كيف يمكن تقليص الوقت الذي يقضيه أطفالنا أمام الشاشات؟

فتاة تلعب لعبة على هاتفها الجوال أثناء استلقائها على العشب في مدريد 4 يوليو 2017 (رويترز)
فتاة تلعب لعبة على هاتفها الجوال أثناء استلقائها على العشب في مدريد 4 يوليو 2017 (رويترز)
TT

كيف يمكن تقليص الوقت الذي يقضيه أطفالنا أمام الشاشات؟

فتاة تلعب لعبة على هاتفها الجوال أثناء استلقائها على العشب في مدريد 4 يوليو 2017 (رويترز)
فتاة تلعب لعبة على هاتفها الجوال أثناء استلقائها على العشب في مدريد 4 يوليو 2017 (رويترز)

أكدت دراسة حديثة أنه من خلال اتباع بعض القواعد يمكن للآباء النجاح في تقليص الوقت الذي يقضيه أطفالهم أمام الشاشات في المنزل.

وفي إطار الدراسة التي أجراها فريق بحث أميركي ونشرها في دورية «بيدياتريك ريسيرش»، تم استطلاع رأي أكثر من عشرة آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاما وأولياء أمورهم في الولايات المتحدة عن وتيرة استخدام هذه الوسائط، وفيما يستخدمونها.

وأظهرت النتائج أنه بالنسبة للأسر التي يتطلع أفرادها إلى الشاشات خلال أوقات تناول الطعام، كان استخدام الأطفال للهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية والتلفزيون وأجهزة الكومبيوتر أعلى في المتوسط. وتبين أيضا أن السماح للأطفال باستخدام جهاز في السرير قبل النوم له تأثير كبير على وقت الشاشة. وفي كلتا الحالتين كان سلوك استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو والهواتف الجوالة أكثر إشكالية، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

وفي المقابل، عندما حظر استخدام الشاشات خلال تناول الطعام وفي السرير، كان استخدام الأطفال للشاشات أقل بمعدل يزيد على ساعة.

أشار المعد الرئيسي للدراسة جيسون ناجاتا من جامعة كاليفورنيا إلى نقطة أخرى مهمة وهي أنه يجب على الآباء الحد من استخدامهم للشاشات أمام أطفالهم، حيث كتب في الدراسة: «حاولوا أن تكونوا قدوة حسنة»، موضحا أن البيانات أظهرت أنه إذا استخدم الآباء الشاشات بشكل متكرر أمام أطفالهم، فإن الأطفال سيقضون أيضا وقتا أطول أمامها، موضحا أن الأطفال يقلدون على الأرجح والديهم.

ومع ذلك أوضحت الدراسة أن هناك اثنين من التدابير الأبوية المعروفة لا تنجح في معالجة الأمر: المنع والمكافأة. وأشار فريق البحث هنا بالتحديد إلى قاعدة مفادها: من يتصرف بشكل جيد فسيحصل على وقت لاستخدام الشاشات، أما من يتصرف بشكل سيئ فلن يحصل على أي وقت لذلك. ووجد الباحثون أنه عندما لجأ الآباء إلى مثل هذه التدابير، استخدم أطفالهم الشاشات لفترة أطول بوجه عام.

ويؤكد معدو الدراسة أن الاستخدام المتكرر للشاشات يمكن أن يؤدي إلى مشكلات جسدية ونفسية، مثل السمنة وصعوبات النوم. وكتب ناجاتا في الدراسة: «وقت الشاشات قبل النوم يحل محل وقت النوم الضروري لصحة ونمو المراهقين الصغار». وينصح ناجاتا بإبقاء الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الشاشات خارج غرفة الأطفال وإطفائها.

كما قام فريق بحث دولي بقيادة كريستيان مونتاج من جامعة أولم الألمانية بدراسة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على وجه التحديد. وأوصت الدراسة بضرورة أن يضع الآباء قواعد مع أطفالهم منذ البداية حول كيفية استخدام «يوتيوب» و«تيك توك» و«سناب شات» و«إنستغرام» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.

وبوجه عام أوصى الباحثون بالسماح فقط للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 13عاما فما فوق بإنشاء حساب خاص بهم على وسائل التواصل الاجتماعي هذه. وتم نشر هذه النصائح في ورقة إجماعية بدورية «سلوكيات إدمانية».

ووفقا لباحثين في العلوم الاجتماعية وعلم النفس والطب النفسي، لا ينبغي للأطفال دون سن 13 عاما الوصول إلى هذه الوسائط، لأن جزءا مهما من الدماغ لديهم لا يزال في طور النمو. كما وجد الباحثون أيضا علاقة بين الاستخدام المبكر والسلوك الإدماني. ومع ذلك، يرى الباحثون أنه من السديد أن يستكشف الأطفال عالم وسائل التواصل الاجتماعي رفقة والديهم قبل سن 13 عاما، حتى تكون الأسرة مستعدة بشكل أفضل لها.

