كيف يمكنني تجنب «كوفيد طويل الأمد»؟

دراسات حديثة رصدت تشوهات بيولوجية نجمت عنه

كيف يمكنني تجنب «كوفيد طويل الأمد»؟
TT

كيف يمكنني تجنب «كوفيد طويل الأمد»؟

كيف يمكنني تجنب «كوفيد طويل الأمد»؟

س: كنت مريضاً جداً بفيروس «كوفيد - 19» لكنني تحسنت إلى حد ما. الآن أنا قلق من الإصابة بـحالة «كوفيد طويل الأمد». ما مدى خطورة مرض كوفيد، وماذا يمكنني أن أفعل لتجنبه؟

كوفيد طويل الأمد

ج: يعاني بعض الأشخاص الذين «يتعافون» من «كوفيد - 19» للأسف من أعراض مستمرة -مثل التعب وصعوبة التركيز واضطراب النوم- ما يُضعف بشكل خطير قدرتهم على ممارسة أعمالهم المهنية والمنزلية. ويُطلق على هذا المرض اسم «كوفيد طويل الأمد long COVID».

وفي حين من المرجح أن يتطور هذا المرض لدى الأشخاص الذين كانوا أكثر عُرضة له عندما أُصيبوا بالفيروس لأول مرة، فإنه يمكن أن يحدث أيضاً في الأشخاص الذين أُصيبوا بشكل طفيف.

في البداية، اشتبه بعض الأشخاص (بما في ذلك بعض الأطباء) في أن هذا المرض المستمر ناتج عن مشكلات نفسية بحتة أو حتى إن المرضى قد يتظاهرون بمرضهم. بعد ثلاث سنوات، أصبح من الواضح أن عشرات الملايين من الناس يعانون من «كوفيد طويل الأمد».

* تكلفة رعاية الولايات المتحدة لأمراض ما بعد «كوفيد» قد تصل إلى 3.7 تريليون دولار.

وقد قدر كبار الاقتصاديين في جامعة «هارفارد» أن تكلفة رعاية الولايات المتحدة لأمراض ما بعد «كوفيد» قد تصل إلى 3.7 تريليون دولار على مدى السنوات المقبلة.

إذا ظل ملايين الأشخاص المتأثرين حالياً بفيروس كوفيد لفترة طويلة مرضى لسنوات -أي إذا أصبح كوفيد لفترة طويلة مرضاً مزمناً- فمن المرجح أن تكون التكلفة أكبر بكثير. كما اتضح أن المرض ناتج عن مشكلات جسدية سببها الفيروس.

* تشوهات بيولوجية لدى المصابين بفيروس كورونا لفترة طويلة، تشمل الدماغ والجهاز المناعي واستقلاب الطاقة والقلب والرئتين.

تشوهات المرض

تلخص مراجعتان علميتان لعام 2023 نُشرتا في مجلتَي «Nature Reviews Microbiology» و«Frontiers in Medicine» الكثير من التشوهات البيولوجية الكامنة التي توجد في الأشخاص المصابين بفيروس كورونا طويل الأمد، والتي تشمل بشكل أساسي الدماغ والجهاز المناعي واستقلاب الطاقة والقلب والرئتين.

س: كيف يمكنك حماية نفسك من الإصابة بـ«كوفيد طويل الأمد»؟

ج: تحميك اللقاحات من الإصابة بـ«كوفيد» ولا يمكن لك أن تمرض بـ«كوفيد طويل الأمد» دون الإصابة أولاً بـ«كوفيد - 19».

لكن اللقاحات ليست مثالية، إذ إن بعض الناس يصابون بـ«عدوى اختراقية breakthrough infections» بفيروس «كوفيد» على الرغم من تلقيحهم. لحسن الحظ، وجدت دراسة في عام 2022 نُشرت في مجلة «Nature Communications» أن خطر الإصابة بفيروس «كوفيد طويل الأمد» ينخفض عن طريق التطعيم.

استخدام أدوية مضادة للفيروسات

كما وجدت دراستان قائمتان على الملاحظة عام 2023 في المجلة الطبية البريطانية وفي «جاما - الطب الباطني» أن الأشخاص المصابين بـ«كوفيد - 19» الذين وُصفت لهم الأدوية المضادة للفيروسات nirmatrelvir - ritonavir (Paxlovid) وmolnupiravir (Lagevrio) كانوا أقل عُرضة بنسبة 25% إلى 50% للإصابة بـ«كوفيد» مقارنةً بالأشخاص في نفس العمر والحالة الصحية الذين لم يحصلوا على مضاد للفيروسات. إلا أن هناك حاجة لتجارب عشوائية للتأكد من أن الأدوية المضادة للفيروسات تحمي حقاً من «كوفيد طويل الأمد»، ومثل هذه التجارب جارية.

يعد مرض «كوفيد طويل الأمد» مشكلة حقيقية وخطيرة، ولكن لحسن الحظ يبدو أن اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات توفر بعض الحماية ضد الإصابة به. وقد خصصت المعاهد الوطنية للصحة أكثر من مليار دولار لاكتشاف كيفية تشخيص أفضل وعلاج فعال، والوقاية في نهاية المطاف من «كوفيد طويل الأمد»، وهي الإجابات التي نحتاج إليها بشدة.

* رئيس تحرير رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال