أكثر من ثلث النساء يعانين من مشاكل صحية دائمة بعد الولادة

دراسة جديدة حول فترة «ما بعد الحمل»

أكثر من ثلث النساء يعانين من مشاكل صحية دائمة بعد الولادة
TT

أكثر من ثلث النساء يعانين من مشاكل صحية دائمة بعد الولادة

أكثر من ثلث النساء يعانين من مشاكل صحية دائمة بعد الولادة

لا يزال هدف الوصول إلى معدل عالمي لوفيات الأمهات (MMR)، بحيث يصبح 70 حالة وفاة لكل 100 ألف مولود حي، بعيد المنال. ففي عام 2020، تم الإبلاغ عن 223 حالة وفاة للأمهات لكل 100 ألف مولود حي. وهذا الرقم أقل بكثير من معدل وفيات الأمهات لعام 2000 والذي كان 339 حالة وفاة للأمهات لكل 100 ألف ولادة حية.

ومع ذلك، منذ عام 2016، انخفض معدل وفيات الأمهات في منطقتين فقط من العالم: وسط وجنوب آسيا، وأستراليا ونيوزيلندا. وشهدت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأوقيانوسيا (باستثناء أستراليا ونيوزيلندا)، وشرق وجنوب شرقي آسيا، وشمال أفريقيا، ركوداً في معدل وفيات الأمهات. خلال هذه الفترة الزمنية، ارتفع معدل وفيات الأمهات في أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

وفيات الأمهات

ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومجموعة البنك الدولي، وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية - شعبة السكان، حول «الاتجاهات في وفيات الأمهات من عام 2000 إلى عام 2020»، فإن الركود المبلغ عنه في معدل وفيات الأمهات على مستوى العالم يعد أمراً ملحاً: فقد توفي ما يقدر بنحو 287 ألف امرأة لأسباب تتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة في عام 2020 وحده.

وإضافة إلى كونها مأساة عالمية، فإنها أيضاً مؤشر على التفاوت الصحي الفادح بين البلدان، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، على الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت في كثير من البلدان من حيث تحسين الوكالة والتعليم والتوظيف ورغبات الخصوبة لدى النساء. ومع ذلك، لم تكن هذه التطورات شاملة - فمعظم الوفيات النفاسية لا تزال قابلة للوقاية، وتتركز إلى حد كبير بين مجموعات من النساء المحرومات اجتماعياً واقتصادياً.

ويؤدي تفشي الأمراض والصراعات وغيرها من حالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة إلى تفاقم الوضع من خلال زيادة خطر حدوث مضاعفات الحمل، وتعطيل النظم الصحية، وفرض قيود إضافية على الرعاية الصحية للأمهات والفترة المحيطة بالولادة.

لقد كان النهج الأكثر شيوعاً لمعالجة الوفيات النفاسية من قبل المجتمع العالمي هو توجيه الاستثمارات لمعالجة الأسباب الطبية الحيوية الرئيسية للوفيات النفاسية، وخاصة خلال فترة ما حول الولادة. بالمقارنة مع الأسباب الطبية الحيوية، تم إيلاء اهتمام أقل للمحددات الأساسية لنتائج الحمل والولادة الضارة وكيفية تشكيل النظم الصحية لتنفيذ تدخلات فعالة والتخفيف من الآثار الضارة للعوامل الاجتماعية على صحة الأم.

وعلى الرغم من أن الحالات الطبية الموجودة مسبقاً (مثل فقر الدم المزمن وارتفاع ضغط الدم المزمن والسكري) تشكل قلقا متزايدا، فإن مضاعفات الولادة المباشرة (مثل نزيف ما بعد الولادة، وتسمم الحمل، والعدوى) تظل الأسباب الطبية الحيوية الرئيسية لوفيات الأمهات، وفقا لدراسة تحليلية منهجية لمنظمة الصحة العالمية حول الأسباب العالمية لوفيات الأمهات.

إن التكنولوجيات والخدمات اللازمة للحد بشكل فعال من الوفيات النفاسية موجودة بالفعل. يمكن خفض معدل الوفيات إلى حد كبير إذا كانت خدمات صحة الأم المضمونة الجودة متاحة باستمرار، وإذا تم منع حالات الحمل غير المرغوب فيه في المقام الأول عن طريق زيادة الوصول إلى وسائل منع الحمل الحديثة.

