أنماط حياتية تقلل من الإصابة بالسرطان... داوم عليها

من المهم تثقيف الجمهور حول مرض السرطان، بما في ذلك الكشف المبكر والعلامات والأعراض المرتبطة به. وفي الوقت نفسه، يعد نشر الوعي حول تغييرات نمط الحياة التي يمكن أن تمنع حدوث السرطان أمرًا بالغ الأهمية أيضًا للحد بشكل فعال من الوفيات الناجمة عن هذا المرض.

ويقول الدكتور أنيل هيرور رئيس قسم الأورام استشاري جراحة الأورام بمستشفى فورتيس بمولوند انه «على الرغم من عدم وجود عوامل مسببة مسؤولة عن حدوث السرطان، إلا أن هناك مخاطر عالية مرتبطة بمزيج من العوامل المتعددة. وفي هذا الصدد، يعد الوعي بالعوامل، خاصة تلك التي يمكن السيطرة عليها، مثل العوامل الغذائية ونمط الحياة، أمرًا ضروريًا؛ فمن خلال نشر الوعي حول تأثير خيارات نمط الحياة على زيادة خطر الإصابة بالسرطان، من الممكن أيضًا ضمان التشخيص المبكر الذي يمكن أن يؤدي بسهولة إلى نتائج أفضل للمرضى وحتى أن يكون الفارق بين الحياة والموت». وذلك وفق ما ذكر موقع «onlymyhealth» الطبي المتخصص.

كيف تؤثر عوامل نمط الحياة على خطر الإصابة بالسرطان؟

أظهرت دراسة مستقلة أن بعض عوامل الخطر المتوقعة والتي يمكن تجنبها تسبب معظم أنواع السرطان التي يمكن الوقاية منها. إذ ترتبط معظم عوامل الخطر هذه بالإدمان الذي يمكن إيقافه أو السيطرة عليه من خلال اتخاذ خيارات نمط الحياة المناسبة؛ على سبيل المثال، الامتناع عن التدخين، وتجنب الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وممارسة النشاط البدني، والحفاظ على وزن صحي، والاعتدال في استهلاك الكحول، وتناول الوجبات التي تركز على الفواكه والخضروات بدلا من المواد الغذائية المصنعة، يمكن أن تقطع شوطا طويلا في الحد من مخاطر السرطان.

ويضيف الدكتور هيرور «ليس هناك شك في أن تاريخ العائلة يلعب أيضًا دورًا حيويًا في زيادة خطر الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، نادرا ما تكون هذه العوامل تحت سيطرتنا. ومن ناحية أخرى، فإن التدخين وشرب الكحول، هما عاملا خطر مؤكدان لكن يمكن السيطرة عليهما». مبينا «في حين أن وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان والتدخين وشرب الخمر كلها عوامل خطر، إلا أنه يمكن الوقاية من هذا الأخير إذا لم ينغمس الشخص في تلك العادات».

ويعد شرب الكحول اليوم شكلاً مهمًا من أشكال الإدمان المسؤول عن زيادة حالات السرطان. إذ يمكن أن تسبب هذه العادة العديد من أنواع السرطان بأعضاء مختلفة، بما في ذلك الكبد والبنكرياس والجهاز الهضمي.

وفي السيناريو الحالي، يعتبر التبغ مسؤولاً عن مجموعة واسعة من أنواع السرطان لدى الفرد.

ووفقًا للمسح العالمي للتبغ بين البالغين بالهند، 2016-2017، فإن ما يقرب من 267 مليون بالغ (15 عامًا فما فوق) في الهند (29 % من جميع البالغين) يتعاطون التبغ؛ هذه المادة هي المسؤولة عن الكثير من حالات السرطان، بدءا من سرطانات الرأس والرقبة إلى سرطان المثانة البولية.

وإلى جانب التبغ، فإن استهلاك الجوتكا (نوع هندي من التبغ يحتوي على مستويات عالية من المواد المسرطنة) مسؤول أيضًا عن العديد من سرطانات الفم في شبه القارة الهندية.

ما خيارات نمط الحياة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان؟

على الرغم من أن 5 % - 10 % من حالات السرطان التي تحدث ترتبط بتاريخ عائلي وعوامل أخرى لا يمكن السيطرة عليها، إلا أن بقية الحالات ترتبط باختيارات نمط الحياة.

ان أهم الركائز لحياة خالية من السرطان ممارسة الرياضة اليومية واتباع نظام غذائي صحي. حيث يمكن أن تزيد السمنة من خطر إصابة الشخص بـ 13 نوعًا مختلفًا من السرطان، والتي تشمل سرطان الثدي (بعد انقطاع الطمث)، والأمعاء، والكلى، والكبد، وبطانة الرحم، والمبيض، والمعدة، والغدة الدرقية، والمريء، والمرارة، والبنكرياس، والورم النقوي المتعدد، والبروستاتا.

وإلى جانب المساعدة في منع تراكم الوزن الزائد في الجسم، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن تقلل من الأنسولين وعوامل النمو الشبيهة بالأنسولين، والتي يمكن أن تعزز نمو الخلايا السرطانية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنشطة البدنية أيضًا أن تقلل من التعرض للمواد الغذائية المسرطنة (المعروفة بأنها تسبب السرطان) عن طريق تسريع مرور الطعام عبر الأمعاء.

من ناحية أخرى، فإن التركيز على تناول وجبة متوازنة غنية بالعناصر الغذائية الأساسية يعد أمرًا حيويًا أيضًا في مكافحة السرطان.

وبما أن الفواكه والخضروات غنية بالألياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والمواد الكيميائية النباتية، فإنها تقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. ليس هذا فحسب، بل إنها أيضًا منخفضة في إجمالي السعرات الحرارية، ما يمكن أن يساعد في الحفاظ على وزن صحي للجسم ويضيف المزيد من الحماية ضد السرطان.

طبيب: اضطراب ميكروبيوم الأمعاء عامل خطر رئيسي للإصابة بالسرطان !

قال الطبيب الروسي المعروف الدكتور ألكسندر مياسنيكوف إن ميكروبيوم الأمعاء هو عبارة عن مجموعة متنوعة من البكتيريا التي تعيش في أجسامنا، وخاصة في الأمعاء. وهي تؤثر في عاداتنا الغذائية وصحتنا وتطور أمراضنا كالسمنة والسكري والنوبات القلبية والجلطات الدماغية والسرطان. وعليه فان اضطرابها أقوى عامل خطر للإصابة بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض خطيرة أخرى، وذلك وفق ما نقلت شبكة أخبار «روسيا اليوم». كاشفا ان «الإكثار من تناول المضادات الحيوية وسوء استخدامها يؤدي لاضطرابات خطيرة في الميكروبيوم». مؤكدا أن «المضاد الحيوي يقتل البكتيريا. أي أنه يقتل الميكروبيوم، الذي يحتوي على بكتيريا جيدة وبكتيريا سيئة. فالمضادات الحيوية تقتل البكتيريا بنوعيها وتسبب اختلال توازنها في الأمعاء، تماما مثل العلاج الكيميائي، الذي يقضي على جميع أنواع البكتيريا دون فرزها؛ وأن البكتيريا بعد ذلك تحارب بعضها البعض ومن هنا تبدأ المشكلات الخطيرة». وفق قوله.

وأشار الطبيب الروسي الى انه «في أواخر الخمسينيات والستينيات بدأت طفرة في انتشار السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والنوبات القلبية والجلطات الدماغية . أي أنه بعد التغلب على الالتهاب الرئوي والالتهابات الأخرى، أعطينا الضوء الأخضر لأمراض خطيرة أخرى. والآن لم يعد سرا للخبراء أن اختلال الميكروبيوم يشكل تهديدا أكثر خطورة على الصحة من التدخين». مبينا «وهذا ما حصل؛ فلقد بدأنا باستخدام المضادات الحيوية؛ وبذلك قلبنا الميكروبيوم ضد أنفسنا، ونتائج ذلك معروفة. لقد انتهكنا التوازن البيئي بتسللنا إلى هذا المكان، ودمرناه؛ والآن نحن متفاجئون».

الميكروبيوم الفموي الصحي يعزز مناعة الأطفال

من المعروف أن الميكروبيوم هو عبارة عن مجموعة من الميكروبات الحميدة مثل البكتيريا والفطريات، تعيش بشكل طبيعي في أجهزة الجسم المختلفة وتساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة الأعضاء المختلفة التي توجد فيها، وبذلك تلعب دوراً كبيراً في رفع مناعة الجسم.

ميكروبيوم فموي صحي

أحدث دراسة نُشرت في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في مجلة علم الميكروبات «journal Frontiers in Microbiology»، تناولت صحة الفم للأطفال، أوضحت أن الحفاظ على الميكروبيوم الفموي بصحة جيدة من خلال العديد من العوامل يؤدي إلى رفع مناعة الجسم، والعكس صحيح أيضاً.

أوضح العلماء أن لفظ «الميكروبيوم الفموي» (oral microbiome) ربما لا يحظى بنفس الشهرة التي يتمتع بها ميكروبيوم الأمعاء على سبيل المثال، وذلك لندرة الدراسات التي تتناول دوره المهم في حماية تجويف الفم وحماية بقية أجزاء الجسم بشكل عام. وهو يوجد على شكل مجتمعات من الكائنات الدقيقة في أجزاء مختلفة من الفم، بما في ذلك اللسان والأسنان واللثة وسقف الحلق (palates) واللوزتان.

تُعد هذه المجتمعات المتنوعة من الفطريات والبكتيريا من الوسائل الدفاعية الأساسية للطفل، وترتبط حالة الميكروبيوم بصحة الفم ارتباطاً وثيقاً. وكلما قلت في العدد أو التنوع، زادت فرص الإصابة بأمراض مختلفة سواء في الفم مثل تسوس الأسنان وتلفها والتهابات اللثة، وأيضاً يمكن أن تؤدي إلى أمراض أخرى في أجهزة الجسم المختلفة مثل التهاب الأمعاء والتهاب المفاصل.

على الرغم من أن مجتمعات الميكروبيوم تبدأ في الوجود في تجويف الفم في وقت مبكر جداً من حياة الجنين، فإن التطور البدائي يحدث مبكراً في خلال الشهر الأول من الولادة، ولا يكون هذا التطور بالشكل الناضج لفترة طويلة أثناء مرحلة الطفولة؛ لأن تكوين الميكروبيوم يكون غير مستقر بشكل كامل. ومع تطور أسنان الطفل وتعرفه على العديد من الأطعمة الجديدة، يصبح مجتمع الميكروبات أكثر تنوعاً واختلافاً ونضجاً وقدرة على الحماية. وبمرور الوقت يصبح أكثر تشابهاً مع الميكروبيوم الموجود في جسم الأم عندما يبلغ الطفل أربع سنوات على وجه التقريب، ويصل إلى النضج الكامل مثل البالغين لاحقاً مع نمو الطفل.

عوامل تنوع الميكروبيوم

هناك عدة عوامل تؤثر على تنوع الميكروبيوم ونضجه وكفاءته، ومن أهمها الرضاعة الطبيعية؛ لأن لبن الأم يحتوي على العديد من العناصر المهمة التي تطور من ميكروبيوم الطفل، ولذلك يكون هناك اختلاف واضح بين تركيبة الميكروبيوم للأطفال الذين يرضعون بشكل طبيعي عن الذين يرضعون لبناً صناعياً. وفي الأغلب تنتقل البكتيريا الموجودة في لبن الأم إلى الطفل أثناء الرضاعة الطبيعية في فترة مبكرة من حياته، وتقريباً يكون هناك تطابق بين ميكروبيوم الأم والطفل.

وإلى جانب أهمية لبن الأم في الحماية من الأمراض؛ لأنه يحتوي على نوعية معينة من السكريات (oligosaccharides) مفيدة للطفل، إضافة إلى الأحماض الدهنية والأجسام المضادة؛ يحتوي أيضاً على البريبيوتيك (prebiotics) التي تكون بمثابة بيئة مناسبة تسمح للبكتيريا المفيدة بالنمو، والتي يمكنها أن تحافظ على صحة الفم أيضاً؛ إذ تمنع تسوس الأسنان بشكل غير مباشر عن طريق البكتيريا الموجودة في قولون الأم في حالة نقلها للرضيع أثناء الرضاعة الطبيعية، مما يؤثر بالإيجاب على الميكروبيوم الفموي.

يمثل لبن الأم أيضاً نوعاً من الحماية الكبيرة للرضيع في الأيام الأولى من الحياة؛ لأنه يحتوي على بروتينات معينة مضادة للبكتيريا مثل اللاكتوفيرين (Lactoferrin) والغلوبيولين المناعي (immunoglobulin A) تكون متوفرة بكثرة في بداية نزول اللبن (في الأسبوع الأول من الولادة). وهذه البروتينات تستطيع أن تحمي الأطفال من الأمراض المختلفة، ويمكن أن تؤثر بالإيجاب على الميكروبيوم الفموي، مما يوفر حماية للرضيع من الالتهابات البكتيرية والفيروسية والفطرية.

يمكن أن تؤثر مدة الرضاعة الطبيعية على الميكروبيوم الفموي. وكلما زادت فترة الرضاعة الطبيعية، قلّ وجود ميكروب معين في الفم (بورفيروموناس Porphyromonas)، وهذا الميكروب يسبب التهاب اللثة وفقدان الأسنان. وأهمية الحماية التي توفرها الرضاعة قبل الفطام أن الميكروبيوم لا يكون بالنضج الكافي، ولكن بعد الفطام عندما يتم تقديم الطعام الصلب للأطفال ومع الوقت تتغير الميكروبات الموجودة في الفم لديهم بشكل كبير وتصبح أكثر تنوعاً.

