هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)
تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)
TT
20

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)
تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي، فهي أدوات لا يمكن غسلها إلا باليد، وهي عرضة للتشقق تحت الضغط.

وعلى الرغم من سحر الملاعق الخشبية، فقد أثارت جدالاً بين طهاة المنازل في كل مكان. فمن ناحية، يزعم الكلاسيكيون أنها الأداة المثالية؛ لطيفة على الأواني، ومتينة، ومصممة لتدوم عقوداً من الزمن. ومن ناحية أخرى يُثير المتشككون مخاوف تتعلق بالنظافة، ويجادلون بأن الخشب المسامي يُعد ملاذاً للبكتيريا، وينقل الروائح من وجبة لأخرى.

هل الملاعق الخشبية تحبس البكتيريا؟

كما هي الحال في أغلب المناقشات، فإن كلا الجانبين من المختلفين حول صحة الملاعق الخشبية لديه نقاط صحيحة. إذ يقول برايان كووك لي، عالم أغذية ومؤلف كتاب «150 سؤالاً في علوم الأغذية والإجابة عنها»: «الملاعق الخشبية مسامية، ويمكنها حبس الكائنات الحية الدقيقة في المسام، فيمكن أن يؤدي الغسيل بالصابون والماء الساخن إلى إزالة نسبة كبيرة من الكائنات الحية الدقيقة، ولكن بعضها سيبقى ويتكاثر حتماً، خصوصاً إذا لم يتم تجفيف الملاعق بالكامل».

وعدّ الخبير أن النقطة الأساسية هنا أن تغسل ملاعقك الخشبية فوراً بعد استخدامها، وألا تنساها أثناء نقعها في الحوض لساعات؛ حيث البكتيريا تحتاج إلى الرطوبة للبقاء على قيد الحياة؛ ومع جفاف الخشب، تموت البكتيريا.

وفي سياق متصل، يوضح دارين ديتويلر، رئيس برنامج سلامة الغذاء، التابع للجمعية الوطنية للصحة البيئية، ومؤلف كتاب «سلامة الغذاء: الماضي والحاضر والتنبؤات»، وفق صحيفة «هافنغتون بوست»: «يكمن السر في تنظيف الملاعق الخشبية فوراً بعد استخدامها وتركها تجف في الهواء تماماً».

وفي حين يمكن للبكتيريا أن تستقر على سطح الملعقة الخشبية (تماماً مثل أي أداة مطبخ أخرى)، فإن التنظيف والتجفيف المناسبين سيحافظان على سلامة أدواتك، ولكن أليس الخشب مضاداً للميكروبات؟

يوضح لي: «تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية، مثل خشب البلوط والصنوبر وخشب الكرز، وتحتوي هذه الأخشاب على العفص، الذي يمنع نمو كثير من الكائنات الحية الدقيقة بقوة».

لكن المشكلة تكمن في أنه ليست كل الملاعق الخشبية متساوية. إذا كنت تستخدم ملعقة خشبية غامضة لطهي «المارينارا» الشهيرة منذ فترة طويلة، فمن المحتمل أنها ليست مصنوعة من خشب باهظ الثمن ومضاد للميكروبات.

وحتى الخصائص المضادة للميكروبات لها حدود، فوفقًا لإلين شوميكر، مديرة التوعية والإرشاد في شركة «سيف بلاتس» بجامعة ولاية كارولاينا الشمالية، ففي حين قد تستقر البكتيريا في البداية على سطح خشبي مبلل، «تنتشر المياه والبكتيريا في الخشب؛ حيث يمكن في النهاية خنق البكتيريا ومنعها من النمو». وبعبارة أخرى، يمكن للخشب أن ينظم نفسه بشكل طبيعي، ولكن فقط إذا جفف بشكل صحيح. اترك ملاعقك منقوعة لفترة طويلة جداً، وستكوّن العفن.

ماذا عن الملاعق الخشبية المتشققة؟

لدينا جميعاً أدوات مطبخ عفا عليها الزمن؛ مقلاة غير لاصقة مقشرة (يجب التخلُّص منها حقّاً) أو صينية الخبز المشوهة، والملاعق الخشبية ليست استثناءً.

ويمكن أن تلتقط الملاعق الخشبية المتشققة أو التالفة البكتيريا بسهولة أكبر، كما أشار ديتويلر، وتابع: «تخلق الشقوق والانقسامات مساحات مخفية؛ حيث يمكن أن تتراكم جزيئات الطعام، ما يجعل تنظيف الملعقة بشكل جيد أكثر صعوبة. ويمكن أن تؤوي هذه المناطق البكتيريا أو العفن الذي يستمر على الرغم من الغسيل، وبمجرد أن تظهر على الملعقة الخشبية شقوق مرئية أو تشوه أو انقسام، فإنها لم تعد آمنة للاستخدام، ويجب استبدالها لمنع التلوث».

