فوائد لعب الآباء مع الأبناء

تعزز التعاطف الوجداني وتطور المهارات الاجتماعية

فوائد لعب الآباء مع الأبناء
TT

فوائد لعب الآباء مع الأبناء

فوائد لعب الآباء مع الأبناء

على الرغم من أن فوائد اللعب مؤكدة بالنسبة للأطفال، سواء كان مع أطفال آخرين أو مع إخوتهم، أو حتى مجرد اللعب بمفردهم، فإن اللعب مع الآباء له فوائد خاصة جداً على المستوى النفسي والوجداني للطفل، ويساعد في النمو الإدراكي له، ويقوي علاقة الطفل بوالديه، ويحميه من خطر الاكتئاب في سن مبكرة جداً من حياته.

وحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية (CDC) يعاني واحد من كل 6 أطفال، تتراوح سنهم بين عامين و8 أعوام من اضطراب نفسي أو سلوكي. وفي الأغلب يكون ذلك بسبب ضعف التواصل بين الطفل ووالديه.

اللعب مع الآباء

يقول العلماء إن اللعب هو من طرق تطوير المهارات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين؛ لأن الأطفال يتعلمون من خلال الرؤية ومحاكاة التصرفات. واللعب يمثل بيئة خصبة يتعلمون فيها كيف يتصرف الناس في المنافسة والتشجيع، ويتعلمون أيضاً ما هو مقبول وما يمكن اعتباره سلوكاً مرفوضاً. وعلى سبيل المثال فإن مجرد قضاء وقت يبلغ 10 دقائق فقط من اللعب اليومي مع الطفل، يمكن أن يكون أكثر فائدة من قضاء ساعات طويلة من الوقت العائلي العادي.

ويطور الأطفال كثيراً من المهارات خلال اللعب مع إخوتهم. ولكن الآباء يقدمون للطفل أشكالاً أكثر نضجاً وتنوعاً من اللعب؛ لأنهم بطبيعة الحال يعرفون مزيداً من المهارات اللازمة للعب، مثل التوافق الفكري الحركي، والتحكم في العواطف، وإدارة الغضب. وبذلك يتحول لعب الطفل مع الآباء إلى ما يشبه الدرس الاجتماعي، بجانب أن لعب الطفل معهما يجعله خصب الخيال بطريقة لا يفعلها اللعب مع الأطفال الآخرين، حتى الأشقاء الأكبر سناً؛ لأن معرفتهم لا تزال محدودة.

وأوضحت دراسات كثيرة سابقة تناولت نمو الطفل، أن الأطفال في مرحلة الرضاعة ومرحلة ما قبل المدرسة، في الأغلب يستخدمون سلوكيات تتطلب شريكاً عند اللعب مع الوالدين، ولكنهم لا يفعلون ذلك عند اللعب مع أحد الإخوة. والسبب أن الأطفال في هذه المراحل السنية يرغبون في التفاعل مع الآباء، ويشعرون بفرحة كبيرة ونوع من الأمان عند اللعب معهم.

علاقة قوية بالآباء

يُعد اللعب أحد أكثر الأدوات فاعلية لبناء علاقة قوية وصحية مع الطفل؛ لأنه يضيف البهجة والحيوية في علاقة الأم بطفلها، فضلاً عن التخلص من الضيق والمشاعر السلبية التي يمكن أن تتملك الطفل في حالة غضب الأم أو قسوتها أو انشغالها عنه، ويجعله يتعلم الثقة بالآباء، ويتعلم أيضاً كيف يمكن أن تنتهي الخلافات، من خلال المشاركة الاجتماعية في شيء معين (اللعب).

ولا تقتصر فوائد اللعب على الطفل فقط، ولكنها أيضاً تنعكس بشكل إيجابي على الآباء؛ حيث يتم إطلاق هرمونات مثل الأوكسيتوسين والإندروفين والسيروتونين، وهذه الهرمونات يطلق عليها لفظ «هرمونات السعادة» وجميعها تلعب دوراً مهماً في تعزيز الحفاظ على الصحة النفسية، وتساهم في تقوية الارتباط بين الوالدين والرضيع، لأنها تجعلهم يشعرون بفرح خلال مشاركة الرضيع اللعب بشكل بدائي.

وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة في الأوقات التي يشعر فيها الآباء بالاكتئاب والقلق، نتيجة للخوف من تحمل مسؤولية طفل. كما أن لعب الآباء مع الطفل في بداية اليوم ينشط المخ ويجعله يقظاً.

وينصح الباحثون الآباء الذين ربما يشعرون بالحرج من اللعب مع أطفالهم في البداية (خصوصاً إذا كانوا من أصحاب السلوك الجاد) بضرورة التخلص من الخجل، والتصرف بشكل تلقائي.

وفي البداية، من الممكن أن يكتفي الأب بمجرد المراقبة، ولكن مع إظهار الاهتمام الكافي والمشاركة الوجدانية، من خلال الاستماع إلى تعليقات الطفل الخاصة باللعبة، والثناء على أسلوب اللعب، وعدم التدخل عند ارتكاب الأخطاء البسيطة؛ لأن المهم هو أن يشعر الطفل بالدعم النفسي وليس الفوز في اللعبة. ويختلف الأمر مع الأطفال الأكبر سناً، ويمكن لفت نظر الطفل عند ارتكاب الخطأ بلطف.