وهناك عوامل أخرى مؤثرة في تنوع الميكروبيوم الفموي ونضجه، بالإضافة إلى النظام الغذائي سواء رضاعة طبيعية أو لبن صناعي؛ إذ تبدأ الأسنان في الظهور عندما يبلغ الطفل 6 شهور من العمر، مما يوفر موطناً جديداً لنمو البكتيريا. وتشير الدراسات إلى ظهور العديد من السلالات الجديدة التي توجد في الفم بعد نمو الأسنان، وبطبيعة الحال ينضج الميكروبيوم الفموي بشكل أكبر عندما يفقد الطفل أسنانه الأولية (primary teeth)، ويبدأ في نمو أسنان دائمة.

تلعب المضادات الحيوية واسعة المجال (broad spectrum) مثل الأموكسيسيلين (amoxicillin) أيضاً دوراً مهماً في صحة الميكروبيوم؛ لأنها بنفس الطريقة التي تؤثر بها على البكتيريا السيئة والضارة، تؤثر أيضاً على مجتمعات البكتيريا الجيدة والنافعة، وتقلل من تنوعها في الميكروبيوم الفموي.

وعلى الرغم من أن البكتيريا الجيدة يمكن أن تتعافى بشكل جزئي بعد ثلاثة أسابيع من التوقف عن استخدام المضاد الحيوي، فإن تكرار الاستخدام على المدى الطويل يؤثر بالسلب على هذه الكائنات الدقيقة.

وفي النهاية طالب الباحثون بضرورة عمل المزيد من الدراسات التي تتناول العوامل المختلفة التي تؤثر على الميكروبيوم الفموي لصحة الفم وللصحة بشكل عام.

* استشاري طب الأطفال

علماء توصلوا لتحديد علامات ارتجاج الدماغ من ميكروبيوم الأمعاء

توصلت دراسة حديثة إلى إمكانية تحديد علامات الإصابة بارتجاج الدماغ من خلال الأمعاء. وذكرت الدراسة التي أعدها باحثو «هيوستن ميثوديست»، أن الإصابة الجسدية في الدماغ تؤثر على وظائف المخ، وعادةً ما تكون صعبة التشخيص وذات أضرار جسيمة على الدماغ والجسد، إلا أنه تبين أنه يمكن تحديد علامات الإصابة بارتجاج في مكان لم يكن في الحسبان وهي الأمعاء، وتحديداً من خلال ميكروبيوم الأمعاء.

ووجدت الدراسة التي أُجريت على لاعبي كرة القدم الأميركية في دوري الجامعات الأول خلال موسم رياضي، انخفاض نوعين من البكتيريا الموجودة عادةً بكثرة في الأمعاء في عينات البراز التي تم جمعها من اللاعبين الذين شُخصوا بالارتجاج، بالمقارنة مع تلك الموجودة في العينات المأخوذة من الأفراد الأصحاء. ووجدت الدراسة أيضاً من خلال العينات التي جُمعت، ارتباطاً بين البروتينات في الدم المرتبطة بإصابات الدماغ الرضحية، ونوع بكتيري مرتبط بإصابة الدماغ.

كرة القدم الأميركية من أكثر الرياضات التي تحدث فيها إصابات ارتجاج الدماغ (أ.ب)

وتقول الدكتورة صونيا فيلابول، عالمة أعصاب في مستشفى «هيوستن ميثوديست» التي قادت الدراسة بالتعاون مع قسم ألعاب القوى وعلوم المعلومات في جامعة «رايس»: «باستطاعتنا اليوم أن نقول للمريض إننا لم نجد أي شيء غريب في صور الأعصاب (neuroimaging) ولم تُظهر تحاليل الدم أي شيء مثير للريبة، ولكن يبدو أن هنالك نقصاً في البكتيريا المفيدة لتحفيز الجهاز المناعي (immune system recovery)، لذا ننصح بأن تأخذ قسطاً من الراحة حتى تتحسن».

ويعتقد الباحثون أن نتائج الدراسة أظهرت أنه يمكن تطوير اختبار تشخيصي بسيط لتتبع تأثير الارتجاج، وتحديد متى يكون من الآمن العودة إلى روتين الحياة اليومية. وسيكون مثل هذا الاختبار تقدماً كبيراً، إذ لا يوجد حالياً اختبار تشخيصي محدد وموضوعي لارتجاج الدماغ. وتتسبب حركة الدماغ داخل الجمجمة في إصابة الخلايا العصبية، ولكنها لا تتسبب عادةً في كسرٍ بالجمجمة أو نزيف أو تورم في الدماغ، ولا تظهر الإصابات الخلوية المجهرية في اختبارات التصوير كالأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي. لذلك، يعتمد الاختبار الأكثر شيوعاً لتشخيص الارتجاجات بشكل حصري، على الأعراض الموصّفة ذاتياً مثل الرؤية الضبابية، والدوخة، والغثيان، والصداع.

مستشفى هيوستن في الولايات المتحدة الأميركية (الشرق الأوسط)

من جهته، يقول الدكتور غافين بريتز، مدير معهد «هيوستن ميثوديست للأعصاب» والمؤلِّف المشارك في الدراسة: «نظراً لاحتمال إصابة الأفراد الذين لا تظهر عليهم أي أعراض بإصابات دماغية خفيفة، تؤثر على صحتهم الإدراكية القصيرة وطويلة الأجل، تبرز الحاجة إلى مؤشرات بيولوجية إرشادية تدعم تشخيص إصابة الدماغ. وتوضح هذه الدراسة الإمكانات التشخيصية الهائلة لدراسة ميكروبيوم الأمعاء، بوصفه انعكاساً لتغيرات طفيفة في الجهاز العصبي المركزي».

ولفحص الإمكانات التشخيصية للأمعاء، نظر الباحثون في عينات الدم والبراز واللعاب التي جُمعت من 33 لاعباً، أربعة منهم تم تشخيصهم بإصابة بارتجاجات شديدة. كما تم إجراء اختبارات إضافية على اللاعبين الذين يعانون من الارتجاج. وتبين في اللاعبين المصابين انخفاض شديد في بكتيريا الأمعاء من نوع أوباكتيريوم ريكتال (Eubacterium rectale) وأنيروستيبس هاردوس (Anaerostipes hadrus). كما لاحظ الباحثون في اللاعبين المصابين بآثار ارتجاجية فرعية، انخفاض البروتينات المرتبطة بإصابات الدماغ في الدم وأنواع بكتيريا أوباكتيريوم ريكتال (Eubacterium rectale) في البراز.

تكثر إصابات ارتجاج الدماغ في ملاعب كرة القدم (أ.ب)

العلاقة بين الدماغ والأمعاء

يركز مختبر الدكتورة فيلابول حالياً بشكل حصري تقريباً على تحليل ميكروبيوم الأمعاء، الذي قد يبدو كأنه منطقة غير عادية بالنسبة إلى عالمة أعصاب حتى تدرك ما تبحث عنه. وتتضمن محفظتها دراسات تبحث في الميكروبيوم في نماذج الفئران لمرض ألزهايمر، وتحليل تغيرات الميكروبيوم في مرضى السكتة الدماغية النزفية للتنبؤ بالسكتات الدماغية المستقبلية، والبحث عن فيروس كوفيد طويل الأمد في ميكروبيوم الأمعاء، فضلاً عن التعاون مع كلية «بايلور للطب» لتصميم علاجات بروبيوتيك في نماذج حيوانية للحوادث الشديدة.

وتضيف فيلابول أن هناك صلة بين الجراثيم الموجودة في الأمعاء واستجابة الدماغ للصدمات أو حتى الأمراض التنكسية العصبية. بعد حدوث ارتجاج أو حادث، غالباً ما يكون أول شيء يحدث في غضون أجزاء من الثانية هو التقيؤ. ويحدث هذا بسبب العصب المبهم الذي يربط الدماغ بالمعدة مباشرةً.

الدراسة توصلت إلى أنه يمكن تشخيص الإصابة من خلال الأمعاء (غيتي)

والاتصال الثاني منهجي. تتسبب الإصابات بالتهاب، مما يؤدي إلى إرسال السيتوكينات (cytokines) والميتابولايتس (metabolites) المنتشرة في الدم، وبالتالي حدوث التهاب في جميع أنحاء الجسم. مما يتسبب في حدوث تغيرات في القناة الهضمية، حيث يتبخر بعض البكتيريا في غضون ساعات إلى أيام.

والاتصال الثالث والأبطأ، ألا وهو التمثيل الغذائي. وتشرح الدكتورة فيلابول: «يَحدث دسباقتريوز الأمعاء (Dysbiosis) الذي يُعدّ خللاً في النبيت الجرثومي المعوي، والذي يقلل من قدرة امتصاص العناصر الغذائية ويسبِّب نقص الفيتامينات، عندما لا تعود البكتيريا الجيدة. وبالتالي لا تُنتج مضادات الأكسدة المضادة للالتهابات لمساعدة الجسم على التغلب على الصدمة، وتبدأ البكتيريا السيئة في التراكم، وإطلاق السموم وزيادة الالتهاب، التي تنتشر من خلال الدم والدماغ مرة أخرى. والاتصال ثنائي الاتجاه، لذا يمكنك الوقوع في حلقة ردود فعل سيئة يصعب الخروج منها».

من وجهة نظر تطورية، تعد المعدة مهمة جداً للبقاء، وحسّاسة للمخاطر. ويمكن أن تكون الجهاز الأول والأخير الذي يسجل مشكلة. وتقول الدكتورة فيلابول: «إلى أن يعود ميكروبيوم الأمعاء إلى طبيعته، لا يمكننا أن نجزم بمعافاة المريض. وهنا تكمن الإفادة في دراسة القناة الهضمية، إذ إنها لا تكذب. ولهذا السبب هناك اهتمام كبير باستخدامها لأغراض التشخيص».

يعتقد الباحثون أن نتائج الدراسة أظهرت أنه يمكن تطوير اختبار تشخيصي بسيط لتتبع تأثير الارتجاج (غيتي)

سد الفجوة التشخيصية

يمثل تحليل ميكروبيوم القناة الهضمية تصحيحاً للطبيعة الغامضة والذاتية لاختبار التأثير المعرفي (cognitive effect testing)، التي يهملها الرياضيون عند عدم الإبلاغ عن الأعراض بشكل متكرر. وتشير التقديرات إلى أنه تم الإبلاغ عن حالة واحدة فقط من كل تسع حالات ارتجاج شديدة الأعراض، مما يجعل الثماني الأخرى عُرضة للمزيد من الإصابات أو الالتهابات.

إدراكاً لضرورة تطوير اختبار أكثر موثوقية، حدد الباحثون العشرات من المؤشرات الحيوية لإصابات الدماغ. إلا أنه حتى الآن، ثبت أنه من الصعب تطوير اختبار دم حساس بدرجة كافية لاكتشاف هذه الزيادات الطفيفة في تركيزات البروتين، واستخدامه على نطاق تجاري موسع.

ونظراً لأن الدراسة تمكنت من تشخيص إصابة الارتجاج الشديد في مجموعة صغيرة (أربعة لاعبين من أصل 33)، سيحتاج الباحثون إلى النظر في نتائج مجموعة أكبر. وتقول فيلابول: «لا يتمتع النساء والرجال بنفس المناعة أو ميكروبيومات الأمعاء، وبصفتي امرأة وأمّاً لبنات، فإنني أكره أن أكون تلك الباحثة التي تنظر فقط إلى قضايا الرجال بينما تتغاضى عن النساء. لذا أتطلع لدراسة مماثلة قريباً بالتعاون مع لاعبات كرة القدم، اللواتي يعانين أيضاً معدلات عالية جداً من الارتجاج، وجميع المشكلات نفسها عندما يتعلق الأمر بأساليب التشخيص الحالية».

تعرّف على أهم أنواع الميكروبيوم بجسم الإنسان

من المعروف أن القناة الهضمية ليست المكان الوحيد الذي يحتوي على الميكروبيوم. إذ يوجد لكل من الفم والأنف والجلد والرئتين والأعضاء التناسلية ميكروبيوم خاص بها. وتلعب جميعها دورًا مهمًا في صحتنا.

ميكروبيوم الفم

وهو أول من اكتشف أواخر القرن السابع عشر الميلادي؛ حيث كشط العالم الهولندي أنتوني فان ليفينهوك الجزء الداخلي من فمه وفحص محتوياته تحت المجهر. وهناك وجد «العديد من الحيوانات الصغيرة جدًا تتحرك»، وفق ما يوضح صامويل ج.وايت المحاضر الأول بعلم المناعة الجينية وفيليب ب.ويلسون أستاذ الصحة بجامعة نوتنغهام.

أما اليوم، فنعلم أن هناك أكثر من مجرد «بكتيريا» (كما أطلق عليها فان ليفينهوك)؛ فهناك الفطريات والفيروسات أيضًا. حيث تساعد هذه المجموعة من الميكروبات، من بين أشياء أخرى، على الهضم عن طريق تكسير الكربوهيدرات المعقدة إلى سكريات أبسط بحيث يمكن للأمعاء امتصاصها بسهولة أكبر.وكما هو الحال مع جميع الميكروبات، يتنافس الميكروبيوم الفموي مع البكتيريا الضارة على الموارد. فعندما يحدث خلل في توازن الكائنات الحية الدقيقة في الفم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تسوس الأسنان وأمراض اللثة والالتهابات. كما يمكن أن تضمن نظافة الفم الجيدة والنظام الغذائي الصحي انتشار الميكروبات الجيدة، حسب ما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن «The Conversation».