كيفية العناية بالملاعق الخشبية بشكل صحيح؟

للحفاظ على ملاعقك الخشبية آمنة وصحية، وهذه بعض النصائح:

اغسلها على الفور: نظِّف ملاعقك بالماء الساخن والصابون بمجرد الانتهاء من استخدامها.

جففها بالهواء جيداً: تجنَّب نقع الملاعق الخشبية؛ واتركها تجف في الهواء في وضع مستقيم لمدة 24 ساعة كاملة. ويسمح هذا لأي خصائص مضادة للميكروبات بالعمل، ويمنع تراكم الرطوبة.

تجنَّب غسالة الأطباق: يمكن للحرارة العالية أن تُسبب تشوهاً أو تشقق الأواني الخشبية، ما يجعلها أكثر صعوبة في التنظيف، وأكثر عرضةً لإيواء البكتيريا.

قم بدهنها بالزيت شهرياً: استخدم زيتاً صالحاً للطعام لترطيب ملاعقك الخشبية. يُساعد هذا في منع الجفاف والتشقق والتشوه.

وأضاف كيث وارينر، أستاذ علوم الأغذية بجامعة جيلف: «لا يُنصح باستخدام المطهرات مثل المبيضات؛ حيث تصبح الطبيعة الماصة للخشب عيباً في هذه الحالة». التزم بالصابون والماء لتنظيف آمن.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الرجال يركزون على العضلات كمعيار للجسم الجميل (رويترز)

الرجال أيضاً يتأثرون... كيف تلعب «السوشيال ميديا» على وتر استيائهم من أجسامهم؟

في حين أن هناك بعض السمات العالمية للجاذبية فإن معايير الجمال تختلف باختلاف الثقافة وحتى باختلاف الفترة الزمنية داخل الثقافة نفسها

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك 7 تغيرات بدنية تعتري المرأة بعد سن الأربعين

7 تغيرات بدنية تعتري المرأة بعد سن الأربعين

قد تشعر النساء في الأربعينيات من العمر بمزيد من الثقة بالنفس مقارنة بسن العشرينيات.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز

الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز

أوضحت أحدث دراسة نفسية، أن الأطفال ربما يتعلمون بالقدر نفسه تقريباً سواء حاولوا التركيز في المواد والعلوم التي يتلقونها أو لا.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك «الدورة الـ 21 لمثقفي السكري»... التوعية مفتاح الوقاية

«الدورة الـ 21 لمثقفي السكري»... التوعية مفتاح الوقاية

يُعدُّ داء السكري أحد الأمراض المزمنة الأكثر انتشاراً عالمياً، ويؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز

الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز
TT
20

الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز

الأطفال يتعلمون... حتى من دون تركيز

أوضحت أحدث دراسة نفسية نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة علم النفس «journal Psychological Science»، أن الأطفال ربما يتعلمون بالقدر نفسه تقريباً سواء حاولوا التركيز في المواد والعلوم التي يتلقونها أو لا. وقال باحثون من جامعة تورنتو الكندية University of Toronto إن هذه المقدرة تُعد مهارة خاصة بالأطفال خلافاً للبالغين الذين يميلون إلى تجاهل المعلومات التي لا ينتبهون إليها.

امتصاص لا إرادي للمعلومات

أكد الباحثون أن الطفل يمتص كل المعلومات المحيطة به بشكل لا إرادي؛ لأن الأطفال يستخدمون كل حواسهم في أثناء التعلم بعكس البالغين الذين يقومون بالتركيز على حاسة معينة في أثناء تعلم شيء معين. وربما يفسر ذلك سهولة التعلم بشكل عام في الصغر عنه في البلوغ.

وعلى سبيل المثال، فإن الطفل الذي يمارس اللعب والجري في أثناء قراءة كتاب معين ولا يهتم بالكلام المكتوب في الكتاب، يظل يستقبل المعلومات عن طريق رؤية الصور وسماع صوت القراءة، بينما يقوم الشخص البالغ بالتركيز على القراءة فقط.

وللتأكد من هذه الفرضية قام الباحثون باختبار مقدار ما تعلمه الأطفال والبالغون عن رسومات لأشياء شائعة بعد تجربتين مختلفتين، حيث تم عرض صور تحتوي على رسومات معينة على مجموعة صغيرة من الأطفال في المرحلة الابتدائية عددهم 42 تتراوح أعمارهم بين 7 و9 سنوات وكان أقل من نصفهم من الذكور (18)، ومجموعة أخرى من الطلاب البالغين عددهم 35 طالباً تتراوح أعمارهم بين 17 و23 عاماً (نهاية المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية) وأيضاً كان عدد الذكور أقل قليلاً من النصف (15).