وفي هذه الورقة أشار الباحثون أيضا إلى دراسات تظهر تأثير الوالدين: عندما يقضي الآباء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم يمهدون الطريق للأطفال لتقليدهم وتبني سلوك مماثل.


مقالات ذات صلة

بعيداً عن «كيف كان يومك في المدرسة»... 10 أسئلة يمكنك طرحها على أطفالك

يوميات الشرق مع القليل من الإبداع وبعض الأسئلة المصممة جيداً يمكنك تحويل الإجابات الغامضة إلى محادثات ذات مغزى (رويترز)

بعيداً عن «كيف كان يومك في المدرسة»... 10 أسئلة يمكنك طرحها على أطفالك

يستخدم الكثير من الأهالي السؤال التقليدي المتمثل في «كيف كان يومك في المدرسة؟» للحصول على بعض المعلومات عن أطفالهم.

يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
صحتك فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

مع بدء العام الدراسي، سلط العلماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك، الضوء على أهمية ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الطفل الإبداعية والفكرية في مرحلة ما قبل الدراسة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك تسجل أعلى معدلات تدهور البصر في آسيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة عالمية: طفل من كل 3 أطفال يعاني من قصر النظر

أشارت دراسة عالمية جديدة إلى أن كل طفل من ثلاثة أطفال يعاني من قصر النظر أو عدم القدرة على رؤية الأشياء البعيدة بوضوح

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتعين على الآباء التحدث إلى أطفالهم جيداً قبل تقديم شكوى للمدرسة (رويترز)

ماذا تفعل إذا تعرض طفلك للتنمر في المدرسة؟

يتعرض كثير من الأطفال للتنمر من قبل زملائهم بالمدرسة؛ الأمر الذي يمكن أن يخلف دماراً كبيراً طويل الأمد في نفسيتهم وحياتهم المستقبلية.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار
TT

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

مع بدء العام الدراسي، سلط العلماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك Florida Atlantic University بالولايات المتحدة، الضوء على أهمية ألعاب المحاكاة pretend play في تنمية مهارات الطفل الإبداعية والفكرية في مرحلة ما قبل الدراسة.

وألعاب المحاكاة هي التي يتظاهر فيها الأطفال بمحاكاة البيئة المحيطة بهم سواء القيام بأعمال البالغين أو تقمص شخصيات خيالية أو حتى الحيوانات.

تطور معرفي واجتماعي

وأكد العلماء دورها الكبير في التطور المعرفي والاجتماعي والعاطفي للطفل، مما ينعكس بالإيجاب على نمو الطفل العضوي والنفسي ويجعله مستعداً للدراسة الأكاديمية المنتظمة في المدرسة لاحقاً.

وأوضحت التوصيات التي نُشرت في مجلة علم الأعصاب والسلوك الحيوي Neuroscience and Biobehavioral Reviews في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، أوضحت أن التعليم من خلال اللعب ربما يكون أكثر أهمية من التعليم الأكاديمي في هذه المرحلة العمرية، لأن مخ الطفل يكتسب المعرفة والإدراك من الثقافة المجتمعية والبيئة من خلال الملاحظة وتقليد العديد من سلوكيات البالغين وبالتالي يقوم بممارستها أثناء اللعب.

كما أوضح العلماء أن ممارسة هذه الألعاب تساعد في تطور اللغة بشكل أساسي لأنها تعتمد على التواصل مع الآخرين. وعلى سبيل المثال فإن القيام بالتظاهر بممارسة مهنة معينة مثل الصيد البحري يستلزم ضرورة الحديث مع الآخرين الذين يمثلون طاقم السفينة أو المشترين، حتى لو كان هذا الحديث يتم بشكل بدائي وغير مترابط. ولكن مع الوقت يحدث نمو في تطور اللغة بشكل كبير وتعلم مهارات لغوية مثل المجاز والاختصارات وغيرها، بجانب توفير الفرصة لممارسة وتعلم كلمات ومفاهيم جديدة. وعندما يمارس الأطفال المحاكاة فإنهم يتعلمون كيفية توصيل أفكارهم للآخرين.

تنمية شخصية الطفل

تساعد هذه الألعاب في تنمية شخصية الطفل وتحفيز الطاقة الإبداعية عنده لأنه يختلق أحداث كاملة من وحي الخيال يتخللها التعامل مع تحديات معينة والتغلب عليها، بجانب نمو الجانب الاجتماعي لأن هذه الألعاب في الأغلب تحتاج إلى عدة أفراد أو على الأقل فرد آخر، مما يجعلها بمثابة فصول تعليمية متكاملة تنمي الشخصية، وتجعل الطفل قادراً على التعامل مع معطيات معينة وإيجاد حلول لها بمساعدة الآخرين، ما ينعكس بالإيجاب على شخصيته ومستواه الدراسي أيضاً فيما بعد.