تسخير ميكروبات الأمعاء لرفض المواد السامة

يقترح بحث جديد أجراه فريق بحثي من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، وعُرض في 18 يونيو (حزيران) الماضي، في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة، أنه يمكن تسخير الميكروبات الموجودة في الأمعاء البشرية، لمنع أو حتى إزالة امتصاص المواد السامة، مثل الزئبق، ومساعدة الجسم على امتصاص المعادن المفيدة، مثل الحديد، وهو أمر بالغ الأهمية لخلايا الدم الحمراء.

تقول دانييلا بيتانكورت أنزولا، طالبة الدراسات العليا في جامعة ولاية بنسلفانيا، التي قادت الدراسة الجديدة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، إن «الزئبق مثير للقلق بشكل خاص، وهو سم عصبي يمكن أن يؤدي إلى العمى وتلف الأعضاء، وحتى الموت في حالة عدم علاجه، وتتعرض النساء الحوامل بشكل خاص للتسمم بالزئبق، وقد يؤدي التعرض قبل الولادة إلى العمى والنوبات وتلف الدماغ».

ويحدث معظم التعرض للزئبق من خلال الأسماك أو المحار، ولكن يمكن أن يظهر في أماكن أخرى أيضاً، حيث يتراكم في الكائنات الحية، مثل النباتات والأسماك، ونحن نأكل تلك الأشياء، وهي تتراكم فينا.

وخلال الدراسة الجديدة، قامت أنزولا وزملاؤها أولاً بتحليل آلاف الجينومات من بكتيريا الأمعاء، مع التركيز على المحددات الجينية المرتبطة بالقدرة على التفاعل مع المعادن. وقالت إنه من المعروف أن الكثير من الجينات مرتبطة بمقاومة المعادن، لكنّ المجموعة ركزت على تلك التي مكّنت البكتيريا من امتصاص الزئبق وإبقائه خارج القناة الهضمية.

ولفهم كيفية عمل هذه الجينات وتأثيرها على المضيف، استخدم الفريق التسلسل الميتاجينومي لدراسة كيفية استجابة ميكروبات الإنسان والفأر للتعرض للزئبق، وأخيراً، استخدم الباحثون تلك الأفكار لتطوير «بروبيوتيك» مصمم خصيصاً لإزالة السموم من نوع ضار من الزئبق يوجد غالباً في النظام الغذائي البشري.

وصُمِّم «البروبيوتيك» عن طريق إدخال جينات من بكتيريا (عصوية ضارية Bacillus megaterium)، المعروفة بمقاومتها العالية لميثيل الزئبق، في سلالات بكتيريا (ملبّنة مجبنة Lacticaseibacillus)، وهو جنس من بكتيريا حمض اللاكتيك. تقول إنزولا: «بروبيوتيك مثالي، لأنه يمكن أن يعيش في القناة الهضمية، لكنه لا يستعمر الجسم، فهو يلتقط الزئبق داخل القناة الهضمية، ثم يخرج». وتوضح أن المجموعة البحثية بدأت دراسات تجريبية على الفئران المعرّضة للزئبق، وتشير النتائج المبكرة إلى أن تلك الفئران التي تلقت البروبيوتيك كانت أفضل من تلك التي لم تحصل عليه.

وتضيف: «المجموعة تركز في الوقت الحالي على فهم كيفية تفاعل ميكروبات الأمعاء مع الزئبق، لكنهم يخططون للتحقيق في معادن أخرى أيضاً، وهدفنا النهائي هو تطوير التدخلات العلاجية التي يمكن أن تساعد في تقليل مستويات المعادن الخطرة، مثل الزئبق، وتعزيز امتصاص تلك التي يحتاج إليها جسم الإنسان، فنحن نحن مهتمون بدراسة كيفية تفاعل المجتمع الميكروبي بأكمله مع المعادن المختلفة».

هل تؤثر الميكروبات بداخلنا على سلوكنا؟


علمنا منذ ما يقرب من مائتي عام أن تريليونات الميكروبات تعيش على جلدنا، وكذلك في أعماق أجسامنا، تحديدا في أمعائنا. وحتى زمن قريب، كنا نظن أنها مجرد طفيليات تستغل أجسامنا للحصول على الطعام والمأوى، وأنها لا تتسبب لنا في أي مشكلات. ومع ذلك، نعلم الآن أن جينات ميكروباتنا (الميكروبيوم microbiome) تصنع العديد من المواد الكيميائية التي تؤثر على أجسامنا، وقد تتسبب في تعرضنا لأمراض القلب، والسكري، والسمنة، والاكتئاب، والقلق، والعديد من الأمراض العصبية التنكسية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الميكروبات الموجودة بداخلنا قد تؤثر أيضا على سلوكنا، فقد قارنت دراسة نشرت على الإنترنت في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022 بدورية «نتشر» «Nature» بين الفئران التي أقدمت على ممارسة الرياضة عند إعطائها عجلة الجري، والفئران الأخرى التي لم تقدم على التمرين.
ولم تكن هناك اختلافات في جيناتها، بل كان هناك اختلافات في ميكروبيوم الأمعاء لديها. وظهر أن الفئران التي أقدمت على التمرين كان لديها المزيد من البكتيريا التي أنتجت مادة كيميائية معينة، فكلما ركضت هذه الفئران، أرسلت تلك المادة الكيميائية إشارات من القناة الهضمية إلى الدماغ وأشعلت مراكز المكافأة في الدماغ ليصل الفأر إلى ما يطلق عليه مرحلة «نشوة العدائين» التي تشعل حماسته للمزيد من العدو.
على الطرف الآخر، وبسبب الميكروبيوم المختلف، لم تحصل الفئران «الكسولة» على مثل هذه المكافأة واكتفت بالمشاهدة، ولكن عندما جرى وضع ميكروبيوم التمرين داخل الفئران الكسولة، بدأت تلك الفئران في ممارسة الرياضة.
إذا كان ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن يؤثر على دفع الحيوان لممارسة الرياضة، فهل ينطبق ذلك على البشر؟ إذا كان هذا صحيحا، فهل يمكن للميكروبات في أجسامنا أيضا أن تؤثر على دفعنا للقيام بأشياء أخرى مثل استخدام أو تجنب المواد المسببة للإدمان، أو تناول أطعمة صحية، أو الانخراط اجتماعيا بصورة أكبر؟
لننظر في ميكروب آخر داخل أجسامنا. عندما تصاب حيوانات مختلفة بطفيلي يسمى «المقوسة الغوندية» Toxoplasma gondii (الذي ينتشر بين القطط)، فمن المرجح أن تقدم على التصرف بسلوك خطير. على سبيل المثال، الذئاب الرمادية المصابة بالطفيليات والموجودة في «حديقة يلوستون الوطنية» أكثر عرضة بكثير من الذئاب غير المصابة، للتصرف باستقلالية عن باقي القطيع أو تحاول الهيمنة على القطيع - أو الموت في سبيل تحقيق ذلك. نفس هذا السلوك الشجاع (انعدام الخوف) يظهر في أنواع الحيوانات الأخرى المصابة بهذا الطفيلي، فالفئران المصابة بالطفيلي على سبيل المثال، تحاول أكثر من غيرها ألا تتجنب القطط.
ما يقرب من 30 بالمائة من البشر مصابون أيضا بهذا الطفيلي نفسه. فهل يمكن لهذا الطفيلي أن يؤثر علينا بالطريقة ذاتها التي يؤثر بها على الحيوانات الأخرى ليحولنا إلى أشخاص مجازفين لا نخشى شيئا؟ خلصت الدراسات إلى أن طلاب كليات إدارة الأعمال المصابين بهذا الطفيلي أكثر احتمالاً للتطلع إلى أن يكونوا رواد أعمال (بدلاً من محاسبين على سبيل المثال)، وأن المهنيين المصابين بهذا الطفيلي الذين يحضرون فعاليات أصحاب المشاريع أكثر إقبالا على بدء أعمالهم التجارية الخاصة.
لذا، على الرغم من أن الفكرة لا تزال بعيدة عن الإثبات، فمن الممكن أن تؤثر الميكروبات بداخلنا ليس على خطر الإصابة بأمراض مختلفة فحسب، بل على سلوكنا أيضا. حتى إن العلماء الآن يعدون أنه من الممكن تصور أن الميكروبات في داخلنا قد تؤثر على جوانب مثل الذكاء، واتخاذ المواقف، والتعاطف، وتحديد من ننجذب إليه - أي باختصار، تحدد من نكون.
* رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية»
ـ خدمات «تريبيون ميديا»

ميكروبيوم الأنف

الميكروبيوم الأنفي يساعد على تصفية الجزيئات واحتجازها من الهواء الذي نتنفسه. وفي حين أن الميكروبيوم الأنفي يحتوي على أكثر من مائة سلالة من البكتيريا، إلا أن نوعين إلى عشرة أنواع فقط تشكل 90 في المائة من الميكروبيوم. هذه البكتيريا لها علاقة تكافلية. لكن مع ذلك، يمكن أن تحدث اختلالات في الميكروبيوم الأنفي نتيجة التعرض البيئي مثل تلوث الهواء أو الجينات أو مشاكل في جهاز المناعة لدينا. وقد تم ربط هذه الاختلالات بحالات مثل التهاب الجيوب الأنفية المزمن وحساسية الأنف وزيادة خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي. ووجدت دراسة صغيرة من البرتغال أن متذوقي النبيذ لديهم عدد أقل من البكتيريا الأنفية وأنواع بكتيرية أقل تنوعًا من غيرهم.

ميكروبيوم الجلد

يعيش مجتمع معقد من الكائنات الحية الدقيقة على سطح الجلد والطبقات العميقة.

ويشمل ميكروبيوم الجلد البكتيريا والفطريات والفيروسات. حيث تلعب هذه الكائنات الدقيقة دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة بشرتنا وحمايتها من البكتيريا الضارة.

وقد ارتبطت الاختلالات في ميكروبيوم الجلد بأمراض جلدية مثل حب الشباب والأكزيما والصدفية والتهاب الجلد.

ووجدت دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام لم تتم مراجعتها بعد، أن نوعين من البكتيريا (Cutibacterium acnes و Staphylococcus epidermidis)، ارتبطا بانخفاض مستويات الكولاجين (السقالات التي تحافظ على بشرتنا شابة المظهر). مع توقع طرح علاجات جديدة لمكافحة الشيخوخة تستهدف هذه البكتيريا في السوق قريبًا.

تعرض الأطفال للميكروبات مبكراً يقوي مناعتهم

في أحدث دراسة نُشرت في مجلة علم المناعة the journal Immunology العلمية في نهاية شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي قام العلماء بمراجعة الدراسات الرئيسية عن تأثير التعرض للميكروبات في وقت مبكر من حياة الطفل على الجهاز المناعي والأمراض المناعية مثل الربو الشعبي asthma وحساسية الجلد.

التعرض للميكروبات

من المعروف أن البكتيريا النافعة التي تعيش داخل جسم الانسان تعد جزءا من الجهاز المناعي لمقاومة الأمراض المختلفة عن طريق التنافس على الحيز المكاني في مكان وجودها في الأمعاء، بمعنى أنه كلما كان حجم وعدد الوسط الميكروبي (الميكروبويم) microbiome الموجود في الأمعاء كبيراً، قلت فرص الوجود أمام البكتيريا الضارة. وبجانب ذلك يلعب الميكروبيوم دورا فعالا في التفاعلات المناعية.

أظهرت نتائج الدراسات أن التعرض الدائم للميكروبات بنسب بسيطة يقوي المناعة بشكل كبير ولا يسبب المرض ويحافظ على صحة الطفل ويحميه من الإصابة بالأمراض المناعية والموسمية، حيث يصبح بمثابة التطعيم الطبيعي لأن خلايا الجسم الدفاعية تتعرف على التركيبة الجينية للميكروب من خلال تكرار تعرضها له، وبالتالي تستطيع إبطال مفعوله عن طريق خلايا معينة تقوم بعمل أجسام مضادة لهذه الشفرة الجينية تمنع الميكروب من مهاجمة الجسم في المستقبل.

وهناك عوامل تؤثر على التفاعل المناعي بين الميكروب وخلايا الجسم المناعية

* عوامل خارجية: مثل تنوع البيئة الحاضنة للميكروبات على مستوى الكم والكيف التي كلما كانت غنية في احتوائها على عدد أكبر من الميكروبات كانت المناعة أكثر، بشرط التعرض لهذا التنوع بنسبة بسيطة.

وعلى سبيل المثال يتمتع الأطفال الذين يعيشون في الريف بمناعة أكبر من الذين يعيشون في المدن الحضرية خاصة في دول العالم المتقدم. وكذلك فإن التعرض المستمر للمضادات الحيوية antibiotics يضعف المناعة ويؤثر بالسلب على الميكروبيم ويساعد في خلق مقاومة لمفعول الأدوية.

