراكز للسرطان في المملكة المتحدة. وستقوم جميعها بتحليل المعلومات البيولوجية التفصيلية من أكثر من 1000 مريض وأورامهم، ومقارنة الطفرات الجينية والبروتينات والعوامل الأخرى التي قد تحدد استجابتهم للعلاج.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أجيثكومار: «نأمل أن نجيب عن فضولنا الأساسي حول سبب بقاء شخص ما على قيد الحياة... وثانياً، قد نجد عدداً من الأهداف للأدوية المستقبلية».

تدير الدراسة شركة التكنولوجيا الحيوية الفرنسية الناشئة «كيور 51» ، بدعم من شركة رأس المال الاستثماري «صوفينوفا».


مقالات ذات صلة

اتجاهات مقلقة لانتشار السرطان في الولايات المتحدة خلال 2025

صحتك يؤكد الخبراء على ضرورة زيادة الاستثمار في مجالات البحث العلمي والوقاية من السرطان ويدعون إلى ضمان وصول عادل إلى خدمات الرعاية الصحية خاصة في الدول النامية والمناطق المحرومة (رويترز)

اتجاهات مقلقة لانتشار السرطان في الولايات المتحدة خلال 2025

يحذّر الخبراء من اتجاهات مقلقة في انتشار السرطان تستدعي الانتباه، منها زيادة حالة السرطان بين الشباب وسرطان عنق الرحم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك كيف يمكن أن تؤدي بعض البكتيريا إلى سرطان القولون والمستقيم

لهذا السبب... باحثون يحذرون من اتباع الحميات منخفضة الكربوهيدرات

أجرى باحثون من جامعة تورونتو في كندا، مؤخراً، دراسة لاستكشاف كيفية تأثير الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على البكتيريا المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم.

«الشرق الأوسط» (تورنتو )
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

السمنة والتوتر يزيدان خطر الإصابة بنوع قاتل من السرطان

تشير دراسة جديدة إلى أن السمنة والتوتر قد يزيدان من خطر الإصابة بأحد أكثر أنواع السرطان عدوانية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك التصوير المقطعي المحوسب يعد الوسيلة المفضلة للأطباء لتشخيص مختلف المشكلات الصحية (أ.ف.ب)

فحص طبي شهير قد يتسبب في إصابتك بالسرطان

حذر عدد من الخبراء من إمكانية تسبُّب فحص طبي شائع في إصابة الأشخاص بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
صحتك الزيوت النباتية بما في ذلك زيت الزيتون غنية بالدهون غير المشبعة ولوحظ ارتباطها بانخفاض الالتهابات (رويترز)

لتخفيض خطر الوفاة... استبدل الزبدة بواسطة الزيوت النباتية

تقارن دراسة حديثة نُشرت في مجلة «جاما» بين كيفية تأثير استهلاك الزبدة أو الزيت النباتي على الوفيات الإجمالية وتلك المرتبطة بأسباب محددة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، اعتمدت الدراسة على تجربة من أجل التوصل لهذا التفسير حيث فحصت 26 رضيعاً تتراوح أعمارهم بين 4.2 و24.9 شهراً، مُقسَمين إلى فئتين عمريتين: أقل من 12 شهراً، ومن 12 إلى 24 شهراً.

وخلال التجربة، وُضع الأطفال في جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي، وعُرضت عليهم سلسلة من الصور لمدة ثانيتين لكل صورة؛ حيث سعى الباحثون إلى تسجيل نشاط الحُصين وهو جزء من الدماغ مرتبط بالعواطف والذاكرة والجهاز العصبي اللاإرادي.

وبعد فترة عُرضت على الأطفال صورتان جنباً إلى جنب: إحداهما لصور مألوفة شاهدوها من قبل والأخرى جديدة.

وتتبع الباحثون حركات عيون الأطفال، ولاحظوا أي صورة ركزوا عليها لفترة أطول.

وإذا أمضى الرضيع وقتاً أطول في النظر إلى الصورة المألوفة، فهذا يدل على تعرّفه عليها، مما يدل على استرجاعه للذاكرة أما إذا لم يُبدِ أي تفضيل، فمن المرجح أن ذاكرته كانت أقل تطوراً، وفقاً للدراسة.

معظم البالغين لا يمكنهم استرجاع الذكريات التي عاشوها قبل سن الثانية أو الثالثة (أ.ف.ب)

وقال الدكتور نيك تورك براون، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ في قسم علم النفس بجامعة ييل الأميركية، عبر البريد الإلكتروني، إن «الحُصين منطقة عميقة في الدماغ لا يمكن رؤيتها بالطرق التقليدية، لذلك اضطررنا إلى تطوير نهج جديد لإجراء تجارب الذاكرة على الأطفال داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي».

