«حارسات الأمازون»... قصة جيش النساء المكلف حماية غابات الإكوادور من التلوث

نساء من  مجموعة «يوتوري وارمي» (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)
نساء من مجموعة «يوتوري وارمي» (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)
TT

«حارسات الأمازون»... قصة جيش النساء المكلف حماية غابات الإكوادور من التلوث

نساء من  مجموعة «يوتوري وارمي» (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)
نساء من مجموعة «يوتوري وارمي» (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)

في مجتمع سيرينا، وسط منطقة الأمازون الإكوادورية، يقوم جيش من النساء، يسمى «مجموعة يوتوري وارمي»، بحماية أراضي مجتمعهن في الغابات المطيرة من التلوث الناتج عن الصناعات وأنشطة التعدين، عن طريق القيام بدوريات مستمرة لرصد المخالفين.

وتوصف غابات الأمازون بأنها رئة كوكب الأرض. إلا أن الجزء الإكوادوري من الغابة بات مرادفا للاستغلال والتلوث، إذ أزيلت عشرات الأشجار وحل التلوث بدلا عنها.

ففي عام 1972، بدأت شركة تكساكو، التي استحوذت عليها شركة «شيفرون» عام 2001 باستخراج النفط في مقاطعتي سوكمبيوس وأورليانا. ومنذ ذلك الحين، وُثق تسرب أكثر من ستين مليون لتر من المياه السامة ونحو ستمائة وخمسين ألف برميل من النفط الخام في الأنهار والغابات، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». إلا أن الشركة لم تنظف سوى مساحة صغيرة.

مجموعة «يوتوري وارمي»

بحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، فقد قررت «مجموعة يوتوري وارمي» النسائية في عام 2020، تولي مهام حراسة وحماية أراضيهن من التلوث والحفاظ على الأراضي والأنهار من الأنشطة التي تعرض التنوع البيولوجي للخطر، مثل إزالة الغابات وعمليات التعدين.

وتقول إلسي ألفارادو، إحدى أصغر أعضاء «يوتوري وارمي»: «كلمة (يوتوري) في لغتنا، لغة الكيتشوا، تشير إلى نوع من النمل في منطقة الأمازون معروف بطبيعته القوية والدفاعية، وكلمة (وارمي) تعني المرأة».

وتضيف: «لقد اخترنا هذا الاسم للمجموعة لأنه يرمز إلى كفاحنا وقوتنا، مثل النمل الذي يقاوم ويحمي أراضيه».

وتتكون المجموعة من 35 امرأة، من مزارعات وربات بيوت وحرفيات وطالبات، تتراوح أعمارهن بين 23 و85 عاماً، وأكبرهن تدعى كورينا آندي، التي يُطلق عليها اسم «أبويلا» أي «الجدة».

تتكون المجموعة من نساء من جميع الأعمار (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)

كيف تعمل المجموعة؟

تراقب «يوتوري وارمي» بثبات تهديد أنشطة الصناعات والتعدين على مجتمعهن، مجتمع سيرينا، المكون من 154 عضواً، من خلال القيام بدوريات في مساحة كبيرة من الأرض، والتي تقدر النساء أنها تتراوح بين ثلاثة أميال مربعة (7.8 كيلومتر مربع) و3.9 ميل مربع (10 كيلومترات مربعة).

وتمر الدوريات، التي تمتد عادةً من يومين إلى ثلاثة أيام، على طول ضفاف النهر وفي عمق الغابات المحيطة، مجهزة بكاميرات دقيقة وطائرات مسيرة تم شراؤها بفضل تبرعات المجتمع وعائدات بيع الحرف اليدوية، وذلك لرصد وتصوير أي علامات لآثار للتعدين أو للتدهور البيئي من كثب.

وفي حال رصد أي نشاط مضر بالبيئة، تقوم النساء بالتصدي له، دون سلاح، بل يعتمدن فقط على عددهن والصور ومقاطع الفيديو التي قمن بالتقاطها لتكون بمثابة رادع للمخالفين، والذين يخشون انتشار صور مخالفاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو اتصال النساء بالسلطات لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم.

وعلى الرغم من وجود تلوث بالمعادن في أعلى وأسفل مجرى النهر، تقول النساء إن قطعة أرضهن والنهر الخاص بهن، نظيفان.

نساء من «يوتوري وارمي» في مسيرة مناهضة لأنشطة التعدين في عام 2021 (إنستغرام)

وتقول آندي: «مياه سيرينا ما زالت نقية، ما يسمح لنا بصيد الأسماك المحلية مثل الكاتشاما والبوكاتشيكاس التي تزدهر في هذه المياه غير الملوثة».