* عوامل داخلية: مثل القدرة على تكوين وسائل الدفاع بكفاءة مثل البروتين المناعي (الغلوبيولين immunoglobulins) الذي يلعب دوراً مهماً في مقاومة الأمراض ويحفظ التركيب الجيني للميكروبات المسببة للأمراض لفترات طويلة وكذلك كريات الدم البيضاء المسؤولة عن المناعة بشكل أساسي. وبجانب ذلك هناك العامل الوراثي والاستعداد الجيني سواء للإصابة بالأمراض المناعية أو لمقاومتها، حيث يمكن أن يؤدي التعرض لعوامل الخطر المختلفة الداخلية والخارجية إلى تغييرات في جهاز المناعة.

أطفال الريف والمدينة

وجد الباحثون أن الأطفال في الريف يتمتعون بمناعة أكبر من أقرانهم في المدن الكبرى خاصة في العالم الأول وأقل عرضة للإصابة بالربو الشعبي، وأظهرت الأبحاث التي أجريت على مجموعات تشترك في الأصل الوراثي الجيني (مثل السكان الأصليين للولايات المتحدة)، أن أولئك الذين يمارسون الزراعة بشكل تقليدي أظهروا انخفاضا في معدلات الإصابة بالأمراض المناعية بمعدل أربعة أضعاف بالمقارنة بالذين يعيشون في المدن الصناعية الكبرى، وأيضاً كان هناك اختلافات كبيرة في تكوين خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن المناعة.

لاحظ العلماء أن الأمر نفسه تكرر عند مقارنة المناطق الحضرية مع غير الحضرية أو الأقل تحضراً في المنطقة الجغرافية نفسها تقريباً. وعلى سبيل المثال الأطفال الذين يعيشون في بلدة (سونورا) بالمكسيك ومقاطعة (كاريليا) في روسيا لديهم مقاومة أعلى للحساسية بشكل عام بأربعة أضعاف وفي بعض الأحيان بعشرة أضعاف من أولئك الذين يعيشون في ولاية (أريزونا) في الولايات المتحدة و(كاريليا) في فنلندا. والسبب في هذا الاختلاف كان نتيجة لوجود نسبة أكبر من الميكروبات higher microbial load في مياه الشرب المستخدمة في المكسيك وروسيا مقارنة بالمستخدمة في الولايات المتحدة وفنلندا، وهو الأمر الذي يوضح ضرورة التعرض لنسبة بسيطة من الميكروبات للحماية من الأمراض المناعية.

يعد نمط الحياة في المدن الكبرى وسهولة توفر التقنيات الطبية الحديثة من العوامل التي تساهم في اختلاف مقاومة الأطفال للأمراض المناعية في القرى والأماكن الزراعية عنها في المدينة، وعلى سبيل المثال معظم حالات الولادة التي تتم في الريف في الأغلب تكون بطريقة طبيعية بينما في المدينة معظم حالات الولادة تكون قيصرية، وأيضاً في القرى يوجد عدد أكبر من الحيوانات الأليفة بشكل لا يتوفر في المدينة وحتى في حالات الإصابة بالعدوى كان الأطفال الذين عانوا من التهاب الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي نتيجة للإصابة بالمكورات العنقودية Staphylococcus أقل عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي والحساسية في أثناء الطفولة.

كما ظهر أن الأطفال الذين تتم ولادتهم بشكل طبيعي من خلال المهبل vaginal delivery يتعرضون في أثناء الولادة لنسبة بسيطة من الميكروبات الموجودة في مهبل الأم ونتيجة لذلك تقل احتمالية إصابتهم بالربو نسبياً عن الرضع الذين تمت ولادتهم بالعملية القيصرية لأنهم يخلون تماماً من الجراثيم القادمة من الأم، وبالتالي يزداد خطر إصابتهم بالمرض لأن الجهاز المناعي لديهم لم يتم تحفيزه وتدريبه. والأمر نفسه ينطبق على عدد من الحيوانات الأليفة المنزلية المملوكة للأسرة، الذي يتناسب طردياً مع زيادة مقاومة الأمراض المناعية والحساسية لدى الأطفال وتختلف المقاومة تبعاً لتنوع الحيوانات أيضاً حيث تضفي الكلاب مقاومة أقوى من القطط.

* أكد العلماء أن البيئة النظيفة المعقمة جيدة للصحة، لكن البيئة شديدة النظافة ربما تكون غير صحية لأنها تحرم الجهاز المناعي من التعرف على الميكروبات ومعرفة الطرق لمقاومتها، ويجب على الآباء أن يضعوا في الحسبان تعريض أطفالهم للميكروبات بشكل تدريجي وتركهم للعب في الأرياف والتعامل بحرية مع الحيوانات الأليفة، ولا داعي لاستخدام المواد المعقمة والمطهرة مع الالتزام فقط بغسل الأيدي.

* استشاري طب الأطفال

ميكروبيوم الرئة

تبين أن الجزء الوحيد من الجسم الذي كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنه عقيم يحتوي على ميكروبيوم أيضًا.

إن ميكروبيوم الرئة ليس متنوعًا مثل مناطق الجسم الأخرى، والتي تتكون أساسًا من البكتيريا. ويُعتقد أن هذه البكتيريا تأتي من الفم والأنف وتشق طريقها إلى الرئتين عندما نستنشق كميات صغيرة من إفرازات الفم والأنف.

ويلعب ميكروبيوم الرئة دورًا في الاستجابات المناعية وصحة الجهاز التنفسي. يمكن أن تجعلنا الاضطرابات في ميكروبيوم الرئة أكثر عرضة للإصابة بالعدوى وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن والالتهاب الرئوي.

ميكروبيوم الأعضاء التناسلية

كالميكروبيوم المهبلي في الإناث وميكروبيوم القضيب في الذكور.

ففي الإناث، يتكون الميكروبيوم المهبلي بشكل أساسي من البكتيريا، وخاصة أنواع العصيات اللبنية. حيث يساعد هذا الميكروبيوم في الحفاظ على صحة المهبل من خلال خلق بيئة حمضية تمنع نمو البكتيريا الضارة وتعزز مجتمع ميكروبي متوازن. وعندما يكون الميكروبيوم المهبلي غير متوازن، يمكن أن يؤدي إلى حالات مثل التهاب المهبل الجرثومي وعدوى الخميرة. كما يساهم ميكروبيوم القضيب عند الذكور أيضًا في صحة الأعضاء التناسلية، على الرغم من أنه لم تتم دراسته على نطاق واسع.

وفي هذا الاطار، قد تؤدي الاختلالات في ميكروبيوم القضيب إلى حالات مثل التهابات المسالك البولية.

دراسة: التأمل العميق قد يغيّر ميكروبيوم الأمعاء

قد يساعد التأمل العميق المنتظم، الذي يمارس لعدة سنوات، على تنظيم ميكروبيوم الأمعاء وربما يقلل من مخاطر اعتلال الصحة الجسدية والعقلية، وفقًا لدراسة مقارنة صغيرة نُشرت بمجلة الطب النفسي العام.
فقد اختلفت الميكروبات المعوية الموجودة في مجموعة من الرهبان البوذيين التبتيين اختلافًا كبيرًا عن تلك الموجودة في جيرانهم العلمانيين، وتم ربط ذلك بانخفاض مخاطر القلق والاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتظهر الأبحاث أن ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن يؤثر على الحالة المزاجية والسلوك من خلال محور الأمعاء والدماغ؛ وهذا يشمل الاستجابة المناعية للجسم والإشارات الهرمونية والاستجابة للضغط والعصب المبهم (المكون الرئيسي للجهاز العصبي السمبتاوي)؛ الذي يشرف على مجموعة من وظائف الجسم الحاسمة.
وتكمن أهمية تصميم المجموعة والعينة في أن هؤلاء الرهبان التبتيين ذوي التفكير العميق يمكن أن يكونوا ممثلين لبعض التأملات الأعمق. وعلى الرغم من أن عدد العينات صغير، إلا أنها نادرة بسبب موقعها الجغرافي، وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
ويتزايد استخدام التأمل للمساعدة في علاج اضطرابات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات والإجهاد الناتج عن الصدمات واضطرابات الأكل وكذلك الألم المزمن. لكن ليس من الواضح ما إذا قد يكون قادرًا على تغيير تكوين ميكروبيوم الأمعاء، كما يقول الباحثون.
وفي محاولة لمعرفة ذلك، قام الباحثون بتحليل عينات من البراز والدم لـ 37 راهبًا بوذيًا تبتيًا من ثلاثة معابد و19 من السكان العلمانيين في المناطق المجاورة.
وفي ذلك يقول الباحثون إن التأمل البوذي التبتي ينشأ من النظام الطبي الهندي القديم المعروف باسم «الأيورفيدا» (شكل من أشكال التدريب النفسي كان الرهبان في هذه الدراسة يمارسونه لمدة ساعتين على الأقل يوميًا لمدة تتراوح بين 3 و 30 عامًا).
ولم يستخدم أي من المشاركين العوامل التي يمكن أن تغير حجم وتنوع ميكروبات الأمعاء كالمضادات الحيوية والبروبيوتيك والبريبايوتكس أو الأدوية المضادة للفطريات في الأشهر الثلاثة السابقة.
وتمت مطابقة كلا المجموعتين من حيث العمر وضغط الدم ومعدل ضربات القلب والنظام الغذائي؛ إذ كشف تحليل عينة البراز عن اختلافات معنوية في تنوع وحجم الميكروبات بين الرهبان وجيرانهم. فيما كانت أنواع Bacteroidetes و Firmicutes سائدة في كلا المجموعتين، كما هو متوقع. لكن كانت البكتيريا الجرثومية بشكل كبير في عينات براز الرهبان (29 % مقابل 4 %) وقد احتوت أيضًا على وفرة من بريفوتيلا (42 % مقابل 6 %) وكمية كبيرة من Megamonas و Faecalibacterium.
ويوضح الباحثون هذا الأمر بالقول «ارتبطت العديد من البكتيريا المخصبة في مجموعة التأمل بالتخفيف من الأمراض العقلية، ما يشير إلى أن التأمل يمكن أن يؤثر على بكتيريا معينة قد يكون لها دور في الصحة العقلية».
جدير بالذكر، أن الأبحاث المنشورة سابقًا تشير إلى أن هذه الأنواع تشمل: Prevotella و Bacteroidetes و Megamonas و Faecalibacterium.
وفي هذا الاطار، طبق الباحثون تقنية تحليلية متقدمة للتنبؤ بالعمليات الكيميائية التي قد تؤثر عليها الميكروبات. وهذا يشير إلى أن العديد من المسارات الوقائية المضادة للالتهابات، بالإضافة إلى التمثيل الغذائي (تحويل الطعام إلى طاقة) تم تعزيزها في الأشخاص الذين يتأملون.
وفي الأخير، أظهر تحليل عينة الدم أن مستويات العوامل المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك الكوليسترول الكلي والبروتين الشحمي B، كانت أقل بشكل ملحوظ لدى الرهبان عنها في جيرانهم العلمانيين من خلال تحليلهم الوظيفي مع ميكروبات الأمعاء.
وعلى الرغم من أنها دراسة مقارنة، إلا أنها قائمة على الملاحظة وكان عدد المشاركين فيها صغيرًا وجميعهم من الذكور ويعيشون على ارتفاعات عالية، ما يجعل من الصعب استخلاص أي استنتاجات مؤكدة أو قابلة للتعميم. كما لا يمكن الاستدلال على الآثار الصحية المحتملة إلا من خلال الأبحاث المنشورة مسبقًا. لكن بناءً على النتائج التي توصل إليها الباحثون فان دور التأمل في المساعدة على الوقاية من الأمراض النفسية الجسدية أو علاجها يستحق بالتأكيد المزيد من البحث.
وفي النهاية خلص الباحثون الى ان «هذه النتائج تشير إلى أن التأمل العميق طويل الأمد قد يكون له تأثير مفيد على ميكروبات الأمعاء، ما يمكّن الجسم من الحفاظ على حالة صحية مثالية».

ميكروبيوم الأمعاء

ميكروبيوم الأمعاء هو أحد أكثر الميكروبات شهرة وتأثيرا في أجسامنا. إنها مجموعة كبيرة من الكائنات الحية الدقيقة، بما في ذلك البكتيريا والفيروسات والفطريات والعتائق.

ميكروبيوم الأمعاء ضروري لعملية الهضم والتمثيل الغذائي وتطوير نظام المناعة لدينا؛ إذ يساعد في تكسير الكربوهيدرات المعقدة وينتج الفيتامينات، بما في ذلك فيتامين(K) وفيتامينات (ب) المختلفة، ويساعدنا على امتصاص العناصر الغذائية. وقد تم ربط الاختلالات في ميكروبيوم الأمعاء بحالات مثل أمراض الأمعاء الالتهابية والسمنة ومرض السكري من النوع 2 واضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق.

طرق الحفاظ على صحة ميكروبيوم الأمعاء

هناك طرق مختلفة للحفاظ على صحة ميكروبيوم الأمعاء أو إعادة توازنه عندما يخرج عن السيطرة. وتشمل؛ تناول البروبيوتيك (البكتيريا المفيدة) والبريبايوتكس (الألياف التي تغذي البكتيريا). كما يمكن أن يتم ذلك أيضًا عن طريق زرع جراثيم برازية (نقل ميكروبيوتا صحية من متبرع إلى متلقي) المعروفة أيضًا باسم زرع البراز.