دراسة حديثة

من المرجح أن تعاني ما لا يقل عن 40 مليون امرأة كل عام من مشكلة صحية طويلة الأجل ناجمة عن الولادة، وفقاً لدراسة جديدة نُشرت هذا الأسبوع في موقع مجلة «ذي لانسيت غلوبال هيلث» (thelancet.com/series/maternal-perinatal-health)، وهي المجلة التي تحظى بدعم البرنامج الخاص للبحث والتطوير والتدريب على البحوث في مجال الإنجاب البشري، ومنظمة الصحة العالمية، ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة. وهي تتكون من أربع أوراق علمية، وهي:

1- تحليل عالمي لمحددات صحة الأم والتحولات في وفيات الأمهات. وتشمل هذه الدراسة الحالات التي ترتبط بشكل مباشر أو أساسي بأثر المخاض والولادة. ويمكن أن تكون الأسباب مرتبطة بالتدخلات الطبية أثناء المخاض والوضع، مثل الجراحة القيصرية أو بضع الفرج (episiotomy)، ولكنها يمكن أن تحدث بغض النظر عن الطريقة التي تلِد بها المرأة، ودون أي مضاعفات أخرى.

2- إهمال عواقب المخاض والولادة على المديين المتوسط والطويل: تحليل منهجي للعبء والممارسات الموصى بها وسبيل المضي قدماً. في هذه الورقة، تم تعريف الحالات الطويلة الأجل التالية للولادة على أنها حالات تحدث بعد أكثر من ستة أسابيع من الولادة، وهي الفترة التي يتوقف فيها تقديم الرعاية ما بعد الولادة عادةً.

3- نحو مستقبل أفضل: معالجة علاقات القوة المتداخلة بين الجنسين من أجل إنهاء أوجه عدم المساواة في مجال صحة الأم. ونظراً لعدم توافر مسوحات تمثيلية على الصعيد الوطني، فإن البيانات المتعلقة بمعدل انتشار الحالات المحددة تُستمد أساساً من المسوحات التمثيلية للأسر المعيشية أو السجلات الرئيسية الخاصة بالأمومة، وكان 46 منها عبارة عن استعراضات منهجية. واقتصرت البيانات المتاحة بدرجة كبيرة على البلدان المرتفعة الدخل، وقد لا تعكس الأرقام الإجمالية العبء الحقيقي لتلك الحالات.

4- الورقة الأخيرة، أوجه الضعف والاستراتيجيات الترميمية أثناء الحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة: الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.

نتائج الدراسة

تُظهر الدراسة، التي هي جزءٌ من سلسلة خاصة بصحة الأم، أن هناك عبئا ثقيلا من الحالات اللاحقة للولادة التي تستمر في الأشهر أو السنوات التي تلي الولادة. وتشمل تلك الحالات: الألم أثناء الجماع (عُسر الجماع dyspareunia) الذي يصيب أكثر من ثلث (35 في المائة) من النساء بعد الولادة، وآلام أسفل الظهر (32 في المائة)، والسلس الشرجي anal incontinence (19 في المائة)، وسلس البول urinary incontinence (31 - 8 في المائة)، والقلق (9 - 24 في المائة)، والاكتئاب (11 - 17 في المائة)، والألم العجاني perineal pain (11 في المائة)، والخوف من الولادة (رُهاب الولادة) (6 - 15 في المائة) والعُقم الثانوي (11 في المائة).

ويدعو مؤلفو الورقة العلمية البحثية التي نشرت في بداية هذا الأسبوع أيضا في «مجلة الطب الإكلينيكي» (e-Clinical Medicine) إلى زيادة الاعتراف بهذه المشاكل الشائعة داخل نظام الرعاية الصحية، والتي يحدث الكثير منها خارج الفترة التي تحصل فيها النساء عادةً على خدمات ما بعد الولادة. ويرى هؤلاء أن تقديم الرعاية الفعالة طوال فترة الحمل والولادة يشكل أيضاً عاملاً وقائياً حاسم الأهمية للكشف عن المخاطر وتجنّب المضاعفات التي يمكن أن تتسبب في مشاكل صحية دائمة بعد الولادة.