وتقوم المجموعة بالتجمع أسبوعياً لمناقشة الأخبار الخاصة بالتلوث ومشاركة أفضل ممارسات التعامل معها، والبحث في النتائج المترتبة عن مراقباتهن ودورياتهن وجميع المخاوف المرتبطة بهذه الأزمة.

وتقول روزورا ألفارادو، وهي ربة منزل وعضوة في المجموعة: «لقد شعرنا أن حماية أنهارنا الصافية مسؤولية جماعية».

وتضيف: «بالنسبة لنا نحن الشعوب الأصلية، الطبيعة مترابطة معنا؛ فنحن واحد، وتدمير الطبيعة يعني إيذاء أنفسنا».

رد فعل الرجال

في البداية، واجهت المجموعة رد فعل عنيفاً من الرجال في مجتمعهن. فقد كان الأزواج والآباء قلقين على زوجاتهم وبناتهم من مخاطر الأنشطة المتعلقة بالتخلص من التلوث. ومع ذلك، فقد تغيرت وجهة نظر الكثير من أولئك الرجال بمرور الوقت، وأصبحوا داعمين للمجموعة.

نساء تابعات لمجموعة «يوتوري وارمي» (إنستغرام)

زيادة مقلقة بأنشطة التعدين

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أنه بين عامي 2015 و2021، زادت أنشطة التعدين في منطقة الأمازون الإكوادورية بمقدار 56 كيلومترا مربعا.

وأفادت المنظمات بأن 17% من هذه الزيادة كانت خارج مناطق التعدين المحددة قانوناً.

وتعود جذور هذا الارتفاع الكبير في أنشطة التعدين إلى التحديات الاقتصادية، وفقاً لمجموعة «نابو ريسيست Napo Resiste» وهي مجموعة تناضل من أجل الحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان بالمنطقة.

ويعيش أكثر من نصف سكان منطقة الأمازون في الإكوادور في فقر. وتقول المجموعة إن التعدين يوفر مصدراً للدخل الذي تشتد الحاجة إليه في منطقة لا يوجد بها سوى القليل من الخدمات الحكومية الأساسية.

إلا أن التعدين القانوني وغير القانوني يؤثر على البيئة ورفاهية السكان في منطقة الأمازون الإكوادورية. وحددت دراسة أجراها علماء من جامعات في إسبانيا والمكسيك والإكوادور عام 2022، تركيزات عالية من المعادن السامة في حوض نهر نابو العلوي بالمنطقة. وربطت الدراسة بشكل مباشر بين تعدين الذهب، ووجود كمية من المعادن في الحوض العلوي لنهر نابو، الأمر الذي يسبب «تلوثاً بيئياً حاداً».

ووجد الباحثون زيادة في مخاطر الإصابة بالسرطان والوفاة بالتسمم للبالغين والأطفال الذين يعيشون بالقرب من المواقع الملوثة بالتعدين.

وكتب العلماء: «تشير الدراسة إلى مخاطر سمية مزمنة في جميع المواقع التي تم تقييمها ومخاطر محتملة للإصابة بالسرطان في معظم المواقع».

وفي دراسة أخرى أجريت عام 2021، جمع الباحثون عينات المياه في الحوض العلوي لنهر نابو، ووجدوا أن 63% من المسطحات المائية التي تم رصدها كانت ذات نوعية مياه رديئة بسبب التركيزات العالية للمعادن الناجمة عن تعدين الذهب. ووجدت الدراسة أن سوء نوعية المياه يشكل خطرا على صحة مجتمعات الأمازون، ويؤثر أيضا على أعداد الأسماك في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مشاهير تلطَّخت أيديهم بالدماء... أبرز الجرائم في سجلَّات النجوميَّة

يوميات الشرق مشاهير تلطَّخت أيديهم بالدماء... أبرز الجرائم في سجلَّات النجوميَّة

مشاهير تلطَّخت أيديهم بالدماء... أبرز الجرائم في سجلَّات النجوميَّة

إلى جانب النجوم ومحبة الجماهير، في سجلَّات المشاهير نقاطٌ سوداء بعضها ملطَّخ بالدم. فمن أبرز هؤلاء الذين خسروا نجوميَّتهم بسبب جرائم ارتكبوها؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مقصورة درجة رجال الأعمال الجديدة كلياً من طراز «بوينغ 787-9»... (شركة طيران نيوزيلندا)

إعادة تصميم «دريملاينر» التابعة لـ«طيران نيوزيلندا»

وقع الاختيار على شركة «طيران نيوزيلندا»، بوصفها ثالث أفضل شركة طيران في العالم لعام 2025، من موقع AirlineRatings.com.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يُشكّل قلب بوينس آيرس (أ.ف.ب)

مصعد داخل مسلّة يفتح أفقاً بانورامياً في سماء بوينس آيرس

أصبحت ممكنة زيارة المسلّة الشهيرة في بوينس آيرس بواسطة مصعد يوفر إطلالة بانورامية على المدينة من هذا المَعْلم الذي يُشكِّل مكاناً للتجمّعات...