ان مناطق بكتيريا أجسامنا ليست كيانات معزولة؛ فهي تتفاعل مع بعضها البعض بطرق معقدة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر الميكروبات في الفم والأنف على صحة الجهاز التنفسي لدينا. ويمكن أن تؤثر الاضطرابات في ميكروبيوم الأمعاء على نظام المناعة لدينا وتؤثر على مناطق الجسم الأخرى. كما يمكن أن يتفاعل ميكروبيوم الجلد مع ميكروبيوم الأعضاء التناسلية والميكروبات من بيئتنا.

إن إدراك الترابط بين هذه البكتيريا يذكرنا بأن أجسامنا هي نظام بيئي شامل؛ ويمكن أن يكون للاختلالات في منطقة واحدة عواقب بجميع أنحاء المشهد الميكروبي بأكمله. لذلك يؤدي فهم هذه التفاعلات لفتح آفاق جديدة لتحسين صحتنا.

علماء يتوصلون لطريقة جديدة تقتل الخلايا السرطانية بنسبة 99 %

اكتشف علماء طريقة جديدة لتدمير الخلايا السرطانية، حيث أدى تحفيز جزيئات الأمينوسيانين باستخدام ضوء قريب من الأشعة تحت الحمراء إلى اهتزازها بشكل متزامن، وهو ما يكفي لتفكيك أغشية الخلايا السرطانية.

وتُستخدم جزيئات الأمينوسيانين بالفعل في التصوير الحيوي كأصباغ صناعية؛ تُستخدم عادةً بجرعات منخفضة للكشف عن السرطان، وتظل مستقرة في الماء، كما أنها جيدة جدًا في ربط نفسها بالجزء الخارجي من الخلايا.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال فريق بحثي بجامعة رايس وجامعة تكساس إيه آند إم، إن النهج الجديد يمثل تحسنًا ملحوظًا مقارنة بنوع آخر من الآلات الجزيئية القاتلة للسرطان التي تم تطويرها سابقًا، والتي تسمى محركات من نوع «فيرينجا»، والتي يمكنها أيضًا كسر هياكل الخلايا السرطانية.

ووصف الكيميائي جيمس تور من جامعة رايس الآلية الجديدة بأنها «جيل جديد تمامًا من الآلات الجزيئية التي نسميها آلات ثقب الصخور الجزيئية. إنها أسرع بمليون مرة في حركتها الميكانيكية من المحركات السابقة من نوع فيرينجا، ويمكن تنشيطها باستخدام ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة بدلاً من الضوء المرئي». وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن مجلة «Nature Chemistry» العلمية.

ويعد استخدام الأشعة تحت الحمراء القريبة أمرًا مهمًا لأنه يمكّن العلماء من التعمق في الجسم.

ويمكن علاج السرطان في العظام والأعضاء دون الحاجة إلى إجراء عملية جراحية للوصول إلى نمو السرطان.

وفي الاختبارات التي أجريت على الخلايا السرطانية المزروعة في المختبر، حققت طريقة المطرقة الجزيئية معدل نجاح بلغ 99 % في تدمير الخلايا. وتم اختبار هذا النهج أيضًا على الفئران المصابة بأورام الميلانوما، وأصبح نصف الحيوانات خاليًا من السرطان.

إن البنية والخصائص الكيميائية لجزيئات الأمينوسيانين تعني أنها تظل متزامنة مع المحفز الصحيح، مثل ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة. فعندما تكون في حالة حركة، تشكل الإلكترونات الموجودة داخل الجزيئات ما يعرف بالبلازمونات؛ وهي كيانات تهتز بشكل جماعي تدفع الحركة عبر الجزيء بأكمله.

من جانبه، يقول الكيميائي سيسيرون أيالا أوروزكو من جامعة رايس «ان ما يجب تسليط الضوء عليه هو أننا اكتشفنا تفسيرًا آخر لكيفية عمل هذه الجزيئات. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام البلازمون الجزيئي بهذه الطريقة لإثارة الجزيء بأكمله وإنتاج عمل ميكانيكي يستخدم لتحقيق هدف معين؛ هو تمزيق غشاء الخلايا السرطانة».

جدير بالذكر ان للبلازمونات ذراعا على أحد الجانبين، ما يساعد على ربط الجزيئات بأغشية الخلايا السرطانية بينما تقوم حركات الاهتزازات بفصلها عن بعضها البعض.

ولا يزال الوقت مبكرًا للبحث، لكن هذه النتائج الأولية واعدة جدًا. وهذا أيضًا نوع من التقنيات الميكانيكية الحيوية المباشرة التي قد تجد الخلايا السرطانية صعوبة في تطوير نوع من الحصار ضدها. وبعد ذلك، يبحث العلماء في أنواع أخرى من الجزيئات التي يمكن استخدامها بشكل مماثل. وفق أوروزكو؛ الذي يخلص الى القول «ان هذه الدراسة تدور حول طريقة مختلفة لعلاج السرطان باستخدام القوى الميكانيكية على المستوى الجزيئي».

الطفرات الجينية علامة حيوية على مجموعة واسعة من السرطانات

نجح فريق من الباحثين في جامعة «نورث ويسترن ميديسن» في الولايات المتحدة، في تحديد آليات جزيئية جديدة وراء طفرة جينية موجودة في مجموعة واسعة من أنواع السرطان، التي يمكن أن تكون بمثابة علامة حيوية إذا ما تم رصدها لدى المرضى ومن ثَم علاجهم منها.

طفرة جينية لسرطانات كثيرة

وفقاً للنتائج المنشورة في مجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences» في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023، فإن الباحثين يأملون بتوظيف النتائج التي تربط الأبحاث الجزيئية بالطفرة الجينية في عمليات تقسيم المرضى المصابين بالسرطان إلى مجموعات فرعيه بناءً على الخصائص المرضية.

ويشير زيبو تشاو، أستاذ مساعد في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئية المؤلِّف المشارك في الدراسة، إلى أن الفهم العميق لهذه الآليات قد يفتح الباب أمام تطوير علاجات مستهدفة لأنواع معينة من السرطان مما يعزز فرص العلاج الفعّال والتقديم الأمثل للمرضى لأنه يمكن تطبيقها على أشكال أخرى من السرطان مثل الرئة والقولون والأورام الصلبة الأخرى.

كان فريق بحثي يقوده علي شيلاتيفارد، مدير معهد «سيمبسون كويري» لعلم الوراثة اللاجينية ورئيس برنامج علم الوراثة اللاجينية للسرطان والديناميكيات النووية في مركز «روبرت لوري الشامل للسرطان» بجامعة «نورث وسترن»، قد اكتشف في دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Journal of Clinical Investigation» في 26 يونيو (حزيران) 2023 أن الخلايا السرطانية التي تحتوي على طفرات في جين «إم إل إل 4 MLL4» تكون أكثر حساسية لمثبط تخليق البيورين وهو المثبط الذي يعمل على عرقلة نموها. وهو ما يؤكد إمكانية استخدام MLL4 هدفاً للعلاج.

علاج جيني للسرطان

مثبّط الطفرات لعلاج الأورام

في الدراسة الأخيرة استخدم الباحثون تقنيات تحرير الجينات بواسطة كريسبر CRISPR لتحديد الآليات الجزيئية الدقيقة في الخلايا السرطانية ذات طفرات MLL4، ووجدوا أن هذه الطفرات تتمركز في سيتوبلازم الخلايا السرطانية.

واستخدم الفريق البحثي أيضاً مثبطاً يسمى اللوميتريكسول Lometrexol في نموذج فأر لسرطان المثانة ووجدوا أنه يقلل بشكل كبير من حجم الأورام في الفئران ذات الطفرات MLL4، مما يشير إلى أنه يمكن استخدام تلك الطفرات لتصنيف المرضى بناءً على حساسيتهم المتوقعة للعلاجات المستهدفة مثل اللوميتريكسول.

استهداف سرطان المثانة

ويقول جوشوا ميكس، أستاذ جراحة المسالك البولية وأستاذ مشارك في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئية ومؤلف مشارك للدراسة، إن ما يقرب من ثلث مرضى سرطان المثانة لديهم طفرة في MLL4.

وتشير الدراسة إلى أن طفرات MLL4 السيتوبلازمية يمكن أن تكون بمثابة علامة حيوية على تعزيز التقسيم الطبقي للمرضى ونتائج العلاج، إذ يعد اللوميتريكسول جزءاً من نظام العلاج الكيميائي المعتمد لسرطان المثانة. وتوفر الدراسة نظرة ثاقبة حول سبب فاعلية الدواء في نحو نصف المرضى فقط.

كما تشير النتائج إلى أن التغيرات السيتوبلازمية في MLL4 يمكن أن تكون علامة حيوية واضحة وقوية للتنبؤ بشكل أفضل بالاستجابة للعلاج، إذ يمكن أن تكون هذه المعلومات مفيدة في تطوير علاجات مستهدفة جديدة تستعيد وظيفة MLL4 في مختلف أنواع السرطان والأمراض.

وقال الباحثون إن نتائج الدراسة سوف تتيح إمكانات التطويرات المحتملة في استراتيجيات العلاج الشخصية القائمة على العلامات الجينية.

تقنيات التعديل الجيني لعلاج ألزهايمر

يستكشف الباحثون إمكانات تقنية تحرير الجينات لعلاج أشكال مرض ألزهايمر الناجم عن الطفرات الجينية.

ووفقا لنتائج دراسة نشرت في مجلة «نيتشر» في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تم الإبلاغ عن نهجين علاجيين جديدين يعتمدان على تقنية كريسبر CRISPR لعلاج مرض ألزهايمر في المؤتمر الدولي لجمعية ألزهايمر في أمستردام.

ويهدف أحد النهجين إلى الحد من تأثير أقوى جين معروف يسبب خطر الإصابة بمرض ألزهايمر وهو الجين، APOE-e4، بينما يسعى العلاج الآخر إلى تقليل إنتاج البروتين السام في الدماغ المعروف باسم بيتا أميلويد، وهو السمة المميزة لمرض ألزهايمر وأهم هدف للعلاجات المعتمدة مؤخراً.

وفي حين لا تزال هذه الدراسات في مراحلها الأولى، فإنها توفر الأمل للمصابين بمرض ألزهايمر والخرف، إذ إن تحرير (قص) الجينات باستخدام نظام التكرارات المتناوبة القصيرة والمتباعدة بانتظام والمعروف باسم كريسبر، يظهر بوصفه من أقوى الأدوات في البحث عن أدوية جديدة واعدة.

أداة واعدة

مرض ألزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعا للخرف وهو مشكلة صحية تثير قلقاً عالمياً حيث يعاني أكثر من 55 مليون شخص من الخرف. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات تقريبا بحلول عام 2050. وتعتمد معظم الأبحاث المتعلقة بمرض ألزهايمر على فرضية الأميلويد، وهي فكرة مفادها أن تراكم بروتينات «أميلويد بيتا» في الدماغ التي تشكل في النهاية كتلاً تسمى اللويحات، هو السبب الرئيسي للمرض. إذ تحفز لويحات الأميلويد بروتيناً آخر في الدماغ يُسمى «تاو» على التكتل معا والانتشار داخل الخلايا العصبية.

وعادةً ما تبدأ الأعراض مثل فقدان الذاكرة في الظهور خلال هذه العملية وكلما زاد عدد «تاو» زادت شدة الأعراض. أما أدوية الأجسام المضادة فعادة ما تستهدف الأميلويد. وقد ثبت في التجارب السريرية أنها تبطئ مسار التدهور المعرفي لدى بعض الأشخاص. وقد تمت الموافقة على عقارين من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ولكن لا تزال هناك مخاوف بشأن سلامتهما وفاعليتهما.

علاجات بديلة

يقول المؤلف المشارك في الدراسة مارتن إنجلسون كبير العلماء في معهد أبحاث كريمبيل وطبيب في مستشفى تورونتو شبكة الصحة الجامعية الذي يدرس آليات السمية العصبية في جامعة تورونتو في كندا، إنه يمكن لتحرير الجينات بتقنية كريسبر أن يفتح الباب أمام علاجات بديلة في الحالات التي يرتبط فيها المرض بمتغيرات جينية معينة.

وأضاف أن أحد الجينات التي تم ربطها بمرض ألزهايمر المتأخر هو صميم البروتين الشحمي E (APOE) الذي يرمز لبروتين نقل الدهون في الدماغ والذي يبدو أنه يؤثر على امتصاص الخلايا العصبية لبروتين «تاو»، وأن الأشخاص الذين لديهم متغير من الجين المسمى APOE4 هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، في حين أن أولئك الذين لديهم متغيرات APOE3 وAPOE2 معرضون لخطر متوسط ومنخفض على التوالي. أما وجود نسخة واحدة من APOE4 فيزيد من خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر ثلاثة أضعاف، ووجود نسختين يزيد من خطر الإصابة اثني عشر ضعفا.

علاج «كريسبر» للأمراض

وعلى الصعيد نفسه وافقت الجهات الصحية في المملكة المتحدة حديثا على عمليات تعطيل أحد الجينات كوسيلة لعلاج اضطراب الدم الوراثي الذي يسمى مرض الخلايا المنجلية. وهذه هي الموافقة الأولى على الإطلاق على العلاج الجيني الذي يستخدم أداة تحرير الجينات كريسبر - كاس 9 CRISPR-Cas9 وهو علاج لأمراض الدم مثل مرض فقر الدم المنجلي ومرض الثلاسيميا بيتا، الذي يعمل عن طريق قطع الجين المعيب بدقة في الخلايا الجذعية البشرية.