قام الباحثون بتحييد كل العوامل التي يمكن أن تؤثر في نتيجة التجربة مثل القدرة على الرؤية بشكل سليم سواء بشكل طبيعي أو تم تصحيحه عن طريق نظارة أو إجراء جراحي للطلاب البالغين. وجميع المشاركين من الأطفال والكبار لم يكن لديهم تاريخ مرضي لإصابات الرأس أو الإصابة بالأمراض العصبية المختلفة وكذلك أي اضطرابات نفسية يمكن أن تؤثر على حكمهم على الرسومات أو فهم التعليمات بشكل خاطئ.

وفي التجربة الأولى طلب الباحثون من الأطفال التركيز جيداً والانتباه للرسومات التي تم عرضها. أما في التجربة الثانية فطُلب منهم عدم التركيز على الرسومات وتجاهلها بشكل كامل وإكمال مهمة أخرى مختلفة تماماً.

وبعد كل تجربة كان على الأطفال تحديد أجزاء معينة من الرسومات التي رأوها في أسرع وقت ممكن. ووجد العلماء أن الأطفال تعلموا وتذكروا أشياء (حتى لو كانت بسيطة) عن الرسومات تقريباً بالقدر نفسه في التجربتين.

تجارب التركيز

في المقابل قام الباحثون بتكرار التجربة نفسها على البالغين لمعرفة إلى أي مدى يمكنهم التعلم. وللدهشة استطاع البالغون التعلم أكثر عندما طُلب منهم التركيز على الرسومات فقط بينما لم يتعلموا بالقدر نفسه عندما طلب منهم تجاهل الرسومات والتركيز على شيء مختلف.

أي وبعبارة أخرى لم يتأثر تعلم الأطفال سلباً حتى عندما طُلب منهم عدم الاهتمام والتركيز على المعلومات التي تم اختبارهم عليها. والسبب في ذلك راجع إلى بطء الآلية التي يتطور بها ما يسمى الانتباه الانتقائي selective attention (بمعنى القدرة على التركيز على مهمة محددة وتجاهل بقية الأشياء التي تسبب التشتت) وهذه الآلية لا تنضج بشكل كامل حتى بداية سن البلوغ المبكر.

وكانت الدراسات العصبية السابقة التي أجريت على مخ الطفل وجدت أنه يتعامل مع المعلومات المختلفة التي يتعرض لها بالاهتمام نفسه سواء طُلب منه التركيز عليها أو لا. وفي الأغلب يؤدي ذلك إلى اكتساب مقدار أكبر من المعلومات والبيانات من الأشياء المسموعة والمرئية في البيئة المحيطة بهم، وهو الأمر الذي يفسر براعة الأطفال في تعلم اللغات بشكل خاص ونطقها بلكنتها الأصلية بمجرد احتكاكهم ببيئة تتحدث لغة معينة (في معظم دول المهجر يتحدث الأطفال أفضل من ذويهم البالغين بغض النظر عن مدة وجودهم مقارنة بجيل الآباء) لأنهم يتعلمون دون بذل جهد للتعلم ودون قصد.

على عكس البالغين الذين يقومون بالتركيز على حاسة معينة في أثناء التعلم

وأوضح الباحثون أن بطء آلية تطور الانتباه الانتقائي يحمل العديد من الفوائد في مرحلة الطفولة لأنه يشمل عمليتين منفصلتين تماماً؛ الأولى هي معالجة فائقة لمعلومات معينة بطريقة جيدة enhanced processing، والثانية تشمل ما يشبه فلترة وتجاهل المعلومات غير ذات الصلة بالمهمة المحددة ignoring task-irrelevant information.

ويحتاج الطفل في بداية حياته إلى تعلم العديد من الأشياء المختلفة واكتساب مهارات متنوعة فيما يتعلق بالقراءة والكتابة وتعلم اللغة والتواصل الاجتماعي والتطور العاطفي؛ ولذلك يكون المخ في احتياج إلى كمية معلومات كبيرة جداً تمثل ما يشبه قاعدة للبيانات يمكن استخدامها فيما بعد، ثم يحدث لهذه البيانات التي تم الحصول عليها ما يشبه الفلترة (الترشيح) والتركيز على المعلومات المهمة فقط وإسقاط المعلومات الأقل أهمية مما يساهم في مساعدة الأشخاص البالغين للوصول إلى أفضل أداء في مهمة محددة دون تشتيت المخ في أمور ثانوية.

ونصحت الدراسة القائمين على وضع مناهج تعليمية للأطفال بالاستعانة بنتائج البحث في كيفية تصميم المنهج الدراسي حسب الفئة العمرية. وعلى سبيل المثال بالنسبة للأطفال قبل بلوغ فترة المراهقة تؤكد النتائج فوائد اللعب والتعلم من خلال وسائط متعددة وبيئة دراسية غنية بالمفردات مثل الصور التوضيحية والألعاب التفاعلية. أما بالنسبة للأطفال بداية من المراهقة وحتى البلوغ، فيُعد تحديد هدف عام واضح أو مهمة محددة في بداية الفصل الدراسي أو ورشة العمل أمراً مهماً للوصول إلى نتيجة أفضل.

* استشاري طب الأطفال.