معاناة الأم

تقول البروفسورة باسكال ألوتي (Dr. Pascale Allotey)، مديرة شؤون الصحة الجنسية والإنجابية والبحوث ذات الصلة في منظمة الصحة العالمية إن كثيراً من الحالات التالية للولادة تُسبّب للنساء معاناة عاطفية وجسدية كبيرة في حياتهن اليومية بعد فترة طويلة من الولادة، ومع ذلك فإن تلك الحالات لا تُقدر حق قدرها ويقلُّ الإقرار بوجودها ويقلُّ الإبلاغ عنها إلى حد كبير. وتحتاج النساء طوال حياتهن، وبعد مرحلة الأمومة، إلى الحصول على مجموعة من الخدمات من مقدّمي الرعاية الصحية الذين يستمعون إلى شواغلهن ويلبّون احتياجاتهن، حتى يتسنى لهن ليس فقط البقاء على قيد الحياة بعد الولادة، ولكن أيضاً التمتّع بصحة ونوعية حياة جيدتين.

وتشير الورقة العلمية التي قدمتها إلى أنه على الرغم من انتشار تلك الحالات، فإنها أُهملت إلى حد كبير في البحوث السريرية والممارسات والسياسات.

وخلال استعراض المؤلفين ما حصل خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية، لم يجدوا أي مبادئ توجيهية حديثة عالية الجودة لدعم العلاج الفعّال لما نسبته 40 في المائة من الحالات ذات الأولوية الـ32 التي جرى تحليلها في دراستهم، ولم يعثروا على أي مبادئ توجيهية عالية الجودة من إعداد بلد منخفض أو متوسط الدخل. وهناك أيضاً ثغرات كبيرة في البيانات، حيث إنه لم يُعثر عن أي دراسات تمثيلية على الصعيد الوطني أو العالمي لأي من الحالات التي جرى تحديدها في إطار الدراسة.

وبوجه عام، تدعو هذه السلسلة البحثية المعنونة بـ«صحة الأم في الفترة المحيطة بالولادة وما بعدها» إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لصحة النساء والفتيات على المدى الطويل، وذلك بعد الحمل وقبله.

واستناداً إلى الورقة العلمية الافتتاحية، يلزم اتباع نهج شمولي لخفض وفيات الأمهات، مع التركيز ليس فقط على أسبابها الطبية الحيوية المباشرة ولكن أيضاً على التفاعل المعقّد بين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأوسع نطاقاً التي تؤثر على صحة النساء، بما فيها عدم المساواة العرقية، فضلاً عن السياق الاقتصادي والتغذية والصرف الصحي والمخاطر البيئية أو التعرّض للعنف والنزاع. وتؤكد الورقة أن عدم الاهتمام بمثل هذه المسائل الأساسية يفسّر نوعاً ما سبب فشل 121 من أصل 185 بلداً في إحراز تقدم كبير في خفض وفيات الأمهات خلال العقدين الماضيين.

مضاعفات الولادة المباشرة تظل الأسباب الطبية الرئيسية لوفيات الأمهات

سلامة الأم

يقول البروفسور جواو باولو سوزا Professor Joao Paulo Souza، مدير مركز أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لمعلومات العلوم الصحية التابع لمنظمة الصحة للبلدان الأميركية - منظمة الصحة العالمية وأحد مؤلفي الورقة العلمية الأولى: «لا ينبغي أن ننشغل بصحة الأم عند ظهور علامات الحمل فقط. فهناك كثير من العوامل التي تؤثر على سلامة الحمل لدى المرأة، وتتراوح من البيئة المحيطة بها إلى النظم السياسية والاقتصادية التي تعيش في ظلها، مروراً بحصولها على الغذاء المُغذّي ومدى قدرتها على الإمساك بزمام أمورها طيلة حياتها، وهي كلها عوامل يلزم مراعاتها بغية تحسين صحتها، إلى جانب الحصول على الرعاية الصحية العالية الجودة طوال العمر».