وقال العلماء إن انتشار التعليم النظامي في مرحلة ما قبل المدرسة في العقود الأخيرة في العديد من البلدان المتقدمة لم ينعكس بالإيجاب على التلاميذ (كما كان متوقعاً) لأن هذا التعليم النظامي يركز على المعلومات المباشرة direct instruction التي يتم نسيانها بعد فترة معينة مثل المواد الدراسية الأخرى. وهي طريقة مصممة للأطفال الأكبر عمراً، ولكن في هذه المرحلة المبكرة من الطفولة يتعلم الطفل بشكل غير مباشر من البيئة المحيطة به. وأهم عامل في هذه البيئة هو اللعبlearning through play، لذلك فإن هذه الألعاب على بساطتها تتفوق على الكتب والفيديوهات التعليمية.

تطور المخ

تساهم هذه الألعاب في تطور المخ عن طريق إدراك الفكر الرمزي، بمعنى القدرة على فهم أن شيئاً ما يمكن أن يرمز إلى شيء آخر. على سبيل المثال يمكن أن يتظاهر الطفل بأن العصا تمثل سيفاً ما يطور القدرة التخيلية للطفل ويجعله يدرك الفرق بين الحقيقي والمتخيل حيث لا توجد حدود أو قواعد ثابتة للعبة (بعكس الألعاب النظامية مثل الكرة).

وهذا ما يساعد الأطفال على استكشاف أفكار جديدة وتجربة أدوار مختلفة واستخدام إبداعهم في إيجاد حلول للمشاكل المختلفة بجانب أن هذا النوع من الألعاب يعلم الأطفال الاستقلالية وتولي أدوار القيادة ومواجهة تحديات جديدة في كل مرة مما يعزز الثقة بالنفس واحترام الذات وكل هذا ينعكس بالإيجاب على نفسية الطفل.

وجدت بعض الدراسات التي تم إجراؤها على التأثيرات طويلة المدى للتعليم المباشر على الأطفال في سن ما قبل المدرسة من خلفيات اجتماعية منخفضة الدخل، أن الأطفال استفادوا بالفعل من التعليم المباشر في البداية إلا أن هذه الفوائد تضاءلت بمرور الوقت وتفوق الأطفال في مجموعة المراقبة (الذين لم يتلقوا تعليماً نظامياً) على أولئك الذين خضعوا لبرنامج التعليم المباشر. ومع الوقت اتسعت هذه الفجوة تماماً لصالح الأطفال العاديين.

الألعاب على بساطتها تتفوق على الكتب والفيديوهات التعليمية

لعب الصغار أهم من الدراسة

ونتيجة لهذه الدراسات قام الباحثون بالتركيز على اللعب أكثر من الدراسة الأكاديمية في هذه الفئة العمرية، خاصة الأطفال الذين يعانون من مشكلات في التعلم مثل صعوبة القراءة وصعوبة التعامل مع الأرقام.

وحذر الباحثون من تقليص فترات اللعب الحر في المدارس سواء للأطفال في مرحلة الحضانة أو في السنوات الأولى من الدراسة في البلدان المتقدمة حتى لو كان البديل هو اللعب الموجه من قبل البالغين بدلاً منها. واللعب الموجه هو اللعب المصمم لتقوية مهارات معينة مثل ألعاب الذاكرة على الكومبيوتر. وذلك لأن لعب المحاكاة كلما كان عفوياً كانت فائدته أكبر بجانب أهمية الجانب الحركي في هذه الألعاب الذي يجعلها تتفوق على ألعاب الكومبيوتر.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين شاركوا في ألعاب المحاكاة كانت لديهم مهارات أفضل في الدراسة الأكاديمية لاحقاً سواء في القراءة والكتابة أو الرياضيات. وربما يكون ذلك راجعاً إلى تنمية الخيال لأن هذه الألعاب تُعد عملاً إبداعياً خالصاً يساعد الطفل بعد دخوله المدرسة على استيعاب المواد المختلفة والحسابات البسيطة.

لذلك نصحت الدراسة بتشجيع الأطفال على ألعاب المحاكاة والخيال؛ لأن فوائدها تتعدى مجرد التسلية. وأكدت أن اللعب يساعد الطفل في التعرف على نفسه والعالم. وتُعد تجارب اللعب التمثيلي من الطرق الأولى التي يتعلم بها الأطفال ما يحبونه وما يكرهونه واهتماماتهم وقدراتهم.

* استشاري طب الأطفال.