«الشرق الأوسط» (بوينوس آيرس)
يوميات الشرق توريثٌ فنيّ أم مجرّد استعراض؟ النجوم يشرّعون الخشبة لأبنائهم

توريثٌ فنيّ أم مجرّد استعراض؟ النجوم يشرّعون الخشبة لأبنائهم

ليست بيونسيه أول فنانة تتشارك المسرح وابنتها، فقد سبقها إلى ذلك مغنّون كثر جعلوا من أولادهم ضيوفاً مميّزين على حفلاتهم.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق وصلت العينات في صورة حبيبات دقيقة من الغبار (غيتي)

صخور من القمر «أشدّ ندرة من الذهب» 

أعارت الصين بريطانيا عيّنات صخرية جلبتها من القمر، وهي الأولى منذ ما يقرب من 50 عاماً، وصلت في صورة حبيبات دقيقة من الغبار.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ما قدر النوم الصحي؟ الجواب مفاجئ ولا يعتمد على عدد الساعات

متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
TT

ما قدر النوم الصحي؟ الجواب مفاجئ ولا يعتمد على عدد الساعات

متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)

يعد النوم الجيد من الأمور الضرورية للحفاظ على الصحة. وتشمل بعض الآثار الصحية السلبية الناجمة عن قلة النوم: السمنة، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والاكتئاب، وضعف المناعة، وزيادة الألم، وزيادة خطر الحوادث.

ويُشير الاعتقاد السائد إلى أن كل شخص يحتاج إلى ما يقارب ثماني ساعات من النوم يومياً ليؤدي وظائفه على أكمل وجه. وهذا يتماشى مع التوصيات السابقة الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب النوم بأن كل شخص بالغ يجب أن ينام 7 ساعات أو أكثر كل ليلة من أجل صحة مثالية.

ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» الأميركية أن الجميع لا يحتاجون إلى القدر نفسه من النوم ليتمتعوا بصحة جيدة. وفي الواقع، قد يعتمد القدر الأمثل من النوم على ثقافتك، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

وحلل باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية وجامعة فيكتوريا الكندية بياناتٍ حول النوم ونتائجه على الصحة لما يقرب من 5000 شخص في 20 دولة في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

وأكد التحليل نتائج سابقة تفيد بأن متوسط ​​مدة النوم يختلف اختلافاً كبيراً من بلد إلى آخر. على سبيل المثال، بلغ المتوسط ​​في اليابان ست ساعات و18 دقيقة، بينما بلغ في كندا سبع ساعات و27 دقيقة، وفي فرنسا سبع ساعات و52 دقيقة.

وقال الدكتور ستيفن هاين، أستاذ علم النفس الاجتماعي والثقافي بجامعة كولومبيا والمؤلف المشارك في الدراسة: «على الرغم من النصائح الشائعة بالحصول على ثماني ساعات من النوم، تشير نتائجنا إلى ضرورة تعديل توصيات النوم بناءً على المعايير الثقافية». وأضاف: «لا توجد كمية نوم واحدة تناسب الجميع».

وقيّم الباحثون ما إذا كانت معدلات الصحة لدى الأفراد في البلدان ذات متوسط ​​فترات نوم أقصر أسوأ من الأفراد في البلدان ذات متوسط ​​فترات نوم أطول، ووجدوا أن الأشخاص في المجموعتين يتمتعون بصحة جيدة متماثلة.

وقالت الدكتورة كريستين أو، الأستاذة المساعدة في كلية التمريض بجامعة فيكتوريا والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «يتمتع الأشخاص الذين ينامون لمدة تتوافق مع معايير ثقافتهم الخاصة بصحة أفضل عامة... هذا يشير إلى أن كمية النوم المثالية هي الكمية التي تتوافق مع ما يُعتبر نوماً مناسباً في السياق الثقافي للفرد».

وتُبرز هذه النتائج أهمية مراعاة السياق الثقافي عند تقديم توصيات النوم. ويمكن أن تعمل مبادئ الصحة العامة التوجيهية فيما يتعلق بالنوم على تعزيز النتائج الصحية بشكل أفضل إذا تم تصميمها مع مراعاة المعايير الثقافية لمختلف السكان.