وتدعو هذه الدراسة، بشكل أساسي، إلى إرساء نظام صحي متين ومتعدد التخصصات، لا يوفر خدمات أمومة عالية الجودة في كنف الاحترام فحسب، بل يقي أيضاً من اعتلال الصحة ويخفّف من أثر أوجه عدم المساواة الأوسع نطاقاً، بما في ذلك التدخلات المحددة التي تدعم النساء والفتيات الأكثر ضعفاً.

إن التركيز الحصري على وفيات الأمهات قد يكون مقيداً لأن البقاء على قيد الحياة أثناء الحمل لم يعد كافياً لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بصحة الأم، بل الهدف الأكبر هو رفاهيتها على مدى الحياة. ويتطلب ذلك التركيز الموسع نهجاً شاملاً ومتكاملاً، يتمحور حول تجربة إيجابية للرعاية. وقد تم تصميم الجهود التكاملية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عمداً لتتلاقى وتتماشى مع هذه الرؤية الأوسع لصحة الأم - وهو عالم يوجد فيه جميع النساء. التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة والرفاهية أثناء الحمل وما بعده. ولذلك، فإن الأمر يتطلب تسريع الجهود العالمية لتحسين صحة الأم إذا أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتحقيق الوعد بعالم أفضل للجميع.

*استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات
TT

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

بينما تلاشت جائحة «كوفيد» إلى حدٍ كبير في خلفية الأحداث اليومية، لا يزال جانب واحد من الفيروس المسبب لها باقياً: «كوفيد طويل الأمد».

«كوفيد طويل الأمد»

يُعرَّف «كوفيد طويل الأمد» Long COVID بأنه استمرار أو تطور أعراض جديدة بعد ثلاثة أشهر على الأقل من الإصابة الأولية بفيروس «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 (الفيروس المسبب لكوفيد) دون أي تفسير آخر.

يؤثر «كوفيد الطويل الأمد» على ما يقدر بنحو 6 في المائة إلى 11 في المائة من البالغين الذين أصيبوا بـ«كوفيد»، وفقاً لأحدث الإحصائيات من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فيما يواصل العلماء معرفة المزيد حول كيفية تأثيره على الناس وآثاره المحتملة على المدى الطويل.

حوار طبي حول «كوفيد»

للمساعدة في الإجابة على بعض الأسئلة الأكثر شيوعاً حول «كوفيد الطويل الأمد»، لجأنا إلى الدكتور مايكل فان إلزاكر Dr. Michael VanElzakker، عالم الأعصاب وباحث «كوفيد طويل الأمد» في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد.

صعوبة فرز «كوفيد طويل الأمد»

س. ما مقدار ما نعرفه عن «كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نحن نعرف الكثير. وهناك بعض الأدلة الجيدة حول ما قد يكون سبباً للأعراض. ​​ومع ذلك، فإن البحث يعاني من صعوبة فرزه لسببين رئيسيين. الأول هو أن كوفيد ظاهرة جديدة، لذلك ليس لدينا العديد من الدراسات طويلة الأمد. أما التحدي البحثي الرئيسي الثاني فهو أن «كوفيد الطويل» هو تسمية واسعة النطاق تشمل أي أعراض جديدة استمرت أو تطورت بعد الإصابة الأولية بفيروس «سارس - كوف - 2».

الأعراض

بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يعني هذا إرهاقاً شديداً بشكل غير عادي أو صعوبة في التركيز، ولكنه قد يعني أيضاً ضيق التنفس أو فقدان حاسة التذوق أو الشم أو الصداع النصفي أو رنين في الأذنين أو حتى تساقط الشعر.

أضف إلى ذلك أن الدراسات التي تشمل كل أنواع «كوفيد الطويل» لا تحظى باحتمالية كبيرة لإيجاد إجابات، وأفضل أبحاث «كوفيد الطويل» تختار بعناية أنواعاً معينة من المرضى.

أسباب متنوعة

س. ما الذي يسبب «كوفيد الطويل»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن «كوفيد الطويل» ظاهرة متنوعة، فمن المرجح أن تكون الأسباب متنوعة. على سبيل المثال، إذا أصيب أحد المرضى بحالة شديدة من «كوفيد - 19» تركته في المستشفى، فقد يكون لبعض أعراضه طويلة الأمد علاقة كبيرة بإصابة الأنسجة التي حدثت له عندما كان مريضاً.