وقام كيث جوتيسدينر الرئيس التنفيذي لشركة Prime Medicine وهي شركة أميركية مقرها في كمبريدج ماساتشوستس الولايات المتحدة، حسب المقالة المنشورة في مجلة نيتشر في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي 2023، باستخدام أداة تحرير الجينات لعلاج مرض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا الذي ينتج عن أخطاء جينية تؤثر على إنتاج الهيموغلوبين، إذ يسبب الهيموغلوبين غير الطبيعي في مرض الخلايا المنجلية خلايا دم مشوهة ولزجة مما يؤدي إلى جلطات تقلل من إمدادات الأكسجين وهو ما يسبب أزمات الألم. وعادة ما يؤدي مرض الثلاسيميا بيتا إلى انخفاض مستويات الهيموغلوبين والتعب وعدم انتظام ضربات القلب حيث يتم إعطاء دواء Casgevy عن طريق تحرير الجينات التي تشفر الهيموغلوبين في الخلايا الجذعية المنتجة للدم المستخرجة من نخاع عظم المريض باستخدام تقنية كريسبر-كاس9، حيث يؤدي تحرير الجينات إلى تعطيل جين BCL11A مما يعزز إنتاج الهيموغلوبين الجنيني دون تشوهات.

ثم يخضع المرضى لعلاج تحضيري قبل تلقي الخلايا المعدلة التي بمجرد تناولها تخفف الأعراض عن طريق تعزيز إمدادات الأوكسجين إلى الأنسجة وقد تتطلب العملية الإقامة في المستشفى لمدة شهر حتى تستقر الخلايا المعدلة في نخاع العظم وتنتج الهيموغلوبين المستقر.

تحرير القاعدة

تقنية التحرير الأساسي هو أسلوب متقدم لتحرير الجينوم يسمح بتصحيح الطفرات المسببة للتليف الكيسي وهي حالة تؤثر على الرئتين والجهاز الهضمي.

وهي على عكس تقنية كريسبر-كاس9 الكلاسيكية، إذ يمكن لتحرير القواعد تغيير أحرف الحامض النووي الفردية دون قطع شريطي الحامض النووي في الموقع المستهد، ويستخدم إنزيم كاس9 لتوجيه الإنزيمات الأخرى لتغييرات معينة في قاعدة الحامض النووي مثل تحويل الأحرف A إلى G أو C إلىT.

وقام الباحثون على مدار سبع سنوات بتحسين تحرير القاعدة لتقليل تغييرات الحامض النووي غير المرغوب فيها وتقليل حجم المكون لتسهيل توصيل الخلايا. وهناك علاجات تحرير القاعدة في تجارب سريرية مبكرة لحالات مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول وسرطان الدم تظهر دقة ملحوظة ولكن مع قيود، إذ يمكنها فقط تعديل تسلسلات معينة من الحامض النووي ولا يمكنها إدخال قطع الحامض النووي في الجينوم.

دراسة: أولى علامات الإصابة بالزهايمر قد تظهر في عينيك

لا تعتبر العيون مجرد نافذة على الروح، بل هي أيضاً انعكاس للصحة المعرفية للشخص.
قالت طبيبة العيون الدكتورة كريستين غرير، مديرة التعليم الطبي في معهد الأمراض العصبية التنكسية في بوكا راتون بولاية فلوريدا الأميركية: «العين هي نافذة على الدماغ... يمكنك أن ترى مباشرة الجهاز العصبي من خلال النظر إلى الجزء الخلفي من العين، باتجاه العصب البصري وشبكية العين»، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
قال الدكتور ريتشارد إيزاكسون، طبيب الأعصاب الوقائي لمرض الزهايمر والذي يعمل أيضاً في معهد الأمراض العصبية التنكسية: «يبدأ مرض الزهايمر في الدماغ قبل عقود من ظهور الأعراض الأولى لفقدان الذاكرة».
أشار إيزاكسون إلى أنه إذا كان الأطباء قادرين على تحديد المرض في مراحله الأولى، فيمكن للناس بعد ذلك اتخاذ خيارات نمط حياة صحي والتحكم في «عوامل الخطر القابلة للتعديل، مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول ومرض السكري».

العين ترصد المرض

إلى أي مدى يمكن أن نرى علامات التدهور المعرفي في وقت مبكر؟ لمعرفة ذلك، فحصت دراسة حديثة الأنسجة المتبرع بها من شبكية العين وأدمغة 86 شخصاً بدرجات متفاوتة من التدهور العقلي.
قالت كبيرة الباحثين مايا كورونيو حموي، أستاذة جراحة المخ والأعصاب والعلوم الطبية الحيوية في لوس أنجليس، في بيان: «دراستنا هي الأولى التي تقدم تحليلات متعمقة لمحات البروتين والتأثيرات الجزيئية والخلوية والهيكلية لمرض الزهايمر في شبكية العين وكيفية توافقها مع التغيرات في الدماغ والوظيفة الإدراكية».
وتابعت كورونيو حموي: «هذه التغيرات في شبكية العين مرتبطة بتغيرات في أجزاء من الدماغ تسمى القشرة الداخلية والصدغية، وهي محور الذاكرة والملاحة وإدراك الزمن».

جمع المحققون في الدراسة عينات من أنسجة الشبكية والدماغ على مدى 14 عاماً من 86 متبرعاً بشرياً يعانون من مرض الزهايمر وضعف إدراكي خفيف - أكبر مجموعة من عينات الشبكية تمت دراستها على الإطلاق، وفقاً للمؤلفين.
ثم قارن الباحثون عينات من متبرعين لديهم وظائف معرفية طبيعية مع أولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف وأولئك الذين يعانون من مرض الزهايمر في مرحلة متأخرة.
ووجدت الدراسة، التي نُشرت في فبراير (شباط) في مجلة Acta Neuropathologica، زيادات كبيرة في مادة بيتا أميلويد، وهي علامة رئيسية لمرض الزهايمر، لدى الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر والتدهور المعرفي المبكر.
ووجدت الدراسة أن الخلايا الدبقية الصغيرة انخفضت بنسبة 80 في المائة في أولئك الذين يعانون من مشاكل في الإدراك. هذه الخلايا مسؤولة عن إصلاح الخلايا الأخرى والحفاظ عليها، بما في ذلك إزالة بيتا أميلويد من الدماغ وشبكية العين.
قال إيزاكسون، الذي لم يشارك في الدراسة: «تم العثور (أيضاً) على علامات الالتهاب، والتي قد تكون علامة على نفس القدر من الأهمية لتطور المرض... كانت النتائج واضحة أيضاً لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض معرفية أو يعانون من أعراض معرفية بسيطة، مما يشير إلى أن اختبارات العين الجديدة هذه قد تكون جيدة للمساعدة في التشخيص المبكر».
ووجدت الدراسة أن ضمور الأنسجة والالتهاب في الخلايا في الأطراف البعيدة للشبكية كانا أكثر تنبؤاً بالحالة المعرفية.
وأضاف إيزاكسون: «قد تؤدي هذه النتائج في النهاية إلى تطوير تقنيات التصوير التي تسمح لنا بتشخيص مرض الزهايمر في وقت مبكر وبدقة أكبر، ومراقبة تقدمه بشكل غير جراحي من خلال النظر في العين».

دراسة: المواد الكيميائية «الأبدية» تسبب انتشار الخلايا السرطانية

أشارت دراسة جديدة إلى أنه عندما تتعرض خلايا سرطان القولون والمستقيم لنوعين مختلفين من «المواد الكيميائية الأبدية» في المختبر، فمن المحتمل أن تؤدي إلى تسريع تطور السرطان.

وأجرت الدراسة الجديدة تحليلاً لمستويات التعرض المماثلة لتلك الموجودة لدى رجال الإطفاء وغيرهم من الأشخاص الذين يتعاملون بشكل منتظم مع المواد البيرفلورو الكيل والبولي فلورو ألكيل (PFAS)؛ حيث تميل مستويات PFAS في دم رجال الإطفاء إلى أن تكون أعلى من مستويات عامة السكان بسبب تعرضهم المتكرر لرغوة مكافحة الحرائق، التي تحتوي على مواد كيميائية PFAS لخصائصها المقاومة للهب.

ورجال الإطفاء هم أكثر عرضة من عامة السكان للتطور والوفاة بسبب مجموعة متنوعة من أنواع السرطان التي تشمل سرطان القولون والمستقيم.

ويُعتقد أن العوامل البيئية مرتبطة بحوالى 80 في المائة من حالات CRC.

وفي البحث الجديد، حفز التعرض لـ PFAS في المختبر خلايا CRC على الهجرة إلى مواقع جديدة، ما يشير إلى دور محتمل في انتشار السرطان (الورم الخبيث) في الكائنات الحية. ومن أجل المزيد من التوضيح، قالت كارولين جونسون عالمة الأوبئة بجامعة ييل «لا يثبت ذلك وجود ورم خبيث، لكن يشير لزيادة في الحركة، وهي سمة من سمات النقيلة»، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن مجلة «العلوم والتكنولوجيا البيئية».

و PFAS هي مواد كيميائية من صنع الإنسان تعتمد على روابط الكربون والفلور، وكما يوحي مصطلح «المواد الكيميائية إلى الأبد»، فإن هذه الروابط قوية جدًا ومقاومة للتحلل، ما يجعل PFAS شائع الاستخدام في العديد من أنواع المنتجات. فلسوء الحظ، فإنه يسمح لها أيضًا بالبقاء في البيئة لسنوات بتركيزات متزايدة باستمرار.

من جانبه، يقول المؤلف الأول المشارك عالم الفسيولوجيا جي تشنغ من جامعة ييل «تشكل PFAS فئة سائدة من الملوثات العضوية الثابتة التي تثير قلقًا عامًا متزايدًا في جميع أنحاء العالم. ولقد تم اكتشافها بشكل متكرر في البيئة، مثل مياه الشرب والغبار الداخلي ومنتجات التنظيف والطلاءات. لكن لا يزال العديد من هذه المواد الكيميائية الأبدية موجودة في العناصر اليومية رغم من أن مخاطر PFAS غير واضحة إلى حد كبير - ويرجع ذلك جزئيًا إلى المركبات المختلفة العديدة الموجودة فيها».

وقد أظهرت الأبحاث أن هذه المواد الكيميائية طويلة الأمد تنتشر في جميع أنحاء البيئة، وأن التعرض لمستويات عالية منها يرتبط بآثار صحية ضارة على البشر والحيوانات.

وفي هذا الاطار، تم تصنيف حمض البيرفلوروكتانويك (PFOA)، وهو PFAS مستخدم على نطاق واسع، على أنه مادة مسرطنة للبشر من قبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. كما تم تصنيف حمض البيرفلوروكتان سلفونيك (PFOS)، وهو PFAS شائع آخر، على أنه من المحتمل أن يكون مسرطنًا للبشر.

ولدراسة كيفية تأثيرها على CRC العدوانية، استخدم تشنغ وجونسون وزملاؤهما خلايا CRC وعمليات التمثيل الغذائي المزروعة في المختبر؛ وهي عملية تقيس مستويات المستقلبات وآلاف الجزيئات الصغيرة مثل الأحماض الأمينية والدهون والبروتينات.

وفي هذا تقول جونسون «نحن ننظر إلى الأنماط التي تحدث داخل مجموعة معرضة للخطر من الأشخاص أو مجموعة مرضى، ثم نحاول توليد فرضية حول سبب إصابة شخص ما بمرض أو تطور المرض». مضيفة «ان علم الأيض هو أحد الأدوات الوحيدة التي يمكنك من خلالها قياس التعرض البيئي في نفس العينة مثل التأثير البيولوجي. وقد تم استخدام نوعين من خلايا CRC، تم تشكيلهما على شكل كرات تسمى الأجسام الشبه الكروية، في التجارب؛ فكان جين KRAS من النوع البري موجودًا في نوع واحد، بينما كانت لدى النوع الآخر طفرة شائعة في جين KRAS، والذي يرتبط بـ CRC العدواني بشكل خاص. وعند تعرضها لـ PFOS وPFOA، أظهرت الخلايا حركة متزايدة وميلًا أكبر للانتشار».

وفي اختبار مختلف لخلايا CRC المزروعة في طبقة مسطحة، تم خدش خط في المنتصف لتقسيمها. وعندما تم إدخال المواد الكيميائية، نمت الخلايا وتحركت تجاه بعضها البعض مرة أخرى.

وللتعمق أكثر، قام الباحثون بفحص تأثيرات المواد الكيميائية على عملية التمثيل الغذائي للخلية. فأدى التعرض لـ PFAS إلى تغيير مستقلبات مختلفة مهمة لوظيفة الخلية، مثل الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية، بالإضافة إلى بروتينات الإشارة المرتبطة بالنقائل. كما تم تقليل المواد التي عادة ما تكون مضادة للالتهابات وواقية من السرطان في خلايا CRC بعد التعرض لها أيضًا. وكانت بعض الاختلافات أكثر وضوحًا في الخلايا المتحولة، ما قد يعني أن السرطانات التي تحمل هذه الطفرة قد تكون أكثر عرضة للانتشار عند التعرض لـ PFAS.

وتشير هذه النتائج في المختبر إلى أن التعرض لمستويات عالية من PFOS وPFOA يمكن أن يزيد من خطر انتشار CRC في ظروف الحياة الحقيقية.