10 دقائق من اللعب اليومي مع الطفل أكثر فائدة من ساعات طويلة لجلسة عائلية

تعاطف وجداني

بالإضافة إلى أهمية اللعب في اكتساب المهارات الحركية المختلفة؛ خصوصاً في بداية حياة الطفل، يتعلم الطفل قيمة التعاطف الوجداني في المكسب والخسارة بشكل أفضل عند اللعب مع الوالدين؛ لأنهما بطبيعة الحال يُظهران قدراً كبيراً من التعاطف مع الطفل في حالة إخفاقه، بعكس اللعب مع الأقران الذين يمكن أن يُظهروا الفرح. وفي حالة شعور الطفل بالحزن نتيجة لعدم تمكنه من تحقيق النتيجة المطلوبة في اللعب، يقوم الآباء بالدعم النفسي له.

ويفضل أن يقوم الآباء بتخصيص مكان معين للعب في المنزل، حتى يكون الطفل قادراً على التمييز بين وجود مكان للعب ومكان آخر لا يصلح للعب، وهو الأمر الذي يعلم الطفل في فترة مبكرة جداً من حياته أن لكل مقام مقالاً، وأن هناك وقتاً للعب ووقتاً لأشياء أخرى، وضرورة عدم الخلط بينها. ويفضل أيضاً أن يقوم الآباء بتجميع لعب الطفل بعد انتهاء اللعب، ووضعها في علبة خاصة بها، حتى يتعلم الطفل النظام والترتيب.

وحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) يتعلم الأطفال خلال اللعب مع الوالدين مهارات التواصل اللغوي، وطرق التعبير بالجسد عن الفرحة والحزن والتعاطف، من خلال الألعاب التي تحاكي ما يحدث في البيئة المحيطة بالطفل، ما يجعله قادراً على التعامل مع كل مكونات هذه البيئة، من أشخاص أو حيوانات أليفة، بجانب معرفة الظواهر الكونية المختلفة، من خلال تمثيل الأحاسيس المختلفة في التقلبات الجوية خلال اللعب، وهو الأمر الذي يجعل من اللعب عملية تنموية كاملة للطفل.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

صحتك المكسرات أطعمة غنية بالطاقة وبالعناصر الغذائية والمركبات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (أرشيفية - رويترز)

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

وجدت دراسة أجريت على أكثر من 50 ألف مشارك في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يتناولون حفنة من المكسرات كل يوم قد يخفضون من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

توصل باحثون من آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية تؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
صحتك مزارع يقطف محصول فاكهة العنب من إحدى المزارع في منطقة الباحة (واس)

تجربة لاختبار مركب كيميائي في العنب الأحمر قد يقي من سرطان الأمعاء

أطلق علماء بريطانيون تجربة علمية تهدف إلى تقييم فاعلية «الريسفيراترول»، وهو مركب كيميائي موجود بالعنب الأحمر، في الوقاية من سرطان الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
TT

فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)

أظهرت دراسة دولية أن تناول مكملات فيتامين «د» قد يساعد في خفض ضغط الدم لدى كبار السن المصابين بالسمنة.

وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تقدم خياراً علاجياً آمناً وبسيطاً مقارنةً بأدوية ضغط الدم التقليدية، ونشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «Journal of the Endocrine Society».

ويعاني كبار السن المصابون بالسمنة من ارتفاع ضغط الدم نتيجةً لتأثير الوزن الزائد على صحة القلب والأوعية الدموية، حيث يزيد تراكم الدهون من الضغط على الأوعية الدموية ويؤدي إلى زيادة المقاومة التي يواجهها الدم في أثناء تدفقه.

ويضع هذا الوضع عبئاً إضافياً على القلب لضخ الدم بكفاءة، ما يرفع ضغط الدم تدريجياً. كما أن السمنة قد تساهم في الالتهابات والتغيرات الهرمونية التي تزيد من مخاطر ارتفاع ضغط الدم، مما يجعل كبار السن عرضةً لمشاكل صحية أخرى مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية، وفقاً للباحثين.

ويوصي معهد الطب الأميركي بتناول 600 وحدة دولية يومياً من مكملات فيتامين «د» لعلاج نقص هذا الفيتامين، وهو أمر شائع عالمياً ويرتبط بأمراض القلب، وأمراض المناعة، والالتهابات، وحتى بعض أنواع السرطان.

وقد أظهرت دراسات سابقة ارتباط نقص فيتامين «د» بارتفاع ضغط الدم، لكن الأدلة على تأثير مكملات فيتامين «د» في خفض ضغط الدم كانت غير حاسمة.

وأجرى فريق من الباحثين من المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع باحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية وجامعة الفيصل السعودية، دراسة شملت 221 شخصاً من كبار السن المصابين بالسمنة. وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين؛ تناولت المجموعة الأولى 600 وحدة دولية يومياً من فيتامين «د»، بينما تناولت المجموعة الثانية 3750 وحدة دولية يومياً لمدة عام كامل. وأظهرت النتائج انخفاضاً في ضغط الدم لدى المشاركين، إلا أن الجرعات العالية لم تُظهر فوائد إضافية.

وبناءً على هذه النتائج، أشار الباحثون إلى أن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين «د» قد تكون كافيةً لتحقيق الفائدة المطلوبة دون الحاجة إلى الجرعات العالية، مما يساعد في تجنب الآثار الجانبية المحتملة للجرعات الزائدة.

وأضافوا أن هذه النتائج تقدم توجيهات جديدة للأطباء في إدارة ضغط الدم، خصوصاً لدى المرضى كبار السن المصابين بالسمنة أو الذين يعانون من نقص فيتامين «د»، ما يقلل من الحاجة لاستخدام الأدوية الخافضة للضغط، ويعزز من دور المكملات الغذائية كإجراء وقائي بسيط وفعّال.