ولكن بالنسبة للمرضى الذين أصيبوا بحالة خفيفة أو معتدلة من «كوفيد - 19» وما زالوا يشعرون بالمرض، فهناك العديد من النظريات. أحد الاحتمالات المباشرة هنا هو أن الفيروس لم يتم القضاء عليه بالكامل أبداً ويستمر في خزان يحفز الالتهاب والأعراض، على الأقل في مجموعة فرعية من المرضى.

تم العثور على دليل على وجود بروتينات نشطة لفيروس «سارس-كوف-2» أو بروتينات فيروسية مثل بروتين «سبايك» في عينات الدم وخزعات الأنسجة لبعض الأشخاص المصابين بـ«كوفيد - 19» لفترة طويلة.

مدة استمرار المرض

س. كم من الوقت يستمر «كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: لا نعرف الإجابة لأن كوفيد جديد جداً، لكن بعض الأشخاص الذين مرضوا في الموجة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات ما زالوا مرضى.

وأفاد معظم الأشخاص الذين يعانون من أعراض «كوفيد» أنهم تعافوا تماماً في غضون ثلاثة أشهر (وغالباً في غضون أيام أو أسابيع قليلة). هناك أيضاً العديد من الحالات التي يستغرق فيها التعافي وقتاً أطول من ثلاثة أشهر، لكن الناس أفادوا في النهاية بالعودة إلى طبيعتهم.

من المعرضون أكثر له؟

س. هل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد طويل الأمد»؟

- الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن معظم الأشخاص أصيبوا بـ«كوفيد» الآن، لكن مجموعة فرعية فقط تعاني من «كوفيد طويل الأمد»، فلا بد أن يكون هناك بعض الضعف.

الشدة الأولية للمرض هي أحد العوامل، إلى جانب بعض الحالات مثل مرض السكري، أو العدوى الموجودة مثل فيروس «إبشتاين بار»، أو أمراض القلب أو الرئة الموجودة.

ومع ذلك، ليس كل من يعاني من «كوفيد طويل الأمد» لديه عوامل خطر واضحة. هناك تأثير تراكمي كذلك. وربما أيضاً ليس من الأخبار الجيدة أن العديد منا يصابون بالعدوى المتكررة.

العلاج بإدارة الأعراض

س. كيف يتم علاج «كوفيد طويل الأمد»؟

-الدكتور فان إلزاكر: تركز معظم الرعاية السريرية طويلة الأمد لـ«كوفيد» حالياً على إدارة الأعراض، نظراً لأن الاختبارات السريرية الحالية لا تحدد الآليات البيولوجية الأساسية التي تحرك الأعراض. ​​هناك العديد من طرق البحث في التجارب السريرية الجارية، بما في ذلك تلك التي تستخدم العلاجات المناعية التي تدعم بدلاً من قمع الجهاز المناعي وأساليب مختلفة مضادة للفيروسات.

يدرس الباحثون أيضاً كيفية التعرف على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد عندما يصابون بالعدوى في البداية والعلاجات المبكرة التي قد تساعد.

مضاعفات المرض

س. هل يسبب كوفيد طويل الأمد مضاعفات طويلة الأمد؟

-الدكتور فان إلزاكر: نظراً لأن «كوفيد» يبلغ من العمر خمس سنوات فقط، فقد بدأنا للتو في التعرف على العواقب طويلة الأمد لكل من الحالة الأولية لـ«كوفيد» و«كوفيد طويل الأمد». لسوء الحظ، نعلم من الدراسات الأولية أن خطر تفاقم الأعراض لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة يزداد مع التعرض لـ«كوفيد». ويشمل ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري ومرض ألزهايمر لدى كبار السن. مع مرور الوقت، قد نتعلم المزيد من المخاطر.

س. كيف يمكنك حماية نفسك من «كوفيد طويل الأمد»؟

-الدكتور فان إلزاكر: التطعيم يقلل من خطر الإصابة بـ«كوفيد طويل الأمد» بعد الإصابة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الناس الاستمرار في ارتداء أقنعة «كيه إن 95» KN95 الملائمة في الأماكن العامة المزدحمة، مثل المطارات والمتاجر.

• رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».