ويخلص فريق البحث الى القول «إن هذه المعلومات مهمة بالنسبة لأولئك الذين يعملون في وظائف يحتمل أن يتعرضوا فيها لمستويات عالية من المواد الكيميائية، كما أن مراقبة هذه المواد أمر أساسي لحماية صحتهم، كما هو الحال بالنسبة للدراسات السريرية المستقبلية».

وتختم جونسون بالقول «ان العديد من الدراسات المختبرية لا يمكن ترجمتها إلى البشر، لكنني أعتقد أن فهم آليات كيفية تأثيرها فعليًا على نمو الخلايا السرطانية أمر مهم أولاً».

العثور على 25 نوعاً من المواد الكيميائية السامة في حليب الأم

رصدت دراسة جديدة 25 نوعاً من مواد كيميائية سامة تدعى «مثبطات اللهب» في حليب الثدي لدى عدد من الأمهات الأميركيات، وهي النتائج التي وصفها الباحثون بأنها «مقلقة».

ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، تستخدم «مثبطات اللهب» لمنع الاحتراق في المنتجات الاستهلاكية والإلكترونيات.

وقام فريق الدراسة، التابع لجامعة إيموري وجامعة واشنطن ومعهد سياتل لأبحاث الأطفال، بفحص عينات الحليب من 50 أمّاً من جميع أنحاء الولايات المتحدة.

ووجد الباحثون 25 نوعاً من «مثبطات اللهب» السامة لدى الأمهات، أشهرها مادة «البروموفينول»، التي عُثر عليها في 88 بالمائة من العينات.

كما عُثر أيضاً على فئة فرعية شائعة أخرى من مثبطات اللهب تسمى الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم (PBDEs)، ولكن بتركيزات مختلفة، حسب المناطق التي تعيش بها الأمهات.

وفي عام 2007، بدأت بعض الولايات في سن حظر على الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم، ما دفع البعض في الصناعة إلى التوقف عن استخدامها أو إنتاجها. وقد وجدت الدراسة الجديدة أن تركيزات الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم في الحليب تناقصت في هذه الولايات بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال، أصبحت المستويات المتوسطة من هذه المواد في حليب الأمهات في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ أقل بحوالي 70 في المائة مما وجده الباحثون في دراسة مماثلة قبل 20 عاماً.

وقال الباحثون إن هذه النتائج تظهر أن «اللوائح قد تساعد بشكل كبير على التصدي لهذه المشكلة».

وتقول إريكا شريدر، عالمة السموم في مؤسسة «Toxic Free Future»، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، إن هذه المواد الكيميائية التي تم العثور عليها يعتقد أنها سموم عصبية قوية، خصوصاً بالنسبة للأطفال في مرحلة النمو.

وأوضحت قائلة: «ترتبط العديد من هذه المركبات بضعف الذاكرة، وزيادة الاندفاع، وضعف المهارات الحركية، وانخفاض الانتباه، وانخفاض مستويات الذكاء بشكل عام لدى الأطفال. وقد تكون بعض هذه المواد الكيميائية مسرطنة أيضاً».

ووصفت شريدر النتائج بأنها «مقلقة».

وطالب فريق الدراسة، الحكومات، بإجبار الشركات على إنهاء استخدام «مثبطات اللهب» والتحول إلى بدائل أكثر أماناً.

دراسة: النباتات تنظف الهواء من المواد الكيميائية السامة بساعات

توصلت دراسة جديدة إلى أن زراعة نباتات مناسبة (جنبًا إلى جنب مع بعض التقنيات المتطورة) يمكن أن ينظف الهواء من العديد من الملوثات السامة الشائعة.

وجاءت نتائج الدراسة التي قام بها علماء بجامعة سيدني للتكنولوجيا (UTS) في أستراليا، بعد تحقيقهم بما إذا كان نظام الجدار العمودي المزود بنباتات داخلية يمكن أن يقضي على مزيج من المركبات الضارة الموجودة في أبخرة البترول.

وفي نهاية المطاف، خلال يوم العمل المعتاد، خفضت النباتات مستويات بعض المركبات المسببة للسرطان سيئة السمعة إلى أقل من 20 في المائة من التركيزات، وذلك وفق ما ذكر موقع «ساينس إليرت» العلمي.

وعلى الرغم من أن إعداد المختبر لا يقترب من حجم المساحات العامة، إلّا إن الفكرة هي أن تركيب الحدائق العمودية يمكن أن يساعد في تحسين جودة الهواء الداخلي من خلال استكمال أنظمة التهوية التي تستهلك الكثير من الطاقة والتي تعمل على طرد الهواء القديم من مباني المكاتب والمستشفيات و الفصول الدراسية.

تجدر الإشارة إلى أن نتائج هذه الدراسة الجديدة لم تتم مراجعتها من قبل الأقران، لكن الأبحاث السابقة أظهرت قدرة النباتات الداخلية على امتصاص المركبات الغازية، والتي يشار إليها غالبًا باسم المركبات العضوية المتطايرة.

ومع ذلك، فإن الدراسات التي أجريت على أجهزة تنقية النباتات قد قيمت عادةً إزالة الأنواع الكيميائية المفردة وليس الخلائط المعقدة في ظل ظروف خاضعة للرقابة وعلى مستويات لا يمكن مقارنتها بالتعرضات الواقعية.

وفي هذا الاطار، يقول فريزر توربي عالم البيئة بجامعة UTS «لا تستطيع النباتات فقط إزالة غالبية الملوثات من الهواء في غضون ساعات فقط، بل هي تزيل أكثر الملوثات المتعلقة بالبنزين ضررًا من الهواء بكفاءة أكبر».

ويقول الباحثون إنهم واثقون من أن النباتات أزالت حوالى 43 في المائة من إجمالي المركبات العضوية المتطايرة في فترة الاختبار التي استمرت 8 ساعات وتقريباً جميع الفئات الكيميائية الثلاثة الضارة بشكل خاص؛ الألكانات (تمت إزالة 98 في المائة منها) ومشتقات البنزين (86 في المائة) والسيكلوبنتانات (88 في المائة).

وخلص الفريق الى القول «ان إزالة هذه الملوثات المحمولة في الهواء، والتي يمكن أن تسبب آثارًا صحية ملحوظة، يمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على الحفاظ على بيئة داخلية صحية». بينما يضيف توربي «وجدنا أيضًا أنه كلما زاد تركيز السموم في الهواء زادت سرعة وفعالية النباتات بإزالة السموم، ما يدل على أن النباتات تتكيف مع الظروف التي تنمو فيها».

المسحوق الأسود «المذهل» الذي يكافح التغير المناخي

داخل مصنع من الطوب الأحمر في مدينة هامبورغ الساحلية الألمانية، يُنتَج من قشور حبوب الكاكاو مسحوق أسود يتسم بقدرة على مكافحة التغير المناخي.

تُنتج هذه المادة التي يطلق عليها اسم «الفحم الحيوي» (بايوشار) من خلال تسخين قشور الكاكاو على 600 درجة مئوية داخل غرفة خالية من الأكسجين، وتقوم العملية بحبس الغازات الدفيئة فيما يمكن استخدام المنتج النهائي كسماد أو لإنتاج الخرسانة «الصديقة للبيئة».

وفي حين ما زال مجال تصنيع الفحم الحيوي ناشئاً، توفر هذه التقنية طريقة مبتكرة لإزالة الكربون من الغلاف الجوي، وفق خبراء.

وتشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة إلى أنّ الفحم الحيوي يمكن استخدامه لالتقاط 2.6 مليار من أصل 40 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر سنوياً، إلا أنّ توسيع نطاق استخدام هذه المادة ما زال ينطوي على تحديات.

الرئيس التنفيذي لشركة «سيركلر كاربون» بيك ستينلوند يقف بجانب أكياس نقل قشور الكاكاو (أ.ف.ب)

- عكس دورة الكربون

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة «سيركلر كاربون» بيك ستينلوند من مصنع إنتاج الفحم الحيوي في هامبورغ: «نحن نعكس دورة الكربون»، إذ يتسلم المصنع الذي يُعدّ من أكبر المصانع في أوروبا، قشور الكاكاو المستعملة من مصنع شوكولاته مجاور عبر شبكة من الأنابيب الرمادية.

ويحبس الفحم الحيوي ثاني أكسيد الكربون الموجود في القشور، في عملية يمكن استخدامها لأي نبتة أخرى. ولو أُتلفت قشور الكاكاو على ما تجري العادة، لنجم من عملية تحللها انبعاث الكربون في الغلاف الجوي، لكن بدل ذلك، يُحبس الكربون في الفحم الحيوي لقرون عدة، وفق عالم البيئة في معهد «أوني لا سال» في فرنسا دافيد أوبن.

من داخل المصنع الذي يساعد في تحويل قشور الكاكاو إلى مسحوق حيوي في هامبورغ (أ.ف.ب)

ويقول أوبن لوكالة الصحافة الفرنسية إن طناً واحداً من الفحم الحيوي، يخزّن «ما يعادل 2.5 إلى ثلاثة أطنان من ثاني أكسيد الكربون».

سبق للسكان الأصليين في الأميركيتين أن استخدموا الفحم الحيوي كسماد قبل إعادة اكتشافه في القرن العشرين من قبل علماء كانوا يبحثون عن أراض خصبة في حوض الأمازون.

ويساهم تركيب المادة المذهل الشبيه بالإسفنج في زيادة إنتاج المحاصيل عن طريق زيادة امتصاص التربة للماء والمغذيات.

والمصنع في هامبورغ محاط برائحة الشوكولاته ودافئ نتيجة الحرارة المنبعثة من الأنابيب.

ويوضَع المنتج النهائي داخل أكياس بيضاء لبيعها للمزارعين المحليين على شكل حبيبات.

ويعرب المزارع سيلفيو شميت (45 عاماً) الذي ينتج البطاطا قرب بريمن غرب هامبورغ عن أمله في أن يساعد الفحم الحيوي على «توفير مزيد من العناصر الغذائية والمياه» لتربة أرضه الرملية.

- تكلفة الكربون

وينجم عن عملية الإنتاج المُسماة بالتحلل الحراري، كمية معينة من الغاز الحيوي يُعاد بيعها إلى مصنع مجاور. وإجمالا، ينتج المصنع سنوياً 3500 طن من الفحم الحيوي و«ما يصل إلى 20 ميغاواط في الساعة» من الغاز، من خلال عشرة آلاف طن من قشور الكاكاو، إلا أنّ طريقة الإنتاج ما زال من الصعب رفعها إلى المستوى الذي ترغب فيه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي.

ويقول أوبن: «لضمان أن يخزّن النظام كمية كربون أكثر مما ينتج، ينبغي إنجاز كل شيء محلياً مع التنقل لمسافات قصيرة أو حتى عدم التنقل، وإلّا فلا جدوى من كل العملية». ولا تتكيّف مختلف أنواع التربة جيداً مع الفحم الحيوي. ويشير أوبن إلى أنّ السماد «ينطوي على فاعلية أكبر في المناخات الاستوائية»، في حين أن المواد الخام لإنتاجه ليست متوفرة في كل المناطق. ويلفت إلى أن التكلفة قد تكون باهظة إذ تبلغ «نحو 1070 دولاراً للطن الواحد، وهو سعر مرتفع للمزارعين».

مسحوق قشور الكاكاو في مصنع في هامبورغ (أ.ف.ب)

وللاستفادة بشكل أفضل من المسحوق الأسود، يشدد أوبن على ضرورة التوصّل إلى استخدامات أخرى له، مثل الاستعانة به في قطاع البناء مثلاً لإنتاج خرسانة «صديقة للبيئة».

وبهدف تحقيق أرباح، توصلت الشركة المنتجة للفحم الحيوي إلى فكرة تتمثل في بيع شهادات كربون للشركات التي تسعى إلى تحقيق توازن في انبعاثات الكربون لديها من خلال إنتاج كمية معينة من الفحم الحيوي.

ومع إدراج الفحم الحيوي في نظام شهادات الكربون الأوروبية شديدة التنظيم، «يشهد القطاع نمواً مطرداً»، وفق ستينلوند. وتتطلع شركته إلى فتح ثلاثة مواقع جديدة لإنتاج كميات إضافية من الفحم الحيوي خلال الأشهر المقبلة.

ويزداد المشاريع المتعلقة بإنتاج الفحم الحيوي في مختلف أنحاء أوروبا. ووفق اتحاد إنتاج الفحم الحيوي، يُفترض أن يتضاعف الإنتاج تقريباً إلى 90 ألف طن هذه السنة مقارنة بعام 2022.