وأضاف: «أُجري هذا النوع من الأبحاث سابقاً في الغالب أثناء نوم الأطفال، نظراً لكثرة اهتزازهم، وعدم قدرتهم على اتباع التعليمات، وقصر فترة انتباههم».

وذكرت الدكتورة سيمونا غيتي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا، التي تركز أبحاثها على تطور الذاكرة في مرحلة الطفولة، أنه في حين أثبتت العديد من الدراسات قدرة الأطفال على ترميز الذكريات، فإن هذا البحث الأخير فريد من نوعه لأنه يربط ترميز الذاكرة بتنشيط الحُصين.

وأضاف غيتي: «استخدمت حركات العين في مئات الدراسات حول ذاكرة الرضع وتصنيفهم»، وتابعت: «ينظر الرضع إلى ما يجدونه مثيراً للاهتمام، وقد استفاد الباحثون منذ فترة طويلة من هذا السلوك العفوي لاستخلاص معلومات حول وظائف الذاكرة».

تحليل نشاط الحُصين

وبمجرد جمع البيانات الأولية، حلل الفريق فحوصات الرنين المغناطيسي للأطفال الذين نظروا إلى الصورة المألوفة لفترة أطول، وقارنوها بمن لم يكن لديهم أي تفضيل.

واستبعدت التجارب التي لم يكن فيها الطفل مُركّزاً على الشاشة أو كان يتحرك أو يرمش بشكل مفرط.

وكشفت النتائج أن الحُصين كان أكثر نشاطاً لدى الرضع الأكبر سناً عند تشفير الذكريات، وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الرضع الأكبر سناً فقط نشاطاً في القشرة الجبهية الحجاجية، التي تلعب دوراً رئيسياً في اتخاذ القرارات والتعرّف على الأشياء المتعلقة بالذاكرة.

وقالت الدكتورة ليلى دافاشي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كولومبيا: «من الأمور التي تعلمناها عن الذاكرة لدى البالغين أن المعلومات التي نميل إلى التقاطها وترميزها في الذاكرة هي أمور وثيقة الصلة بتجربتنا».

وأضافت: «الأمر المذهل في هذه الدراسة هو إظهارها بشكل مقنع عمليات ترميز الحُصين لدى الأطفال لمحفزات غير مهمة لهم إلى حد ما».

ورغم أنه لا يزال من غير الواضح سبب قوة ترميز الذاكرة لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 شهراً، فإنه من المرجح أن يكون ذلك نتيجة لتغيرات كبيرة تحدث في الجسم.

وقال براون: «يخضع دماغ الرضيع للعديد من التغيرات الإدراكية واللغوية والحركية والبيولوجية وغيرها في هذه المرحلة، بما في ذلك النمو التشريحي السريع للحُصين».

دماغ (أرشيفية - رويترز)

ووفقاً للشبكة، يعمل براون وفريقه بنشاط لمعرفة سبب عدم قدرة الدماغ على استرجاع هذه الذكريات المبكرة في الحياة، لكنه يتكهن بأن معالجة الدماغ لدى الرضع قد تشير إلى أن الحُصين لا يستقبل «مصطلحات البحث» الدقيقة للعثور على الذاكرة كما خُزنت بناءً على تجارب الطفل في ذلك الوقت.

ماذا تعني هذه المرحلة للآباء؟

تشجع غيتي الآباء على التفكير في تأثير الطفولة المبكرة على أطفالهم، حتى لو لم يتمكنوا من استرجاع الذكريات التي عاشوها في هذه السن المبكرة.

وأوضحت غيتي أن الرضع يتعلمون قدراً هائلاً في هذا العمر، وهكذا يبدأون في استيعاب لغة كاملة من خلال ربط الأصوات بالمعاني. وأضافت أن الرضع يُكوّنون أيضاً توقعات حول أفراد أسرهم ويدرسون خصائص الأشياء والعالم من حولهم.

وغالباً ما يلاحظ الآباء هذا السلوك المكتسب عندما يغنون نفس الأغنية أو يقرأون نفس الكتاب، وهو ما أشارت دافاتشي إلى أنه يُنتج استجابة مألوفة لدى الأطفال الأكبر سناً، وقالت إن «استخدام التكرار مع الأطفال سيُعزز التواصل بين الوالد والطفل».

وقالت غيتي إن هذه التجارب قد تُعزز الشعور بالانتماء، وأضافت: «هذا يُذكر الآباء بأن الطفولة ليست وقتاً فراغاً، وأن الأطفال يتعلمون الكثير وقد يكون توفير فرص للاستكشاف البصري أمراً مهماً لتنمية مهارات التعلُّم».