كيف تورط تغير المناخ في نقل بعض الأمراض المعدية لأوروبا؟

تنتشر «حمى الضنك» عادة عن طريق بعوضة «الزاعجة»، وترتبط غالباً بزيارة المصابين بها لمناطق في آسيا وأميركا الجنوبية وأفريقيا، لكن إصابة بريطانية كانت عائدة من رحلة إلى مدينة نيس الفرنسية، أثارت التكهنات بشأن دور تغير المناخ على البصمة العالمية للعديد من الأمراض المعدية.
وقرعت منظمة الصحة العالمية جرس الإنذار في أكثر من مناسبة من أن ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض سيؤدي إلى توسع رقعة انتشار نواقل الأمراض، مثل البعوض، لتوجد في مناطق جديدة.
وهذا ما تؤكده الحالة البريطانية التي تم عرض تفاصيلها خلال اجتماع المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية، الذي بدأ أعماله السبت، ويختتمها الثلاثاء.
وكانت المرأة (44 عاماً) تعاني من حمى وصداع خلف العين وآلام في العضلات وطفح جلدي واسع الانتشار لـ3 أيام تقريباً قبل أن تطلب الرعاية الطبية.
وعادت إلى المملكة المتحدة في اليوم السابق لبدء الأعراض بعد زيارة عائلتها في جنوب فرنسا، وكانت الأسرة التي تقيم معها تعاني الأعراض نفسها، وفي قسم الطوارئ بمستشفى أمراض المناطق المدارية في لندن، أرسل الأطباء عينة عاجلة إلى مختبر مسببات الأمراض النادرة المستوردة من خارج المملكة المتحدة (RIPL)، وأكدت الاختبارات أن المرأة مصابة بعدوى فيروس حمى الضنك الحادة.
ويقول أوين دونيلي، من مستشفى أمراض المناطق المدارية في لندن والباحث الرئيسي في دراسة الحالة التي تم استعراضها خلال المؤتمر الأوروبي لعلم الأحياء الدقيقة السريرية، إنه «مع تغير المناخ، لا سيما ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأمطار، وارتفاع التجارة العالمية والسياحة، قد نرى المزيد من أجزاء أوروبا تعاني من تفشي مرض حمى الضنك وغيره من الأمراض المعدية».
وتنتشر حمى الضنك عادة عن طريق بعوضة «الزاعجة»، التي تجد البيئة المناسبة للتكاثر مع درجات الحرارة المرتفعة والأمطار الشديدة، وهي الحالة المناخية التي أصبحت سمة مميزة لتغيرات المناخ، كما يوضح دونيلي في بيان نشره المؤتمر الأحد.
ويقول الأستاذ بالبرنامج الطبي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا محمد الحديدي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تفشي مرض (حمى الضنك) وغيره من الأمراض المعدية، يبدأ عندما تكون بعوضة (الزاعجة) حاملة للفيروس فتنقله إلى الشخص السليم، ثم ينتقل من هذا الشخص بعد إصابته إلى بعوضة أخرى غير حاملة للفيروس؛ حيث يكون بمقدور المرضى المصابين نقل العدوى خلال مدة 4 إلى 5 أيام وحتى 12 يوماً بحد أقصى عبر البعوض بعد ظهور الأعراض الأولى عليهم».
ويشير تقرير نشره المنتدى الاقتصادي الدولي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن حمى الضنك كانت محصورة تقليدياً في أجزاء من أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، وعند ظهورها لأول مرة قبل 50 عاماً، كانت مقصورة على 9 دول فقط، لكنها اليوم منتشرة في أكثر من 125 دولة، وتتسبب في دخول نحو 500 ألف شخص سنوياً إلى المستشفيات، مما يضع عبئاً كبيراً على النظم الصحية.
ويؤيد ذلك ما ذهبت له دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للصحة عام 2020؛ حيث أكدت أنه في مقابل كل درجة مئوية واحدة ارتفاع في درجة حرارة الكوكب، ستزيد حالات حمى الضنك بنسبة 35 في المائة، إضافة إلى زيادتها بمقدار 30 ضعفاً على مدار 50 عاماً الماضية.
وتشبه أعراض حمى الضنك الإنفلونزا، ويجب الاشتباه في الإصابة بالفيروس المسبب لهذا المرض عندما تترافق الحمى الشديدة (40 درجة مئوية) مع اثنين من الأعراض التالية، وهي الصداع الحاد، وألم خلف العيون، وآلام العضلات والمفاصل، والغثيان، والقيء، وانتفاخ الغدد، والطفح، كما يوضح الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.
وسُجل أواخر عام 2015 ومطلع عام 2016 أول لقاح لحمى الضنك، أنتجته شركة «سانوفي باستير» لتحصين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و45 سنة، ويعيشون في المناطق حيث ينتشر المرض.

دراسة: تغير المناخ تسبب بانهيار إمبراطورية الحيثيين

في عام 1200 قبل الميلاد تقريباً، تعرضت الحضارة الإنسانية لانتكاسة مروعة مع أفول أو ضمور شبه متزامن لنجم عدد من الإمبراطوريات المهمة في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط، فيما عرف باسم انهيار العصر البرونزي.
فقد كانت إمبراطورية الحيثيين واحدة من أقوى الإمبراطوريات التي انتهت، وكانت تتركز في تركيا الحديثة وتمتد لأجزاء من سوريا والعراق. وقدم باحثون، أمس (الأربعاء)، رؤية جديدة عن انهيار دولة الحيثييين، حيث أظهرت دراسة للأشجار التي كانت موجودة حينذاك مرور المنطقة بثلاث سنوات متتالية من الجفاف الشديد، الذي ربما أفنى المحاصيل وتسبب في مجاعة وتفكك سياسي واجتماعي.
وكان الحيثيون، وعاصمتهم خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول، إحدى القوى العظمى في العالم القديم على امتداد خمسة قرون. وأصبحوا المنافسين الجيوسياسيين الرئيسيين لمصر القديمة خلال فترة الدولة المصرية الحديثة.
وقال ستارت مانينغ، أستاذ الآداب والعلوم في جامعة كورنيل، والمؤلف الرئيسي للبحث المنشور في مجلة «نيتشر»: «في عصور ما قبل الحداثة، مع عدم وجود البنية التحتية والتكنولوجيا التي لدينا، سيطر الحيثيون على منطقة شاسعة وحكموها لعدة قرون، رغم كثرة تحديات النطاق والتهديدات من الجيران والكيانات التي تم دمجها في إمبراطوريتهم، ورغم تمركزهم في منطقة شبه قاحلة». ولطالما فكر العلماء في سبب سقوط الحيثيين والانهيار الأوسع، الذي دمر أيضاً ممالك اليونان وكريت والشرق الأوسط وأضعف المصريين. وتضمنت الفرضيات الحرب والغزو وتغير المناخ. وتقدم الدراسة الجديدة بعض التوضيح بشأن الحيثيين.

وقام الباحثون بفحص أشجار العرعر طويلة العمر، التي نمت في المنطقة حينذاك وتم قطعها في النهاية لبناء هيكل خشبي جنوب غربي أنقرة نحو عام 748 قبل الميلاد، الذي ربما كان حجرة لدفن أحد من ذوي الملك ميداس، عاهل منطقة فريجيا، الذي تقول الأسطورة إنه كان يحول أي شيء يلمسه إلى الذهب.
وقدمت الأشجار سجلاً إقليمياً للمناخ القديم بطريقتين، الأولى أنماط نمو حلقات الأشجار السنوية، فالحلقات الضيقة تشير إلى ظروف الجفاف، ومعدل صيغتين أو نظيرين من الكربون في الحلقات، كان يكشف عن استجابة الشجر لمدى توفر المياه. واكتشفوا تحولاً تدريجياً إلى ظروف أكثر جفافاً من القرن الثالث عشر قبل الميلاد إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد. والأهم من ذلك، أشار نمط الأدلة إلى ثلاث سنوات متتالية من الجفاف الشديد، وهي أعوام 1198 و1197 و1196 قبل الميلاد، بالتزامن مع التوقيت المعروف لتفكك الإمبراطورية.
وقالت بريتا لورنتزن، أستاذة علم الأنثروبولوجيا في جامعة جورجيا، والمشاركة في تأليف الدراسة: «حدث على الأرجح انهيار شبه كامل للمحاصيل لمدة ثلاث سنوات متتالية. وكان لدى الناس على الأرجح مخزون طعام يدعمهم عاماً واحداً من الجفاف. لكن حين تعرضوا لثلاث سنوات متتالية، لم يكن هناك طعام يدعمهم». وأضافت: «ربما أدى هذا إلى انهيار حصيلة الضرائب، وهجرة جماعية من جيش الحيثيين الكبير، وربما حركة من الجماهير الساعية للبقاء على قيد الحياة. كما واجه الحيثيون تحدياً من خلال عدم وجود ميناء أو طرق أخرى سهلة لنقل الطعام إلى المنطقة».
ومدينة خاتوشا المحاطة بجدار حجري ضخم به بوابات مزينة بالأسود وأبو الهول احترقت وهُجرت. والنصوص المكتوبة على ألواح من الطين باستخدام الكتابة المسمارية الشائعة في المنطقة، التي توضح أحوال المجتمع والسياسة والدين والاقتصاد والشؤون الخارجية للحيثيين لم تخبر بشيء.

وكانت نهاية مفاجئة. فقبل أقل من قرن من الزمان، اشتبك الحيثيون بقيادة الملك مواتالي الثاني والمصريون في عهد رمسيس الثاني في معركة قادش الشهيرة غير الحاسمة في عام 1274 قبل الميلاد، التي شارك فيها آلاف المركبات في سوريا، وتوصل الجانبان إلى أول معاهدة سلام يرصدها التاريخ.
وقال جيد سباركس، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة كورنيل، والمؤلف المشارك في الدراسة: «أعتقد أن هذه الدراسة تُظهر حقاً الدروس التي يمكننا تعلمها من التاريخ. التغيرات المناخية التي من المحتمل أن نواجهها في القرن القادم ستكون أشد وطأة بكثير من تلك، التي عايشها الحيثيون».
وأضاف أن هذا يطرح أسئلة مثل «ما قدرتنا على الصمود؟ وإلى أي حد يمكننا الصمود؟».

دراسة: «المواد الكيميائية الأبدية» مرتبطة بالعقم عند النساء

كشفت دراسة حديثة أن النساء اللواتي لديهن مستويات أعلى من ما تُسمى «المواد الكيميائية الأبدية (PFAS)» في دمائهن، لديهن فرصة أقل بنسبة 40 في المائة للحمل في غضون عام من المحاولة، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
تم العثور على «PFAS»، أو مواد per- و polyfluoroalkyl، في كل شخص تقريباً تم اختباره، مع تأثر 99 في المائة من الأشخاص في الولايات المتحدة. أُجري البحث في سنغافورة، حيث مستويات التلوث بالمواد أقل، لكن العلماء ما زالوا يجدون علاقة قوية مع انخفاض الخصوبة.
«PFAS» هي مجموعة من المواد الكيميائية المقاومة للماء والزيوت، وتستخدم في منتجات عدة، من أواني الطهي غير اللاصقة وحاويات الطعام إلى الملابس والمفروشات. غالباً ما يطلق عليها تعبير «مواد كيميائية أبدية» لأنها بطيئة جداً في التحلل في البيئة، وتوجد الآن على نطاق واسع في الماء والتربة. لقد تم ربطها بشكل متزايد بالأضرار الصحية، بما في ذلك السرطان وأمراض الكبد والكلى والغدة الدرقية.
تم حظر بعض هذه المواد، ولكن العلماء الذين أجروا البحث يدعون إلى تنظيم مجموعة المواد الكيميائية بأكملها.
قال الدكتور ناثان كوهين، المؤلف الرئيسي للبحث في نيويورك: «تشير دراستنا بقوة إلى أن النساء اللواتي يخططن للحمل يجب أن يدركن الآثار الضارة لهذه المواد، وأن يتخذن الاحتياطيات اللازمة لتجنب التعرض لهذه الفئة من المواد الكيميائية».
يعاني واحد من كل ستة أشخاص في جميع أنحاء العالم من العقم، وفقاً لتقرير لمنظمة الصحة العالمية، نُشر يوم الاثنين.
https://twitter.com/WHO/status/1643142439295754240?s=20
قالت الدكتورة داماسكيني فالفي، الأستاذ المساعد في كلية إيشان ماونت سيناي للطب: «نواجه حالياً مشكلة تلوث عالمية بالمواد الكيميائية الأبدية. التوقف عن إنتاج هذه المواد في المقام الأول هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تساعدنا في تجنب التعرض تماماً لها».
وتابعت: «في غضون ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكننا القيام بها على المستوى الشخصي لتقليل تعرضنا إلى حد ما»، والتي قالت إنها تتضمن استخدام مرشحات مياه خاصة، وتجنب المنتجات التي تحتوي على المواد الكيميائية.
وشملت الدراسة أكثر من ألف امرأة في سن الإنجاب في سنغافورة كن يحاولن الإنجاب.
ووجدت الدراسة مجموعة من مستويات «PFAS» في دم النساء، وقامت بتقييم تأثير المواد الكيميائية في كل ربع سنة بين أدنى وأعلى مستوى تعرض.
والنساء اللواتي لديهن مستويات مواد كيميائية أبدية أعلى بمقدار ربع من المتوسط كان لديهن احتمال أقل بنسبة 40 في المائة للحمل في غضون عام. كانت لدى هؤلاء النساء أيضاً فرصة أقل بنسبة 34 في المائة للولادة الحية في غضون 12 شهراً.
واعتُبر تأثير المواد هذه على الخصوبة أكبر عندما وُجدت ضمن مزيج، وليس بشكل فردي. وقالت فالفي: «هذا أمر منطقي؛ لأن عديداً من المواد الكيميائية قد يعمل معاً للتأثير على صحتنا عند مستوى أكبر بكثير من مادة كيميائية واحدة».
وأشارت فالفي إلى أن هذه المواد تؤثر أيضاً في صحة الأم وصحة الطفل، مثل التسبب في تسمم الحمل والتأخر في النمو العصبي. وقالت: «تم اكتشاف عديد من (PFAS) في دم الحبل السري والمشيمة وحليب الثدي. ويعتبر منع التعرض لهذه المواد أمراً ضرورياً لحماية صحة المرأة وكذلك صحة أطفالها».